يتم التحميل...

الإرتباط بالله عزّ وجل

ذو الحجة

الإرتباط بالله عزّ وجل

عدد الزوار: 198


قال الإمامُ الباقرُ (عليه السلام): «يا بنيَّ إذا أنعمَ اللهُ عليكَ بنعمةٍ فقلْ: الحمدُ للهِ، وإذا حزنَك أمرٌ فقلْ: لا حولَ ولا قوّةَ إلّا باللهِ، وإذا أبطأَ عنكَ رزقٌ فقلْ: أستغفرُ اللهَ».

إذا كانت الغايةُ لهذا الإنسانِ أن يَعبرَ في هذه الدنيا بالفوزِ بالجنةِ في يومِ القيامة، فإنَّ قوامَ ذلك دوامُ الارتباطِ باللهِ تعالى والاستسلامُ له والعزمُ على طاعتِه، وهذا هو الذي ينقلُ الإنسانُ من مرحلةِ التفكّرِ والتدبّرِ في عظمةِ اللهِ تعالى وهيمنتِه ورقابتِه إلى مرحلةِ العملِ الصالحِ في ظلِّ هذا التدبُّرِ، فالعزمُ يتبعُه العونُ منه تعالى، ويتبعُه التثبيتُ على المضيِّ في طريقِ تزكيةِ النفسِ، يقولُ الإمامُ الخمينيُّ (قدّس سرّه): «واعلمْ، يا عزيزي، أنَّ العزمَ والإرادةَ القويّةَ لذلك العالمِ ضروريّانِ. إنَّ البلوغَ لأحدِ مراتبِ الجنّةِ والذي يُعدُّ من أفضلِها هو العزمُ والإرادةُ، فالإنسانُ الذي ليست له إرادةٌ نافذةٌ ولا عزمٌ قويٌّ لا ينالُ تلك الجنّةَ ولا ذلك المقامَ الرفيعَ».

والإرتباطُ باللهِ تعالى يبدأُ بمعرفتِه التي تحولُ بين الإنسانِ وبين مخالفةِ ربِّه وخالقِه، قالَ الإمامُ الباقرُ (عليه السلام): «ما عرفَ اللهَ مَنْ عصاه»، فإنّ المعرفةَ تُنتجُ الحبَّ والحبَّ الصادقَ يحولُ بين الإنسانِ وبين مخالفةِ محبوبِه. وهذا الارتباطُ باللهِ تعالى يتجسَّدُ في مراتبَ عديدةٍ:

منها: حسنُ الظنِّ باللهِ ورجاءُ رحمتِه، فقد روى الإمامُ الباقرُ (عليه السلام) عن جدِّه رسولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) أنَّه قالَ: «والذي لا إلهَ إلّا هو ما أُعطيَ مؤمنٌ قطّ خيرَ الدنيا والآخرةِ إلّا بحسنِ ظنِّه باللهِ ورجائِه له وحسنِ خُلُقِه والكفِّ عن اغتيابِ الناسِ».

ومنها: المداومةُ على العباداتِ وقد حثَّ الإمامُ الباقرُ (عليه السلام) على ذلك، فقد وردَ عنه في بيانِه لخصائصِ شيعةِ أهلِ البيتِ (عليهم السلام): «فواللهِ ما شيعتُنا إلّا مَنِ اتّقى اللهَ وأطاعَه، وما كانوا يُعرفونَ يا جابرُ إلّا بالتواضعِ والتخشُّعِ والأمانةِ، وكثرةِ ذكرِ اللهِ والصومِ والصلاةِ...».

ومنها: أن يكونَ المعيارُ المعتمدُ لدى الإنسانِ في علاقاتِه الاجتماعيّةِ قائماً على أساسِ القربِ والبعدِ مِنَ اللهِ تعالى، فقد رُوي عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الباقرِ (عليه السلام) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله): «وُدُّ الْمُؤْمِنِ لِلْمُؤْمِنِ فِي الله مِنْ أَعْظَمِ شُعَبِ الإِيمَانِ، أَلاَ ومَنْ أَحَبَّ فِي اللهِ، وأَبْغَضَ فِي اللهِ، وأَعْطَى فِي اللهِ، ومَنَعَ فِي الله؛ فَهُوَ مِنْ أَصْفِيَاءِ الله».

ومنها: وهو أهمُّها أنْ يكونَ ما يُشغِلُ الإنسانَ في هذه الدنيا هو همُّ الآخرةِ، فقد روى جَابِرُ قَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ [الباقرِ] (عليه السلام) فَقَالَ: يَا جَابِرُ واللهِ إِنِّي لَمَحْزُونٌ، وإِنِّي لَمَشْغُولُ الْقَلْبِ، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ ومَا شَغَلَكَ ومَا حَزَنَ قَلْبَكَ؟ فَقَالَ: يَا جَابِرُ، إِنَّه مَنْ دَخَلَ قَلْبَه صَافِي خَالِصِ دِينِ اللهِ، شُغِلَ قَلْبُه عَمَّا سِوَاه. يَا جَابِرُ، مَا الدُّنْيَا؟ ومَا عَسَى أَنْ تَكُونَ الدُّنْيَا؟ هَلْ هِيَ إِلَّا طَعَامٌ أَكَلْتَه أَوْ ثَوْبٌ لَبِسْتَه أَوِ امْرَأَةٌ أَصَبْتَهَا؟ يَا جَابِرُ، إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يَطْمَئِنُّوا إِلَى الدُّنْيَا بِبَقَائِهِمْ فِيهَا، ولَمْ يَأْمَنُوا قُدُومَهُمُ الآخِرَةَ. يَا جَابِرُ، الآخِرَةُ دَارُ قَرَارٍ، والدُّنْيَا دَارُ فَنَاءٍ وزَوَالٍ، ولَكِنْ أَهْلُ الدُّنْيَا أَهْلُ غَفْلَةٍ».

ويُصادفُ السابعُ من ذي الحجّةِ ذكرى شهادةِ الإمامِ محمّدٍ بنِ عليٍّ الباقرِ (عليه السلام)، فنرفعُ آياتِ العزاءِ لصاحبِ العصرِ والزمانِ (عج) وللإمامِ الخامنئيِّ (دام ظلّه) وللمجاهدينَ جميعاً بهذه المناسبةِ، سائلينَ المَوْلَى أن يكتبَ لنا شفاعتَه يومَ الدينِ.

وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين

2019-08-07