كلمة الإمام الخامنئي في لقائه جمعاً من أساتذة الجامعات والنخبة
2018
كلمة الإمام الخامنئي في لقائه جمعاً من أساتذة الجامعات والنخبة والباحثين الجامعيين
عدد الزوار: 86
كلمة
الإمام الخامنئي في لقائه جمعاً من أساتذة الجامعات والنخبة والباحثين الجامعيين
بمناسبة شهر رمضان المبارك_10/6/2018
إيران وقضية فلسطين: الحل في استفتاءٍ عامٍ يشمل كل من هو
فلسطيني
محاور رئيسة
• نتانياهو يتباكى: إيران تريد القضاء علينا
• الجامعيون؛ الأجدر لحل مشكلات البلاد
• لتربية الطلبة بما يؤهلهم لقيادة المجتمع
• لتخريج طلاب متفائلين بمستقبل بلادهم
بسم الله الرحمن الرحيم (1)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين.
إهتمام ملحوظ للشريحة الجامعية بقضايا البلاد
أرحّب بكم كثيراً أيها الإخوة الأعزاء والأخوات العزيزات. لقد كانت هذه
الجلسة والحمد لله جلسةً جيدة جداً. وبهذه الآراء التي طرحها الأعزاء هنا ـ وقد
تعاقب على الحديث ثلاثة عشر شخصاً ـ تحققت لحسن الحظ إحدى النقاط التي دوّنتها
لأطرحها في هذه الجلسة وهي تصدي الجامعة لقضايا البلاد والتحديات التي تواجه البلاد.
وهذه توصيتنا الأكيدة ولربّما أتطرّق للكلام عن الموضوع بعض الشيء. بمعنى أنني أرى
أنّ الأساتذة الذين تحدّثوا في هذه الجلسة غالباً ما طرحوا واهتموا بقضايا البلاد
الرئيسية والتحديات التي تواجه البلاد، وتحدثوا عنها. افترضوا مثلاً قضية السينما ـ
وهي قضية مهمة ـ وقضية الاتفاق النووي، وقضية الآفات الاجتماعية، هذه الكلمات التي
ألقاها السادة هنا كانت طرحاً ومناقشة لهذه القضايا، وهذه هي توصيتنا. أو قضية
الأسرة والزواج وإنجاب الأولاد، وقضية الصناعات الجوية والفضائية، وقضية الجو
والفضاء وهي قضية على جانب كبير من الأهمية. وقضية الدبلوماسية العلمية، أو قضية
المياه وهي قضية مهمة للغاية، ولاحظت أنَّ السادة هنا أولوها أهمية . أو قضية
التجديد والإبداع ـ والتي ربما أشير لها في معرض حديثي ـ وقضية الاقتصاد وقضايا من
هذا القبيل. وهذه أمور حسنة والحمد لله.
عندما أنظر وأقارن جلستنا هذا العام ببعض الجلسات [التي عقدناها] قبل سبعة أو
ثمانية أو عشرة أعوام أجد أنَّ الفارق كبير جداً؛ هذا يدل على أن الشريحة الجامعية
قد قامت بحركة فكرية متقدمة ومحفّزة خلال هذه الأعوام. أي إنني أرى اليوم أن حراك
الشريحة الجامعية ومشاعرها ودوافعها واهتماماتها وشعورها بالآلام والأوجاع أفضل مما
كان عليه الوضع قبل عشرة أعوام أو خمسة عشر عاماً. وهذه نقطة على جانب كبير من
الأهمية. طبعاً لا ندّعي أن هذه المجموعة المتواجدة في هذه الجلسة هي كل الشريحة
الجامعية لكنها تُمثِّل نموذجاً لتلك الشريحة وعَيِّنة منها، بمعنى أنها تدلُّ على
أن هذا التفكير وهذا الشعور موجود لدى شريحتنا الجامعية. حتماً، لقد ضاق الوقت بنا،
وقد كنت مستعداً للكلام لوقت أكثر، لكن لم يعد ثمة مجال، وأنا مضطر للاختصار.
أهمية الجامعة للبلاد: إعداد القوة العاقلة
أيها الإخوة الأعزاء أيتها الأخوات العزيزات: الجامعة مركزٌ مهمٌ جداً. نقول هذا عن
إيمان قلبي عميق. ولديّ دليلي على هذه القضية. لماذا؟ لأن الجامعة هي إحدى المراكز
المهمة لإعداد وتخريج القوة العاقلة في البلاد. [نعم] إعداد القوة العاقلة في
البلاد. فما من بلد يمكن أن يُدار ويتقدم من دون وجود قوة عاقلة. لاحظوا أنَّ هاتين
المقدمتين تعطيان نتيجة وهي أن الجامعة الجيدة ذات أهمية حيوية بالنسبة للبلاد. حسنٌ،
للأساتذة دور استثنائي في الجامعة. أي إن للأستاذ دوراً خاصّاً في هذه العمليّة؛
عملية صناعة القوة العاقلة وإعدادها لإدارة البلاد. ولذا، فمكانة الأساتذة مهمة
وحساسة وخطيرة جداً...
مستلزمات الجامعة للقيام بدورها
إذا أرادت الجامعة ممارسة هذا الدور ـ دور إيجاد وإعداد وتخريج القوة العاقلة
للبلاد ـ بشكل صحيح فإنَّ لهذا مستلزماته التي ينبغي لها بالتأكيد التنبه لها
ومراعاتها. سجَّلت هنا ثلاثة من هذه المستلزمات سأتحدث عن كل واحد منها باختصار.
إحدى هذه المستلزمات هي التصدي لقضايا البلاد والخوض فيها. بمعنى أن لا تعدّ
الجامعة نفسها منفصلة عن قضايا البلاد، وأن تكون قضايا البلاد والتحديات التي
تواجهها قضايا واقعية وحقيقية وأصلية للجامعة.
ثانياً: الاهتمام بتربية الطلبة الجامعيين من
حيث الثقافة والأخلاق والهوية. أي أنَّ قضية التربية تفوق قضية التعليم. وطبعاً
التربية ذات التوجه الأخلاقي والمعنوي والتلطيف الروحي وبث روح الشعور بالهوية في
شريحة الطلبة الجامعيين الشباب.
