يتم التحميل...

كلمة الإمام الخامنئي في لقائه حشدًا من مختلف شرائح الشعب الإيراني

2018

كلمة الإمام الخامنئي في لقائه حشدًا من مختلف شرائح الشعب الإيراني

عدد الزوار: 91

كلمة الإمام الخامنئي في لقائه حشدًا من مختلف شرائح الشعب الإيراني_2018/08/13

حرب أمريكا علينا اليوم حرب اقتصادية: مشكلاتنا معروفة لنا وسبل الحل بأيدينا


محاور رئيسية
• ليبقَ الشعب متيقظًا حيال تحريضات العدو
• لن نفاوض أمريكا ولن تحدث الحرب
أ ــ إذا بدأت حربها فستتلقى الضربة الأكبر
ب ــ لا تفاوض معهم ما لم يتخلوا عن تعسفهم

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا ونبيّنا أبي القاسم المصطفى محمّد وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين الهداة المهديّين المعصومين لا سيّما بقيّة الله في الأرضين.

أرحّب بالإخوة والأخوات الأعزّاء؛ لقد تفضّلتم علينا بقدومكم من المدن البعيدة، وفي هذا الجوّ الحارّ. ونوّرتم هذه الحسينيّة بأنوار الإخلاص المعنويّة الموجودة في الكثير منكم. من هذه اللقاءات، غير الجوانب الإداريّة والسياسيّة، ينبغي طلب الجوانب المعنويّة وتوقعها وانتظارها؛ وحتمًا يوجد بينكم أنفاسٌ طاهرة، وقلوب صافية، ونورانيّة ومن هم من أهل استجابة الدعاء؛ إنّنا عقدنا ونعقد الأمل على هؤلاء.

حسنًا، إنّه اليوم الأوّل من ذي الحجّة؛ وشهر ذو الحجّة شهر عجيب؛ شهر الدعاء، والمناجاة، وتذكّر ميقات الله تعالى مع نبيّه العظيم؛ وذروة هذه الحركة من التضرّع والدعاء والتوسّل هي يوم عرفة، حيث نشهد فيه مناجاة إمامنا العظيم وشهيدنا لله تعالى ـ في دعاء عرفة ومضامينه العالية ـ بعدها [يأتي] عيد الأضحى الذي نتذكّر فيه الأضحية الكبرى، وفديناه بذبح عظيم؛(1) ومن ثمّ ندخل في العشرة الثانية من ذي الحجّة، وهي عشرة الغدير، تلك الواقعة العجيبة المذهلة. هذا الشهر شهر مهمّ ومقدّمة لشهر محرّم الحرام. فلنستفد الاستفادات المعنويّة من هذه الفرص.

اللجوء إلى الله استمداد للقدرة والأمل
معظمكم من جيل الشباب، قلوبكم طاهرة وأرواحكم صافية، وأدرانكم ـ مقارنة بأمثالنا نحن الذين عشنا أعمارًا طويلة ـ أقلّ، فالجأوا إلى الله تعالى "واسألوا الله من فضله"(2) ؛ في جميع شؤونكم الشخصيّة والاجتماعيّة والسياسيّة والدوليّة ؛ وهو سبحانه سيجيب. عندما تثقون بفضل الله وبركاته، فإنّ أوّل خاصّيّة تتّصفون بها هي أنّكم ستشعرون بالقدرة، والقوّة، وسيرحل عنكم الضعف والخوف وما شابه، وهذا أمر على جانب كبير من العظمة والأهمّيّة. الإحساس الآخر الذي يظهر فيكم، عندما تعتمدون على الله، وتتّكلون على القدرة الإلهيّة اللا متناهية، وعلى نعمة الله الدائمة، هو الأمل، الذي ينمو ويكبر فيكم وينوّر قلوبكم.
عندما يكون الأمل موجودًا، والتوكّل، والثقة بالنفس، والاعتماد على القدرة الإلهيّة، حينذاك يصبح الشعب صلبًا لا يقبل الهزيمة؛ ويصبح الإنسان عنصرًا دائمًا من حيث القوّة، والحركة والتطوّر.

اعتمدوا على القدرة الإلهية تستغنون عن كل أحد
وهذا هو السرّ في حثّنا (3) بهذا الحجم الكبير في أحاديث الأئمّة الأطهار وأدعيتهم على التوسّل إلى الله والتوكّل عليه والتضرّع إليه. عندما تكون معتمدًا على الله تعالى، "إنّما يكتفي المكتفون بفضل قوّتك فصلّ على محمّد وآله واكفنا، وإنّما يُعطِى المعطون من فضل جدتك فصلّ على محمّد وآله وأعطنا"(4) .. إلهي! أولئك الذين استطاعوا في الدنيا حفظ أنفسهم أمام الأعاصير، إنّما منُحوا جزءًا من قوّتك، فتفضّل بها علينا أيضًا.. هكذا يعلّمنا الإمام السجّاد في الصحيفة السجّاديّة بأن ندعو ونطلب. والسبب وراء توصيتهم لنا بالدعاء والتضرّع إنّما هو من أجل أن لا نضيّع أنفسنا، ولا نرتكب الخطايا؛ لا تستصغروا أنفسكم ولا تحسبوها ضعيفة؛ إن كنتم معتمدين على القدرة الإلهيّة اللا متناهية، فعندها ستستغنون عن كلّ أحد؛ "اللهم أغننا عن هبة الوهّابين بهبتك، واكفنا وحشة القاطعين بصلتك"؛(5) وستكونون أقوياء حتّى لو أعرض العالم كلّه عنكم.

وإنّ ذرّة واحدة من هذا الإحساس وُجدت في الشعب الإيراني، [جعلته] يقف على مدى أربعين عامًا بقوّة تامّة أمام القوى العالميّة الصلفة الوقحة والمتكبّرة. وما نملكه أنا وأنتم في هذا المجال هو قليل من كثير؛ كلّما زدناه ازداد هذا الاقتدار وهذه القوّة. حسنًا، هذا فيما يتعلّق بذي الحجّة.

مواضيع ثلاثة للحديث:
الاقتصاد ومعيشة الناس، أمريكا والمفاوضات، الوحدة في مواجهة التحديات
أريد اليوم أن أتناول معكم بالحديث ثلاثة مواضيع. بالطبع، لقد أُصبت بنزلة برد وبُحّ صوتي، وأنا أعتذر منكم لصوتي المبحوح. [لكنّ] هذه الأمور لن تزيحنا عن الساح، وسنقول كلمتنا. سأعرض إذًا، لثلاثة مواضيع بمقدار ما يسمح وقت المجلس وظروفه. الموضوع الأوّل يتعلّق بالمسألة الاقتصاديّة ومعيشة الناس التي هي من المسائل الراهنة اليوم، والتي تشغل فكر معظم الناس؛ أريد التحدّث بثلاثة أمور في هذا الصدد. والموضوع الثاني هو أمريكا وشرورها وما شابه؛ حيث يطلقون هم وأشباههم تصريحات جديدة اليوم في هذا المجال، وسنتصدّى للحديث بشكل مختصر حول هذا الموضوع. موضوع آخر هو الوحدة السياسيّة والوحدة بين عامّة الشعب والمسؤولين والتكامل فيما بينهم، حيث يجب على الشعب، وعلى المسؤولين على السواء أن يسعوا لأن یرفدوا ويكمّلوا بعضهم البعض.

