يتم التحميل...

البصيرة في مواجهة الإعلام المضلل

إضاءات إسلامية

البصيرة في مواجهة الإعلام المضلل

عدد الزوار: 129



 إن سبب انزلاق أقدام بعض الناس يعود على الأغلب إلى افتقادهم الوعي والبصيرة. فبعضهم لديه الإيمان إلا أنه ينزلق ويزل قدمه بسبب عدم الوعي وافتقاد البصيرة. فالبصيرة اليوم على قدر كبير من الأهمية. وكلما وأينما وجُدت الفتنة والخداع والإعلام المضلّ تكتسب البصيرة أهمية أكبر. واليوم ترون أن البراعة والحذاقة في الإعلام من العوامل المؤثرة في الساحات السياسية والاقتصادية و... وإن الكثير من الناس في العالم يقعون تحت تأثير الإعلام في إرادتهم وتوجهاتهم في كل المجالات؛ كالبيع والشراء والسياسة، وسائر شؤون الحياة...
 
ما هو الإعلام [المعاصر] وماذا يعني؟ هل هو تبيين للواقع؟ لا أبدًا. فدور الإعلام ]اليوم[أن يجد صورة كاذبة أو ممزوجة بالكذب والصدق لبيع محصول ما، أو ترويج سياسة ما ومحبوبية شخصية ما! هذا هو عالم الإعلام اليوم. وقد فهم الغرب وخاصة أمريكا هذا العمل وعرفوا الحلّ. ولست هنا أقصد النظام الأمريكي. ففي أمريكا اليوم، خَبِرَ أصحاب المال والصناعات ورأس المال ومحركو السياسة وآخرون هذه الوسيلة. وادعوا أن عليهم التفوق وأن يصبحوا أساتذة في ذلك وأن تتقدم أعمالهم في العالم وتتفوق على هذه الشاكلة. فهم يعرضون بسهولة "حقًا" على أنه "لا حق" أو غير الحق؛ ويظهرون "كذبًا" وخداعا كأنه صدق، وبسهولة يكتمون حقيقة ما. تقوم مجموعة محددة –وهم أصحاب المال والصناعة والإقطاع المالي الصهيوني- بتوجيه آراء الناس وأخذها يمنة ويسرة طبق ميولهم ورغباتهم.

محور عمل العدو؛ إثارة الغبار
إن محور عمل العدوّ في الحرب الناعمة اليوم، هو إثارة الغبار في الجو السياسي للبلد، انتبهوا إلى هذا. فهو اليوم أهم عمل للعدوّ. يعرف المطّلعون والمتابعون للعمل السياسي وقضاياه، أنّ قدرة القوى العظمى لا تكمن في قنابلها النووية ولا في الثروات المكدّسة في مصارفها، بقدر ما تتجلّى في قوّتها الإعلامية، في صوتها العالي الذي يصل إلى كل مكان. هم يتقنون جيدًا الأساليب الإعلامية. وللإنصاف لقد تطوّروا في العمل الإعلامي. لقد تعلّم الغربيون اليوم - سواء في أوروبا أو في أمريكا - أساليبَ حديثة ومتطورة جدًا في الإعلام، نحن ما زلنا في الخلف في هذا المجال. وإن أحد أهم أعمال هؤلاء أنّهم محترفو إعلام. يسعون من خلال هذه الأساليب الإعلامية وإثارة الاضطرابات ومن خلال بث الكم الكبير من الأخبار والكلام المخالف للواقع إلى تغيير أجواء المجتمعات وتبديلها والتأثير فيها، ينبغي الالتفات إلى هذه النقطة، ومراقبة هذا الأمر. وإن تكليف شبابنا اليوم في هذا المجال ثقيل، لا يقتصر الأمر على أن تعرفوا أنتم الحقيقة وفقط، بل إنّ عليكم أن تجعلوا محيطكم الخارجي وأجواءكم ذات بصيرة أيضًا وأن توضحوا القضايا للآخرين.
 
