يتم التحميل...

المرأة في المجتمع الإسلامي

المرأة في القرآن والسنة

كان للمرأة في مجتمع الإيمان دورها الاجتماعي الكبير، فهي تناقش قضاياها وتبحث مشاكلها على أعلى مستوى حيث كانت تذهب إلى الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وهو يمثل أعلى سلطة روحية وسياسية وأرفع مكانة في الأمة...

عدد الزوار: 105

كان للمرأة في مجتمع الإيمان دورها الاجتماعي الكبير، فهي تناقش قضاياها وتبحث مشاكلها على أعلى مستوى حيث كانت تذهب إلى الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وهو يمثل أعلى سلطة روحية وسياسية وأرفع مكانة في الأمة . .

تذهب إليه لتناقشه وتجادله بإصرار حول قضية من قضاياها الاجتماعية هي مشكلة الظهار، التي كانت منتشرة في المجتمع الجاهلي إذ يقول الرجل لزوجته عند سخطه أو غضبه: أنت علي كظهر أمي وتصبح بالفعل محرمة عليه وتنقطع العلاقة الزوجية بينهما!!

وفي ذلك اكبر إيذاء وإهانة للمرأة وفي بداية تكون المجتمع الإسلامي في المدينة المنورة بقيادة الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم وقعت حادثة من هذا النوع، وبمقتضى التقاليد الجاهلية كان يجب على المرأة أن تودع حياتها الزوجية وتتخلى عن أولادها وتذهب إلى بيت أبيها . .

ولكن هذه المرأة تذكرت إن عهد الجاهلية قد ولّى وقد أشرقت على المجتمع شمس الإسلام العادل فلا بد وأن يكون للشريعة الإسلامية الحقة رأي سليم في هذه المشكلة يحفظ للمرأة كرامتها ويجنب المجتمع مضاعفات الفراق المرتجل . .

وجاءت إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تشرح له ما حدث وتشكو إليه ما سيلحقها من أذى وبؤس بفراق زوجها العزيز عليها والذي قد أدركه الندم على ما صدر منه من لفظ الظهار وفي حالة غضب وانزعاج.

ولكن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن قد تلقى أمراً سماوياً حول الموضوع حتى ذلك الوقت، فليس إلا الخضوع للعرف الاجتماعي السائد آنذاك وهو انفصال الزوجة عن زوجها . .

وأصرت المرأة على رفض العادة الجاهلية وألحت في المطالبة بحل أفضل لهذه المشكلة يشرعه الإسلام حتى أنزل الله تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم سورة كاملة من القرآن تتضمن رأي الإسلام وحكمه في الموضوع.

وقد جعل الله تعالى هذه الحادثة بداية للسورة وعنواناً لها فأصبحت تعرف بسورة "المجادلة" تخليداً لذلك المشهد وتذكاراً لموقف تلك المرأة المقدامة . .

﴿بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ
﴿الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ
﴿وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
﴿فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ1

ووضعت هذه السورة حداً لمشكلةٍ طالما هدمت أسراً وفرقت أزواجاً وأضاعت أطفالاً . .

فمجرد أن يقول الإنسان لزوجته: أنت علي كظهر أمي، لا يكفي لقطع الرباط الزوجي المقدس بينهما، لأن هذه الكلمة لاغية لا معنى لها فأم الإنسان هي التي ولدته ولكن من أجل أن يتأدب هذا الرجل ولا يكرر الإساءة لزوجته بهذه الكلمة العبثية فرضت عليه كفارة يؤدها قبل أن يستأنف العلاقة مع زوجته وهي إحدى خصال ثلاث إما بعتق رقبة أو إطعام ستين مسكيناً أو صوم شهرين متتاليين.

ومرة قرر الخليفة الثاني عمر بن الخطاب تحديد مهور النساء بمبلغ معين وهدد بمعاقبة من زاد على ذلك وصعد المنبر يبلغ الناس ذلك القرار قائلاً:

أيها الناس لا تغالوا بصداق النساء فلو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما أصدق امرأة من نسائه اكثر من اثني عشر أوقية . .

فقامت إليه امرأة فقالت له: يا أمير المؤمنين لم تمنعنا حقاً جعله الله لنا والله يقول ﴿وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا2
فقال عمر: كل أحد أعلم من عمر.
ثم قال لأصحابه: تسمعونني أقول مثل هذا القول فلا تنكرونه عليّ حتى ترد عليّ امرأة ليست من اعلم النساء3 . .
واضطر الخليفة أمام معارضة امرأة عادية ليست من اعلم النساء إلى سحب قراره لأن معارضتها مدعومة بالدليل والبرهان الذي يثبت خطأ قرار الخليفة!
أرأيت كيف كانت مكانة المرأة في المجتمع الإسلامي إنها تناقش الرسول وتجادله وتعترض على الخليفة فتضطره إلى إلغاء قراره !!

*مسؤولية المرأة، الشيخ حسن الصفار، ص21-23.


1- المجادلة:4 .
2- النساء:20 .
3- الأميني: الغدير ج6 ص97 .

2009-11-04