ثالثاً: أن تكون هناك حال حراك وصيرورة دائمة
في الأجواء الجامعية؛ حال تحول مستمر ودائم في البيئة الجامعية. والسبب هو [أولًا]
أن كل مؤسسات العالم تحتاج إلى التحول والتطور، ولأنّ البشرية في حال تحول وتقدم
وحركة. لذا على كل المؤسسات البشرية أن توجد في داخلها القدرة على التحول المستمر
وأن تكون هذه الحال همَّاً تحمله هذه المؤسسات. ثانياً جامعاتنا ـ ونقولها بصراحة ـ
تأسست بشكل خاطئ؛ أرسيت أسسها منذ البداية بشكل خاطئ. وليس معنى هذا أن الأجواء
الجامعية أجواء فاسدة وسيئة. لا، فلحسن الحظ كانت لجامعاتنا نتاجات جيدة جداً. لكن
أسس الجامعة وضعت في زمن الحكم الطاغوتي من قبل أناس غير موثوقين وبسياسات غير
موثوقة، ولا يزال هذا البناء قائماً. لقد أسسوا الجامعات على أساس تنحية الدين
واجتثاثه، وأرسوا دعائمها على أساس التقليد العلمي وليس الابتكار والإنتاج العلمي.
هكذا تأسست الجامعات ولا تزال بعض آثار ذلك مستمرة إلى اليوم. لذلك لا بُدَّ من
إصلاح وتحول وصيرورة داخلية للجامعة بشكل مستمر. وقد سجَّلت هنا نماذج من ذلك سوف
أشير إليها. هذه ثلاثةٌ من المستلزمات، وثمة بالطبع مستلزمات أخرى.
أولًا، الجامعيون هم الأجدر لحلّ مشكلات البلاد
فيما يتعلق بالتصدي لقضايا البلاد والذي من حسن الحظّ لاحظنا نموذجاً عنه اليوم.
وقد سُررت حقاً لأنني شاهدت إخوتنا وأخواتنا يطرحون هذه القضايا. إنني أشكر الله
حقاً لأن هذا الشيء الذي نتوقعه موجود لحسن الحظ في أذهان مجموعةٍ من جامعيّينا
الأعزاء على الأقل. لماذا نقول يجب التصدي لقضايا البلاد؟ حسنٌ، بالنهاية لكل بلد
قضاياه ومشاكله، ولدينا اليوم أيضاً قضايا ومشاكل، وسيكون لنا غداً أيضاً مشاكلنا.
هكذا هي كل بلدان العالم وكل مجتمعات العالم، لديهم مشاكل يجب أن تُحل. وينبغي لهذه
المشاكل أن تحل بشكل علمي.
إذا خضنا هذه المشاكل بطريقة غير علمية وغير حكيمة ومن دون تفكير وتعقل فإنها لن
تحل بل ستزداد تعقيداً وستستمر وتتفاقم وتزداد. إذن، ينبغي حلُّ المشكلات بشكل علمي.
حسنٌ، إذا كان من المقرر أن تحل بشكل علمي فمن الذي يجب أن يحلها ويعالجها؟ العلماء،
أي الجامعيون الذين هم من جملة علماء البلاد والذين يشكّلون القطاع الأوسع من علماء
البلاد. وعليه، على الجامعة أن تعدّ مشكلات البلاد مشكلاتها وتبحث لها عن حلول.
أ ــ إصلاح أساليب إدارة الإقتصاد وغيرها
حسنٌ، لنضرب مثلاً القضية الاقتصادية، الاقتصاد اليوم واحدٌ من قضايا
البلاد. يُقال مراراً وقيل في هذه الجلسة أيضاً: إن بعض أساليبنا في إدارة الاقتصاد
ـ ما ينفَّذ ويجري في البلاد عملياً في الوقت الحاضر ـ أساليب ضعيفة أو خاطئة. حسنٌ،
هذا شيء يجب إصلاحه، فمن الذي يجب أن يصلحه؟ ومن الذي ينبغي أن يتصدّى لهذه القضية؟
الجامعة. لقد أوصيت بعض المسؤولين رفيعي المستوى عدة مرات إلى الآن وقلت: اطلبوا أن
تُجمع لكم هذه الآراء الاقتصادية التي ينشرها أساتذة الاقتصاد الجامعيون في الصحف ـ
والتي غالباً ما أطلع عليها ـ وليؤتَ بها إليكم لتعلموا أنه بالإضافة إلى تلك
القرارات التي تُتّخذ في المؤسسات الحكومية المعنية، توجد مثل هذه الآراء والأفكار
أيضاً؛ فهي مفيدة وحلالة للمشاكل، والنظر فيها والاستماع إليها يعالج الأمور. إذاً،
قضية الاقتصاد من القضايا التي تحدَّث أحد السادة هنا اليوم حولها وذكر بعض النقاط
في هذا المجال.
ب ــ التقنيات النفطية والكهربائية
وفي الصناعة؛ تعاني صناعتنا من مشاكل، وبوسع الجامعات أن تلعب دوراً في
هذا المجال. طبعاً من اللازم أن أشير إلى أن بعض هذه الجامعات طبقاً للتقارير التي
رُفعت إلي، قد عملت بطريقة جيدة في مجال الصناعة، لكن بعض الجامعات لم تعمل بطريقة
جيدة، ولم تدخل في هذا المجال ولم تعمل بشكل جيد. سمعت مؤخراً أنه تم التخطيط لمنح
الأساتذة فُرصاً بحثية في مجال الصناعة لمدة سنة، وقد صودق على هذا المشروع في
قنوات ومراكز المصادقة والتصويب. هذا شيء حسن جداً. افترضوا أن فرصة بحثية تمنح
للأساتذة المختصّين بالصناعة ليخوضوا في عُمق الصناعة ويتعرفوا إلى مشكلات الصناعة
في البلاد عن كثب. لدينا مشكلات في الصناعة في البلد، ويجب على الجامعات أن تعالج
هذه المشكلات. بالطبع، يشتكي بعض أصحاب الصناعات ويقولون إن التواصل مع الأجهزة
الجامعية لم يساعدنا في شيء، ولكن تستطيع الجامعات مبدئياً أن تساعد على تقدم
الصناعة وازدهارها ورفعتها، وذلك لكي لا نعلّق الآمال في صناعتنا النفطية مثلاً أو
صناعتنا الكهربائية أو صناعاتنا الأخرى على الأجانب، وبأنّه لا بدّ وأن يأتي أجنبي
ونبرم معه عقداً ليمنحنا التقنية. هذا كلام يُطرح الآن، لأننا نتصور أننا مضطرون
ونحتاج لأن نبرم عقداً مع الشركة النفطية الفلانية الأجنبية لكي نستطيع مثلاً زيادة
معدّل إنتاجنا للنفط ونصل به على سبيل المثال من 25 بالمائة إلى 50 بالمائة. وعندها
قد تفرض علينا هذه الشركة بعض الأشياء.
