يتم التحميل...

الإمام الحسن عليه السلام صبرٌ وعزمٌ

شهر رمضان

الإمام الحسن عليه السلام صبرٌ وعزمٌ

عدد الزوار: 297

عن أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام) عند بيانِه لمن يستحقُّ أنْ يكونَ للناسِ إماماً: «ولَا يَحْمِلُ هَذَا الْعَلَمَ إِلَّا أَهْلُ الْبَصَرِ والصَّبْرِ والْعِلْمِ بِمَوَاضِعِ الْحَقِّ»


يتعرّضُ الإمامُ في كلامِه لصفةِ الصبرِ باعتبارِها قوامَ شخصيةِ من يتولّى الإمامةَ وقيادةَ أمورِ الناسِ، وهذا الصبرُ متعدّدُ الجوانبِ ومن أهمِّها الصبرُ على الأذى الذي يلحقُه في جنبِ اللهِ عزَّ وجلَّ، ومن يقرأُ سيرةَ أهلِ البيتِ (عليهم السلام) يلحظُ الأذى الشديدَ الذي تحمّلوه في سبيلِ أداءِ واجبِ تبليغِ رسالةِ الإسلامِ وحفظِ هذا الدينِ، والمواجهةُ كانت منهم بالعزمِ الخاصِّ، فقد خاطبَ اللهُ عزَّ وجلَّ نبيَّه بقولِه: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو العَزْمِ مِنَ الرسلِ﴾، ويتكرَّرُ في الزياراتِ الواردةِ لأهلِ البيتِ (عليهم السلام) وصفُهم بأنّهم الذين صبروا على الأذى في جنبِ اللهِ عزَّ وجلَّ.

وقد تجلَّى الصبرُ في حياةِ أئمّةِ أهلِ البيتِ (عليهم السلام) في جوانبَ عديدةٍ وبرزَ في حياةِ الإمامِ الحسنِ بنِ عليٍّ (عليهما السلام) في الصلحِ الذي قامَ به مع معاويةَ والذي شكّلَ مفصلاً في تاريخِ الإسلامِ وتاريخِ التشيُّعِ، ولا شكَّ في أنَّ هذا الصلحَ هو حكمُ ضرورةٍ اختارَه الإمامُ لحفظِ الإسلامِ، وله أسبابُه الموضوعيّةُ، ويتجلّى صبرُ الإمامِ في هذا الصلحِ في جوانبَ متعدّدةٍ، ومن أهمِّها الصبرُ على المحيطِ القريبِ من أهلِ الكوفةِ ومن كان في جيشِه، فهؤلاءِ أُصيبوا بالانهزامِ الداخليِّ أمامَ الأحداثِ التي كانت تجري، ويذكرُ الإمامُ الخمينيُّ (قدس سره) هذا البعدَ فيقولُ: «الإمامُ الحسنُ -سلامُ اللهِ عليه- أيضاً لم يلقَ من الآخرينَ مثلَ ما لقيَ من المتاعبِ والمشاكلِ من أصحابِه وأتباعِه. هؤلاء الأصحابُ الذين لم يستطيعوا أن يُدركوا بعقولِهم الصغيرةِ وأفكارِهم الخاطئةِ ماذا كان يريدُ إمامُ زمانِهم أنْ يفعل».

ويُفسِّرُ الإمامُ الخامنئيُّ (دام ظله) هذه الظاهرةَ من خلالِ إرجاعِها إلى ضعفِ تحليلِ الوقائعِ السياسيةِ لدى عامّةِ الناسِ، لذلك يقولُ: «عندما تفتقدُ الأمّةُ القدرةَ على التحليلِ، فستُخدعُ ويكونُ مصيرُها السقوط. إنّ أصحابَ الإمامِ الحسنِ (عليه السلام) لم تكنْ لهم قدرةٌ على التحليلِ، ولم يتمكّنوا من فهمِ تداعياتِ الأمورِ وما الذي يدورُ حولَهم ومن هنا كان الهدفُ من الصلحِ الكشفَ عن تلك الشخصيةِ (معاويةَ) والتي لم تكن مكشوفةً بعد، لم يكنْ الناسُ يدركونَ الحقائقَ بعد، حيث سبّبت الدعاياتُ والأموالُ ومختلفُ الممارساتِ السياسيةِ سيطرةَ مناخٍ سيّئٍ يؤدّي إلى عدمِ بقاءِ ذكرٍ للإسلامِ في حالِ فقدانِ الإمامِ الحسنِ وأصحابِه المقرّبينَ المعدودينَ أرواحَهم. المقاومةُ الحكيمةُ، معرفةُ التكليفِ، والثباتُ؛ كان هذا ما قامَ به الإمامُ الحسنُ (عليه السلام)».

وهكذا رسمَ الإمامُ الحسنُ (عليه السلام) منهجاً في التعاملِ مع الظروفِ المحيطةِ بما يخدمُ الهدفَ الأساسَ وهو حفظُ الإسلامِ من خلالِ الصبرِ والثباتِ.

لقد كانت ولادةُ الإمامِ الحسنِ (عليه السلام) في المدينةِ في النصفِ من شهرِ رمضانَ، سنةَ ثلاثٍ من الهجرةِ، وقد سمّاه رسولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله) بهذا الاسمِ الذي أُنزلَ إليه من خلالِ جبرائيل، وكان رسولُ اللهِ شديدَ الحبِّ له، وقد وردَ عن البراءِ بنِ عازبٍ :«رأيتُ رسولَ اللهِ (صلى الله عليه وآله) واضعاً الحسنَ على عاتقِه وهو يقولُ: اللهمَّ إنّي أُحبُّه فأحبَّ منْ يُحبُّه».

نباركُ لصاحبِ العصرِ والزمانِ وللوليِّ الفقيهِ وللمجاهدينَ جميعاً الولادةَ المباركةَ لسبطِ النبيِّ الإمامِ الحسنِ بنِ عليٍّ (عليهما السلام).

وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين

2019-05-14