أولًا، الاقتصاد ومعيشة الناس
أ ــ انخفاض سعر العملة أسبابه داخلية: سوء تدبير إداري
أمّا المسألة الأولى، المسألة الاقتصاديّة؛ فالمشاكل المعيشيّة هي اليوم أمر يشعر به كلّ أفراد الشعب. وإنّ جزءًا من الناس واقعًا، يقع تحت الضغط بشدّة؛ هناك ارتفاع في الأسعار؛ في أسعار المواد الغذائيّة، في أسعار اللحم، البيض، الدجاج، سائر المواد اللازمة للحياة، إيجارات الشقق، الأثاث المنزلي، والوسائل الأخرى وما شابه، هناك غلاء كبير. وهذا حقيقةً، يشكّل ضغطًا على الناس؛ يسبّب مشاكل؛ أو انخفاض قيمة العملة الوطنيّة؛ هذه هي مشاكل البلد الاقتصاديّة الراهنة.

يتّفق الخبراء الاقتصاديّون وكثير من المسؤولين بأنّ أسباب هذه المشاكل ليس الحظر الخارجي، وأنّ أسباب هذه المشاكل داخليّة. ولقد أقرّ الكثير من المسؤولين واعترفوا بذلك، والخبراء تقريبًا ـ بحسب اطّلاعي ـ متّفقون على هذا الأمر. ولا نعني بهذا أن لا أثر للحظر؛ وكيف لا؟ للحظر تأثيره؛ لكنّ التأثير الأهمّ مرتبط بعملنا نحن. لو كانت أعمالنا أفضل من هذا، وأكثر تدبيرًا من هذا، وراعت الوقت المناسب أكثر من هذا، وكانت أقوى مما هي عليه اليوم، لما كان الحظر أثّر كثيرًا.

• التوزيع الخاطئ للعملة الأجنبية والمسكوكات الذهبية مثالًا
يمكن معالجة المسألة، والصمود بوجه الحظر. القسم الأكبر من المشكلة ناجم عن مشاكلنا الداخليّة والذاتيّة. فلنضرب مثالًا، قضيّة العملة الأجنبيّة والمسكوكات الذهبيّة وما شابه، التي حدثت في الشهرين أو الثلاثة الماضية. لقد وقعت مبالغ كبيرة ـ وقيل ثمانية عشر مليار دولار من العملة المتوافرة؛ وهو رقم مرتفع بالنسبة لبلدنا الذي يواجه مشكلة في الحصول على العملة الأجنبيّة، ويصعب علينا إدخال أموالنا من الخارج أيضًا ـ بيد أناس أساؤوا استخدامها نتيجة لسوء التدبير وعدم الانتباه. فهناك من سجّل طلبًا لاستيراد سلعة واستورد سلعة أخرى، أو طالب بالمال من أجل هدف محدّد، فلم يصرف المال في ذلك الهدف؛ فقال [على سبيل المثال] بأنّي أريد السفر ولم يسافر. وبالتالي، جاؤوا بالعملة فإمّا استفادت منها قلّة قليلة، أو بيعت إلى مهرّب فحملها وهرّبها إلى الخارج، أو بيعت لشخص احتكرها واحتفظ بها إلى أن ترتفع قيمتها فيبيعها بضعفي أو ثلاثة أضعاف قيمتها ويحصّل ثروة طائلة من غير عناء؛ هذه مشاكل إداريّة؛ ولا ربط لها بالحظر. ولقد أذعن مسؤولو البلاد لهذا الأمر؛ وأقرّوا بأنّ هذه هي المشكلة؛ وعليه، فالكثير من المشاكل من هذا القبيل. المشاكل تعود إلى طريقة إدارتنا ووضع سياساتنا الإجرائيّة.

عندما توزّع العملة الأجنبيّة أو المسكوكات بشكل خاطئ فإنّ لهذا التوزيع طرفين: الأوّل هو الذي يأخذ، وقد يكون مهرّبًا أو يبيعها لمهرّب؛ والثاني هو الذي يعطيها [ويوزّعها]. نحن دائمًا نفتّش عن الذي يأخذ ـ مفسد اقتصاديّ، مهرّب ـ في حال أنّ المقصّر الرئيس هنا هو من أعطى، وهو من يجب التفتيش عنه.

والعمل الذي باشرته السلطة القضائيّة مؤخّرًا وهو عمل صائب يهدف إلى هذا الأمر. ولا يعني ذلك أن نوجّه التهم جزافًا إلى زيد وعمرو؛ لا، لكن بالنهاية هناك مخالفة قد ارتُكبت، وخطأ كبير قد اجتُرح. ولا نقول "خيانة"، فلساني لا يطاوعني على القول بسهولة بأنّ فلانًا أو الأشخاص الفلانيّين قد ارتكبوا خيانة، لكنّهم بالنهاية قد ارتكبوا أخطاءً، وأخطاء فادحة عادت بالضرر على الناس. فعندما يرتفع سعر العملة الأجنبيّة ويهبط سعر الريال، لا يبقى شيء لذلك الموظّف الذي يتقاضى أجره بشكل يومي، أو يتقاضى راتبًا بسيطًا. عندما تنخفض قيمة الريال والعملة الوطنيّة، تظهر هذه المشاكل التي ترونها. إذًا، هذه نقطة، وهي أن الحظر له تأثيره ـ لا أنّه عديم التأثير ـ إلّا أنّ التأثير السيّئ الأهمّ يعود إلى طريقة أدائنا وإدارتنا.

ب ــ الأعداء يستغلون الأزمة ويوحون بعجز النظام
نقطة أخرى هي أنّ العدوّ يستغلّ هذه المسألة ويكمن لنا. لدينا عدوّ؛ نحن شعب لديه- ولأسباب مختلفة- أعداء كثيرون خبيثون وأراذل. وهم يتربّصون بنا، فبمجرّد أن رأوا تلك المشكلة في الداخل، أتوا وحطّوا عليها فورًا كالذباب الذي يحطّ على الجرح، مستغلّين المشكلة للإيحاء بأنّ النظام الإسلامي لا يتمكّن [من حلّ مشاكله]، وأنّه كان عاجزًا؛ يبثّون اليأس، ويجعلون الناس تتيه في متاهات الضياع. يستفيدون من وسائل الإعلام؛ وترون هذا بالتالي. لا أدري الآن كم أنتم تتابعون وسائل الإعلام العالميّة. والفضاء الافتراضي اليوم في متناول الجميع. إنّهم وبشكل دائم ومن مئة ناحية، يطلقون الدعايات ضدّ النظام الإسلامي وضدّ الإسلام وضدّ الجمهوريّة الإسلاميّة وضد أجهزة البلد ومؤسّساته وما شابه، بسبب خطأ ارتكبه زيد أو عمرو أو بكر. العدوّ يستغلّ هذه المسألة. وهذا هو مسعى العدوّ الخبيث.

