يتم التحميل...

سؤالُ الخيرِ من اللهِ

شهر رمضان

سؤالُ الخيرِ من اللهِ

عدد الزوار: 37

وردَ في أدعيةِ أيامِ شهرِ رمضانَ المباركِ: «واجعلْ لي نصيباً من كلِّ خيرٍ تُنزِلُ [ه] فيه، بجودِك يا أجودَ الأجودينَ».

لا حياةَ للإنسانِ من دون الفيضِ الإلهيِّ الدائمِ بالخيرِ عليه، ولكنَّ الإنسانَ يتصوّرُ أنّ الخيرّ ينحصرُ بالرزقِ والأمورِ الماديّةِ، فيتصوّرُ أنَّ الحرمانَ منها حرماناً من الخيرِ، ولكن ما ينبغي أنْ يتنبَّه له الإنسانُ خلالَ قيامِه مقامَ الداعي بين يديْ اللهِ عزَّ وجلَّ أنَّ الخيرَ أوسعُ منْ ذلك، ولعلَّ الخيرَ في ما لدى اللهِ من نعيمِ الآخرةِ أنفعُ للإنسانِ من كلِّ خيرٍ يصلُه في أمورِ هذه الدنيا، ففي دعاءِ كميل نقرأُ: «وأسألُك أنْ توفِّرَ حظي من كلِّ خيرٍ تُنزِلُه، أو إحسانٍ تُفضِلُه، أو برٍّ تنشرُه أو رزقٍ تبسِطُه، أو ذنبٍ تغفِرُه أو خطإٍ تسترُه». فالمطلوبُ سعةُ أفقِ الطالبِ للخيرِ.

بل كلُّ خيرٍ ينالُه الإنسانُ في هذه الدنيا إذا كانت عاقبتُه النارَ في الآخرةِ فهو ليس بخيرٍ، وقد وردَ عن أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام): «ما خيرٌ بخيرٍ بعدَه النارُ، وما شرٌّ بشرٍّ بعدَه الجنّةُ».

وقد وردَ في الرواياتِ أنَّ لطلبِ الخيرِ من اللهِ مواطنَ ومن هذه المواطن ما وردَ في الروايةِ عن الإمامِ الصادقِ (عليه السلام): «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ وصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَأَتَمَّ رُكُوعَهُمَا وسُجُودَهُمَا ثُمَّ جَلَسَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ وصَلَّى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) ثُمَّ سَأَلَ اللَّهَ حَاجَتَه فَقَدْ طَلَبَ الْخَيْرَ فِي مَظَانِّه ومَنْ طَلَبَ الْخَيْرَ فِي مَظَانِّه لَمْ يَخِبْ».

ومن هذه المواطن خصوصيّةُ شهرِ رمضانَ والتي وردتْ في خطبةِ النبيِّ (صلى الله عليه وآله) : بأنَّ الدعاءَ فيه يكونُ مستجاباً إذا كانت النيّةُ صادقةً في الطلبِ، قال (صلى الله عليه وآله): «هُوَ شَهرٌ دُعيتُم فيهِ إلى ضيافةِ اللهِ وجُعِلتُم فيهِ مِن أهْلِ كرامةِ اللهِ، أنفاسُكم فيهِ تسبيحٌ، ونومُكم فيهِ عبادةٌ، وعمَلُكم فيهِ مقبُولٌ، ودعاؤكُم فيه مستجابٌ، فسلوا اللهَ ربَّكم بنيّاتٍ صادقةٍ وقلوبٍ طاهرةٍ أن يوفِّقكم لصيامِه وتلاوةِ كتابهِ» فليكنْ هذا الطلبُ للخيرِ الباقي الذي لا يفنى، وقد وردَ عن الإمامِ عليٍّ (عليه السلام): «أربعٌ من أُعطيهنَّ فقد أُعطيَ خيرَ الدنيا والآخرةِ: صدقُ حديثٍ، وأداءُ أمانةٍ، وعفّةُ بطنٍ، وحُسنُ خُلُق».

وعلى الإنسانِ أنْ يلتفتَ إلى أنَّ أسبابَ الوصولِ إلى الخيرِ بيدِهِ، فهو الذي يتمكّنُ من خلالِ عملِه من الوصولِ إليها، ففي الروايةِ عن الإمامِ عليٍّ (عليه السلام): «جاءَ رجلٌ إلى النبيِّ صلى اللهُ عليه وآله وسلم فقالَ: علِّمْني عملاً يُحبُّني اللهُ عليه، ويُحبُّني المخلوقونَ، ويثري اللهُ مالي، ويُصِحُّ بدني، ويُطيلُ عمري، ويحشُرُني معك. قال: هذه ستُّ خصالٍ تحتاجُ إلى ستِّ خصالٍ: إذا أردتَ أن يُحبَّك اللهُ فخفْه واتّقِه، وإذا أردتَ أن يُحبّك المخلوقونَ فأحسنْ إليهم وارفضْ ما في أيديهم، وإذا أردتَ أن يُثري اللهُ مالَك فزكِّه، وإذا أردتَ أن يَصِحَّ اللهُ بدنَك فأكثِرْ من الصدقةِ، وإذا أردتَ أنْ يُطيلَ اللهُ عمرَك فصِلْ ذوي أرحامِك، وإذا أردتَ أن يحشُرَك اللهُ معي فأطِلْ السجودَ بين يديّ اللهِ الواحدِ القهّارِ».

وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين

2019-05-08