البصيرة – كما يعبّر عنها اليوم في عرفنا- هي التحليل السياسي والوعي السياسي نفسه. علينا معرفة تموضع العدو وتموضع الصديق؛ من هو العدو ومن هو الصديق. كان الكثير منكم قد شارك في الجبهة أيام الحرب المفروضة. فأحيانا قد تجدون شخصا في وحدة قتالية، يسمع أصوات المدفعية فلا يميز مصدرها من أي جهة ولا يعرف مكان العدو. فإذا ما كّلف هذا الشخص غير المؤهل وغير المدَّرب بالإسناد المدفعي وجاءه أمر إطلاق النار، فقد يطلق النار على جبهته! قد يعلم أن العراق يقع في الجهة الغربية لإيران، ولكن هل أن العدو كان دائمًا في الجهة الغربية؟ كان العدو أحيانًا في الجنوب وأحيانًا في الشمال. على الإنسان أن يعرف عدوه، أين هو عدوه. وعندما تعلمون ذلك ستطلقون النار بكل سهولة وستصيبون الهدف. أما إذا لم تعلموا... ستطلقون النار على رؤوسكم.
يصبّ بعضهم النار على رؤوس خاصتهم وأنفسهم! بسبب عدم امتلاك البصيرة وعدم الوعي وعدم القدرة على التشخيص! والويل عندما يجتمع عدم امتلاك الوعي والتشخيص مع بعض النوايا والمقاصد والضعف الأخلاقي!! الويل، الويل. (12/2/1380)
لا تكونوا من العوام
احذروا أن تكونوا من العوام، ولا نقصد بكلامنا هذا وجوب إكمال مراحل دراسية متقدمة، أبدًا، وقد قلت: إنّ معنى العوام ليس هذا؛ فما أكثر الذين أنهوا مراحل دراسية عليا، لكنهم يُحسبون في عداد العوام، وما أكثر من درسوا العلوم الدينية وهم من العوام، وما أكثر الفقراء أو الأغنياء الذين يدخلون في عداد العوام.
فأن نكون من العوام رهن إرادتي وإرادتكم، ولهذا علينا أن ننتبه ولا نكون من هذه الفئة، أي يجب أن يكون كل فعل نفعله، عن بصيرة، ومن لا يعمل عن بصيرة فهو من العوام، ولهذا ورد في القرآن الكريم على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ﴿ أَدْعُو إلى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ﴾[1].
إذًا انظروا أولًا هل أنتم من فئة العوام أم لا؟ فإذا كنتم من تلك الفئة فسارعوا إلى الخروج منها، اسعوا لكي تكون لكم قدرة على التحليل والدراية والتشخيص وتحصيل المعرفة.(2/3/1375)
الاستقامة والبصيرة، مقتطف من كلمات سماحة الإمام القائد السيد علي الخامنئي (دام ظله)
[1] يوسف، الآية:108.