• البلد ليس في طريق مسدود: سبل الحل بأيدينا
حسنًا، والآن ماذا؟ العدوّ يريد الإيحاء بأنّ البلد يواجه طريقًا مسدودًا.
أقول: لا يوجد في البلد طريق مسدود. وفي هذه المسألة الاقتصاديّة لا يوجد أيّ طريق مسدود. ولا يتصوّرنّ أحد بأنّه ليس من حلّ في الأفق. لا، فمشاكل البلد، والمشكلات الاقتصاديّة معروفة وطرق الحلّ معروفة أيضًا. وعلى الفاعلين أن يبذلوا الجهد، ويشمّروا عن ساعد الهمّة. وقد انطلقوا في هذا المجال ـ وسأعرض فيما يلي من كلمتي بشكل أكثر تفصيلًا الأعمال التي أُنجزت ـ وهذا واضح للعيان. وأنا نفسي تصلني باستمرار من الشباب المؤمن، الثوري، المهتمّ، المتمتّع بحسن التفكير، والمبدع، اقتراحات ورسائل وكلام وما شابه، فأرسلها بدوري إلى الأجهزة التنفيذيّة ليستفيدوا منها. هذا فيما يتعلّق بما يصلني. ولقد رأيت مؤخّرًا بأنّ قرابة الأربعين خبيرًا اقتصاديًّا بعضهم من الأسماء المعروفة، وبعضهم نعرفه شخصيًّا، قد كتبوا رسالة إلى رئيس الجمهوريّة بقائمة المشاكل الاقتصاديّة، وطرق حلولها. ولقد قرأت هذه الرسالة بدقّة، ووجدت أنّها صائبة؛ وأنّها كُتبت من باب الحرص والإخلاص. وهم أيضًا أشخاص لا يعارضون الحكومة والجهاز الحاكم ورئيس الجمهوريّة المحترم، وهم جزء من التيّار الذي له اليوم حضور كامل في الأجهزة التنفيذيّة، لكنّهم في الوقت نفسه، شخّصوا جيّدًا المشاكل البنيويّة للاقتصاد والإشكالات الموجودة بالفعل في الحركة الاقتصاديّة للبلد، وكتبوا عشرين حلًّا لها. وأنا حين اطّلعت على هذه الحلول، بدت لي كلّها صائبة ـ كما أذكر ـ وكانت الأمور عينها التي طرحناها وكرّرناها لسنوات في شعارات العام. ونجد أغلبها ـ لا أقول كلّها ـ ضمن السياسات العامّة التي تُبلّغ إلى السلطات الثلاث، وهي الأمور التي طرحناها [سابقًا]. وها هم الخبراء المستقلّون، والمنظّرون الاقتصاديّون وأصحاب الرأي والفكر، يردّدون اليوم هذه المقولة. إذًا، طريق الحلّ موجود. وما يروّج له العدوّ اليوم، وأذنابه من أراذل الداخل في الصحيفة الفلانيّة، وفي الموقع الإنترنيتي الفلاني بأنّ "البلد قد وصل إلى طريق مسدود وأنّه لا طريق حلّ أمامه سوى بالالتجاء إلى هذا الشيطان، والشيطان الفلاني الأكبر"، إنّما هو خبث ومكر. لا، الحلّ موجود، والعلاج موجود؛ طرق الحلّ هذه موجودة بين أيدي المسؤولين، ويمكنهم إجراؤها، والعمل بها. وقلت إنّهم بدأوا ببعضها، غاية الأمر أنّه ينبغي عليهم العمل بنحو أكثر جدّيّة.

أنا اليوم أقول لكم، وأتوجّه بالحديث إلى عامّة الناس. لكنّني قلت هذا مرارًا وتكرارًا للقادة والمسؤولين في الجلسات الخاصّة، وهم يذهبون ويتابعون بقدر طاقتهم ووسعهم. عليهم أن ينتقوا مساعدين جيّدين وفعّالين. وهم هؤلاء الشباب المؤمن أنفسهم. لدينا الكثير من الطاقات، ومن القوى الإنسانيّة الحاضرة والمستعدّة للعمل والخدمة والمندفعة والكفوءة. وفي الآونة الأخيرة، وصلتني رسالة موقّعة من قبل خمسة آلاف جامعي.. يقولون فيها بأنّهم في خدمة الثورة وفي خدمتكم، ونحن مستعدّون [لأيّ شيء تأمرون به]. إنّهم مستعدّون للعمل. إنّنا لا نفتقد إلى الطاقات الإنسانيّة. بحمد الله بلدنا غنيّ بالطاقات الإنسانيّة. فلنستفد منها، ولنطلب المعونة منها، وإن شاء الله تُنجز الأعمال.

ج ــ للتوجه بالسيولة الزائدة نحو الاقتصاد الإنتاجي
إنّني وفي خطبتي عيد الفطر الأخير خاطبت المسؤولين أمام الملأ العامّ قائلًا لهم: توفّرت في البلد سيولة (ماليّة ) كبيرة وهذا ناجم عن الأخطاء، هو نفسه واحد من السياسات الخاطئة والتي كانت نتيجتها ازدياد السيولة ممّا تسبّب بمشاكل كثيرة. وقلت: إذا ما استطاع المسؤولون في البلد أن يجلسوا ويجدوا الحلول، ويديروا هذه السيولة ويوجّهوها نحو الاقتصاد الإنتاجي، سواءً في الصناعة، أو في الزراعة، أو في المسكن وأمثاله، ستتحوّل هذه السيولة التي تشكّل اليوم تهديدًا إلى فرصة؛ وإن استطاعوا فليديروا نصف هذه السيولة. هذا هو الأمر. وأقول اليوم أيضًا وأوجّه خطابي لمسؤولي الحكومة المحترمين بأن يجلسوا ويفكّروا، وليستفيدوا من الأشخاص المختصّين والمطّلعين والواعين، وليجدوا الحلول من أجل توجيه هذه السيولة الهائلة نحو الإنتاج؛ وهذا أمر ممكن وعمليّ؛ وهو واجب المسؤولين الحكوميّين والاقتصاديّين المحترمين، وينبغي القيام به. هذه أيضًا نقطة.

د ــ واجب المسؤولين الاستعداد لمواجهة العقوبات المرتقبة
هناك نقطة أخرى، هي أنّ هؤلاء الذين يحلّلون المسائل الاقتصاديّة، وأحيانًا يقدّمون التقارير ويرفعونها إلى المسؤولين الرفيعي المستوى في البلاد، يقولون نعم، السبب في هذه المشاكل التي حصلت في البازار، وفي محيط الكسب والعمل، هي أنّه على سبيل المثال، كان من المقرّر للعدوّ أن يشرع بالعقوبات من شهر آب أو تشرين الأوّل، وحيث إنّ الناشطين الاقتصاديّين كانوا يعلمون بهذه العقوبات، فقد لملموا أوضاعهم وتدبّروا أمورهم . حسنًا، إن كان الناشطون الاقتصاديّون ـ الذين كانوا يعلمون بقضيّة العقوبات ـ قد هيّأوا أنفسهم، كان من الأولى بالمسؤولين الحكوميّين أن يهيّئوا أنفسهم ويستعدّوا لهذه العقوبات أكثر. سبق وقلت، للعقوبات تأثير أقلّ [ممّا يقولون]. البعض يقول بأنّه ثلاثون في المئة، والبعض يقول عشرون في المئة؛ أنا لا أملك مقياسًا ليمكنني القول ثلاثون أو عشرون في المئة، لكن أعلم أنّ تأثيرها أقلّ. لو كان للعقوبات تأثير واقعًا، لتوجّب عليكم أنتم الذين تعلمون بأنّه من المقرّر فرض العقوبات أن تعدّوا أنفسكم لها. كان عليكم أن تعدّوا أنفسكم. وكان عليهم أن يعدّوا أنفسهم.
والأمر كذلك اليوم، ولم يفت الوقت. وإن قال أحد بأنّ الوقت قد فات، أو إنّ ذلك غير ممكن فقد قال هذرًا. وهو إمّا جاهل أو يطلق كلامه جزافًا. لا، الوقت لم يفت. يمكن الآن أيضًا أن تُتّخذ التدابير حيال هذه المبادرة العداونيّة والخبيثة.. والقيام بالإجراءات اللازمة، وهذا عمل يمكن تطبيقه. وإذا ما قال أحدهم بأنّه لا يمكن فعل شيء، وأن الوقت قد تأخّر ـ أي أعلن الوصول إلى طريق مسدود ـ فإنّه إمّا جاهل، وإمّا كما قلت بأنّني لا أريد أن أنسب الخيانة إلى أحد؛ إلّا أنّ هذا الكلام نابع من منطلق الخيانة. إن لم يكن ناجمًا عن الجهل. هذه أيضًا نقطة.

