الإستِعانَة بِالله عَزَّ وجَلّ
رجب
«وأَكْثِرِ الِاسْتِعَانَةَ بِاللَّهِ يَكْفِكَ مَا أَهَمَّكَ، ويُعِنْكَ عَلَى مَا يُنْزِلُ بِكَ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ».
عدد الزوار: 384
عن أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام) في كتابٍ له إلى أحدِ أصحابِه: «وأَكْثِرِ الِاسْتِعَانَةَ بِاللَّهِ يَكْفِكَ مَا أَهَمَّكَ، ويُعِنْكَ عَلَى مَا يُنْزِلُ بِكَ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ».
من التعاليمِ العلويّةِ التي تكرّرَ من أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام) دعوةُ الناس عامةً وأصحابِه خاصةً إليها الاستعانةُ باللهِ عزَّ وجلَّ، بل كانَ (عليه السلام) يسيرُ بهم إلى درجةِ التوحيدِ في الاستعانةِ باللهِ عزَّ وجلَّ.
وهذه الاستعانةُ تنشأُ من الاعتقادِ الصحيحِ بأمرين:
1- عجزُ الإنسانِ وضعفُه ومحدوديةُ إمكاناتِه: يقولُ أميرُ المؤمنينَ (عليه السلام): «وأَسْتَعِينُهُ فَاقَةً إِلَى كِفَايَتِهِ، إِنَّهُ لاَ يَضِلُّ مَنْ هَدَاهُ، ولاَ يَئِلُ مَنْ عَادَاهُ، ولاَ يَفْتَقِرُ مَنْ كَفَاهُ».
2- سعةُ القدرةِ الإلهيّةِ وأنّ في الاستعانةِ به الغنى التام؛ لأنّك تستعينُ بالذي بيدِه مقاليدُ السماواتِ والأرضِ، يقولُ (عليه السلام): «وأَسْتَعِينُهُ قَاهِراً قَادِراً».
ولذا كان علينا عندما نتوجّه إلى اللهِ عزَّ وجلَّ مخاطبينَ إيّاه بقولِنا «وإيّاكَ نستعين» أنْ نشعرَ بعظمةِ من نستعينُ به، أيْ نتجِهُ بقلوبٍ تعيشُ الرجاءَ والأملَ والثقةَ والاعترافَ والخضوعَ، يقولُ أميرُ المؤمنينَ (عليه السلام): «ونَسْتَعِينُ بِهِ اسْتِعَانَةَ رَاجٍ لِفَضْلِهِ، مُؤَمِّلٍ لِنَفْعِهِ، وَاثِقٍ بِدَفْعِهِ، مُعْتَرِفٍ لَهُ بِالطَّوْلِ، مُذْعِنٍ لَهُ بِالْعَمَلِ والْقَوْلِ».
إنّ علينا أنْ نتوجّه بالاستعانةِ باللهِ عزَّ وجلَّ في كلِّ أمرٍ من الأمورِ حتّى فيما كانت أسبابُه الماديةُ والظاهريةُ موفورةً، فضلاً عما نرى في أنفسِنا عجزاً أو قصوراً عن القيامِ به. ولذا يُخاطبُ الإمامُ (عليه السلام) ولدَه الإمامَ الحسنَ (عليه السلام) في وصيّتهِ له مبيناً ضرورةَ أنْ تكونَ الخطوةُ الأولى عندَ القيامِ بأيِّ شيءٍ هو الاستعانةُ باللهِ عزَّ وجلَّ، بقولِه: «وابْدَأْ قَبْلَ نَظَرِكَ فِي ذَلِكَ بِالاسْتِعَانَةِ بِإِلَهِكَ، والرَّغْبَةِ إِلَيْهِ فِي تَوْفِيقِكَ».
كما يوصي (عليه السلام) أحدَ أصحابِه في رسالةٍ بعثَها له بالإكثارِ من الاستعانةِ باللهِ عزَّ وجلَّ، وإنَّه البابُ للوصولِ إلى المطلوبِ، يقولُ (عليه السلام): «وأَكْثِرِ الاسْتِعَانَةَ بِاللَّهِ يَكْفِكَ مَا أَهَمَّكَ، ويُعِنْكَ عَلَى مَا يُنْزِلُ بِكَ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ»
وهذه الاستعانةُ كما تكونُ بالعزمِ القلبي وبالقولِ اللفظي تكونُ أيضاً بوسيلةِ الارتباطِ باللهِ عزَّ وجلَّ من خلالِ التقوى التي هي بابٌ من أبوابِ الاستعانةِ، يقولُ أميرُ المؤمنينَ (عليه السلام): «عِبَادَ اللَّهِ أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، فَإِنَّهَا حَقُّ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، والْمُوجِبَةُ عَلَى اللَّهِ حَقَّكُمْ، وأَنْ تَسْتَعِينُوا عَلَيْهَا بِاللَّهِ ، وتَسْتَعِينُوا بِهَا عَلَى اللَّهِ : فَإِنَّ التَّقْوَى فِي الْيَوْمِ الْحِرْزُ والْجُنَّةُ ، وفِي غَدٍ الطَّرِيقُ إِلَى الْجَنَّةِ».
ومن المواردِ المهمّةِ التي ينبغي الاستعانةُ باللهِ عزَّ وجلَّ بها هي الاستعانةُ على مواجهةِ عدوّينِ في حياةِ هذا الإنسانِ، وهما:
1- النفسُ التي تتثاقلُ بالإنسانِ عن الطاعةِ وُتمنّيه بالتسويفِ، يقولُ أميرُ المؤمنينَ (عليه السلام): «ونَسْتَعِينُهُ عَلَى هَذِهِ النُّفُوسِ الْبِطَاءِ عَمَّا أُمِرَتْ بِهِ، السِّرَاعِ إِلَى مَا نُهِيَتْ عَنْهُ».
2- الشيطانُ الذي يكمنُ لهذا الإنسانِ ليوقعَه في المعصيةِ، يقولُ (عليه السلام): «وأَحْمَدُ اللَّهً وأَسْتَعِينُهُ عَلَى مَدَاحِرِ الشَّيْطَانِ ومَزَاجِرِهِ، والاعْتِصَامِ مِنْ حَبَائِلِهِ ومَخَاتِلِهِ».
وختاماً، نباركُ لصاحبِ العصرِ والزمانِ (عج) ولوليِّ أمرِ المسلمينَ (دام ظلّه) وللمجاهدينَ جميعاً ذكرى ولادةِ أمير المؤمنينَ عليِّ بنِ أبي طالب (عليه السلام).
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين