عن أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام): «نَحْمَدُهُ عَلَى مَا كَانَ، وَنَسْتَعِينُهُ مِنْ أَمْرِنا عَلَى مَا يَكُونُ، وَنَسْأَلُهُ الْمُعَافَاةَ في الْأَدْيَانِ، كَمَا نَسَأَلُهُ الْمُعَافَاةَ فِي الْأَبْدَانِ».
من تعاليمِ أهلِ البيتِ (عليهم السلام) الدعاءُ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ في طلبِ العافيةِ في الأبدانِ بما يسمحُ للإنسانِ التقوّي على طاعةِ اللهِ عزَّ وجلَّ وأداءِ الواجبِ والتكليفِ.
فعلى حدِّ الطلبِ من اللهِ عزَّ وجلَّ بأنْ يكونَ الإنسانُ في سلامةٍ من دينِه من خلالِ حفظِ الإيمانِ من عروضِ الشكِّ والدعاءِ إلى اللهِ عز وجلَّ ب﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾. يأتي طلبُ المعافاةِ وهي مبالغةُ العافيةِ في الأبدانِ بعدمِ الابتلاءِ بالمرضِ والعجزِ، وإذا اجتمعت المعافاةُ في الأمرينِ اكتملت الصورةُ المطلوبةُ لهذا الإنسانِ، وهذه العافيةُ مطلوبةٌ لينهضَ الإنسانُ بدورِه في الخلافةِ الإلهيّةِ. فلو لم تُكتبْ له العافيةُ بأنْ ابتُلِيَ ببعضِ الأمراضِ القلبيّةِ المزعزعةِ للإيمانِ أو الجسديّةِ التي تُفقدُه القوةَ والقدرةَ، فلن يتمكّنَ من القيامِ بتكاليفِه الإلهيةِ.
وفي دعاءِ الإمامِ زينِ العابدينَ (عليه السلام) في الصحيفةِ السجاديةِ: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِه، وعَافِنِي عَافِيَةً كَافِيَةً شَافِيَةً عَالِيَةً نَامِيَةً، عَافِيَةً تُوَلِّدُ فِي بَدَنِي الْعَافِيَةَ، عَافِيَةَ الدُّنْيَا والآخِرَةِ. وامْنُنْ عَلَيَّ بِالصِّحَّةِ والأَمْنِ والسَّلَامَةِ فِي دِينِي وبَدَنِي، والْبَصِيرَةِ فِي قَلْبِي، والنَّفَاذِ فِي أُمُورِي، والْخَشْيَةِ لَكَ، والْخَوْفِ مِنْكَ، والْقُوَّةِ عَلَى مَا أَمَرْتَنِي بِه مِنْ طَاعَتِكَ، والِاجْتِنَابِ لِمَا نَهَيْتَنِي عَنْه مِنْ مَعْصِيَتِكَ».
وفي كلماتِ أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام) إرشادٌ واضحٌ إلى أنَّ التقوى هي بابٌ من أبوابِ شفاءِ الجسمِ من الأسقامِ، يقولُ (عليه السلام): «إِنِّي أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّه... فَإِنَّ تَقْوَى اللَّه دَوَاءُ دَاءِ قُلُوبِكُمْ، وبَصَرُ عَمَى أَفْئِدَتِكُمْ، وشِفَاءُ مَرَضِ أَجْسَادِكُمْ».
وفي كلامٍ آخرَ له (عليه السلام) يربطُ صحةَ البدنِ بتقوى القلبِ، يقولُ (عليه السلام): «أَلَا وإِنَّ مِنَ الْبَلَاءِ الْفَاقَةَ، وأَشَدُّ مِنَ الْفَاقَةِ مَرَضُ الْبَدَنِ، وأَشَدُّ مِنْ مَرَضِ الْبَدَنِ مَرَضُ الْقَلْبِ، أَلَا وإِنَّ مِنْ صِحَّةِ الْبَدَنِ تَقْوَى الْقَلْبِ».
وهذا واحدٌ من أساليبِ الوقايةِ الصحيةِ التي دعا إليها الإسلامُ، يُضافُ إليها التوصياتُ المتعدّدةُ بالاهتمامِ بالنظافةِ، فالنظافةُ من القيمِ التي أكّدَ عليها الإسلامُ معتبراً:
1- أنّها من الكمالاتِ الإنسانيّةِ.
2- أنّها من أخلاقِ الأنبياءِ (عليهم السلام)، ففي الحديثِ عن الإمامِ الرضا (عليه السلام): «من أخلاقِ الأنبياءِ التنظّفُ».
3- أنّها من جنودِ العقلِ. ففي وصيةِ الإمامِ الكاظمِ (عليه السلام) لهشامِ بنِ الحكمِ، في مقامِ تعدادِ جندِ العقل: «النظافةُ وضدُّها القذارة».
4- أنّها من أعمدةِ البنيانِ الإسلاميّ التي لها انعكاسٌ في الآخرة، فعن الرسولِ الأكرمِ (صلى الله عليه وآله): «تنظّفوا بكلِّ ما استطعتم؛ فإنَّ اللهَ تعالى بنى الإسلامَ على النظافةِ، ولن يدخلَ الجنّةَ إلّا كلُّ نظيف».
كما وردَ الحثُّ على بعضِ الأعمالِ الخاصّةِ المرتبطةِ بالسلامةِ الصحيةِ، فعن أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام): «غسلُ اليدين قبل الطعامِ، وبعدَه زيادةٌ في العمرِ... ويجلو البصر».
وبالتقيُّد بهذه الآدابِ الإسلاميّةِ تكونُ صورةُ المجتمعِ الإسلاميّ صورةً متكاملةً مشرقةً، كما أرادها اللهُ عزَّ وجلَّ وكما هي محلُّ رضى رسولِه (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام).
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين