شبهة نقصان إيمان المرأة
المرأة في القرآن والسنة
يطرح أحياناً أن المرأة حرمت من بعض المزايا الدينية لأنها لا تستطيع أن تؤدي الفرائض الدينية في بعض أيام السنة. وهذا الأمر يحسب عامل نقص فيها. كما أشير لذلك في الروايات أيضاً، وفي نهج البلاغة ذكر أمير المؤمنين عليه السلام النساء بقوله:"معاشر الناس، إن النساء نواقص الايمان...
عدد الزوار: 82
شبهة نقصان إيمان المرأة
يطرح أحياناً أن المرأة حرمت من بعض المزايا الدينية لأنها لا تستطيع أن تؤدي الفرائض الدينية في بعض أيام السنة. وهذا الأمر يحسب عامل نقص فيها. كما أشير لذلك في الروايات أيضاً، وفي نهج البلاغة ذكر أمير المؤمنين عليه السلام النساء بقوله: "معاشر الناس، إن النساء نواقص الايمان، نواقص الحظوظ، نواقص العقول، فأما نقصان أيمانهن، فقعودهن عن الصلاة والصيام في أيام حيضهن، وأما نقصان عقولهن فشهادة امرأتين كشهادة الرجل الواحد، وأما نقصان حظوظهن فموارثيهن على الانصاف من مواريث الرجال...."1. ومثل هذا المضمون روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً2. للإجابة عن هذه الشبهة من اللازم ذكر مقدمة في مجال المدح والذم الذي ورد في بعض الآيات والروايات.
مدح وذم
أحياناً يتعرض الأشخاص في حادثة ما، وتتعرض ظروف وعلل وأسباب تلك الحادثة، كمكانها وزمانها، إلى ذم أو مدح بسبب مجموعة وقائع تاريخية، أن معنى ذم أو مدح بعض الحوادث أو الأمور الجانبية لتلك الحادثة ليس لأن أساس طبيعة ذلك الشيء قابل للذم أو المدح، بل إن تلك الأرضية الخاصة سبب هذا المدح أو الذم، أحياناً تمدح قبيلة من القبائل وذلك بسبب ظهور صالحين من هذه القبيلة في ذلك العصر، ثم لا تمر فترة طويلة حتى يتغير الوضع، حيث يظهر أشخاص آخرون من هذه القبيلة يتعرضون للذم، وأحياناً بالعكس.
في إيران كانت هناك بعض المدن التي تعرضت لذم كثير، ولكن عندما تغير ذلك التفكير ببركة أهل البيت، أصبحت تلك المدن وتلك المناطق من المناطق النموذجية والبارزة في هذا البلد، وظهر في تلك المناطق أشخاص كانوا ممتازين من ناحية الفضائل الأخلاقية والعلمية والنبوغ. هذا الذم كانوا ممتازين من ناحية الفضائل الأخلاقية والعلمية والنبوغ. هذا الذم والتوبيخ ليس ملازماً لتلك المنطقة إلى الأبد، بل هو مرحلي. ودليله هو أن الرأي السابق يمكن أن يتراجع بتحول فكري ومسألة عقائدية. كما حصل ذلك وإذا كان هناك ذم للمرأة في نهج البلاغة، فيظهر أن بعض ذلك الذم يعود إلى قضية حرب الجمل، كما ذمت البصرة والكوفة وغيرهما مع أن البصرة خرجت رجال علم كثيرين، وقدمت الكوفة رجالاً ثواراً كثيرين للإسلام، وكثير من الذين قاموا بالمطالبة بدم سيد الشهداء عليه السلام كانوا في الكوفة. والكوفة الآن هي مكان يصلّى فيها بانتظار ظهور الإمام، فيها مسجد تقع فيه مقامات كثير من الصالحين والصديقين، ولا يمكن القول: إن البصرة والكوفة سيئتان إلى الأبد وتستحقان الذم لأنهما ذمتا سابقاً. إن قضايا تاريخية في مرحلة حساسة تؤدي إلى الذم أو المدح ثم مع مرور تلك المرحلة ينتفي المدح أو الذم أيضاً.
رؤية الوحي
وشأن المرأة هكذا أيضاً، فتأكيد القرآن الكريم بشأن نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم دليل على رؤية مسبقة للوحي لحادثة تاريخية مرة. إن القرآن يقول بإصرار لنساء النبي: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾3.
وأمثال ذلك دليل على ان الله تعالى كان لديه رؤية مسبقة لحادثة، الله تعالى عالم الغيب والشهادة مطلع على المستقبل، وكان يحذرهن من النتائج المرة لذلك الخروج الذي في غير محله.