إذا خاضت جامعاتنا في هذا المضمار فاعتقد أنها تستطيع بالتأكيد [القيام بعمل ما].
كيف استطعنا ونجحنا في بعض المجالات. كل العالم المعني بالقضية كان يحسب نجاحنا في
تخصيب اليورانيوم بنسبة عشرين في المائة مستحيلاً. لم يكونوا ليصدقوا أبداً أن مثل
هذا الشيء يمكن أن يحدث في البلاد، لكنه حدث. كانوا يضعون الشروط لبيعنا اليورانيوم
المخصب بنسبة عشرين بالمائة، وكان بعض مسؤولينا للأسف يميلون إلى منح هذه
الامتيازات [للأجانب] . حصل بعض الإصرار قليلاً، وحصل بعض الثبات والمقاومة وبذل
شبابنا بعض الجهود والمساعي وشاهد العالم فجأة أننا لا نحتاج إلى [شراء] اليورانيوم
المخصب بنسبة عشرين بالمائة من أميركا وروسيا وأظن فرنسا. وهو ما كان مطروحاً على
بساط البحث آنذاك. فقد استطعنا نحن إنتاج العشرين بالمائة. حسنٌ، تلك المواهب التي
تستطيع القيام بمثل هذا العمل الكبير ـ ويعلم المختصون أنَّ المهم في قضية التخصيب
هو الانتقال من الثلاثة في المائة والأربعة في المائة إلى العشرين فيالمائة، وإلا
فالانتقال من العشرين بالمائة إلى التسعة والتسعين بالمائة أسهل ـ ونحن الذين
استطعنا القيام بذلك العمل ـ لِمَ لا نستطيع رفع مستوى إنتاج آبارنا النفطية؟ لِمَ
لا نستطيع إنجاز أعمال تخدم في تقدم صناعاتنا؟ إذاً، تستطيع الجامعة المساعدة في
هذا المجال الصناعي.
ج ــ الآفات الإجتماعية على إختلافها
وفي خصوص قضية الآفات الاجتماعية، قضية الطلاق، والإدمان على المخدّرات،
والأحياء المحيطة بالمدن [السكن العشوائي]، والجرائم، والفضاء الافتراضي وما شاكل
مما تمّت الإشارة إليه من قبل الإخوة؛ بالطبع، منذ مدة ـ وقد قال [أحد الأساتذة]
مدة أربعة أعوام، والظاهر أن المدة ليست أربعة أعوام، ويبدو أنها ما بين السنتين
والثلاث سنوات ـ أشركنا كل أجهزة البلاد في هذه القضية، أشركنا الأجهزة المعنية من
السلطات الثلاث في قضية الآفات الاجتماعية، وتم عقد جلسات جيدة و[المسألة] تتابع
ويتم إنجاز أعمال كثيرة. وهذه بالطبع، من الأعمال والأمور الطويلة الأمد والتي لا
تلاحظ آثارها ونتائجها بسرعة. يمكن للجامعة أن تساعد في هذا المضمار أيضاً.
الاقتراحات التي قدّمها الإخوة كانت جيدة جداً، وأنا الآن أوصي القيّمين في مكتبنا
بأن يجمعوا هذه الاقتراحات التي قُدِّمت في شتّى المجالات، وليعقدوا حولها الجلسات،
وليفكّروا فيها، ويجدوا سُبلاً لتنفيذها وتطبيقها.
د ــ الوصل الصحيح بين "الإنتاج" و"الإستهلاك"
أو قضية عجلة الإنتاج والاستهلاك وقضية التجديد والإبداع التي أشاروا
إليها، أولاً يجب أن يكون لنا تجديدنا وإبداعنا؛ بمعنى إيجاد الفكرة، ثم الإنتاج،
ثم التسويق وما شاكل. وتسويق العرض والاستهلاك هذا إنما هو سلسلة، وينبغي للسلسلة
أن تتحرك بشكل صحيح. بمعنى أن توجد سلسلة تصل بين قطاع الإنتاج وقطاع الاستهلاك،
وعلى هذه الحلقات أن تنقل الإمكانيّة بعضها إلى بعض بصورة صحيحة ليتم العمل بشكل
صائب. وإذا كان ثمّة عيب وخلل في هذه العجلة فمن الذي يجب أن يرد الميدان ويدخل
المضمار؟ الجامعة. فالجامعة هي من يجب أن ينظر أين يكمن الخلل، وهي التي ينبغي أن
تزيل الإشكال لنستطيع إنجاز العمل.
هـ ــ إنتاج البضائع المحلية وتسويقها
أو قضية دعم البضائع الإيرانية والتي شاهدت لحسن الحظ أن أحد السادة
أولاها اهتماماً وفكَّر فيها وعمل في خصوصها. وقد تضمّنت كلمته النقاط نفسها التي
دوّنتها هنا تماماً. افترضوا أننا ننظر في عقبات إنتاج البضائع ذات الجودة العالية.