هــ ــ لمعاقبة المفسد بشكل حاسم ودون أي محاباة
نقطة أخرى موجودة هي مسألة الفساد. إحدى الأعمال التي ينبغي القيام بها هي محاربة الفساد. وهذه الرسالة التي أرسلها إليّ رئيس السلطة القضائيّة المحترم في الأوّل من أمس، ورددت عليها وأكّدت على مضمونها، هي خطوة إيجابيّة مهمّة في محاربة الفساد والمفسدين؛ يجب معاقبة المفسد. حسنًا، ولماذا الآن نعلن ذلك ونصرّ عليه؟ لأنّ التجربة أثبتت بأنّه عندما تتمّ محاربة الفساد والمفسد تعلو الأصوات والضجيج من هنا وهنا. ولقد كتبت قبل اثنتي عشرة سنة كتابًا إلى رؤساء السلطات الثلاث حول الفساد؛ وقلت فيه ـ ما مضمونه، وهو موجود في الوثائق ـ بأنّ الفساد كالتنّين ذي الرؤوس السبعة، إن قطعت أحد رؤوسه، ظهرت رؤوسه الأخرى؛ ينبغي محاربته والقضاء عليه بالكامل. أمّا لماذا نقوم به علنيًّا، فمن أجل أن يعلم الجميع ويدركوا بأنّه تقرّر معاقبة المفسد بشكل حاسم ودون أيّ محاباة.(6) (من بعد إذنكم، اسمحوا لي: وهل أنتم محكمة لتحكموا عليه بالإعدام؟)(7). قد يستحقّ بعضهم الإعدام، وقد لا يستحقّه البعض الآخر؛ بأن يستحقّ السجن. لا تثيروا الأجواء وتهيّئوها بأنّه يجب إعدامهم، فيضطّر [المعنيّون] إلى إعدامهم. بالطبع لا شيء يضطّرهم إلى ذلك، بل قد يأخذون الأمر بالحسبان. لقد كتبتُ ينبغي مراعاة العدالة والدقّة في ذلك؛ أي ينبغي القيام بالعمل بدقّة وعدالة.

• لا فسادَ منظمًا في نظامنا؛ القلة هي الفاسدة
حسنًا، انتبهوا الآن، فيما يتعلق بالفساد ثمة نقطة على جانب كبير من الأهمية. لأقل هذا، ليتنبه الجميع إلى هذا المعنى وليتنبه الشعب الإيراني كله: كنت أكافح الفساد والمفسدين الاقتصاديين وغير ذلك منذ زمن قديم. وكنت أُعارض. والآن أيضًا هذه هي عقيدتي وبكل صلابة وحزم، لكن البعض عندما يتحدثون عن الفساد يتحدثون بشكل متطرف، دققوا وتنبّهوا، يتحدثون وكأن الكل فاسدون، وأن الفساد شمل المديرين كلهم، واستولى على الأجهزة كلها. لا يا سيدي، ليس الأمر كذلك. القلة هي الفاسدة. نعم، الفساد قليله كثير، ويجب مواجهته، لكن، هذا كلام، وما تقولونه بحيث يتصور السامع بأن الفساد عمَّ كل مكان [فهو كلام آخر]، والبعض يستخدم التعابير الأجنبية، "الفساد المنظّم". لا يا سيدي، الذي يرى الفساد فسادًا منظّمًا، الفساد موجود في دماغه، والفساد موجود في عينه، فهناك الكثير من المديرين النزيهين، والكثير من المسؤولين المؤمنين الأنقياء في كل أنحاء البلاد والمتواجدين في كل الأجهزة، وهم يتحملون المشاق والمتاعب، فلماذا تظلمونهم؟ ولماذا تتكلمون بخلاف الواقع؟ لماذا تظلمون النظام الإسلامي؟ نعم، لا ينبغي أن يوجد في النظام الإسلامي حتى فاسد واحد، لكن الموجود هو عشرة فاسدين [على سبيل المثال] وليس عشرة آلاف فاسد، وبين هذين فرق شاسع. دققوا في هذا الأمر.

البعض عندما يتكلمون وعندما يكتبون ـ والفضاء الافتراضي الآن متاح ومن السهل أن يكتبوا ويفعلوا كذا وكذا هنا وهناك ـ ويقولوا إن الفساد قد عمَّ الجميع. لا يا أخي، ليس الأمر كذلك. نعم يوجد فساد، ويوجد في أجهزة مختلفة، لاحظت أنا مثلًا أنه في مجلس الشورى أو في مكان آخر يتهمون البعض، وعندما تدقق تجد أن الذين وجهت إليهم التهم قلّة قليلة من الأفراد فلا يمكن تعميم الأمر على الجميع. هذا فيما لو صحّ اتّهامهم، فقد تكون حتى هذه التهمة الموجهة بخلاف الواقع، أو بسبب عدم المعرفة والاطلاع، ولكن حتى لو كانت صحيحة فستكون موجهة لعدد قليل من الأفراد في مقابل عدد كبير. لاحظوا أن الإفراط والتفريط خطأ في كل الأمور والمجالات.

مشاكلنا الاقتصادية معروفة وحلولها معروفة أيضًا
حسنًا، والخلاصة في هذا الشأن الاقتصادي، أنّه توجد مشاكل اقتصاديّة في البلاد معروفة، وحلولها معروفة أيضًا، سواء في ذلك الحلول البنيوية أو الحلول القصيرة الأمد. لقد طلبت من رؤساء السلطات الثلاث المحترمين عقد جلسة مشتركة فيما بينهم ليجدوا معًا وبنحو مشترك حلولًا لمشاكل البلاد الاقتصادية. ولقد طلبت هذا الأمر منذ نحو شهر ونصف أو شهرين، ويتم عقد هذا الاجتماع بشكل متواصل ومستمر، حيث يتناقش رؤساء السلطات الثلاث ويبحثون مع بعض الخبراء الأمناء في السلطات الثلاث حول الشؤون الاقتصادية، وهذا عملٌ مهم؛ هذا ما طالبناهم به؛ طالبنا السادة به، والسادة ينفذونه حاليًا.

توصيات بشأن مواجهة التحديات الاقتصادية خاصة
أ ــ لتحضر الأجهزة في الساحة بقوة وبأعين مفتوحة
وعلى الأجهزة المشرفة أن تكون حاضرة في الساحة بقوة وبأعين مفتوحة. سواء الأجهزة المعلوماتية والاستخباراتية أو الأجهزة المشرفة الخاصة بالسلطة القضائية والأجهزة المشرفة الخاصة بمجلس الشورى، وكل واحد من أبناء الشعب المؤمن يجب أن يشعر بأن هناك واجبًا على عاتقه وأن له دورًا. لاحظت في إحدى الصحف إعلانًا يطلب من الشعب المؤمن المتدين والتعبوي أنكم إذا رأيتم في مكان ما وعلمتم بوجود عملية احتكار مثلًا أو شيء من هذا القبيل فبلّغوا عنها. نعم إنها فكرة حسنة جدًا وصائبة. الكثير من هذه الأعمال التي تم إنجازها كان بمساعدة أبناء الشعب.

وعلى الحكومة أيضًا أن تستفيد من الطاقات المتحفّزة والذكية الواعية في الإدارات العامة ؛ ليس في الأعمال الصغيرة فحسب، بل في الوزارات والإدارات العليا؛ وتقطع طرق الفساد. نعم السلطة القضائية تعاقب، أمّا السلطة التنفيذيّة فيمكنها الحيلولة دون وقوع الفساد ـ الأعمال الباعثة على الفساد ـ وسدّ الطرق عليه.

في قضية العملة الصعبة والمسكوكات هذه التي أشرت إليها، لو كان هناك إشراف ودقة ومتابعة لسُدّ الطريق على هذا الفساد، لكنهم لم يغلقوا هذه البوابة ولم يقوموا بالعمل الذي كان يجب عليهم القيام به، فحصل الفساد نتيجة لذلك. أحد الأعمال [المطلوبة] هو سدّ طرق الفساد، فلتُسدّ أبواب الفساد.

