يتم التحميل...

الإستطاعة

شرائط وجوب الحجّ

الإستطاعة

عدد الزوار: 167


الشرط الثالث: الاستطاعة ، وتشتمل على الأمور التالية:


أ - الاستطاعة المالية .
ب - الاستطاعة البدنية .
ج - الاستطاعة السربيّة (كون الطريق آمناً ومفتوحاً).
د - الاستطاعة الزمانية.


وإليك تفصيل كل واحدة منها:

أ - الاستطاعة المالية
وتشمل عدّة أُمور هي:
أولاً: الزاد والراحلة.
ثانياً: مؤنة عياله مدة السفر.
ثالثاً: ضروريات الحياة وما يحتاجه في معيشته.
رابعاً: الرجوع إلى الكفاية.

وسوف نستعرضها بالتفصيل ضمن المسائل التالية:

أوّلاً: الزاد والراحلة:
يقصد بالزاد كل ما يحتاج إليه في السفر من المأكل والمشرب وغيرهما من متطلّبات ذلك السفر ، ويراد بالراحلة وسيلة النقل التي تُقطع بها المسافة . لا يجب الحج على من ليس لديه الزاد والراحلة، ولا ما يمكن صرفه فيهما وإن كان قادراً على تحصيلهما بالاكتساب ونحوه. يشترط أن يكون لديه نفقة الإياب إلى وطنه أو إلى مكان آخر يريده إن كان عازماً عليه. لو لم يكن عنده ما يحج به، ولكن كان له دين على شخص بمقدار مؤنة حجه أو تتميمها، وجب عليه المطالبة به إذا كان حالاً، أو قد حلّ أجله، وكان المدين موسراً ولم يكن فى المطالبة به حرج على الدائن.

إذا كان للمرأة مهر في ذمة زوجها وكان بمقدار يفي بنفقة حجها، فإن كان الزوج معسراً لم يكن لها المطالبة ولا تكون مستطيعة، وإن كان موسراً ولم يكن في مطالبتها بالمهر مفسدة عليها وجب عليها المطالبة به لكي تحج به، وأما إن كان في مطالبتها به مفسدة كما لو أدت إلى النزاع والطلاق فلا تجب عليها المطالبة ولا تكون مستطيعة.

مَنْ لم يكن لديه نفقات الحج، ولكن كان بإمكانه أن يقترض المال ثم يؤدّيه بسهولة، لا يجب عليه أن يجعل نفسه مستطيعاً بهذا الاقتراض، ولكنه لو اقترض صار الحج واجباً عليه.

من كان عليه دين ولم يكن له زائداً عما لديه من مؤنة حجه ما يصرفه في تسديد دينه، فإن كان الدّين مؤجّلاً إلى أجل يطمئن بقدرته على أدائه عند حلوله وجب عليه الحج بما لديه من نفقاته، وكذا فيما إذا حلّ أجله ولكنّ الدائن رضى بالتأخير واطمأنّ بقدرته على الدفع حين المطالبة، وأما فى غير هاتين الصورتين فلا يجب عليه الحج. مَن احتاج إلى التزويج بنحوٍ لو تركه وقع في المشقة أو الحرج وكان الزواج ممكناً له، فلا يكون الحج واجباً عليه إلاّ إذا كان لديه مضافاً إلى نفقات الحج تكاليف الزواج أيضاً.

لو لم يجد الراحلة لسفر الحج في عام الاستطاعة إلاّ بأزيد من أجرة المثل، فإن تمكّن من دفع الزيادة ولم يكن إجحافاً عليه وجب عليه الدفع لكي يحجّ، فلا يضرّ مجرّد الغلاء وارتفاع الأسعار بالاستطاعة، وأما مع عدم تمكّنه من دفع الزيادة أو كونه اجحافاً عليه فلا يجب ولايكون مستطيعاً، وهكذا الكلام في‌شراء أو استيجار سائر ما يحتاج إليه في سفر الحج، وكذا إذا لم يجد في بيع ما يريد صرفه في الحج إلاّ من يشتريه بأقل من ثمن المثل.

لو كان يرى أنه بحسب وضعه المالي لا يستطيع للحج فيما لو أراد الذهاب إليه كما يحجّ سائر الناس، ولكنه يحتمل أنه لو فحص لعلّه يجد طريقاً يستطيع بذلك الحج مع وضعه المالي الفعلي لم يجب عليه الفحص، لأنّ الميزان في الاستطاعة هي الاستطاعة للحج على النحو المتعارف لساير الناس، نعم الظاهر وجوب فحص المكلّف عن وضعه المالي فيما إذا شك في كونه مستطيعاً وأراد معرفة أنّ الاستطاعة متحققة أم لا.

ثانياً: مؤنة عياله مدة السفر:
يشترط في الاستطاعة المالية أن يكون لديه مؤنة عياله إلى حين رجوعه من الحج. المراد من العائلة التي يشترط وجود مؤنتها في الاستطاعة المالية هم من يصدق عليهم عنوان العائلة عرفاً وإن لم يكونوا واجبي النفقة شرعاً.