المسألة الأولى هي أنّه يجب علينا في الداخل أن ننتج بضاعة ذات جودة عالية ليكون
لها زبائنها وتُباع. ما هي موانع وعقبات إنتاج البضاعة الجيدة، ثم كيفية التسويق،
ماذا علينا أن نفعل ليمكننا إيجاد أسواق لمنتجاتنا في الداخل والخارج. [ايجاد أسواق]
في الخارج قضية أخرى مستقلة، [أما] القضية الداخلية فهي قضية فكريّة وثقافية كما
أشاروا لذلك، وهي صحيحة تماماً. أي يجب أن تُدرس في الجامعات، في الأقسام المختلفة
لعلم الاجتماع وعلم النفس أسباب ميل بعض شرائح الشعب لاستهلاك البضائع الأجنبيّة
وقلة ميلهم للبضائع الوطنيّة، وما هو سبيل العلاج. بالطبع، ذُكرت سُبل للعلاج لكنها
غير كافية، فهذه القضية بحاجة إلى دراسة علمية. حقاً، يمكن العثور على سبل وطرائق
وحلول. وسترون فجأة خلال سنتين أو ثلاث سنوات أو أربع سنوات أن الأمر انقلب تماماً،
كما يحصل في الوقت الحالي وبهذا العمل الدعائي الذي تم إلى حد ما، حيث راح بعض
الباعة يعرضون البضائع الأجنبية على أنها بضائع وطنيّة! هذا ما لدينا علم به ـ لدي
اطلاع على ذلك وقد رفعوا إليّ تقريراً به ـ أي إن الشخص يذهب ويطلب من البائع بضاعة
ما والبائع يملك النوع الأجنبي منها ولأنه يعلم أن الزبون يحتاج إلى النوع الوطني
منها لذا يقول له كذباً إنها إيرانية! هذا شيء جيد جداً. الكذب حتماً شيء سيّئ،
ولكن من الجيّد جداً أن يضطر البائع من أجل بيع بضاعته إلى القول إنها وطنيّة.
ينبغي ترويج هذه الثقافة. فكيف تشاع هذه الثقافة؟ لهذا الأمر أسلوبه العلمي، وأنتم
من يجب أن يقوم بهذه المهمة. أو نقل المكتسبات العلمية الجديدة إلى القطاعات
الإنتاجية، هذه كلها من أعمال الأقسام المختلفة في الجامعات.
وعليه ينبغي على الجامعات أن تعثر على القضايا والمشاكل في البلاد ـ وقد وجدت في
كلمات السادة لحسن الحظ وسجَّلت هذا هنا وهو أمر لافت جداً، لاحظت أنهم واقعاً
جلسوا وقاموا بتشخيص القضايا والمشكلات، لنضرب مثلاً إنّهم يقولون: إنّها لمشكلة
حين تقولون بأنّ على المرأة أن تكون ربة منزل وفي الوقت نفسه تكون من أهل الدراسات
العليا، فكيف تجتمع هذه مع تلك. حسناً هذه واحدة من القضايا، لاحظوا، تشخيص القضايا
والمشاكل شيء مهم جداً، بأن نعكف على تشخيص القضايا والعثور عليها ـ وبعد ذلك
نعالجها ونحلّها. إذن، تستطيع الجامعة أن تعثر على المشاكل والقضايا وأن تساعد كذلك
في حلها. والكلام كثير طبعاً في هذا الخصوص. لقد دونت هنا بعض النقاط لكن الوقت
ضيّق.
• الحكومة مدعوة للإهتمام بقضية ارتباط الجامعة بقضايا
البلاد
بالطبع، ينبغي للمديرين أن يريدوا ويرغبوا بهذا الشيء. إنني من هذا الموقع أطلب من
السادة أعضاء الحكومة الحاضرين هنا أن يطرحوا في اجتماعات مجلس الوزراء هذه القضايا
وقضية ارتباط الجامعة بقضايا البلاد بشكل جدي ليكتسب الجميع الدوافع والحوافز
والرغبة بالمتابعة. ونحن نقول ذلك لكل واحد من الوزراء طبعاً. في فترة من الفترات
كان لدينا وزير طاقة وكان أخاً صالحاً جداً درس في جامعة أمير كبير. كان يتحدث معي
حول إحدى القضايا ويقول إنَّ لدينا مشكلة فيها. فقلت له يا أخي، اسبق هيئة الحكومة
بخطوة واذهب إلى هذه الجامعة التي درست أنت فيها واطرح هذه القضية هناك وسوف يجدون
حلّها. وكانوا سيحلّونها بالتأكيد، فأنا لا أشكُّ في ذلك. أي إن تصدي الجامعة
لقضايا البلاد إذا أُخذ حقاً على مأخذ الجد من قبل المديرين ـ وهذا هو الأصل ـ فسوف
تسير الأمور قدماً برأيي. أي إنَّ على المدير أن يذهب إلى باب بيت العالم، هذه هي
القاعدة الأساسية. ولا ينبغي للعالم أن يقف وراء باب مكتب المدير. على المدير أن
يذهب إلى باب بيت العالم ويطلب منه المساعدة.
ثانيًا، لتربية الطلبة بما يؤهلهم لقيادة المجتمع (في
الأخلاق والثقافة والهويّة)
وفيما يتعلق بالأمر اللازم الثاني الذي أشرت إليه، تربية [الطلبة الجامعيين] من حيث
الأخلاق والثقافة والهوية: إعداد القوة العاقلة. فما هي القوة العاقلة؟ وما هو
العقل؟ العقل في الأدبيات الإسلامية ليس مجرد ذلك الجهاز الذي ينجز لنا الحسابات
المادية، لا؛ «اَلعَقلُ ما عُبِدَ بِهِ الرَّحمٰنُ وَاكتُسِبَ بِهِ الجنان» (2).