ب ــ ليبقَ الشعب على بصيرته حيال تحريض العدو
وليعمل الشعب حيال تحريضات العدو ببصيرة. لقد أثبت شعبنا بصيرته والحمد لله، وسوف أذكر لاحقًا نقطة حول أحداث شهر دي ، مع أن الجلسة ستطول بعض الشيء، ولكن لا إشكال في الأمر وقد قدمتم من أماكن بعيدة، وأنا على الرغم من كوني مصابًا بنزلة برد إلّا أنّني عندما تحدثت يبدو أن صحتي قد تحسنت بعض الشيء.

لقد تصرَّف الشعب ببصيرة ويتصرفون الآن أيضًا ببصيرة، وليعلموا أن العدو يريد استغلال نقطة الضعف هذه الموجودة فينا. نقطة الضعف هذه موجودة، لا [أقول] إنها غير موجودة، لكن العدو يريد استغلال نقطة الضعف هذه ضد الشعب الإيراني ولصالحه هو. وهو لا يهدف إلى إزالة نقطة الضعف هذه، إنما يعمل ما استطاع لتكريس الضعف ويريد أن يستغل الظروف. الشعب صاحب بصيرة، وكما أثبت في الماضي أنه تصرف ببصيرة، ليعمل الآن أيضًا ببصيرة في هذا المجال.

ج ــ الأجهزة الإعلامية مدعوة إلى عدم تيئيس الناس
وعلى الأجهزة الإعلامية أيضًا ـ سواء الإذاعة والتلفزيون أو الصحافة أو مواقع الفضاء الافتراضي ـ أن لا تنثر بذور اليأس بين الناس، ولا تتكلم بنحو يجعل البعض ييأس من الإسلام. الآن إن أرادوا أن ينتقدوا فلينتقدوا، إنني لا أعارض النقد المنطقي، ولكن عليهم أن لا يعملوا على تيئيس الناس. أحيانًا يطلق كلام في صحيفة أو في برنامج تلفزيوني أو في برنامج إذاعي بحيث يتعجب المستمع ويتصور أن كل الأبواب مغلقة. لكن الأمر ليس كذلك، الأبواب ليست مغلقة، فلماذا يتحدثون بهذه الطريقة. ولتعلموا هذا، اعلموا أن الشعب الإيراني والثورة الإسلامية العزيزة ونظام الجمهورية الإسلامية كما اجتازت مراحل صعبة أخرى سوف تجتاز بالتأكيد هذه المراحل التي هي أسهل من تلك وبسهولة إن شاء الله.

ثانيًا، المفاوضات مع أمريكا
أ ــ الأمريكيّون اليوم أكثر وقاحة وأقلّ حياء
الموضوع الثاني: أمريكا والمفاوضات
حسنًا، أما عن قضية أمريكا. أولًا أقول إن الأمريكان في أدبياتهم وفي كلامهم أصبحوا خلال هذه الأشهر الأخيرة أو نصف السنة الأخيرة أكثر وقاحةً وسوء أدب من الماضي. في السابق أيضًا كان الأمريكان سيئي الأدب في كلامهم، وقلما كانوا يراعون في كلامهم الأدب الدبلوماسي والأدب السياسي والآداب السائدة في العلاقات الدولية، لكنهم الآن أصبحوا أكثر وقاحة وأسوأ أدبًا. لا يقتصر الأمر على العلاقة معنا فقط بل فيما يتعلق بالعالم كله وكل شيء وكل القضايا المختلفة.

1 ــ إغضاؤهم عن مجازر السعودية
وكأن الحياء قد سُلب منهم. أي إنهم يقومون بأعمال ويطلقون كلامًا ويتخذون مواقف تحيّر الإنسان وتدهشه حقًا، ويتساءل ما طبيعة هؤلاء؟ هل هم بشر؟ على سبيل المثال لقد شاهدتم في الأسبوع الماضي وعلى مدى أسبوع واحد أن السعوديين ارتكبوا جريمتين مروّعتين في اليمن: ففي بداية هذا الأسبوع شنّوا هجومًا بالقنابل والصواريخ على مستشفى وقتلوا فيه عددًا من المرضى. وفي آخر الأسبوع استهدفوا حافلة تقلّ أطفالًا تتراوح أعمارهم بين الثامنة والتاسعة والعاشرة وقتلوا حوالي أربعين أو خمسين من الأطفال الأبرياء. لاحظوا كم هي المصيبة كبيرة. ألديكم في البيت طفل في الثامنة أو التاسعة من العمر؟ إنّ قلب الإنسان ليرتجف لذلك. ارتكب السعوديون هذه الجريمة واهتز العالم. ضمير العالم اهتز وأطلقت الحكومات بعض التصريحات من باب المجاملة، وأبدوا أسفهم وقالوا شيئًا لكن [قلوب] الجميع اهتزت..

وما الذي فعلته أمريكا هنا؟ بدل أن تُدين أمريكا هذه الجريمة الواضحة؛ قالت إن لدينا تعاونًا استراتيجيًا مع السعوديين. أليس هذا انعدام للحياء؟ أليس هذا انعدام للخجل؟ وهكذا هم في كل القضايا والشؤون. الأعمال التي يقومون بها تدل على الوقاحة وعدم الحياء.

2ــ فصل الرئيس الأمريكي للأطفال عن أمهاتهم

هذا الفعل نفسه الذي قام به الرئيس الأمريكي، حيث فصل ألفي طفل ـ بالحدّ الأدنى ـ بعمر السنتين والثلاث سنوات والخمس سنوات ـ أقل أو أكثرـ عن أمهاتهم باعتبارهم مهاجرين. وبما أنّهم أطفال، ولا يمكن رعاية الأطفال على كل حال، فماذا يفعلون بهم؟ وضعوهم في أقفاص. لاحظوا! يفصل الطفل عن والدته ثم من أجل أن يستطيع السيطرة على هذا الطفل المفصول عن أمه يضع ألفي طفل داخل قفص. هل لهذه الجريمة سابقة في التاريخ؟ يفعلون هذه الأشياء ويقفون وينظرون بكل وقاحة من دون أن يرفّ لهم جفن ويتحركون ولا يشعرون بالخجل! أي إنّ أدبياتهم وكلامهم وأعمالهم وخطواتهم كانت خلال الفترة الأخيرة وقحة وعديمة الحياء حقًا.

ب ــ لن نفاوض ولن تحدث الحرب
حسنًا، إنهم يتحدثون [اليوم] عنا أيضًا. هؤلاء أنفسهم يتحدثون عن الجمهورية الإسلامية بهذه اللهجة السخيفة والتافهة. فماذا يقولون؟ ما عدا قضية الحظر التي يقولون بأنهم سيفرضونه علينا وما شاكل، يطرحون موضوعين آخرين. أحدهما موضوع الحرب والثاني موضوع المفاوضات. وهم طبعًا لا يتحدثون عن الحرب صراحة ولا يقولون نود الحرب لكنهم بحسب تصوراتهم يريدون القول بلغة الإشارات والكنايات أنه من الممكن أن تنشب حرب على كل حال. يضخمون شبح الحرب من أجل أن يخيفوا: إمّا الشعب أو الجبناء، فلدينا بالنهاية عدد من الجبناء؛ وبالتالي يخيفونهم. يضخمون شبح الحرب ويطرحونه. هذه نقطة، والنقطة الأخرى هي قضية المفاوضات فيقولون إننا مستعدون للتفاوض مع إيران. وهذه بدورها من تلك الألاعيب المبتذلة المفضوحة. أحدهم يقول مفاوضات دون شروط مسبقة، والآخر يقول لا بل مفاوضات لها شروط مسبقة. هذه ألاعيب سياسية مبتذلة وتافهة حقًا وليست بذات قيمة حتى يخوض المرء فيها. على كل حال يتحدثون عن الحرب وعن المفاوضات في آن معًا. وسوف أذكر نقطة أو نقطتين أو ثلاث نقاط حول كل واحد من هذه الموضوعات، لكن قبل أن أشير إلى هذه النقاط أقول للشعب الإيراني باختصار: لن تحدث حرب ولن نفاوض.

