خِصالُ المؤمِن
ذو القعدة
قالَ الإمامُ الجوادُ (عليه السلام): «الْمُؤْمِنُ يَحْتَاجُ إِلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ: تَوْفِيقٍ مِنَ اللَّهِ عزَّ وجلَّ، وَوَاعِظٍ مِنْ نَفْسِهِ وَقَبُولٍ مِمَّنْ يَنْصَحُهُ»
عدد الزوار: 799
قالَ الإمامُ الجوادُ (عليه السلام): «الْمُؤْمِنُ يَحْتَاجُ إِلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ: تَوْفِيقٍ مِنَ اللَّهِ عزَّ وجلَّ، وَوَاعِظٍ مِنْ نَفْسِهِ وَقَبُولٍ مِمَّنْ يَنْصَحُهُ».
تعدّدتِ الرواياتُ الورادةُ عن أهلِ بيتِ العصمةِ والطهارةِ في الدلالةِ على صفاتِ المؤمن؛ إرشاداً لأتباعهم؛ ليكونوا مِن ذوي هذه الصفات؛ وترغيباً لهم في السعيِ لتحصيلِ تلكَ الكمالاتِ المعنويّةِ مِن خلالِ الأخذِ بأسبابها التي جعلها اللهُ وسائلَ سهلةً للوصولِ إليها، وأثاب الساعيَ إليها بالفوزِ بها في الدنيا والأجرِ عليها في الآخرة.
ويشيرُ كلامُ الإمامِ الجوادِ (عليه السلام) إلى ثلاثِ صفاتٍ يحتاجُ إليها الإنسانُ المؤمن، هي:
- التوفيقُ مِنَ الله: والإنسانُ لا يكفيهِ القصدُ إلى الطاعةِ ليقومَ بها إذا لم يقترن ذلك بالتوفيق. ففي الروايةِ عنِ الإمامِ الباقرِ (عليه السلام) -لَمَّا سُئل عن معنى "لا حولَ ولا قوّةَ إلّا بالله"-، قال: «لَا حَوْلَ لَنَا عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ إِلَّا بِعَوْنِ اللَّهِ، وَلَا قُوَّةَ لَنَا عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ إِلَّا بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ».
والتوفيقُ عطاءٌ إلهيٌّ خاصٌّ، يتمكّنُ الإنسانُ من خلالِهِ مِنَ الاستفادةِ مِنَ الفرصِ المتاحةِ له في خيرِ آخرته، فعن أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام): «إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْراً، وَفَّقَهُ لِإِنْفَاذِ أَجَلِهِ فِي أَحْسَنِ عَمَلِهِ، وَرَزَقَهُ مُبَادَرَةَ مَهَلِهِ فِي طَاعَتِهِ قَبْلَ الْفَوْتِ».
ولذا، كان من المطلوبِ عندما يبدأُ الإنسانُ بعملٍ أن يسألَ اللهَ التوفيق، فقد كان مِن وصيّة أميرِ المؤمنينَ لابنِهِ الحسنِ (عليه السلام): «وابْدَأ قبْلَ نَظَرِكَ في ذلِكَ بالاستِعانَةِ بإلهِكَ، والرَّغبةِ إليْهِ في تَوْفِيقِكَ».
- الواعظُ الداخليّ: وهو الذي ينبِّهُ الإنسانَ -قَبلَ الوقوعِ- من المعصيةِ، فيقيْهِ شرَّها، فعن أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام): «اِعلَموا أنّهُ مَن لَم يُعَنْ على نَفسِهِ حتّى يَكونَ لَهُ مِنها واعِظٌ وزاجِرٌ، لَم يَكُن لَهُ مِن غَيرِها لا زاجِرٌ ولا واعِظٌ». والواعظُ هو الناصحُ والمرشد، ويتحقَّقُ مِنَ النفسِ عندما يغلبُ العقلُ هوى النفسِ، فيكونُ هو المرشدَ لها، مِن خلالِ المحاسَبةِ لها على أيِّ فعلٍ تقومُ به، والتسلُّحِ بالخوفِ والحذر، فعنِ الإمامِ زينِ العابدينَ (عليه السلام): «ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ لَا تَزَالُ بِخَيْرٍ مَا كَانَ لَكَ وَاعِظٌ مِنْ نَفْسِكَ، وَمَا كَانَتِ الْمُحَاسَبَةُ مِنْ هَمِّكَ، وَمَا كَانَ الْخَوْفُ لَكَ شِعَاراً وَالْحَذَرُ لَكَ دِثَاراً».
- قَبولُ النصيحة: لَمّا كانتِ النصيحةُ بيانَ الخيارِ الأنسب، والذي فيه مصلحةُ المنصوح، كانتِ النصيحةُ الأهمُّ ما كانت في مصلحةِ الآخرة. ولذا، كانتِ المواعظُ الإلهيّةُ نصائحَ مِنَ اللهِ لعبادِهِ، وكذلكَ رسالاتُ الأنبياء، فعن أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام): «وَاتَّعِظُوا بِمَوَاعِظِ اللَّهِ، وَاقْبَلُوا نَصِيحَةَ اللَّهِ... وَاعْلَمُوا أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ هُوَ النَّاصِحُ الَّذِي لَا يَغُشُّ... وَاسْتَنْصِحُوهُ عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَاتَّهِمُوا عَلَيْهِ آرَاءَكُمْ، وَاسْتَغِشُّوا فِيهِ أَهْوَاءَكُمْ».
ولأنَّ النصيحةَ قد تكونُ على خلافِ هوى النفسِ ورغباتِها، كان التأكيدُ مِنَ الأئمّةِ (عليهم السلام) على قَبول النُّصحِ ممّن هو أهلٌ لذلك، فعنِ الإمامِ الباقرِ (عليه السلام): «اِتَّبِعْ مَنْ يُبْكِيكَ وَهُوَ لَكَ نَاصِحٌ، وَلَا تَتَّبِعْ مَنْ يُضْحِكُكَ وَهُوَ لَكَ غَاشٌّ».
وختاماً، نتوجَّهُ بالعزاءِ لصاحبِ العصرِ والزمان، ولوليِّ أمرِ المسلمين، وللمجاهدينَ جميعاً بشهادةِ الإمامِ محمّدٍ الجواد (عليه السلام )، الذي يصادفُ آخرَ شهرِ ذي القَعدة.
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين