قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ سورة الصف، الآيتان: 10- 11
لا شكّ في أنّ من أهمِّ عناصرِ الوصولِ للنصرِ والظفرِ على العدوِّ عُنْصُرَيْ الثباتِ والاستمرارِ في المواجهةِ، وفي قضيةٍ مهمةٍ كمسألةِ القدسِ وفلسطينَ، تبقى الاستمراريةُ عنصراً رئيساً في تحقيقِ الهدفِ المنشودِ بتحريرِ القدسِ من الاحتلالِ، ومن هنا كان المطلوبُ أنْ يكونَ الجهادُ عملاً كالإيمانِ بلحاظِ الاستمرارِ وعدمِ الانقطاعِ، وهذا ما يؤكّدُه كلامُ الإمامِ الخامنئيِّ (دام ظلّه) حولَ ضرورةِ الاحتفاظِ بالروحِ الجهاديةِ، فهي العنصرُ الذي يجعلُ روحَ المقاومةِ تتجدَّدُ دائماً، ومن مظاهرِ هذا الاستمرارِ الإحياءُ السنويُّ ليومِ القدسِ العالميِّ في آخرِ جمعةٍ من شهرِ رمضانَ المباركِ.
منذ إعلانِ الإمامِ الخمينيِّ (قدّس سرّه) ليومِ القدسِ العالميِّ، ما زالت مراسمُه في كلِّ عامٍ تؤكِّدُ على مجموعةٍ من عناصرِ المواجهةِ وتُثمرُ تثبيتاً للقضيةِ الأساسِ في عالمِنا المعاصرِ وهي قضيةُ مواجهةِ كيانٍ غاصبٍ جاثمٍ في قلبِ عالمِنا الإسلاميِّ، ويتحدَّثُ الإمامُ الخامنئيُّ في العديدِ من كلماتِه عن أبعادِ هذا اليوم:
1- البعدُ العالميُّ والاستراتيجيُّ لهذا اليومِ: حيث يصفُ الإمامُ الخامنئيُّ هذا اليومَ بأنّه: «يومُ مقارعةِ نظامٍ سياسيٍّ ظالمٍ واستكباريٍّ... فنحن لا نُدافعُ فقط عن شعبٍ مظلومٍ شُرِّدَ من ديارِه، في الحقيقةِ فإنّنا نُقارعُ نظاماً ظالماً واستكباريّاً... واليوم فإنَّ الدفاعَ عن فلسطينَ هو دفاعٌ عن الحقيقةِ، والقضيةُ هي أوسعُ بكثيرٍ من فلسطينَ، وفي الوقتِ الحاضرِ فإنّ مواجهةَ الكيانِ الصهيونيِّ هي مواجهةٌ مع الاستكبارِ».
2- التذكيرُ المستمرُّ بمظلوميّةِ شعبِ فلسطينَ: «حُلولُ يومِ القُدسِ العالميِّ يُذكِّرُ المسلمينَ الغَيارَى في العالمِ مرَّةً أخرى، وبتأكيدٍ أشدّ من السَّابقِ، بالواجبِ المُبْرَمِ في الدِّفاعِ عن الشَّعبِ الفلسطيني المظلومِ ودَعْمِه».
وهذا أمرٌ مَهْمَا تجاهلتْهُ وسائلُ الإعلامِ العالميةِ فإنَّ أهلَ القدسِ يشعرونَ به، ولذا: «السُّجَناءُ في السُّجونِ الفلسطينيّةِ قالوا لنا إنَّ شعاراتِكم، ومشاركتَكم، وقبضاتِكم المَشدُودةَ المُعبِّرةَ عن نواياكم، وعزيمتَكم الصَّادقةَ، تُشعِرُنا بالقوَّةِ والاقتدارِ والصُّمودِ».
3- ويُشكِّلُ يومَ القدسِ يومَ توحُّدِ الأمّةِ الإسلاميّةِ تحت شعارٍ واحدٍ، «أنّ يومَ القدسِ يومُ تضامنِ الأمّةِ الإسلاميةِ تحتَ رايةِ إنقاذِ القدسِ الشريفِ فلنُحيي هذا اليومَ ولنواصلْ صوتَنا في الدفاعِ عن الشعبِ الفلسطيني المظلومِ إلى أسماعِ العالمِ ولنستلهمْ من عطاءِ شهرِ رمضانَ ما يُثبّتُ القلوبَ والأرواحَ ويزيدُنا إيماناً بالوعدِ الإلهيِّ».
4- التأكيدُ على كونِ المقاومةِ هي السبيلُ الوحيدُ لتحريرِ القدسِ وفلسطينَ، «ليس أمامَ الشعبِ الفلسطيني إلّا طريقٌ واحدٌ للخلاصِ، وهو طريقُ الكفاحِ المسلَّحِ الذي يجبُ أنْ يجريَ في داخلِ وخارجِ الأراضي المحتلّةِ، وإنَّ وظيفةَ جميعِ المسلمين هي مساعدةُ هذا الكفاح».
نسألُ اللهَ أنْ يجعلَ للقدسِ فرجاً عاجلاً على يدِ المجاهدينَ المخلصينَ ببركةِ ورعايةِ صاحبِ العصرِ والزمانِ عجَّلَ اللهُ تعالى فرجَهُ الشريفَ.
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين