يتم التحميل...

نوعية مواجهة التحديات والأحداث-1

الاستكبار

نوعية مواجهة التحديات والأحداث-1

عدد الزوار: 145



...ما أريد طرحه كموضوع للبحث عبارة عن هذه القضية: نوعية مواجهة البلاد والأفراد المؤثرين فيها للتحدّيات والأحداث. هذا ما أريد طرحه ومناقشته. فبالنهاية، لكلّ بلد وكلّ مجتمع أحداثه، وهذه الأحداث قد تكون جيّدة وقد تكون مريرة، وقد تكون هناك ضغوط: من قبيل أنّنا معرّضون للحظر ومعرّضون للغزو الثقافي وما إلى ذلك، أو إنّ بعض البلدان عرضة لهجوم عسكري قاسٍ.فالبلدان تواجه أحداثاً؛ وأحياناً تحصل حالات تقدّم وتطوّر. فطبيعة مواجهة هذه الأحداث قضيّة على جانب كبير من الأهمية؛ أن كيف نواجه هذه الأحداث ونتعامل معها. هذا هو الموضوع والبحث الذي أريد طرحه.

أ ــ المواجهة الفعالة والمواجهة الانفعالية
وسأعرض في هذا الخصوص لعدد من الثنائيّات المحتملة التي يمكن تصوّرها لطبيعة التعامل والمواجهة: فأحياناً تكون مواجهتنا لهذه الأحداث مواجهة فعّالة، وأحياناً تكون مواجهة انفعالية أو مواجهة منفعلة. المواجهة الفعالة معناها أنّنا عندما نواجه حادثة ما، ننظر لنرى ما الذي يجب أن نفعله قبال هذه الحادثة لدفعها ورفعها وإضعافها، أو لتقويتها في بعض المواطن. فنفكّر ونرد الميدان بنحو فعّال. هذه هي المواجهة الفعّالة. أما المواجهة الانفعالية فهي أنّنا عندما يعرض لنا حدث مرير، صعب، أو مشكلة، نلجأ إلى البكاء والنحيب، ونذكر الحدث دائماً ونكرّره، من دون أن نحرّك ساكناً إزاءه. إذاً، لدينا نوعان من المواجهة: المواجهة الفعّالة والمواجهة الانفعالية.

ب ــ المواجهة الإبداعية ومواجهة "ردود الأفعال"
ومن زاوية أخرى: هناك المواجهة الإبداعيّة، ومواجهة ردود الفعل. مواجهة ردود الفعل هي أنّنا عندما نكون أمام عدوّ مثلاً ويجرّنا هذا العدوّ إلى ساحة مواجهة ما، فنسير نحن أيضاً إلى تلك الساحة نفسها، ونعمل ونتصرّف طبقاً لمخطّطاته وبرامجه، ونتحرّك كردّ فعل للحركة التي يقوم هو بها. هذه مواجهة منفعلة وعلى شكل ردّ فعل. أي إنّ حركتنا هي في الواقع تابعة لطبيعة حركته. أمّا في المواجهة الإبداعيّة فالأمر ليس كذلك، فعندما يهاجمنا العدوّ مثلاً من جهة معيّنة، نهاجمه من جهة وموقع آخر، ونمسك بزمام المبادرة بنحو آخر، ونردّ بطريقة أخرى كأن نوجّه له ضربة. هذان نوعان من المواجهة.

ج ــ المواجهة اليائسة والمواجهة المتفائلة
وثمة ثنائية أخرى هي: المواجهة اليائسة والمواجهة المتفائلة. أحياناً عندما يواجه الإنسان حدثاً ما فإن تركيزه على قدرات العدوّ أو حركات العدوّ تجعله يائساً، وقد ينزل إلى الساحة، لكنّه ينزل بيأس. هذا نوع من المواجهة. ونوع آخر من المواجهة هو أن يرد المرء الميدان بتفاؤل وأمل. هاتان الطريقتان تختلفان فيما بينهما. فإن وردنا الميدان بيأس سيكون سير العمل بنحو، وإن وردناه بتفاؤل فسيكون سير العمل بنحو آخر. هذه أيضاً ثنائية أخرى.

د ــ المواجهة بخوف والمواجهة بشجاعة
وثنائية أخرى، هي ثنائية الخوف والشجاعة. تارة ينزل المرء إلى الساحة وهو خائف. خائف من العدوّ، من الحدث، ومن خوض الغمرات. يدخل بخوف، وهذا نوع من ردود الأفعال والمواجهة للعدوّ. وتارة ينزل المرء إلى الساحة بشجاعة. وقد ورد في الروايات «خُضِ الغَمَراتِ لِلحَقّ‌» (4)؛ فينزل إلى الساحة ببسالة وشجاعة. وهذا أيضاً نوع من المواجهة. لاحظوا، لننظر إلى وضع البلدان في العالم؛ البلدان التي نعرفها ونعرف مشاكلها. إنّنا نلاحظ كلا النوعين من الحراك في أمورها وقضاياها. فتراهم مثلاً يتعاملون في منطقة ما في مقابل الضغوط الأمريكيّة على بعض البلدان، بشجاعة وبسالة، ويتعاملون في منطقة أخرى بخوف. كلّ واحد من البلدان يتعاطى ويتعامل بنحو. فالذي يتعامل بخوف قد يقوم بتحرّك معيّن لكن نوع تحرّكه يختلف عن نوع تحرّك الشخص الذي يتعامل بأمل وتفاؤل وشجاعة.

كلمة الإمام الخامنئي في لقائه أعضاء مجلس خبراء القيادة 14/03/2019 م


4 ـ نهج البلاغة، الكتاب رقم 31.

 

2019-09-23