وهي أمور كثيرة نذكر أهمها:
أولاً: الاستخارة، والمراد بها هنا الدعاء، وذلك بأن يدعو الإنسان ربّه أن يقدّر له الخير و يجعله فيما يريد الإقدام عليه أو الإحجام عنه، وأخصر دعاء لذلك أن يقول: (أستخير الله برحمته خيرة في عافية) ثلاث مرات أو سبعاً أو عشراً أو خمسين أو سبعين، والأفضل أن يكون ذلك بعد ركعتين للاستخارة أو في سجدة بعد الفريضة. وهذا النوع من الاستخارة - كما ذكر في العروة - هو الأصل فيها، للأمر به في روايات كثيرة، وأنّه: (من دخل في أمر بغير استخارة ثمّ ابتلي لم يؤجر)، وفي خبر آخر: (ما استخار الله عبد مؤمن إلا خار له وإن وقع ما يكره).
ثانيًا: إعلام إخوانه المؤمنين بالسفر، فعن النبي صلى الله عله وآله:(حق على المسلم إذا أراد سفراً أن يعلم إخوانه وحق على إخوانه إذا قدم أن يأتوه).
ثالثًا: الوصية عند الخروج خصوصاً بالحقوق الواجبة، ففي الخبر عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: (من ركب راحلة فليوص) (الوسائل11/369).
رابعًا: التصدق بما تيسر، عند افتتاح السفر، لتشتري السلامة من الله بها، ويستحب عند التصدق قول هذا الدعاء: (اللهم إنّي اشتريت بهذه الصدقة سلامة سفري، اللهم احفظني واحفظ ما معي وسلمني وسلم ما معي، وبلغني وبلغ ما معي ببلاغك الحسن الجميل). وتتأكد الصدقة إذا صادف السفر بعض الأيام المنهي عن السفر فيها كيوم الاثنين والأربعاء، فإنّ الصدقة تدفع البلاء إن شاء الله تعالى، وقد ورد عن الصادق عليه السلام: (تصدق واخرج أيّ يوم شئت).
خامسًا: التخلق بالأخلاق الفاضلة مع الناس، خصوصاً وأنّ الحاجّ سوف يفد على الله تعالى ويدخل في ضيافته، فيتأكد عليه أن يتخلق بأخلاق الله تعالى ويتأدب بآداب رسوله الأعظم وأوليائه المعصومين عليهم السلام، ونؤكد هنا على أهمية سعة الصدر في السفر وتحمل الآخرين والصبر عليهم ، والتعامل معهم برفق ولين وتقديم الإحسان إليهم ، وإسماعهم الكلام الطيب والمفيد، وتجنب سوء الظن بهم أو التكبر عليهم، فإنّ الحج موسم لتلاقي المؤمنين، وتوثيق علاقة الأخوة والمودة والتعاون والتقارب فيما بينهم، لا انّه موسم للتنازع والتخاصم والتهاجر.
فعن الإمام الباقر عليه السلام: (ما يعبأ بمن يؤم هذا البيت إذا لم يكن فيه ثلاث خصال: خلق يخالق به من صحبه، أو حلم يملك به غضبه، أو ورع يحجزه عن معاصي الله)، وعن الإمام الصادق عليه السلام: (وطّن نفسك على حسن الصحابة لمن صحبت في حسن خلقك، وكفّ لسانك، واكظم غيظك، وأقل لغوك، وتفرش عفوك، وتسخو نفسك). (الوسائل 12/9).
سادساً: احتساب السفر إلى الحج من سفر الآخرة، كما حكى الله تعالى عن إبراهيم الخليل عليه السلام: ﴿إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ (العنكبوت 26) ويكون ذلك - كما قال في العروة - بالمحافظة على تصحيح النية، وإخلاص السريرة، وأداء حقيقة القربة، والتجنب عن الرياء، والتجرد عن حبّ المدح والثناء1.
1- الشيخ علي رحمة.
2019-07-31