هذا هو العقل. «اَلعَقلُ يهدي وَينجي» (3). هذا هو العقل. ينبغي للعقل أن يستطيع
التسامي بالإنسان. العقل في مستوى من المستويات هو ذلك العامل الذي يوصل الإنسان
إلى مقام القرب ومقام التوحيد، وبمستوى أدنى منه، العقل هو ذلك الشيء الذي يوصل
الإنسان إلى نمط الحياة الإسلامية. وبمستوى آخر العقل هو ذلك الشيء الذي ينظم
العلاقات المادية للحياة الدنيا. هذا كله من عمل العقل. العقل والقوة العاقلة هي
تلك القوّة التي يمكن أن تتوفر على كل هذه الأشياء، لذا فهي بحاجة إلى التربية
المعنوية. ربّوا الطلبة الجامعيين تربية معنوية. هؤلاء شباب، والشاب لطيف بنحو
طبيعي وطاهر نسبياً وله قابليّة السير بالاتجاه المعنوي، وهذا ما يجب توفيره في
الجامعة. «لا يستَعانُ عَلَى الدَّهرِ إلّا بِالعَقل» (4). الحياة غير ممكنة من
دون العقل. لذا ينبغي أن يكون الجانب التربوي لهذه القوة العاقلة قوياً. وينبغي على
الجامعة أن تربي شباباً ذوي إيمان وشرف ومبادرة وغير كسالى ومن أهل الجد والسعي
والثقة بالنفس وممن يقبلون الحق ويطالبون به. هذه خصال الإنسان السامي؛ هذا هو
الإنسان الذي يريده الإسلام، وهذا هو الإنسان الذي لو تولّى إدارة المجتمع لاستطاع
توجيه المجتمع نحو الصلاح والفلاح. وإلا افترضوا مثلاً أنه من الشائع الآن في
الفضاء الافتراضي أن يسيء الناس إلى بعضهم البعض، وأن يتّهم هذا ذاك، وذاك يتهم هذا،
وأن يضخِّموا نقطة ضعف صغيرة، ويريقوا ماء وجه إنسان مؤمن ولا يُعلم من هو، طبعاً
هذا شيء سيء جداً. ثمة مثل هذه الأشياء بين شبابنا ويجب الحؤول دونها، وهذا الشيء
ممكن بالتربية المعنوية.
أ ــ لتربيتهم على أخلاق الحياة الإسلامية
في مجلس الرسول (ص) نال شخصٌ من عرض مؤمن وأراق ماء وجهه ـ ولم تذكر
الرواية بأي شكلٍ نال منه ـ ودافع شخص آخر عن ذلك المؤمن الذي جرى النيل منه. فقال
الرسول (ص) إن هذا الذي فعلته ـ حيث دافعت عن حرمة مؤمن ـ حجاب دون نار جهنم. هذا
حجاب دون نار جهنم. هذا هو نمط الحياة الإسلامية. يعني «ارحَم تُرحَم» (5). ارحم
لكي يرحمك الله تعالى. هذا ما يجب تعليمه ونشره بين شبابنا. ينبغي لشبابنا أن
يكونوا «أشِدّاءُ على الكفّارِ رُحَماءُ بَينَهُم» (6) ـ هذه الآية التي تُليت هنا
ـ يجب أن يتربّى [الشابّ] بهذه الطريقة. أن يقف بوجه الظلم، ويقف بوجه المعتدي،
لكنه يتعامل بعطف وتسامح مع أخيه المؤمن. يجب أن نُعلِّم شبابنا العفو والتجاوز.
إذا لم يجر تهذيب هذا الشاب اليوم وأصبح غداً مسؤولاً عن قطاع ما فسوف ينجز الأعمال
بطريقة ضعيفة أو غير موثوقة أو خاطئة. الذي يكون اليوم على استعداد للنيل من شخص ما
بدافعٍ من المزاح أو تمضية للوقت أو لإشباع حس داخلي، عندما يكون غداً في تنافس
انتخابي مثلاً سيكون على استعداد من أجل الفوز أن يسحق إنساناً مؤمناً بالكامل. هذا
ما سيصبح عليه [غداً]. وسيكون لهذا أثره هناك أيضاً.
ب ــ لتربيتهم على الإحساس بالهوية
هناك أيضاً قضية انعدام الهوية. ربّوا الشاب وخرِّجوه بحيث يكون صاحب
هوية. إذا لم يشعر المجتمع بالهوية فإن الأصوات القوية المتعسفة سوف تهزمه بسهولة.
والذي يصمد هو الذي لديه إحساس بالهوية. أحياناً تكون هذه الهوية هوية وطنية
وأحياناً هوية دينية وأحياناً هوية إنسانية وأحياناً تكون "الشرف". مهما يكن، يجب
أن يتربوا [الشباب] وينشأوا على هوية. ومن حسن الحظ فإن مجتمعنا الإسلامي ـ
الإيراني اليوم له هويته المتجذرة والتاريخية والقوية والقادرة على الاستقامة، وهذا
ما أثبته [بالفعل]. هذا ما يجب أن ننقله إلى شبابنا. بالنهاية، القضية الثقافية
قضية مهمة، وعلى القطاعات الثقافية أن تشعر بالمسؤولية وأن تعمل في هذا المجال.
ثالثا، تصحيح وإصلاح أمور الجامعات
القضية الثالثة التي أشرنا إليها هي الصيرورة [التحول] الدائمة في الجامعات. سجلت
عدة قضايا ونقاط سأقوم بعرضها. إن تصحيح وإصلاح أمور الجامعات له اليوم مصاديق
واضحة.
أ ــ من إستهلاك العلم إلى إنتاجه
من هذه المصاديق الواضحة أن نبدل توجّه استهلاك العلم إلى توجّه إنتاج
العلم. إلى متى يجب أن نجلس ونكون مستهلكين للعلم؟ إنني لا أعارض أبداً تعلُّم
العلم من الآخرين، وهذا ما قلته مراراً والكل يعلمه، قلت إننا لا نشعر بالعار من أن
نتعلم من شخص يحمل علماً ونتتلمذ على يده، لكن التتلمذ شيء والتقليد شيء آخر! إلى
متى نتبع علم هذا وذاك؟ لماذا عندما يُقال في مجال العلوم الإنسانية [تعالوا] لنجلس
ونفكر ونستخرج العلوم الإنسانية الإسلامية، ترى البعض يضجّون ويثورون فوراً ويقولون
«يا سيدي هل هذا علم»؟ ... في العلوم التجريبية التي يمكن اختبار علميتها ونتائجها
في المختبرات، بدأ يثبت خطأ الكثير من المكتشفات والمعطيات العلمية يوماً بعد يوم،
وتتوقعون أن لا تكون هناك أخطاء في العلوم الإنسانية؟ كم توجد في الاقتصاد آراء
متعارضة ومتضادة؟ في الإدارة وفي شتى قضايا العلوم الإنسانية، وفي الفلسفة، توجد كل
هذه الآراء المتعارضة، أي علم؟ العلم هو الشيء الذي تتوصل أنت له وتستطيع فهمه
ويترشح من داخل ذهنك الفعال النشط. يجب أن نسعى إلى أن ننتج العلم بأنفسنا، فإلى
متى نستهلك علوم هذا وذاك؟ نعم، لا مانع لدينا من أن نستفيد من علوم الآخرين مثلما
نأخذ البضاعة التي لا نمتلكها من الآخر الذي يمتلكها ونستفيد منها، لكن هذا لا
يمكنه أن يكون بشكل دائم ويستمرّ إلى الأبد. أحياناً لا ينتقل علم الآخرين إلينا
بصورة صحيحة، وأحياناً لا يعطوننا الجزء الإيجابي الجيد منه، وأحياناً لا يعطوننا
النسخة المستحدثة منه، وهذا ما حدث مراراً في بلادنا للأسف خلال سنوات حكم الطاغوت.
علينا أن لا نكرر التجارب. لذا، ينبغي أن ننتج العلم.
• بعض الداخل ينكر تقدم البلاد العلمي!
وبالطبع فقد سمعت مؤخراً أن البعض يكتبون ويقولون دائماً أشياء تفيد إنكار حالات
التقدم العلمي في البلاد والتي تؤيدها المؤسسات الدولية المختصة، إنني أرفض هذا
الكلام مائة بالمائة... فحالات التقدم العلمي في البلاد حالات واقعية حقيقية وليست
حالات فقاعية [وهمية] كما يدّعي البعض. لقد تقدمنا في تقنيّة النانو، وتقدمنا في
الخلايا الجذعية، وتقدمنا في الطاقة النووية، وتقدمنا في التكنولوجيا الحيويّة،
وتقدمنا في مجالات مختلفة من الطب، تقدمنا في كثير من المجالات المتنوعة، وهذه
الحالات من التقدم واقعية، حقيقية وموجودة.
وكما أشاروا فذات يوم كنا إذا خرجنا من المدن الكبيرة واجهنا شحاً في الأطباء
الإيرانيين. وقد كنت أنا نفسي في زاهدان وفي إيرانشهر، وقد كان الأطباء هناك هنوداً،
وقد راجعتهم بنفسي، ولم يكونوا سيئين طبعاً لكن البلاد كانت [حينها] تحتاج إلى
أطباء أجانب. وفي بدايات الثورة كانوا يعطون لأمراض القلب مواعيد مؤجلة تمتد
لثمانية أعوام وتسعة أعوام وعشرة أعوام؛ أي إنَّ مريض القلب كان يراجع المستشفى
فيعطونه موعداً لعملية جراحية بعد عشرة أعوام، وإلى حينها كان معظمهم يموتون! هكذا
كنا. واليوم يُجري الأطباء المتخصصون عمليات قلب مفتوح في المدن النائية. هذه
الحالات من التقدم حالات واقعية، فلماذا يريد البعض بثَّ اليأس لدى الشرائح
الجامعية الإيرانية ولدى المتخصصين والعلماء الإيرانيين؟ لا، فحالات التقدم حالات
واقعية فعلاً، لكن ينبغي تنميتها.
ب ــ لإنتاج دراسات علمية هادفة
الخطوة الأخرى ترشيد الأبحاث وتوجيهها. لدينا في الوقت الحاضر أبحاث.
محورية المقالات والدراسات العلمية في جامعاتنا هي بحدِّ ذاتها قضية ومسألة، البعض
يخالفون هذه المحورية، والبعض يقولون لا بُدّ منها. وزيادة عدد المقالات والدراسات
العلمية بحد ذاتها ـ وخصوصاً المقالات التي يُرجع إليها ـ تمثل سمعة حسنة للبلاد
ولا ضير فيها، لكن ينبغي إنتاج دراسات ومقالات هادفة وموجهة. هذا ما سبق أن أشرنا
إليه، وهو ليس موضوع اليوم، فقبل سنوات قلت أنا وتحدَّث بعض الأساتذة المحترمين هنا
وكرروا بأنّه ينبغي للبحوث أن تكون هادفة؛ لاحظوا ما هي حاجة البلاد، وما هي
الفراغات، فلتعمل تلك البحوث على ملء هذه الفراغات وسدها، فهذا شيء على جانب كبير
من الأهمية. ينبغي إخراج البحوث غير الهادفة من دائرة العمل. وبالطبع فإن هدف البحث
يفترض أن يتمثّل بشيئين: الأول تحقيق المرجعية العلمية والتواجد بين مجموعة رواد
العلم والتقنية، والثاني حل قضايا البلاد ومشكلاتها الحالية والمستقبلية. وهذان
الهدفان لا يتعارضان مع بعضهما البعض. سمعت أن البعض يقول: «كيف لا يتعارضان يا أخي؟
هل هذا الهدف صحيح أم ذاك؟» كلاهما صحيح. فالبحث ينبغي أن يكون من أجل الارتقاء إلى
قمة العلم وتحقيق المرجعية العلمية ـ وسنصل نحن في المستقبل حتماً إلى هذه النقطة
فنُعدّ مرجعية علمية في العالم ـ وأيضاً لحل مشاكل البلاد الراهنة.
ج ــ التقسيم الوطني للأعمال بين جامعات البلاد
قضية أخرى ينبغي بالتأكيد إيلاؤها الأهميّة ومتابعتها في الجامعات هي
قضية تنظيم وإعداد التعليم العالي، وهذه أيضاً قضية أولاها أحد السادة هنا اهتمامه
وذكرها لحسن الحظ. وقد تمت المصادقة على مشروع [التنظيم] هذا في العام 95 [2016 ـ
2017 م] في المجلس الأعلى للثورة الثقافية، لكنه لم يشهد تقدماً ملحوظاً. وهذا
معناه أن يُصار إلى تقسيم وطني للأعمال بين جامعات البلاد في خصوص المجالات والبحوث
المتنوعة المطروحة على الصعيد العلمي. وهذا مؤثر جداً في التخطيط؛ سوف يُسهِّل
عملية التخطيط ويسهّل تقويم الوضع العلمي في البلاد، وسوف تحصل بالطبع، حالة من
التعاضد والتآزر [بين الجامعات]. ويبدو أنَّ وزارة الصحة كان لها في هذا المجال
حراك أفضل، بحسب ما رفع إليّ في التقارير.