تنبّهوا جيدًا. كانت هذه خلاصة الكلام لتعلموها، وليعلمها الشعب الإيراني كله. ولكن ثمة أدلة تقف وراء هذا الكلام وتدعمه وهو ليس مجرد ادعاءات ومجرد أقوال وتمنيات وشعارات، بل هناك أدلة عليه.

1ــ لو بدأت أمريكا حربًا فستتلقّى الضربة الأكبر

لن تحدث حرب. لماذا؟ لأن للحرب طرفين، أحد الطرفين نحن والثاني هو الطرف الآخر. أما نحن فلا نبدأ الحرب، فنحن لم نبدأ أي حرب. الجمهورية الإسلامية تفخر بأنها لم تبدأ بأيّ حرب. كانت لنا حروب لكن البادئ بها كان الطرف المقابل. وعندما يبدأ الطرف المقابل [الحرب] فمن الطبيعي أن ننزل إلى الساحة بقوّة، لكننا لن نبدأ الحرب. هذا من جانبنا. أما [بالنسبة] للطرف الأمريكي، فالأمريكان أيضًا لن يبدأوا الحرب، لأنهم بحسب ظني يعلمون هم أيضًا أنهم لو بدأوا حربًا هنا فسوف تنتهي بضررهم مئة بالمئة. الجمهورية الإسلامية والشعب الإيراني يشكلون مجموعة لو تطاول أي شخص عليها، ووجّه لها ضربة، فإنّه سيتلقى الضربة الأكبر، وهذا ما حدث إلى الآن. لقد قام الأمريكان هنا ذات مرة بهجوم في طبس وأنتم تتذكرون، فبالوا على أعقابهم، ثم عادوا من حيث أتوا (8). صحيح أنهم قد لا يفهمون بعض الأشياء لكن أخال أنهم ليسوا قاصرين إلى تلك الدرجة التي لا يفهمون معها هذا الشيء. (9) لن تحدث حرب بالتأكيد.

2ــ التفاوض مع طرف متعسّف يضرّنا ولا مصلحة لنا فيه

أما فيما يتعلّق بالمفاوضات. فقد جاء الآن هذا الشخص (10) واقترح بأننا مستعدون للتفاوض مع إيران. و[انبرى] عدد من الأفراد هنا ـ وحين أقول عدد من الأفراد لا أدري حقًا ماذا يعبر عنهم الإنسان ـ وراحوا يقولون: يا للعجب؛ الأمريكان يقترحون التفاوض. إنّ اقتراح التفاوض من جانب الأمريكان ليس بالشيء الجديد. طوال هذه السنوات الأربعين غالبًا ما كانوا يسعون إلى التفاوض، فريغان [ذاك] الرئيس الأمريكي القوي، ـ أمريكا يومذاك تختلف كثيرًا عن أمريكا اليوم، فقد كان [ريغان] أقوى وأكثر اقتدارًا من هؤلاء بكثير ـ أرسل أشخاصًا إلى طهران في الخفاء ـ مكفارلين ـ وقضية مكفارلين معروفة، أرسل شخصًا إلى مطار مهر آباد هذا، وعاد في نهاية المطاف خالي الوفاض، وذلك في زمن الإمام الخميني (رضوان الله عليه). هذه ليست المرة الأولى التي يطلبون فيها هذا الشيء. نعم، لطالما طلبوا هذا ونحن رفضناه. لم نكن نوافق. أما لماذا لم نكن نوافق فهذا ما سأذكره. لم نكن نقبل ذلك أبدًا والآن أيضًا لا نقبله.

3 ــ معادلة الأمريكيين في التفاوض

طلب الأمريكيون دائمًا أن يتفاوضوا معنا، فلماذا لا نتفاوض؟ اسمعوا وعوا. الكلام كثير في هذا المجال. لماذا لا نتفاوض؟ السبب هو أن معادلة الأمريكيين في مفاوضاتهم هي هذه التي أقولها، وانظروا [أنتم] هل يتفاوض الإنسان العاقل وفق هذه المعادلة ومع هذا الطرف أم لا.

أولًا: المفاوضات في العرف السياسي ليست بمعنى الجلوس والتحدث والسؤال عن الأحوال. المفاوضات معناها التعامل والأخذ والإعطاء، أي أن تجلسوا على طرفي الطاولة فتعطون أنتم شيئًا وتأخذون شيئًا. هذا هو معنى المفاوضات السياسية. ولأن الأمريكيين يستندون إلى قوة عسكرية وقوة مالية وقوة إعلامية، عندما يريدون التفاوض مع طرف ما يحددون أهدافهم الرئيسية مسبقًا، يحددون أهدافهم الرئيسية وقد يذكرون بعض هذه الأهداف صراحة ويخفون البعض الآخر. وهم يتقلبون [في مواقفهم] وينقلبون أثناء العمل باستمرار، ويضيفون بعض الأشياء، ويساومون، لكن الأهداف الرئيسية محددة بالنسبة لهم. هذا أولًا.

ثانيًا: [هم] لا يتراجعون حتى خطوة واحدة عن هذه الأهداف الرئيسية. نعم، قد يضعون أحيانًا أهدافًا جانبيّة وتافهة وقليلة الأهمّيّة على الهامش ثم يصرفون النظر عنها ليبدو الأمر نوعًا من التراجع والتنازل، لكنهم لا يتراجعون إطلاقًا عن مقاصدهم وأهدافهم الرئيسية، ولا يعطون أية امتيازات [للخصم].

ثالثًا: يريدون من الطرف المقابل امتيازات نقدية فورية، ولا يتقبلون منه الوعود، ويقولون نحن لا نثق ويطالبون بامتيازات نقدية عاجلة، وهذا ما جربناه في الاتفاق النووي، وجربناه في مواطن أخرى. والأمر الآن أيضًا على نفس المنوال حين يتفاوضون مع كوريا الشمالية. يطالبون بامتيازات نقدية حالية من الطرف الآخر. وإذا امتنع الطرف المقابل عن إعطاء امتيازات نقدية حالية يثيرون ضجيجًا إعلاميًا دعائيًا على مستوى العالم ويقولون إن هؤلاء لا يتفاوضون، وعليهم العودة إلى طاولة المفاوضات، وهم يفعلون كذا وكذا. يثيرون ضجيجًا هائلًا بحيث يتراجع الطرف المقابل أمام هذا الضجيج ويخاف وغالبًا ما يتأثّر مقابل هذا الضجيج والضوضاء والصخب الذي يثيره هؤلاء. غالبًا ما يضعف الطرف المقابل ويتأثّر. هذه النقطة الثالثة.

ورابعًا: بدل أن يسلّمه شيئًا عاجلًا مقابل ما أخذه منه نقدًا كما في أيّ معاملة من المعاملات، إذ حين تأخذون المال النقدي يجب أن تعطوا البضاعة حتمًا، أما هؤلاء فلا، لا يعطون البضاعة. يأخذ نقدًا ويعطي مقابل ذلك وعودًا ـ وعودًا قوية ومؤكدة: كونوا واثقين، لا تترددوا، لا تشكّوا ـ يُرضي ويُطمئن قلب الطرف المقابل بالوعود. والطرف المقابل يرى أن هؤلاء يعطون وعودًا بهذه القوة والتأكيدات.