ثالثاً: ضروريات الحياة والمعيشة:
يشترط أن يكون لديه ضروريات الحياة وما يحتاجه في معيشته اللائقة بشأنه عرفاً، ولا يشترط وجود أعيانها بل يكفي أن يكون لديه نقود ونحوها مما يمكن صرفه فيما يحتاج إليه في معيشته.

الشؤون العرفية للأشخاص قد تختلف من شخص لآخر، فمن كان امتلاك المسكن من ضروريات حياته أو كان مناسباً لشأنه عرفاً أو كانت سكناه في البيت المستأجر أو المستعار أو الموقوف توجب حرجاً أو وهناً عليه، أنّ امتلاك البيت في حقّه شرطاً في تحقّق الاستطاعة. إذا كان لديه مال يكفيه للحج ولكن كان محتاجاً إليه حاجة ضرورية يريد صرفه فيها من قبيل تهيئة المنزل أو العلاج من المرض أو تأمين لوازم المعيشة، فلا يكون مستطيعاً ولا يجب عليه الحج.

لا يشترط أن يكون لدى المكلّف أعيان الزاد والراحلة، بل يكفي أن يكون لديه ما يمكن صرفه فيهما من نقود أو غيرها. لو كان ما لديه من ضروريات معاشه من المسكن وأثاث البيت ووسيلة النقل وآلات صناعته ونحوها زائداً على شأنه قيمةً، فإن تمكن من بيعها والشراء ببعض الثمن ما يحتاج إليه في ضروريات معاشه وصرف الزائد من الثمن في الحج، ولم يكن ذلك حرجاً أو نقصاً أو مهانةً عليه وكان تفاوت القيمة بمقدار مؤنة الحج أو متمّماً لها وجب عليه ذلك وعدّ مستطيعاً.

إذا باع المكلّف أرضاً أو شيئاً آخر ليشتري منزلاً بثمنه، فإن كان محتاجاً إلى امتلاك المنزل أو كان امتلاكه مناسباً لشأنه العرفي، فلا يكون بالحصول على ثمن الأرض ولو كان بمقدار مؤنة الحج أو متمّماً لها مستطيعاً. من خرجت بعض متملّكاته عن معرض حاجته - ككتبه مثلاً - وكان ثمنها متمّماً للاستطاعة المالية أو وافياً بها وجب عليه الحج مع تحقّق الشروط الأخرى.

رابعاً: الرجوع إلى الكفاية:
يشترط في الاستطاعة المالية الرجوع إلى الكفاية (ولا يخفى أنّ هذا الشرط لا يعتبر في الحج البذلي كما سيأتي تفصيله) ويراد منه أن يكون لديه بعد رجوعه من الحج تجارة أو زراعة أو صنعة أو وظيفة أو منفعة ملك كبستان أو دكان أو غير ذلك من مصادر الدخل مما يكفي دخله لمعيشته ومعيشة عائلته بما يناسب شأنه عرفاً، ويكفي في ذلك لطلاب العلوم الدينية (أيّدهم اللّه) رجوعهم إلى الحقوق التي توزّع عليهم في الحوزات العلمية صانها اللّه تعالى.

يشترط الرجوع إلى الكفاية في المرأة أيضاً وعليه فإن كان لها زوج واستطاعت للحج في حياة زوجها فهي ترجع إلى النفقة التي تملكها على زوجها، وأمّا من ليس لها زوج فيشترط في استطاعتها للحج مضافاً إلى مؤنته أن ترجع إلى مصدر دخل مالي يكفي لمعيشتها بما يناسب شأنها وإلاّ لم تكن مستطيعة للحج.

مَن لم يكن لديه الزاد والراحلة فبذل له شخص ذلك ، كأن قال له : حجّ وعليّ نفقتك و نفقة عائلتک صار الحج واجباً عليه ، ويجب عليه قبول ذلك ، ويسمّى هذا الحج بالحج البذلي ، ولا يشترط فيه الرجوع إلى الكفاية، ولا يعتبر فيه بذل العين بل يكفي بذل الثمن. أما إذا لم يبذل له المال لأجل الحج بل وهبه المال فقط فإذا قبل هذه الهبة منه صار الحج واجباً عليه ولكن لا يجب عليه قبول المال، فله أن لا يقبله ولا يجعل نفسه مستطيعاً.

يجزي الحج البذلي عن حجة الإسلام ولا يجب عليه الحج ثانياً فيما إذا استطاع بعده. المدعوّ إلى الحج من قبل مؤسسة أو شخص لا يصدق على حجه عنوان الحج البذلي فيما إذا اشتُرط عليه القيام بعمل ما مقابل دعوته إلى الحج.

مسائل عامة في الاستطاعة المالية
لا يجوز للمستطيع أن يخرج نفسه عن الاستطاعة بعد حلول الزمان الذي يجب فيه صرف المال للذهاب إلى الحج، بل الأحوط وجوباً أن لا يخرج نفسه عن الاستطاعة قبل ذلك الزمان أيضا .

لا يشترط في الاستطاعة المالية أن تتحقق في بلد المكلّف بل يكفي تحقّقها ولو في الميقات ، فمن صار مستطيعاً عند وصوله إلى الميقات وجب عليه الحج وأجزأه عن حجة الإسلام .

تعتبر الاستطاعة المالية شرطاً أيضاً على من صار بوصوله إلى الميقات متمكّناً من الحج، وعليه فمن صار بوصوله إلى الميقات -كالعاملين في القوافل وغيرهم- متمكّناً من الحج، فإن كان لديه سائر شروط الاستطاعة أيضاً من نفقة العيال وضروريات الحياة وما يحتاج إليه في معيشته اللائقة بحاله وكونه ممن يرجع إلى الكفاية، وجب عليه الحج ويجزيه عن حجة‌الإسلام، وإلاّ كان حجّه مستحباً ، فإن ‌حصلت له ‌الاستطاعة لاحقاً فعليه‌ حجة الإسلام.

إذا استؤجر للخدمة في طريق الحج بأجرة يصير بها مستطيعاً، وجب عليه الحج بعد قبوله للإجارة، فيما إذا لم يكن الاتيان بمناسك الحج مزاحماً لما عليه من الخدمة، وإلاّ لم يصير بذلك مستطيعاً، كما أنّه في صورة عدم المزاحمة، لا يجب عليه قبول الإجارة.

من لم يكن مستطيعاً مالياً وآجر نفسه للحج النيابي ثم صار بعد عقد الإجارة مستطيعاً بغير مال الإجارة وجب عليه الإتيان بحجة الإسلام لنفسه في سنته، فإن كانت الإجارة للحج في نفس السنة بطلت وإلاّ فيأتي بالحج الاستيجاري في السنة اللاحقة.

إذا قصد المستطيع الحج الاستحبابي غفلة أو عمداً، ولو بهدف التمرين على أداء المناسك لكي يأتي بها في العام القادم بصورة أفضل، أو لاعتقاده بأنّه غير مستطيع، ثم تبيّن له أنّه كان مستطيعاً، ففي إجزاء حجه عن حجة الإسلام إشكال ، فيجب عليه على الأحوط الحج من قابل، إلاّ فيما إذا كان قد قصد امتثال الأمر الفعلي للشارع المقدّس بتوهّم أنّه الأمر الإستحبابي فيجزي حجّه عن حجة الإسلام.

ب- الاستطاعة البدنية
والمراد بها القدرة البدنية على إتيان الحج، فلا يجب الحج على المريض أو الهرم غير القادرَين على الذهاب إلى الحج أو كان في الذهاب إليه حرج ومشقّة عليهما.

يشترط بقاء الاستطاعة البدنية، فإن مرض أثناء الطريق قبل الإحرام، فإن كان ذهابه إلى الحج في عام الاستطاعة وسلبه المرض القدرة على مواصلة الطريق، كشف ذلك عن عدم تحقق الاستطاعة البدنية له ، ولا يجب على مثله الاستنابة للحج، وأمّا من كان ذهابه إلى الحج بعد أن استقرّ عليه فعجز أثناء الطريق - لأجل المرض - عن مواصلته ويئس من القدرة على الحج من دون حرج ولو في السنوات الآتية، فتجب عليه الاستنابة، وإن لم ييأس فلا يسقط عنه وجوب مباشرة الحجّ، وأمّا إذا مرض بعد الإحرام فله أحكام خاصّة.

ج- الاستطاعة السربية
المراد بها كون الطريق إلى الحج مفتوحاً وآمناً، فلا يجب الحج على من سُدّ عليه الطريق بحيث لا يمكنه الوصول إلى الميقات أو إتمام الأعمال، وكذا لا يجب على من كان طريقه مفتوحاً إلا أنه غير آمن، كأن يكون فيه خطر على نفسه أو بدنه أو عرضه أو ماله.

مَن كان لديه نفقات الحج وتهيّأ للذهاب إلى الحج بأن سجَّل اسمه لذلك، ولكن حيث إنّ القرعة لم تخرج باسمه لم يتمكن من الذهاب إلى الحج تلك السنة، فهذا الشخص لا يكون مستطيعاً ولا يجب عليه الحج. ولكن إذا كان الحج في السنين اللاحقة متوقّفاً على تسجيل اسمه ودفع المال في هذه السنة فالأحوط وجوباً أن يقوم بذلك.

د- الاستطاعة الزمانية
والمراد بها تحقّق الاستطاعة في زمن يمكنه فيه إدراك الحج، فلا يجب الحج على من ضاق عليه الوقت بحيث لا يستطيع إدراكه أو كان يستطيع ذلك ولكن بمشقة أو حرج شديدين.

2019-05-14