لذا قال تعالى: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾، وبعد ذلك وقعت قضية الجمل وحاربوا ولي الله الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام. أفرزت تلك المرحلة مجموعة من الكلام في الذم ورافقها مجموعة من الكلام في المدح، فقد مدحت منطقة مرحوم لأنهم عملوا جيداً في تلك الحادثة، ووبخت مجموعة ومنطقة لأنهم عملوا سيئاً في هذه الحادثة. هذا الذم والمدح يجب أن لا يحسب على جوهر الشيء، ولهذا السبب ظهر في البصرة رجال ونساء خيرون وصالحون، ومدحت الكوفة كثيراً وستكون في زمان ظهور الإمام عليه السلام مركز بركة، فكما أن ذم البصرة والكوفة لا يعود إلى جوهر هاتين المنطقتين، فإذا ذمت المرأة بعد قضية الحرب فهو لأن، تلك المرأة وقفت في مقابل علي بن أبي طالب، كما أن هناك رجالاً كثيرين وقفوا في مقابل الإمام. فإذا ورد ذم لطلحة والزبير وغيرهم من الذين أداروا تلك الحرب في مقابل ولي الله فطبيعي أن تتعرض عائشة التي وقفت في مقابل الإمام وغيرها من الأشخاص الذين ساهموا في هذه الحادثة الصعبة، إلى الذم. بناء على هذا يجب ألا نرجع هذا النوع من الذم أو المدح إلى جوهر الذات بل يبقى تأثيرها المرحلي محفوظاً.
حرب الجمل والذم
الرواية التي وردت في نهج البلاغة لم تطرح بوصفها قضية حقيقية، فهي تقريباً تشبه قضية شخصية أو قضية خارجية، أساس القضية هي أن عائشة شنت هذه الحرب، كما أن أهل السنة يعتقدون أنها قامت بحرب الجمل ولكنهم يقولون: (تابت وماتت تائبة) والآخرون يقولون: (لم تمت تائبة)، ولكن الجميع يؤيد أنها كانت السبب والمحرك. حيث أن ابن أبي الحديد أيّد أن عائشة عملت هنا عملاً سيئاً مع أنه من كبار أهل السنة فانه قال: (قد أخطأب) ولكن توهم وأمثاله أنها (تابت وماتت تاثبة) على أي حال بعد أن ركبت عائشة جملاً في قضية معركة الجمل وحركت طلحة والزبير أيضاً وسقطت دماء كثيرة وأخيراً انكسروا، كتب أمير المؤمنين عليه السلام رسالة إلى معاوية في الشام، نذكر الآن بعض من جمل الرسالة الموجودة في نهج البلاغة حتى بتضح أن هذه المسألة تتعلق بقضية حرب الجمل، في خطبة نهج البلاغة قال في ذم أهل البصرة بعد رقعة الجمل: "كنتم جند المرأة وأتباع البهيمة"4. ثم يذكر أنهم قاموا يعمل غير مدروس، وفي الخطبة 14 ذم أيضاً هذه الفئة وذم البصرة.
إن مسألة اتباع البهيمة أي أتباع الجمل، وذم أتباع الجمل ليس لأن الجمل سيىء، بل لأن راكبه عمل عملاً سيئاً في هذه الحادثة، وإلا فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ركب ناقة وفي قضية الهجرة، جاء من مكة إلى المدينة ولما دخل المدينة قال: "خلّوا سبيلها فإنها مأمورة"5.
كل شخص اقترح على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن ينزل في داره، النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال حسب هذه الرواية أن يخلوا سبيلها فان لديها مأمورية إلهية، وانه سينزل في المكان الذي تقف وتبرك وتنام فيه تلك الناقة، ووقفت الناقة في منزل أبي أيوب الأنصاري الذي كان من أفقر أهل المدينة.
هنا توجد نكتتان: أحداهما أن الناقة كانت تحمل النبي وكانت مأمورة والنبي قال: خلوا سبيلها وانه سينزل في المكان الذي تنام فيه تلك الناقة. والنكتة الأخرى هي ان تلك الناقة نزلت عند باب أفقر أهل المدينة وبركت هناك ونزل النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
فالذهاب وراء الجمل أو ركوب الجمل أو العمل على أساس حركة الجمل، ليس فيه مذمة، فلو أن أمير المؤمنين عليه السلام ركب جملاً أو فرساً أو بغلة وتحرك عدد من الأشخاص على أثره، فهل يمكن القول إن اتباع الجمل مذمومون أو أن اتباع الفرس والبغلة مذمومون؟.
امتلاك المال ليس كمالاً
المسألة الثانية هي أن قول الإمام عليه السلام في هذا الصدد في نهج البلاغة: "معاشر الناس، إن النساء نواقص الإيمان، نواقص الحظوظ، نواقص العقول"6.
الأدلة التي يذكرها الإمام هي أن حظ النساء قليل لأن القرآن الكريم جعل إرث الرجل صعف المرأة، فالمرأة تتمتع بمال أقل ولذلك ليست محترمة، في حين أننا لاحظنا في قضية الهجرة إلى المدينة ان الناقة وقفت عند باب دار شخص كان من أفقر أهل المدينة. فعدم امتلاك المال ليس نقصاً كما أن امتلاكه ليس كمالاً.
في إحدى الخطب في نهج البلاغة بين الإمام علي عليه السلام أن الدليل على أن عدم امتلاك الماس ليس كمالاً، هو ان جميع الأنبياء، لم تكن لديهم استفادة من مال الدنيا ـ أما أن نقول أن امتلاك المال ليس كمالاً أو نقول أن الله لم يعط هذا الكمال للأنبياء معاذ الله. ثم يذكر قضية موسى وعيسى وداود ومحمد عليه الصلاة والسلام ويذكر أن وضع حياتهم كا بسيطاً فبهذه الشواهد الكثيرة يتضح أن الكمال، ليس في المال الكثير.
كسب المال وإنفاقه
بالإضافة إلى أن المرأة والرجل بالتساوي في بعض الحالات من قبيل ان والديّ الميت كل منهما يرث 1/6 الشركة وفي حالات أخرى لا يتساوى الأخ والأخت، فقول الإمام بأنه ليس لديهن رشداً لأن حظهن قليل لا يريد القول بأنه ليس لديهن رشد، لأن مالهن قليل بسبب أنهن يكسبن عن طريق المهر. وجميع نفقات المرأة هي بعهدة الرجل، فإذا لم تكن استفادة المرأة من المال أكثر من الرجل فهي ليست أقل.
المرأة تستمتع باللذائذ والملابس وأدوات الزينة وإنتاجها هي وظيفة الرجل أي أن الربح المهم هو للمرأة، والإنتاج المهم يتعلق بالرجل، أن قوله بان لا تذهبوا وراء قيادة المرأة هو ليس لأنها فقيرة، بل لأن الدين أعطى المسائل التنفيذية في قسم الاقتصاد بيد الرجل وقال: أن المرأة تستفيد ولكن من إنتاج الرجل. والإمام علي عليه السلام يريد الاستدلال على انه لو كانت القيادة بعهدة المرأة لكان الله تعالى قد ساوى إرث المرأة والرجل.
هنا توجد مسألتان دقيقتان ومنفصلتان عن بعضهما بشكل كامل، الإمام علي عليه السلام لم يرد القول أن المرأة قليلة القيمة لأن سهم ارثها قليل، بل أراد القول ان الدين يعطي للمرأة هذا المال ولكن بمسؤولية الرجل، يعطيها بصفة مهر، بصفة نفقة، لا يعطيها مالها مباشرة، حتى لا تكون متولية الدخل والصرف ومشقة الإنتاج، وهذه تعود إلى الأمور التنفيذية، ولا تعود إلى المسائل المعنوية، وإلى طريق القلب وقبول الموعظة وأمثالها.
توهم تفكير المعتزلي
هناك عدة نكات في الخطبة 80: أحداها انه قال: "معاشر الناس إن النساء نواقص الإيمان، نواقص الحظوظ، نواقص العقول".
فاستنبط ابن أبي الحديد من هذه الجملة تفكيراً اعتزالياً لأن المعتزلة يقولون: ان الإيمان ليس الاعتقاد فقط بل العمل أيضاً سهيم في متن الإيمان، لذا قال: إذا أقرّ الشخص بالله والنبي، ولم يعمل فهو ليس مؤمناً، لأن الإمام قال: إن المرأة محرومة من الايمان لأنها محرومة من الصلاة والصوم في حال ترك الصوم والصلاة في أيام العادة، فيتضح ان العمل جزء من الإيمان، ولم ينتبه إلى أن هذا الدليل هو عكس تصور المعتزلة، المعتزلي يقول: إن الشخص إذا لم يعمل فليس مؤمناً، والإمام يقول بأنهن مؤمنات في الوقت الذي ليس لديهن عمل، ولكن إيمانهن قليل، وهذه القلة قابلة للجبران كما ذكرنا.
شهادة المرأة والنسيان
تعليل الإمام عليه السلام في مسألة نقصان العقل هو أن شهادة امرأتين هي في حكم شهادة رجل واحد، جاء في القرآن: ﴿فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء﴾7. ولكن هذا لا يعود إلى مسألة التفكير والعقل، فالقرآن يذكر نكتة ذلك ويقول: ﴿أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى﴾8.
امرأتان من أجل أن يكون لكليهما حضور في الحادثة وهذا يعود إلى ضعف الذاكرة وليس إلى ضعف العقل، لأن المرأة مشغولة بأعمال البيت وتربية الطفل، ومشكلات الأمومة، لذا من الممكن أن تنسى تلك الحادثة التي رأتها. بناء على هذا تحضر امرأتان في هذه القضية حتى تذكر أحداهما الأخرى.
في بعض الحالات شهادة المرأة مسموعة ومقبولة كاملاً. يتضح بملاحظة الأقسام الثلاثة أنها إذا بينت فان أي منها ليس علامة نقص.
جواب آخر على شبهة نقصان الإيمان
في مقابل توهم الذين لا يعتبرون المرأة مثل الرجل ويستدلون لتبرير رأيهم بخطبة نهج البلاغة ويستشهدون برواية مروية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويعتبرون مستند هذا الاستشهاد والاستنباط حرمان المرأة من الصلاة والصوم و.. في بعض أيام السنة، لا بد من تحقيق أساسي حتى يتبين أن المرأة إن لم تكن أنجح من الرجل فهي على الأقل بمستواه. و من اللازم مقدمة قصيرة لتبيين هذا الموضوع وهي انه:
أولاً: إن الأوامر الدينية هي سند جيد ومرشد ضروري ـ (السالكين إلى الله). الشخص الذي من أهل الطريق، أو ليس في الطريق، أو لا يستطيع الذهاب، لا يقدم له الدين برنامجاً، على عكس الذين هم أهل طريق ويستطيعون طي الصراط المستقيم حيث يضع الدين لهم برنامج ومقررات.
ثانياً: كل من يكون استعداده لقطع هذا الطريق أقرب وأسرع وأكثر تكون البرامج الدينية له أنسب وأكثر.
تكاليف خاصة لأولياء الله
مثال هذا البحث أن هناك مجموعة تكاليف للأنبياء حرم منها الآخرون. فمثلاً هناك تكاليف خاصة الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم في مجال العبادات مثل صلاة الليل حيث لا يصل الآخرون إلى هذا الفيض. ورغم أن صلاة الليل جائزة للجميع وفضيلة ولكن الالتزام بها يختص برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع انه ورد الأمر بالصلوات الخمس إلى جانب مسألة صلاة الليل. ﴿أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾9.
أشير في هذا القسم من آيات سورة الإسراء، إلى الصلوات الخمس الظهرين والمغربين وصلاة الصبح، وهذا ليس خاصاً برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولكن في قسم آخر من هذه السورة إلى جانب هذه الآيات قال: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا﴾10.
أي أن هذا أمر خاص ونافلة لك فقط، الصلوات الخمس هي فريضة وواجب عمومي، ولكن صلاة الليل هذه هي فريضة خاصة، ويجب أن لا يستفاد من قرينة نافلة أن صلاة الليل كانت مستحبة للنبي، بل أن كلمة نافلة هي صفة لموصوف محذوف أي ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ﴾ نافلة أي زائدة أي فريضة خاصة، مثل ما جاء بشأن يعقوب حيث قال تعالى: إن إبراهيم طلب من الله ذرية فأعطاه الله حفيداً أيضاً، هذا الحفيد يصبح نافلة. ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ﴾11.
و(نافلة) في هذه الآية من الناحية الأدبية جعلت صفة لهبة يعقوب وهو حفيد وليس صفة إسحاق، الغرض هو أن صلاة الليل، كانت واجبة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلة وجوب صلاة الليل هي أنه أكثر استعداداً من الآخرين لقبول هذا التكليف. كل روح تكون أكثر استعداداً وكل نفس تكون أكثر لياقة تتوجه إليها تكاليف وأوامر أكثر.
تقدم المرأة في التشرف بالتكليف
يمكن القول على أساس تلك المقدمة وهذا المثال أن نجاح المرأة أكثر من الرجل، وإذا تنزلنا يجب أن القول على الأقل: إن المرأة مثل الرجل. وإلاّ بحسب الظاهر يجب أن يعطى هذا الرأي وهو أن المرأة أعلى وأكمل من الرجل، لأن الله تعالى استقبل المرأة ست سنوات تقريباً قبل أن يصبح الرجل مكلفاً، لأن الله تعالى استقبل المرأة ست سنوات تقريباً قبل أن يصبح الرجل مكلفاً. فأوجب عليها الصلاة التي هي عمود الدين والصوم الذي هو حصن الدين، والحج الذي هو وفد إلى الله هذه كلها دليل على أن المرأة هي أليق من الرجل لتلقي الفضائل. ولو أن هذا المنطق يبيّن وينفذ بشكل صحيح يتضح بالنتيجة أن المرأة أعلى من الرجل أو على الأقل بمستوى الرجل. ورغم أنها تحرم من بعض العبادات خلال فترة العادة، ولكن كحما ورد توضيحة فان جميع التكاليف التي تسلب من المرأة في هذه الحالة، قابلة للجبران، فالصوم يقضى وأما الصلاة فليس فيها قضاء، وتقبل الجبران بهذا الشكل وهو أن المرأة إذا توضأت في أيام العادة وجلست نحو القبلة في مصلاها وقرأت ذكراً بمقدار الصلاة تحصل على ثواب الصلاة. كما أن المسافر إذا أراد الحصول على ثواب الركعتين اللتين فقدهما، يكرر بدلاً عنهما بعد صلاة الركعتين الواجبتين، ثلاثين أو أربعين مرة التسبيحات الأربع، فيعمل على جبران الركعتين الساقطتين. فمثل هذه الفضائل قابلة للجبران.
المهم أن الرجل عندما يتم سن الخمس عشرة سنة ويدخل في سن الست عشرة سنة عند ذلك يكسب لياقة الخطاب الإلهي، وقبل ذلك ليس لديه هذه اللياقة.
حفل التشرف بالبلوغ
على هذا الأساس فالبلوغ شرف. أهل السلوك يقولون: تشرفنا لا كلفنا، لأنه ليس في الأمر كلفة، بل شرف لذا نقرأ في مناجاة الذاكرين للإمام السجاد عليه السلام "يا من ذكره شرف".
لو وصل الشخص إلى درجة يذكر الله فيها، وفي ظل هذا الذكر يكون الله ذاكرة فانه يحصل على شرف. على هذا الأساس فالبلوغ شرف، والمرأة تصل إلى هذا الشرف قبل الرجل بست سنوات. وإذا نفذت هذه البرامج بشكل صحيح فان المرأة تقطع قسماً كثيراً من الطريق قبل أن يدخل الرجل إلى الطريق ويسير في الصراط المستقيم. بناء على هذا فان الحرمان الذين لدى المرأة فترة العادة قابل للجبران مضافاً لتمتعها بجميع المزايا قبل الرجل بستة أعوام.
في نهاية العمر ليس هناك فرق بين المرأة والرجل، لأن النساء غير السادات عندما يصلن إلى سن الخمسين سنة عند ذلك ليس هناك كلام عن أيام حرمان وأمثال ذلك وفي هذه الفترة التي هي مثلاً م سن العاشرة حتى الخمسين سنة نلاحظ: أولاً أن رؤية العادة عدة أيام في الشهر خلال الأربعين سنة هذه لا يشمل بجميع النساء رغم انه الغالب. وثانياً ؛ النساء الحوامل واللواتي لديهن توفيق حمل أمانة لا يشملهن الحرمان من العبادة أيضاً، لأن العادة لا تجتمع مع الحمل غالباً. وثالثاً مدة الست سنوات التي تصبح المرأة فيها بالغة قبل بلوغ الرجل ترمم جميع هذه النواقص. عند ذلك سيتضح أنه إذا قيل: إن المرأة إيمانها ناقص، هو فمن ناحية أنها لا تجبر نقص عبادتها. أما إذا جبرته فإيمانها سيكون كثيراً، وإذا فكرت في اغتنام فترة الست سنوات هذه عند ذلك لا تكون ناقصة.
* جمال المرأة وجلالها، الشيخ جوادي آملي، دار الهادي،بيروت ـ لبنان، ط1 1415هـ ـ1994م، ص317ـ325و325ـ331.
1- نهج البلاغة، تحقيق صبحي الصالح، الخطبة 80.
2- بحار الأنوار، ج 103، ص 259.
3- الأحزاب:33.
4- نهج البلاغة، الخطبة 13، 14.
5- بحار الأنوار، ج 19، ص 108.
6- نهج البلاغة، الخطبة 80.
7- البقرة:282.
8- المصدر السابق.
9- الإسراء.:78.
10- الإسراء:79.
11- الأنبياء:72.