القلب المؤمن الطاهر
إن ما يصون بصيرة الإنسان ورؤيته ويحفظها في مختلف القضايا والوقائع وتحت وطأة غبار إعلام الأعداء الصاخب هو القلب المؤمن الطاهر والنوراني. وإن كثافة الأعلام الذي وظّفه الأعداء ضد الثورة على مدى سنوات والذي اقترن بالمؤامرات الدعائية على اختلافها تبعث على الدهشة حقا، وقد تعرض شبابنا المؤمن الذي هبّ للجهاد، واضعًا الأرواح على الأكف، لأعاصير هذه الدعايات المضلّلة المزلزلة؛ لكنها لم تستطيع زلزلته لأنه يرى الحقيقة، وقد اتضحت لديه المقاصد التي تقف وراء دعايات الاعداء المختلفة من سريرة سوداء وخبيثة للمراكز والمحافل التي تدير هذه الاعلام. وهذه نقطة يتحلى بها الشاب المسلم المؤمن الثوري التي يعجز العدو عن مواجهتها بأي نحو كان، فالقلب الذي يتمتع بالإيمان ويطفح بالتقوى فكريا وعمليا لا تزلّه دعايات الاعداء.
لقد تركزت دعايات الأعداء في الأغلب على إضعاف روح الصمود والمقاومة لدى الشعب الايراني، فقد أدركوا جيدا إنه إذا ما صمم الشعب على الوقوف بوجه مطامع الاستكبار فلن يجدي وقوف أية قوة في مقابله. هذا ما أدركوه جيدا، فانصبت محاولاتهم باتجاه القضاء على روح الصمود والمقاومة لدى الشعب. يشير الله تعالى إلى إحدى الأمم المؤمنة فيما مضى فيقول: " وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد " (البروج /8)؛ فنظرًا لأن الأعداء ألفوهم مؤمنين وان المؤمن لا يستسلم للقوة والاستكبار فكانوا ينقمون منهم بسبب إيمانهم.

إن إيمان الشعب الإيراني ومقاومته وصموده وثقته بنفسه ليس مستساغا بالنسبة للأعداء فهم يرتضون حكومات طيعة ومحكومين وشعوبًا هزيلة مستسلمة أمام غطرستهم. لقد أيقظت صرخة الدعوة إلى الإسلام التي أطلقها الشعب الإيراني وانطلقت أول مرة على لسان إمام الأمة "قدس سره" الشعوب وهزّت القلوب وخلقت روحا من اليقظة والثقة بالنفس في المنطقة وأن القلق والارتباك يستحوذ على الأعداء بسبب هذه القضايا غير أن الشعب الإيراني سيحقق الظفر على هذه المؤامرات.

إنّ سلاح الإعلام، اليوم هو من أكثر الأسلحة الدوليّة تأثيرًا في مواجهة المعارضين والمخالفين؛ سلاح وسائل الاتصال[1]. هذا هو أمضى الأسلحة اليوم، وهو أسوء وأخطر حتّى من القنبلة الذريّة. ألم تشاهدوا سلاح العدو هذا في اضطرابات ما بعد الانتخابات[2]؟ كان العدوّ يتابع قضايانا لحظةً بلحظة بسلاحه هذا، ، وكان يوجّه به أصحاب الشغب والشيطنة؛ ﴿وإنّ الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم﴾[3]هم يوحون لأوليائهم وأنصارهم دومًا. إنّه حضور العدوّ في نهاية الأمر. هل يمكن افتراض حضور العدو بأوضح وأجلى من هذا؟
 
مقتطف من كلمات سماحة الإمام القائد السيد علي الخامنئي (دام ظله) حول البصيرة والاستقامة


[1] أو وسائل التواصل الإعلاميّ.
[2]انتخابات عام 2009 والفتنة التي اشعلها المغرضون بالتواطؤ مع الغرب.
[3] الانعام، 121.

2019-08-26