آدابُ التّلبِيَةِ

الخُشوع
سُفيانُ بنُ عُيَينَة: حَجّ زَينُ العابِدينَ عليه السلام، فَلَمّا أحرَمَ واستَوَت بِهِ راحِلَتُهُ اصفَرّ لَونُهُ ووَقَعَت عَلَيهِ الرّعدَةُ، ولَم يَستَطِع أن يُلَبّيَ. فَقيلَ: ألا تُلَبّي؟ فَقالَ: أخشى أن يَقولَ لي: لا لَبّيكَ ولا سَعدَيكَ! فَلَمّا لَبّى خَرّ مَغشِيّا عَلَيهِ وسَقَطَ عَن راحِلَتِهِ، فَلَم يَزَل يَعتَريهِ ذلِكَ حَتّى قَضى حَجّهُ.

مالِكُ بنُ أنَس: حَجَجتُ مَعَهُ (أيِ الإِمامِ الصّادِقِ عليه السلام ) سَنَةً، فَلَمّا استَوَت بِهِ راحِلَتُهُ عِندَ الإِحرامِ كانَ كُلّما هَمّ بِالتّلبِيَةِ انقَطَعَ الصّوتُ في حَلقِهِ، وكادَ أن يَخِرّ مِن راحِلَتِهِ، فَقُلتُ: قُل يَابنَ رَسولِ اللّهِ، ولابُدّ لَكَ مِن أن تَقولَ. فَقالَ: يَابنَ أبي عامِرٍ، كَيفَ أجسُرُ أن أقولَ: "لَبّيكَ اللّهُمّ لَبّيكَ" وأخشى أن يَقولَ تَعالى لي: لا لَبّيكَ ولا سَعدَيكَ؟!

الإِكثار
مُحَمّدُ بنُ المُنكَدِر: إنّ النّبِيّ صلى الله عليه واله وسلم كانَ يُكثِرُ مِنَ التّلبِيَةِ.
الإمام الصادق عليه السلام: إذا أحرَمتَ مِن مَسجِدِ الشّجَرَةِ فَإِن كُنتَ ماشِيًا لَبّيتَ مِن مَكانِكَ مِنَ المَسجِدِ تَقولُ:"لَبّيكَ اللّهُمّ لَبّيكَ، لَبّيكَ لا شَريكَ لَكَ لَبّيكَ، لَبّيكَ ذَا المَعارِجِ لَبّيكَ، لَبّيكَ بِحَجّةٍ تَمامُها عَلَيكَ"، واجهَر بِها كُلّما رَكِبتَ، وكُلّما نَزَلتَ، وكُلّما هَبَطتَ وادِيًا، أو عَلَوت أكَمَةً، أو لَقيتَ راكِبًا، وبِالأَسحارِ.

رَفعُ الصّوتِ لِلرّجالِ
رسول اللّه صلى الله عليه واله وسلم: أتاني جَبرَئيلُ عليه السلام فَقالَ: إنّ اللّهَ عَزّوجَلّ يَأمُرُكَ أن تَأمُرَ أصحابَكَ أن يَرفَعوا أصواتَهُم بِالتّلبِيَةِ، فَإِنّها شِعارُ الحَجّ.
السّائِبُ بنُ خَلّاد: إنّ جَبرَئيلَ عليه السلام أتَى النّبِيّ صلى الله عليه واله وسلم قالَ: كُن عَجّاجًا ثَجّاجًا والعَجّ: التّلبِيَةُ، والثّجّ: نَحرُ البُدنِ.

رسول اللّه صلى الله عليه واله وسلم: اختارَ (اللّهُ) مِنَ الحَجّ أربَعَةً: الثّجّ، والعَجّ، والإِحرامَ، والطّوافَ.

حَريزٌ رَفَعَهُ: إنّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه واله وسلم لَمّا أحرَمَ أتاهُ جَبرَئيلُ عليه السلام فَقالَ لَهُ: مُر أصحابَكَ بِالعَجّ والثّجّ - والعَجّ: رَفعُ الصّوتِ بِالتّلبِيَةِ، والثّجّ: نَحرُ البُدنِ.
الإمام الصادق عليه السلام: إن كُنتَ ماشِيًا فَاجهَر بِإِهلالِكَ وتَلبِيَتِكَ مِنَ المَسجِدِ، وإن كُنتَ راكِبًا فَإِذا عَلَت بِكَ راحِلَتُكَ البَيداءَ.

عنه عليه السلام: انّ اللّهَ عَزّوجَلّ وَضَعَ عَنِ النّساءِ أربَعًا: الإِجهارَ بِالتّلبِيَةِ، والسّعيَ بَينَ الصّفا والمَروَةِ يَعنِي الهَروَلَةَ ودُخولَ الكَعبَةِ، واستِلامَ الحَجَرِ الأَسوَدِ.
عنه عليه السلام: لَيسَ عَلَى النّساءِ جَهرٌ بِالتّلبِيَةِ.

قَطعُ التّلبِيَةِ عِندَ رُؤيَةِ بُيوتِ مَكّةَ
الإمام الصادق عليه السلام: المُتَمَتّعُ إذا نَظَرَ إلى بُيوتِ مَكّةَ قَطَعَ التّلبِيَةَ.
عنه عليه السلام: إذا دَخَلتَ مَكّةَ وأنتَ مُتَمَتّعٌ فَنَظَرتَ إلى بُيوتِ مَكّةَ فَاقطَعِ التّلبِيَةَ. وحَدّ بُيوتِ مَكّةَ الّتي كانَت قَبلَ اليَومِ عَقَبَةُ المَدَنِيّينَ، وإنّ النّاسَ قَد أحدَثوا بِمَكّةَ ما لَم يَكُن، فَاقطَعِ التّلبِيَةَ وعَلَيكَ بِالتّكبيرِ والتّهليلِ والتّحميدِ والثّناءِ عَلَى اللّهِ عَزّوجَلّ بِمَا استَطَعتَ¹.

^{1-الحج والعمرة في الكتاب والسنة/ العلامة محمد الريشهري.}