أما المرحلة الأخيرة: فبعد أن تنتهي المسألة ويحقّق أهدافه تراه يُخلف بهذه الوعود المؤكّدة، وينساها كما لو أنّها ذهبت أدراج الرياح. هذا هو أسلوب الأمريكان في التفاوض. فهل يجب الجلوس والتفاوض مع هذه الحكومة وهذا النظام التعسفي المتقلب؟ لماذا نتفاوض؟ الاتفاق النووي نموذج واضح على ذلك. ثم إنني كنت أتشدد وأصعب الأمور وبالطبع لم تراع كل الخطوط الحمراء التي حددناها. الطرف المقابل تصرّف بهذه الطريقة وعمل بهذا الشكل.

4 ــ لا تفاوض معهم ما لم يتخلوا عن تعسفهم

لا يمكن التفاوض مع هذا الطرف، لا يمكن التفاوض مع هذه الحكومة. أي شخص يتفاوض مع هذه الحكومة حول أي قضية من القضايا المختلفة فسوف يخلق مشكلة [لنفسه]، إلا إذا كانوا في اتّجاه وحلف واحد مثل بريطانيا ـ وهم يفرضون منطق التعسف والقوة حتى على بريطانيا. الأمريكان يتعسفون حتى مع بريطانيا، ومع الأوروبيين، لكنّهم لهم ولأسباب معيّنة مصالح وأهداف مشتركة ويتعاملون ويعملون فيما بينهم. أي طرف يتفاوض معهم سيكون هذا هو وضعه.

حسنًا، يمكننا أن نتفاوض وندخل هذه اللعبة الخطرة عندما لا يمكن لضغوطه وضوضائه أن تؤثر فينا بسبب اقتدار معين نمتلكه. نعم عندما تصل الجمهورية الإسلامية من النواحي الاقتصادية والثقافية إلى الاقتدار الذي نسعى إليه فلتذهب وتتفاوض ولا مشكلة في الأمر. أما اليوم فهذا الأمر غير متحقّق، ولو ذهبنا وتفاوضنا فستنتهي هذه المفاوضات بضررنا قطعًا. المفاوضات مع طرف متعسف بهذا الشكل سوف تنتهي بضررنا، ولهذا السبب أيضًا قام الإمام الخميني بمنع التفاوض مع أمريكا، وأنا أيضًا أمنعه. قال الإمام الخميني ما لم تصبح أمريكا آدمية [طالما لم تتأدب أمريكا] لن نتفاوض معها. فما معنى ما لم تصبح آدمية؟ أي طالما تدعم إسرائيل وتدعم قوى الشر في المنطقة. ونحن أيضًا نقول الشيء ذاته.

5 ــ حتى مع فرض المحال؛ لا تفاوض مع الحكومة الحالية

وحتى لو تقرر على فرض المحال أن تتفاوض حكومة الجمهورية الإسلامية مع النظام الأمريكي فإنها لن تتفاوض إطلاقًا مع هذه الحكومة الأمريكية الحالية. ليعلم الجميع ذلك. ليعلم سياسيونا وديبلوماسيونا وشبابنا المندفع وطلابنا الجامعيون في فروع العلوم السياسية والناشطون في المجال السياسي، ليعلم الجميع أن التفاوض مع نظام تعسفي متغطرس وكثير التوقعات مثل أمريكا ليس وسيلة لرفع العداء، إنما هو وسيلة في يد أمريكا لممارسة العداء. لاحظوا، إنّ هذه معادلة قطعية تؤيدها تجاربنا وتؤكدها الاعتبارات السياسية المختلفة. البعض يقولون لنتفاوض حتى نخفّف ونقلّل من حالة العداء هذه، لكن المفاوضات لا تقلل العداء إنما تمنح العدو وسيلة لممارسة عدائه أكثر، ولهذا لا نفاوض؛ والمفاوضات ممنوعة وليعلم الجميع ذلك.

ج ــ حرب أمريكا علينا اليوم حربٌ اقتصادية
أمريكا تركز اليوم على الحرب الاقتصادية ضدنا. هي ليست حربًا عسكرية و[هذه الحرب] لن تقع، لكنها حرب اقتصادية. إنهم يركزون الآن على الحرب الاقتصادية، لماذا؟ لأنهم يائسون من الحرب العسكرية، ويائسون حتى من الحرب الثقافية. لاحظوا أنه في السبعينيات [التسعينيات من القرن العشرين للميلاد] وهو العقد الثاني من ثورتنا انطلقت حركة ثقافية خبيثة ضد بلادنا وقد طرحت في ذلك الحين قضية الغزو الثقافي، طرحت قضية الهجوم الثقافي من أجل أن يتفطن الشباب وتتفتح عيونهم وليعلم الناس أن هناك حركة ثقافية واسعة ضد بلادنا بدأت في التسعينيّات [الميلادية]. لاحظوا الآن، مواليد التسعينيّات يذهبون الآن ويضحون بأرواحهم كمدافعين عن المراقد المقدسة ويقدمون رؤوسهم وطاقاتهم وتعود نعوشهم؛ فمن كان يظن ذلك؟ لقد تفتحت هذه الأزهار في بستان الجمهورية الإسلامية في تلك الفترة التي شُنَّ خلالها ذلك الهجوم الثقافي الواسع، ونمت تلك الغرسات، ونشأ أمثال الشهيد حججي. إذًا، فقد انتصرنا في الحرب الثقافية وانهزم العدو في هذه الحرب. شنوا حربًا ثقافية في التسعينيات وسنوات من العقد اللاحق [بعد العام 2000 ] من أجل إيداع أمجاد الدفاع المقدس طيّ النسيان، وكانوا مصرين على هذا. فابتكرت الجمهورية الإسلامية تقنية ناعمة وهي حركة "قوافل السائرين إلى النور" العامة. إن قوافل "السائرين إلى النور" تقنية؛ تقنية قوةٍ ناعمة. لقد سار ملايين الشباب [في هذه القوافل] فرأوا في جبهات الحرب، في محور المعرفة، والقدسية، والتضحية [ذاك]، تلك الوضعية التي كانت موجودة، وتعرّفوا إلى ما حدث؛ وشُرحت لهم [التفاصيل] ووُضِعوا في صورة ما جرى في الدفاع المقدس. نعم، الجمهورية الإسلامية في إيران تنجب وتربّي مدافعين عن المراقد المقدسة وتطلق قوافل «السائرين إلى النور»، وتطلق حراك المعتكفين في المساجد وكلهم تقريبًا من الشباب كنموذج راق للتضرع والقداسة. وهذه ظواهر لم تكن موجودة. إذًا، فقد انتصرنا على العدو في الحرب الثقافية. وقد انتصرنا أيضًا في الحرب العسكرية. وانتصرنا أيضًا في الحرب الأمنية والسياسية. وقد كانت حربهم الأمنية والسياسية سنة 88 [أحداث سنة 2009]

لقد بذلوا المساعي والجهود لسنين طوال من أجل وقوع تلك الأحداث. ومثل تلك الأحداث لا تحصل خلال ساعة واحدة أو يوم واحد. لقد عملوا لها بدأب طوال سنين. لقد تغلَّب الشعب الإيراني ونظام الجمهورية الإسلامية على مؤامرة العدو وانتصر.