د ــ التطبيق الكامل للخطة العلمية الشاملة للبلاد
القضية الأخرى التي تهم الجامعات هي تطبيق الخطة العلمية الشاملة للبلاد.
ولقد تمَّ تطبيق وتنفيذ جزء من الخطّة العلمية الشاملة لكنها لم تُطبّق كلها. ومن
المشكلات التي سبق أن طرحتها في هذه الجلسة (7) هي أن كثيراً من الجامعيين
الإيرانيين لم يقرأوا الخطّة العلمية الشاملة للبلاد وهم غير مطلعين عليها أصلاً.
لقد تمَّ العمل على الخطة العلمية الشاملة للبلاد بشكل كبير، كل هؤلاء العلماء
والمتخصصين والخبراء العلميين والجامعيين عملوا على إنجاز هذه الخطة فتمَّ إنتاج
شيء شامل جامع وجيد، فيجب تطبيق وتنفيذ هذه الخطة الشاملة في الجامعة. من الذي يجب
أن يطبقها؟ الجامعات والجامعيون في البلاد أنفسهم، والأساتذة أنفسهم، هم من يجب أن
يقرأوا هذه الخطة الشاملة ويطلعوا عليها ويعلموا ما هي وما المطلوب في هذه الخطة
العلمية الشاملة. ولتُعقد جلسات بحث من أجل تطبيقها بين الأساتذة والطلبة الجامعيين
في المستويات العليا، ولتلاحظ آثارها في الأجواء التعليمية وفي قطاعي التعليم
والبحث في البلاد.
هـ ــ لمعالجة ظاهرة الإحجام عن بعض الإختصاصات
القضية التالية هي عدم التوازن فيما بين الاختصاصات الجامعية، فبعض
الاختصاصات والحقول تعاني من عزلة وغربة. الإحصائيات التي رفعت إليّ تشير إلى أن
معدّل المتقدمين لامتحانات القبول الجامعي في فرع الرياضيات، وهو فرع مهم للغاية،
قد انخفض بنسبة خمسين في المائة، وهذا شيء خطير بالنسبة لمستقبل البلاد. إننا بحاجة
إلى هذه الاختصاصات العلمية الأساسية ـ وخاصّة الرياضيات والفيزياء ـ من أجل
المستقبل. وإذا انخفض عدد المتقدمين في هذه الاختصاصات وحصلت حالات إقبال واسعة
وهجوم على الفروع ذات العائدات المالية الكبيرة التي توفر للإنسان مالاً وشغلاً
بنحو فوري سريع، فهذا ما سيؤدي إلى مشكلة. وينبغي على الأجهزة الجامعية بالتأكيد
تعويض وتلافي وإصلاح مستتبعات عدم التوازن هذا.
و ــ لعدم جعل "المقالات" معيارًا وحيدا لترقية الأساتذة
ومن المسائل أيضاً قضية محورية المقالات العلمية التي أشرت إليها حيث ينبغي أن تكتب
المقالات باتجاه حلِّ مشكلات البلاد. والطريق السهل الذي يشكله إنتاج المقالات من
أجل رفع مستوى الأساتذة هو بحد ذاته من المشكلات. في النظام الداخلي لترفيع مستوى
أساتذة الجامعات تلعب المقالات دوراً كبيراً جداً في ترقية الأساتذة، وهذا طريق سهل،
ينبغي إنجاز العمل بشكل أدق قليلاً؛ أي إنَّ الترقية يجب أن لا تقوم على أساس [تقديم]
المقالات فحسب، فهناك أعمال أهم يمكن أن تكون معياراً (8). (جيد جداً هذا يدلُّ على
أنكم تؤيدون هذا الكلام وأنّكم أيضاً قد تعبتم (9) لذلك اختتم كلمتي).
لتخريج طلابا متفائلين بمستقبل بلادهم
أيها الأعزاء، على الجامعة أن تخرِّج طلاباً متفائلين بالمستقبل وأصحاب نظرة
إيجابية لوضع البلاد والمستقبل. هذه هي القضية الأهم. على الطالب الجامعي اليوم أن
يكون واثقاً من أنه في الغد عندما يصل الدور إليه في الإدارة والكفاءة والتدبير
والإصلاح وما شاكل، فإن ما سيستلمه هو بلد أفضل من اليوم. ينبغي منح الطالب الجامعي
هذا الأمل. وهذا هو واقع القضية أيضاً. لقد تقدمنا اليوم كثيراً بالمقارنة بما قبل
عشرة أعوام وعشرين عاماً وأربعين عاماً. وبعضكم مطلع على الأمر، ولكن الكثير منكم
شباب؛ أي إنكم لا تتذكرون ما قبل ثلاثين عاماً ـ لا تتذكرون وضع البلاد ولا تتذكرون
وضع الجامعات ـ لكنني أقول لكم إن تقدم البلاد وتقدم الأجواء الجامعية خلال هذه
الأعوام العشرين أو الثلاثين كان تقدماً مثيراً للإعجاب وجديراً بالثناء حقاً. إذن،
ينبغي إعداد الطالب الجامعي وتربيته على هذا النحو: أن يكون مؤمناً بقدرات البلاد،
ومؤمناً بنجاحات البلاد ـ سواء النجاحات على المستوى الداخلي أو الخارجي ـ ومؤمناً
بتقدم البلاد وبقدراتها وقدرة البلد على صناعة المستقبل، يجب أن يكون مؤمناً [بهذا]
ويعرف مكانة البلاد في العالم.
