الْحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ
ربيع الثاني
«إستحيوا من اللهِ حقَّ الحياءِ. قالوا: وما نفعلُ، يا رسولَ اللهِ؟ قالَ: فإنْ كنتم فاعلينَ فلا يَبيتَنَّ أحدُكم إلّا وأجلُه بين عينيه، وليحفظْ الرأسَ وما حوى، والبطنَ وما وعى، وليذكرْ القبرَ والبِلى، ومن أرادَ الآخرةَ فليدعْ زينةَ الحياةِ الدنيا».
عدد الزوار: 273عن الإمامِ الصادقِ عن أبيه، عن آبائِه (عليهم السلام)، قال : قالَ رسول الله (ص) : «إستحيوا من اللهِ حقَّ الحياءِ. قالوا: وما نفعلُ، يا رسولَ اللهِ؟ قالَ: فإنْ كنتم فاعلينَ فلا يَبيتَنَّ أحدُكم إلّا وأجلُه بين عينيه، وليحفظْ الرأسَ وما حوى، والبطنَ وما وعى، وليذكرْ القبرَ والبِلى، ومن أرادَ الآخرةَ فليدعْ زينةَ الحياةِ الدنيا».
الحياءُ هو التحرُّزُ والامتناعُ والابتعادُ عن فعلِ أيِّ عملٍ يكونُ من القبيحِ شرعاً أو عرفاً وذلك مخافةَ الذمِّ وسقوطِ المكانةِ والمنزلةِ، فإنْ كان خوفُ وقوعِ ذلك أمامَ اللهِ عزَّ وجلَّ كان الحياءُ من اللهِ، وهو الذي وردَ في الروايةِ المذكورةِ.
ويتحدّثُ النبيُّ (ص) عن العاملِ المهمِّ المورِّثِ للحياءِ وهو أنَّ الذي يُقدِمُ على ارتكابِ الذنبِ يكونُ خجلُه وحياؤه من لحظةِ اللقاءِ بمنْ يستحي منه، وبما أنَّ الموتَ والأجلَ هو لحظةُ انتقالِ النفسِ ورجوعِها إلى اللهِ عزَّ وجلَّ ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً﴾ فإنَّ منْ يستحي من اللهِ عزَّ وجلَّ حقَّ الحياءِ تكونُ ساعةُ الموتِ بما هي ساعةُ لقاءٍ باللهِ حاضرةً دوماً في نفسِه فتمنعُه من الوقوعِ في المعاصي.
وكلّما ازدادَ إحساسُ الإنسانِ بقربِ اللهِ عزَّ وجلَّ منه اشتدَّ حياؤه منه، ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾، وقد روي عن الإمامِ زينِ العابدينَ (عليه السلام): «خُفِ اللهَ تعالى لقدرتِه عليك، واستحِ منه لقربِه منك».
وقد وردَ في الروايةِ عن الإمامِ الصادقِ (عليه السلام) قَالَ: «الْحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ والإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ»، وذلك لأنَّ صاحبَ الإيمانِ يُدرِكُ علمَ اللهِ عزَّ وجلَّ وإحاطتَه بما يفعلُ فيمتنعُ حياءً عن المعصيةِ، ولأنَّ الحياءَ يردعُ عن فعلِ القبيحِ فينتهي الإنسانُ عن فعلِ المنكراتِ وبهذا يُحفظُ الإيمانُ.
والحياءُ كما يَحفظُ الإنسانَ من عذابِ اللهِ والمعاصي يحفظُ الإنسانَ أيضاً من السقوطِ في أعينِ الناسِ، وقد وردَ عن أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام) تصويرُ الحياءِ بالثوبِ الساترِ للعيوبِ، فقد روي عنه (عليه السلام): «مَنْ كَسَاه الْحَيَاءُ ثَوْبَه لَمْ يَرَ النَّاسُ عَيْبَه». وفي هذا حثٌّ على الحياءِ، وبيانُ أنَّ ثوبَ الحياءِ ساترٌ لكافّةِ العيوبِ لا بعضِها فقط شهادةٌ على أنَّ صاحبَ الحياءِ لا يرتكبُ العيبَ.
ومن ثمارِ الحياءِ أنَّ المتحلّيَ به يأمنُ الناسُ منه المكارِهَ، فقد روي عن الإمامِ عليٍّ (عليه السلام): «حسبُ المرءِ ... من حيائِه أن لا يلقَى أحداً بما يكره».
ومن أعظمِ ثمارِه الجنّةُ، ففي الرواية عن رسولِ اللهِ (ص) - لأبي ذرٍّ - : «أتحبُّ أنْ تدخلَ الجنةَ؟ قالَ: قلتُ: نعم فداكَ أبي، قالَ: فاقصرْ من الأملِ، واجعلْ الموتَ نصبَ عينِك، واستحِ من اللهِ حقَّ الحياءِ».
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين
2019-12-25