1 ــ سيُهزمون في الحرب الاقتصادية أيضًا

وبعد أن انهزم العدو في الجبهة الثقافية وفي الجبهة الأمنية وفي الجبهة السياسية وفي الجبهة العسكرية راح الآن يركز على الجبهة الاقتصادية. وأقولها لكم إن العدو سوف ينهزم في هذه الجبهة أيضًا بتوفيق من الله. إنهم يبذلون قصارى جهدهم لينتصروا في هذه الحرب، ويتحدثون مع الشعب الإيراني بخداع ومكر. لاحظوا أن أحد المعتوهين يأتي ويشارك في برنامج تلفزيوني ويقول للشعب الإيراني إن دولتكم تأخذ أموالكم وتنفقها في سوريا والعراق، إنه حقًا لمعتوه. هؤلاء هم أنفسهم الذين قال رئيسهم (11): "إننا أنفقنا سبعة ترليونات دولار في المنطقة؛ أي في سوريا والعراق ولم نحصل على شيء". وهو على حق، فلقد أنفقوا سبعة ترليونات دولار، سبعة آلاف مليار هنا على حد تعبيرهم ولم يحصلوا على شيء إلى الآن. والجمهورية الإسلامية لم تفعل أي شيء من هذا، بل لا يمكن المقارنة أصلًا. للجمهورية الإسلامية تعاملاتها والحكومتان السورية والعراقية حكومتان صديقتان لنا وقد جرى تهديد استقرارهما من قبل أمريكا والسعودية، فسارعنا لمساعدتهما واستطعنا مساعدتهما وسوف نساعدهما بعد الآن أيضًا، فنحن نساعد أية حكومة صديقة. والأمر ليس قضية منح أموال وما شاكل بل هو تبادل بين حكومات، يعطون ويأخذون ويشترون ويبيعون. لكنه يتكلم بهذه الطريقة ليبثَّ الشكوك لدى الشعب الإيراني تجاه مواقف النظام الإسلامي وحكومة الجمهورية الإسلامية.

2 ــ خطتهم لإحداث توترات داخلية لم تنجح

حسنًا، إنّ هدف أمريكا من الحرب الاقتصادية هو إيجاد حالة من السخط وعدم الرضى. هذا هو هدفهم. يريدون إيجاد هذه الحالة من عدم الرضى لعلّهم يستطيعون تحويلها إلى توتّرات داخلية. أنقل لكم خبرًا ـ وهذا ليس تحليلًا بل هو خبر-: تتذكرون أحداث شهر دي. في شهر دي الماضي عام 96ش[كانون ثاني2018] ـ قبل حوالي ستة أشهر أو سبعة أشهر ـ وخلال عدة أيام خرج البعض إلى الشوارع في بعض المدن ورفعوا شعارات وفعلوا كذا وكذا. لقد عملت الحكومة الأمريكية مع الصهاينة ومع السعوديين ثلاثة أو أربعة أعوام من أجل خلق هذه البلبلة؛ الله أعلم كم أنفقوا لذلك. عملوا لثلاثة أو أربعة أعوام ليستطيعوا جمع مئتي أو خمسمئة أو ألف شخص في عدة مدن لبضعة أيام كي يطلقوا شعارًا. ثم نزل الشعب الإيراني بنفسه إلى الساحة ومن دون أن يطلب أحد منه ذلك - الواقع أن الشعب هبَّ بنفسه وقد قلت حينها مرحى لهذا الشعب حقًا - نزلوا هم أنفسهم إلى الساحة ونظفوا الأجواء وأنهوا الأدران والتلوثات وهزموها. إنّ جهود أولئك ومساعيهم لسنين عدّة من أجل إيجاد ذلك الحدث، قضى عليه الشعب الإيراني في ظرف عدة أيام. ثم قالوا إنَّ العمل كانت فيه العيوب الفلانية فلنعمل على التخلّص من هذه العيوب ونطلق في العام القادم - أي سنة 97ش وهي السنة التي نحن فيها- الحوادث نفسها من جديد. وقال الرئيس الأمريكي ستسمعون أخبارًا مهمة عن إيران بعد ستة أشهر، أي في شهر مرداد[تموز /آب] الذي نحن فيه. وقد كانت هذه الأحداث قبل أيام حيث تجمَّع عدد من الأشخاص في عدة أماكن وأطلقوا الهتافات. إنهم ينفقون الأموال ويعملون ويتحملون الجهد والتعب من أجل أن يصنعوا حدثًا ما فتكون هذه هي النتيجة. فالشعب يقظ وذكي وصاحب بصيرة. نعم، قضايا المعيشة تضغط على الناس والكثيرون يعانون أوضاعًا معيشيّة صعبة، وغير راضين، لكنهم لا ينصاعون لمؤامرات المخابرات المركزيّة الأمريكيّة وإرادتها، ولا للنظام الكذائيّ التعيس المخزي.

ثالثًا، في الوحدة الداخلية
أ ــ المطالبون باستقالة الحكومة إنما يعملون لصالح العدو
العدو ضعيف وعاجز ومهزوم ومن المؤكد أنه سوف ينهزم في المستقبل في كل المراحل بشرط أن نكون أنا وأنتم يقظين وأن نعمل بواجباتنا ولا نيأس. البعض يتكلمون ويتصرفون تحت عنوان أننا نريد إصلاح الأوضاع أو أننا مناصرون للضعفاء مثلًا وما شاكل فيعملون لصالح العدو وهم لا يعلمون. هؤلاء الذين يخاطبون الحكومة بأنها يجب أن تتنحى وتستقيل وتفعل كذا وكذا يعملون لصالح خطة العدو. لا؛ الحكومة يجب أن تبقى بقوة وهي التي يجب أن تقوم بالأعمال.

ب ــ لتتكامل جهود السلطات الثلاث حيال قضايا البلاد
ورئيس الجمهورية منتخب من قبل الشعب، ومجلس الشورى أيضًا منتخب من قبل الشعب. لرئيس الجمهورية حقوقه وللمجلس حقوقه، لكليهما حقوقه وواجباته. يجب أن ينهضوا بالواجبات ويجب الحفاظ على حقوقهم وكرامتهم.

مجلس الشورى يجب أن يحفظ كرامة رئيس الجمهورية ورئيس الجمهورية يجب أن يحفظ كرامة المجلس. يجب أن يحفظ كلٌّ منهما الآخر ويتآزرا ويتعاونا معًا. المجلس الأعلى لرؤساء السلطات الثلاث فيما يتعلق بالشؤون الاقتصادية وقضايا البلاد المهمة الذي قمنا بتشكيله مؤخرًا، يجب أن تكون إحدى فوائده تآزر السلطات وتكاملها وتضافر الجهود والإمكانيّات فيما بينها. وليتصرف الناس أيضًا ببصيرة، وليعلموا ما الذي يفعلونه وما الذي يقومون به، وليعلموا ما الذي يقولونه وما الذي يريدونه، وأنا واثق إن شاء الله من أن يد القدرة الإلهية تسدد هذا الشعب كما قال الإمام الخميني (رضوان الله عليه) لي، فهذا ما قاله الإمام الخميني نفسه، قال إنني أرى يد القدرة الإلهية فوق رؤوس هذا الشعب وهذا النظام. كان الإمام الخميني (رضوان الله عليه) يرى يد القدرة الإلهية ونحن أيضًا نرى يد القدرة الإلهية، وقدرة الله متجلية ومتبلورة في قدرة الشعب وإيمانه.

نسأل الله تعالى أن يوفقكم جميعًا. أتقدم منكم مرة أخرى بالشكر لأنكم تجشمتم العناء وتفضلتم بالمجيء وأسأل الله تعالى لكم التوفيق.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


1 ـ الإمام الحسين بن علي عليهما السلام.
2 ـ سورة الصافات، الآية 107.
3 ـ سورة النساء، شطر من الآية 32.
4 ـ الصحيفة السجادية، الدعاء الخامس.
5ـ نفس المصدر السابق.
6ـ رفع بعض الحضور شعارات: يجب إعدام المفسدين الاقتصاديين.
7ـ ضحك الإمام الخامنئي والحضور.
8 ـ ضحك الحضور.
9ـ ضحك الحضور.
10 ـ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
11ـ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

2018-08-24