يتم التحميل...

اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِعَيْنِه

ذو الحجة

اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِعَيْنِه

عدد الزوار: 178

اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِعَيْنِه


وردَ عن أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام): «اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِعَيْنِه ونَوَاصِيكُمْ بِيَدِه، وتَقَلُّبُكُمْ فِي قَبْضَتِه، إِنْ أَسْرَرْتُمْ عَلِمَه وإِنْ أَعْلَنْتُمْ كَتَبَه، قَدْ وَكَّلَ بِذَلِكَ حَفَظَةً كِرَاماً لَا يُسْقِطُونَ حَقّاً ولَا يُثْبِتُونَ بَاطِلًا، واعْلَمُوا أَنَّه مَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَه مَخْرَجاً مِنَ الْفِتَنِ، ونُوراً مِنَ الظُّلَمِ ويُخَلِّدْه فِيمَا اشْتَهَتْ نَفْسُه، ويُنْزِلْه مَنْزِلَ الْكَرَامَةِ عِنْدَه» (الخطبة، 183).

تعددتِ الرواياتُ الواردةُ عن أهلِ بيتِ العصمةِ والطهارةِ (ع) في وصفِ مواقفِ يومِ القيامةِ، وذلك موعظةٌ منهم عليهم السلام لهذا الإنسانِ ليعتبرَ في هذه الدنيا ويتهيأَ لذلك الموقفِ بما يلزمُه من زادٍ في هذه الدنيا، والفوزُ هو نصيبُ مَنْ أعدَّ العدَّةَ لذلك، فلم يُدْرِكْهُ الموتُ وقد نسيَ الآخرةَ ومواقفَها. ومن هذه المواقفِ موقفُ الحسابِ يومَ القيامةِ، وردَ عن أميرِ المؤمنينَ (ع): «فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُسَائِلُكُمْ مَعْشَرَ عِبَادِه - عَنِ الصَّغِيرَةِ مِنْ أَعْمَالِكُمْ والْكَبِيرَةِ والظَّاهِرَةِ والْمَسْتُورَةِ - فَإِنْ يُعَذِّبْ فَأَنْتُمْ أَظْلَمُ وإِنْ يَعْفُ فَهُوَ أَكْرَمُ» (نهج البلاغة، الكتاب 27).

والانتباهُ لهذا الموقفِ في الدنيا يبدأُ بخطواتٍ لو اتّبعَها الإنسانُ في هذه الدنيا أمكنَهُ العبورُ عنها بما يضمنُ له الفوزَ في الآخرةِ وهي:

1ـ تنميةُ التقوى في النفوسِ التي تحولُ بين الإنسانِ وبين ارتكابِ المعصيةِ، والوقوعِ في المخالفةِ، وتتأكّدُ ضرورةُ التقوى عندما يتولّى الإنسانُ منصباً تكونُ فيه مقاليدُ أمورِ الناسِ بيدِه، ولذا كان الإمامُ أميرُ المؤمنينَ يوصي عمّالَه دوماً بذلك، يقولُ في كتابِه لأحدِهم: «أَمَرَه بِتَقْوَى اللَّه فِي سَرَائِرِ أَمْرِه وخَفِيَّاتِ عَمَلِه، حَيْثُ لَا شَهِيدَ غَيْرُه ولَا وَكِيلَ دُونَه، وأَمَرَه أَلَّا يَعْمَلَ بِشَيْءٍ مِنْ طَاعَةِ اللَّه فِيمَا ظَهَرَ، فَيُخَالِفَ إِلَى غَيْرِه فِيمَا أَسَرَّ، ومَنْ لَمْ يَخْتَلِفْ سِرُّه وعَلَانِيَتُه وفِعْلُه ومَقَالَتُه، فَقَدْ أَدَّى الأَمَانَةَ وأَخْلَصَ الْعِبَادَةَ» (نهج، الكتاب 26)

2ـ الشعورُ بالرقابةِ الإلهيةِ على الإنسانِ في هذه الدنيا، فالإنسانُ في هذه الدنيا في مرأى من خالقِه دائماً وأبداً، فلا وجودَ لأيِّ لحظةٍ من عمرِ الإنسانِ خارجةٌ عن أن تكونَ في علمِ اللهِ عزَّ وجلَّ، يقولُ الإمامُ (ع): «إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَه وتَعَالَى لَا يَخْفَى عَلَيْه، مَا الْعِبَادُ مُقْتَرِفُونَ فِي لَيْلِهِمْ ونَهَارِهِمْ، لَطُفَ بِه خُبْراً وأَحَاطَ بِه عِلْماً أَعْضَاؤُكُمْ شُهُودُه، وجَوَارِحُكُمْ جُنُودُه وضَمَائِرُكُمْ عُيُونُه وخَلَوَاتُكُمْ عِيَانُه» (الخطبة 199).

3ـ الإدراكُ التامُّ بأنَّ أمورَ الإنسانِ كلَّها بيدِ اللهِ عزَّ وجلَّ فهو المالكُ لهذا الإنسانِ والمتصرِّفُ فيه، بل إنّ كلَّ ما يقومُ به الإنسانُ في هذه الدنيا إنَّما هو بحولٍ مِنَ اللهِ عزَّ وجلَّ وقوةٍ منه، وإنَّ مصيرَ الإنسانِ في يومِ القيامةِ إليه عزَّ وجلَّ، ولذا يقولُ الإمامُ (ع): «اتَّقُوا مَعَاصِيَ اللَّهِ فِي الْخَلَوَاتِ، فَإِنَّ الشَّاهِدَ هُوَ الْحَاكِمُ» (نهج البلاغة،الحكمة 324).

4ـ إنّه لا فرقَ بين السرِّ والعلانيةِ من أعمالِ الإنسانِ، فالسرُّ يعلمُ به اللهُ عزَّ وجلَّ، والعلنُ يُكتبُ في صحيفةِ هذا الإنسانِ، وسوف يلقاهُ في يومِ القيامةِ، قال تعالى: ﴿وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا  اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبً (الإسراء، 14).

إنّ طريقَ محاسبةِ الإنسانِ لنفسِه هي الأمثلُ في معالجةِ الموقفِ يومَ الحسابِ، وقد وردَ عن رسولِ اللهِ (ص): «حاسبوا أنفسَكم قبلَ أن تُحاسَبُوا ، وزِنُوها قبلَ أن تُوزَنُوا ، وتَجهّزوا للعرضِ الأكبرِ» (وسائل الشيعة - آل البيت - الحر العاملي - ج 16 ص 99).

وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين

2018-09-07