• أعداء الجمهورية الإسلامية كلهم سيُهزمون
نحن اليوم في العالم بلدٌ له أكثر الأعداء بين الحكومات المستكبرة وبين العتاة
عديمي القيمة، ولنا أكثر الأنصار بين جماهير الشعوب في الكثير من البلدان، ولا أقول
في كل البلدان، ولكن في الكثير من البلدان. السمعة الحسنة التي للجمهورية الإسلامية
في الكثير من هذه البلدان ـ في البلدان المجاورة والأبعد منها ـ لا يمتلكها أيُّ
بلدٍ من البلدان الأجنبية. قد يكون هناك ميل وانجذاب نحو البلد الفلاني المتقدم
علمياً ولكن من دون أي حب ومودة. للجمهورية الإسلامية مثل هذه المكانة ولها مثل هذا
الموقع ولهذا فإنَّ لها أعداء خبثاء ألداء، وسوف ينهزم كل هؤلاء الأعداء بتوفيق من
الله أمام الشعب الإيراني والجمهورية الإسلامية، ولن يستطيعوا فعل شيء.
نتانياهو يتباكى: إيرن تريد القضاء علينا
وافترضوا الآن أن شَمِر العصر رئيس وزراء الكيان الصهيوني القاتل للأطفال (10) يذهب
إلى أوروبا ويتظاهر بأنه مظلوم ويقول إنَّ إيران تريد القضاء علينا وما شاكل من
كلام ـ حسنٌ، أولاً إنهم هم الشَمِر بالمعنى الحقيقي للكلمة؛ أي إنهم أشخاصٌ فاقوا
من حيث الظلم والجور كلَّ ظلمة التاريخ ـ ومخاطبه [مستمعه] الأوروبي يستمع ويهز
رأسه ويقول له نعم نعم ولا يشير أبداً إلى "أنكم ترتكبون في غزة كل هذه الجرائم،
وترتكبون في القدس هذه الجرائم"، هؤلاء لا يتحدثون عن هذا الشيء أبداً. هذا يتحدث
وأولئك يهزون الرؤوس.
إيران وقضية فلسطين: الحل في استفتاء عام يشمل كل من هو
فلسطيني
حسنٌ هذا العالم عالم سيّئ. وقد تحرّكت الجمهورية الإسلامية بشكل منطقي في كل
المجالات. ففي قضية الكيان الغاصب هذه كان جمال عبد الناصر (11) قبل أربعين أو
خمسين سنة يرفع الشعارات ويقول سنرمي اليهود في البحر؛ أي إنه عندما كان يريد
التحدث ضدَّ إسرائيل كان يقول سنرمي اليهود في البحر، أمَّا الجمهورية الإسلامية
فلم تقل هذا الكلام منذ اليوم الأول، بل قدَّمنا مشروعاً منذ البداية وقلنا إن
الديمقراطية واستطلاع الرأي العامّ وآراء الشعب تمثّل اليوم الأسلوب الحديث والعصري
المتقدم ويقبل بها العالم كله. جيّد جداً، فلتستطلعوا آراء الشعب الفلسطيني من أجل
تحديد نوع الحكومة في دولة فلسطين التاريخية، ولتجروا استفتاءً عامّاً. هذا ما قيل
قبل سنوات في الأمم المتحدة باعتباره رأي الجمهورية الإسلامية وفكرة الجمهورية
الإسلامية، وتم تسجيله هناك. هذا هو رأينا: لتُستطلع آراء هؤلاء الذين هم حقّاً
فلسطينون ـ افترضوا مثلاً، أولئك الفلسطينيين الذين يدخلون في عداد الشعب الفلسطيني
منذ ثمانين عاما، ومئة عام وأكثر. لقد كان في فلسطين مسلمون وكان فيها يهود وكان
فيها مسيحيون هم فلسطينيون ـ وليُستفتوا أينما كانوا، سواء كانوا في الأراضي
المحتلة أي في كل الأراضي الفلسطينيّة، أو في خارج فلسطين. وأي نظامٍ يُحدده هؤلاء
لأرض فلسطين سيكون هذا هو النظام المقبول الحاكم، مهما كان ما أرادوه. فهل هذا
الرأي رأي سيئ؟ أليس هذا الرأي رأياً تقدمياً؟ الأوروبيون ليسوا على استعداد لفهم
هذا الكلام، ثم ترى ذلك الرجل القاتل للأطفال الخبيث الظالم الشبيه بالشمر، يذهب
إلى هناك ويتظاهر بالمظلومية ويقول إن إيران تريد القضاء علينا والقضاء على عدة
ملايين من السكان.
اللهم اجعل ما قلناه وما في قلوبنا وعقولنا وما سمعناه لك وفي سبيلك. اللهم قرِّب
بلادنا يوماً بعد يوم من ذروة الرفعة والرُّقي الذي ينشده الإسلام. اللهم اشمل
بنظرك ولطفك وعنايتك وحمايتك أجواءنا الجامعية، والجامعيين الإيرانيين، والأساتذة
المحترمين، وطلبتنا الجامعيين الأعزاء، ووفقهم لما ترضاه، واحشر الروح الطاهرة
للإمام الخميني العظيم وأرواح الشهداء الطاهرة مع أوليائهم، وألحقنا بهم.
والسّلام عليكم و رحمة الله وبركاته.
1 ـ في بداية هذا اللقاء الذي أقيم في يوم الخامس والعشرين من شهر رمضان المبارك
1439 هـ ق تحدَّث ثلاثة عشر أستاذاً من أساتذة الجامعات الإيرانيين عرضوا آراءهم
واقتراحاتهم في شتى القضايا.
2 ـ الكافي، ج 1، ص 11.
3 ـ غرر الحكم ودرر الكلم، ص 124.
4 ـ بحار الأنوار، ج 75، ص 7.
5 ـ أمالي الصدوق، المجلس السابع والثلاثين، ص 209.
6 ـ سورة الفتح، شطر من الآية 29.
7 ـ كلمة الإمام الخامنئي في لقائه أساتذة الجامعات بتاريخ 04/07/2015 م.
8 ـ صلوات الحضور على محمد وآل محمد.
9 ـ ضحك الإمام الخامنئي والحضور.
10 ـ بنيامين نتنياهو.
11 ـ رئيس جمهورية مصر الأسبق.