ثلاثة أمور حول الإمام الباقر (عليه السلام)
الهوية والسيرة
ثلاثة أمور حول الإمام الباقر (عليه السلام)
عدد الزوار: 872
1- نبذة عن الإمام الباقر (عليه السلام):
والده الإمام زين العابدين (عليه السلام) ووالدته فاطمة "أم عبد الله" ابنة الإمام الحسن (عليه السلام). وهو أول علوي يعود نسبة من ناحية الأب والأم إلى فاطمة الزهراء (عليها السلام): "إن الإمام الباقر (عليه السلام) هاشمي من هاشميين، وعلوي من علويين وفاطمي من فاطميين لأنه أول من اجتمعت له ولادة الحسن والحسين (عليهما السلام) وكانت أمه أم عبد الله بنت الحسن بن علي (عليه السلام)[1].
ولد الإمام (عليه السلام) في أول رجب أو في الثالث من صفر عام 57هـ.ق في المدينة المنورة وتوفي يوم الاثنين السابع من ذي الحجة عام 114هـ.ق في المدينة عن عمر 57 سنة. وقبره في البقيع إلى جانب قبر والده الإمام زين العابدين (عليه السلام).
امتدت إمامته لتسع عشرة سنة وعشرة أشهر واثني عشر يوماً (من عام 95 إلى 144هـ.ق). وقد مات مسموماً بأمر من هشام بن عبد الملك (الخليفة الأموي العاشر).
2- الإمام الباقر (عليه السلام) وتأسيس جامعة علوم أهل البيت (عليهم السلام):
أسس الأئمة المعصومون (عليهم السلام) الجامعة الإسلامية وأوصلوها إلى مستواها الامكاني الأعلى. أما الأئمة الأربعة الأوائل فقد افتتحوا هذه الجامعة التي جوبهت وللأسف بحملات واسعة من الجهل والضلال والحروب والحوادث وجعل الأحاديث والخصومات، فلم تتسنّ لهم الفرصة لتوسيع نطاقها. يقول الإمام علي (عليه السلام) وهو بقول رسول الله باب مدينة العلم[2]: "سلوني قبل أن تفقدوني"[3]. وكان كل من وجه سؤالاً إليه، يجد أمامه بحراً فياضاً ذاخراً بالعلم والفضيلة، إلا أن الأعداء كانوا يشكلون الحاجز والمانع الحقيقي أمام انتشار تلك العلوم.
وواجه الأئمة (الإمام الحسن والحسين وزين العابدين (عليهم السلام)) وبكل ما أوتوا من قوة ما كان يمارسه الأعداء من مكر وحيل ومع ذلك تمكنوا من إثبات حقهم واغتصاب بني أمية للخلافة. وقد أوجدت ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) الدامية ثورة فكرية قام الإمام زين العابدين (عليه السلام) بنقلها إلى الآخرين في قالب من الدعاء والتضرع والتعليم.
وعمل الأئمة الأربعة اللاحقون على تهيئة الأرضية لتدريس العلوم الإسلامية، فانتشرت العلوم وتوجه الطالبون لها للارتواء من علوم أهل البيت (عليهم السلام) وفي مجالات عديدة: أصول الدين، فقه الإسلام، الطب، الرياضيات، الأخلاق والفضائل وغيرها. وكان الإمام الباقر (عليه السلام) في طليعة هؤلاء الأئمة الأربعة.
3- الخلفاء المعاصرون للإمام الباقر (عليه السلام)؟
عاصر الإمام (عليه السلام) مجموعة من الخلفاء وهم:
1 ـ الوليد بن عبد الملك.
2 ـ سليمان بن عبد الملك.
3 ـ عمر بن عبد العزيز.
4 ـ يزيد بن عبد الملك.
5 ـ هشام بن عبد الملك.
ويمكن القول ان جميع هؤلاء الخلفاء باستثناء عمر بن عبد العزيز كانوا من الظالمين لأهل بيت الرسول (ص).
1 ـ الوليد بن عبد الملك
ترافقت خلافته من اتساع المملكة الإسلامية وانتصار المسلمين على الكفار حيث اتسعت المملكة في الشرق والغرب فالتحقت أقوام كثيرة بالإسلام بالأخص في الهند وكابل وطوس... وامتدت إلى الأندلس[4].
وكان هذا الخليفة فاسداً غير مؤمن بالله، ظالماً وطالباً للأهواء والرذائل[5].
2 ـ سليمان بن عبد الملك
كانت مدة خلافته قصيرة حيث لم تستمر لأكثر من ثلاث سنوات[6]. أظهر الليونة في بداية خلافته فأطلق سراح كافة السجناء الذين اعتقلهم الحجاج بن يوسف وأزاح عامله على الخزينة. فتمكن بذلك من تقديم صورة جميلة عن نفسه بين الناس، لكن المدة لم تطل حيث بدأ الظلم. وأخذ يعاون بعض القبائل ضد أخرى[7] ومن جملة خصائصه الحرص الكبير، كثرة الأكل واشتغاله باللهو[8].
3 ـ عمر بن عبد العزيز
تعتبر مرحلة خلافة عمر بن عبد العزيز من المراحل التي لم يمارس فيها ظلم كبير بحق أهل البيت (عليه السلام) حيث كان عادلاً إلى حدود معينة. أصدر قراراً عند وصوله إلى الخلافة بالتعويض على كل من تعرض للظلم والاضطهاد في السابق. وطلب عدم القضاء بحق أي شخص إلا بعد أخذ مشورته[9]. عمل على محاربة الفساد فباع أحصنة الخلافة في المزاد العلني وعرض ألبسة سليمان بن عبد الملك للبيع حيث بلغ ثمنها في تلك المرحلة أربع وعشرون ألف دينار، واسترد من زوجته كافة الجواهر والهدايا التي حصلت عليها من والدها أو من زوجها أو من بيت المال[10]. وكذلك أعاد إلى بيت المال ما كان قد اغتصبه أولاد عمومته من بيت المال أو من الناس ثم أعادها إلى أصحابها[11].
هدده بنو أمية بالثورة على خلافته لكنه كان يقول لهم بأنه لا يخاف شيئاً سوى حساب القيامة[12]. واتبع أفضل أسلوب وطريق لمواجهة الفساد فبدأ من بيته ثم من بيت الخليفة السابق وبعد ذلك عمل على توسيع دائرة المواجهة تلك.
مبلغان
[1] المصدر نفسه، ج46، ص215، الرواية 13.
[2] مناقب علي بن أبي طالب، ص83.
[3] بحار الأنوار، ج10، ص128، الرواية 7.
[4] الأندلس أو تاريخ حكومة المسلمين في أوروبا، د. محمد إبراهيم آيتي، ص17 ـ 18.
[5] راجع: مروج الذهب، المسعودي، ج3، ص96.
[6] الكامل في التاريخ، ابن الأثير، ج5، ص11 و37.
[7] تاريخ صدر الإسلام والدولة الأموية، ص197.
[8] مروج الذهب، ج3، ص175.
[9] تاريخ اليعقوبي، ابن واضح، ج3، ص50.
[10] الإمامة والسياسة، ابن قتيبة، ج2، ص116.
[11] تاريخ الخلفاء، السيوطي، ص232.
[12] الأخبار الطوال، أبو حنيفة الدينوري، تحقيق عبد المنعم عامر، ص331.