يتم التحميل...

مكارم الأخلاق-2

تربية دينية (مواعظ)

مكارم الأخلاق

عدد الزوار: 198

كلمة الإمام الخامنئي في مستهل درسه في البحث الخارج في الفقه شارحاً حديثاً حول بعض مكارم الأخلاق 04/03/2019 م

[اِنَّ خِصالَ المَكارِمِ بَعضُها مُقَيدٌ بِبَعضٍ يقسِمُهَا اللّهُ حَيثُ يشاءُ] ... وَأداءُ الاَمانَةِ وَصِلَةُ الرَّحِمِ وَالتَّوَدُّدُ إلَى الجارِ وَالصّاحِبِ وَقِرَى الضَّيفِ وَرَأسُهُنَّ الحَياءُ. (1)

تتمة حديث أبي قتادة ـ وَصِدقُ الحَدِيثِ وَصِدقُ النّاسِ وَإعطاءُ السّائِلِ وَالمُكافَاَةُ بِالصَّنائِع ـ الذي ذكرناه أمس. ثم يقول بعد ذلك:

وَاَداءُ الاَمانَة
الأمانة ليست مجرّد الأمانة المالية. فإن ائتمنكم أو ائتمنني شخص أو أشخاص على أمر ما لكان ذلك الأمر أمانة في أعناقنا. تارة يكون هذا الأمر مالاً يودعونه لدينا لنحفظه لهم، وهذه أمانة على المال، وتارة يتعلّق الأمر بالأعراض فتكون هذه أمانة على الأعراض، وتارة يكون الأمر أمراً معنوياً يجعلوننا أنا وأنتم أمناء عليه، كأن يسألوننا عن مسألة شرعية والأمانة تقتضي أن نجيب إجابة صحيحة. وتارة يكون درساً تدرّسونهم إيّاه فالأمانة تقتضي أن ندرّسهم بصورة صحيحة. أمّا المسؤوليات الاجتماعية فهي واضحة تماماً. إذاً، فأداء الأمانة من الأمور التي لها تشعّباتها وميادينها الواسعة. وهذه من الأخلاق والمكارم التي أشار الإمام إليها.

وَصِلَةُ الرَّحِم
صلة الرحم هي أيضاً وسيلة من وسائل العلاقات الاجتماعيّة وقناة لتأصير الروابط الاجتماعية. وإذا ما كان الأقارب مرتبطين ببعضهم البعض، فمن الطبيعي لأهل الإحسان والسلوك الحسن والقول الحسن أن يتمكّنوا من تناقل الأمور الجيّدة فيما بينهم.

وَالتَّوَدُّدُ اِلَى الجارِ وَالصّاحِب
أن نتودّد إلى الجار وإلى الأصحاب ـ أي من نكون معه في السفر، وفي محلّ عملنا، وفي أعمالنا وأمورنا اليومية ـ ونتحبّب إليه ونبدي له المودّة، فهذا أمر غاية في الأهمّيّة. افرضوا أنّ شخصاً ما بصحبتكم، كأن يكون سائقكم أو عنصر الحماية الخاصّ بكم، أو صديقكم الذي يرافقكم، فعليكم التودد وإظهار المحبة له.

وَقِرَى الضَّيف
ومنها حسن الضيافة، فحسن الضيافة وإكرام الضيف من الخصال التي أوصى بها الإسلام والتي تؤكّد على وجوب احترام الضيف وإكرامه.

وَرَأسُهُنَّ الحَياء
والأهمّ من كلّ هذه الصفات، وعلى رأسها يأتي الحياء. لاحظوا كم هذه القضية مهمّة، وكم هي كارثية السياسة التي يروج لها في العالم اليوم، من قبل عملاء القوى المعادية للإنسانية للقضاء على الحياء. والواقع أنّ هناك في الوقت الحاضر أعمالاً تجري في العالم كلّه وفق سياسة وتدبير معيّنين من أجل القضاء على الحياء بين الناس. وعندما يريدون القضاء على الحياء فإنّ لذلك طرقاً وأساليب ومنافذ مختلفة يدخلون منها: منها قضيّة الاختلاط بين المرأة والرجل، ومنها قضية لباس المرأة والرجل، والأمور التي تطرح تحت عنوان حقوق المرأة، من هذه المنافذ الشيطانية، وكذلك الأمور التي تطرح حول مسألة الحجاب فيقولون: «لماذا تجبرون المرأة على الحجاب؟» وهو كلام يقوله حتى بعض الأفراد الصالحين في الظاهر. قضية الحياء قضية على جانب كبير جداً من الأهمية. لم يكن العالم على النحو الذي هو عليه الآن. حتّى عندما ينظر المرء في الآثار الفنية والأدبية للأوروبيين، يجد أنّ مثل هذه الأمور لم تكن موجودة في أوروبا إلى ما قبل 150 سنة أو 200 سنة. وهذا الفساد وهذا التهتّك وهذا الاستهتار قد شاع بالأساس وتدريجياً، منذ أن سيطر الصهاينة والرأسماليون على الشؤون الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية في البلدان الأوروبية. ولديهم في ذلك دوافعهم وأهدافهم، وهذه حكاية مفصّلة يطول شرحها. والإسلام هو الحالة المقابلة لذلك. الحياء فضيلة للرجل، وهو فضيلة للمرأة أيضاً، ولهذا الحياء مظاهره، ومن مظاهره اللباس الظاهري، ومن مظاهره طريقة المعاشرة والحوارات والأحاديث، حيث يراعي الإنسان الحياء في الكلام، وفي إبداء الرأي، وفي تبادل الأحاديث. عدم الحياء من الأمور التي تعبر عن نفسها في أثناء الكلام والتوصيف واتّهام هذا وذاك وفي الحوارات وما إلى ذلك. وكذا الحال على المستوى العملي أيضاً. البعض يقوم بأعمال قبيحة كبرى وينظر في عينيك بعين وقحة ولا يخجل أبداً بعمله هذا! بعض الجرائم ماليّ، وبعضها إنساني، ولها أنواع وصنوف مختلفة. ولذا قال الإمام إنّ الحياء رأس الخصال والمكارم الأخلاقية: وَرَأسُهُنَّ الحَياء.


1 ـ أمالي الطوسي، المجلس الحادي عشر، ص 301 .

2019-09-23