كلمة الإمام الخامنئي في مؤتمر اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي
2018
كلمة الإمام الخامنئي عند لقائه المشاركين في مؤتمر اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي
عدد الزوار: 102
كلمة
الإمام الخامنئي عند لقائه المشاركين في مؤتمر اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة
التعاون الإسلامي ١٦/٠١/٢٠١٨
يحدونا الأمل أن يتحول العالم الإسلامي إلى قوة تقهر
مؤامرات الإستكبار
محاور رئيسية
• ما جرى على شعب فلسطين لا مثيل له في التاريخ
• النصر على الكيان الصهيوني لم يعد مستحيلا
• التصالح مع العدو خيانة للأمة الإسلامية
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، والصلاة
والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله الطيبين وصحبه المنتجبين ومن تبعهم بإحسان إلى
يوم الدين.
قدمتم خير مقدم أيّها الإخوة الأعزاء والأخوات العزيزات!
إنكم هنا بين إخوانكم وفي داركم.. نسأل الله تعالى أن يوفّقكم جميعًا ويعينكم
ويهديكم كي تتمكّنوا من إتمام المهمة الكبيرة التي أخذتموها على عاتقكم.
لتوظيف موقعيتكم لصالح قضايا الأمة الإسلامية
لمجموعة مجالس الدول الإسلامية - التي قارب عمرها الربع قرن- مكانة هامة:
أولًا، لأنّكم أنتم رؤساء وأعضاء مجالس الدول الإسلامية ممثلون لشعوبكم، وهذه نقطة
مهمّة. ثانيًا ومن جهة أخرى، أنتم لا تتقيّدون بالقيود الدبلوماسيّة للحكومات،
وبوسعكم طرح مطالب شعوبكم والشعوب المسلمة والأمة الإسلامية في العالم بمزيد من
الصراحة وبمواقف أكثر جدية. وباعتقادي لا بد من استثمار هذه الموقعيّة المهمّة
لأداء الواجب الديني والتاريخي. ذلك أنّنا نحمل على كاهلنا تجاه الأمة الإسلامية
واجبًا دينيًا كبيرًا -جميعنا وجميع الذين يتبوّأون مكانة في منطقة من مناطق العالم
الإسلامي؛ أنتم تمثّلون هذه الشريحة ونحن أيضًا نمثّلها- وفي أعناقنا جميعًا واجب
دينيّ. أي إنّ الإسلام والدين يطالباننا بأمور، وعلينا إنجازها أولًا. وثانيًا يقع
على عاتقنا واجب تاريخي كذلك. فالمرء يستشعر بأنّ العالم اليوم في طور تحوّلات
مهمّة ويخوض مخاض تطوّرات مهمة، وهذا يشمل العالم بأسره، ولا يختص بمنطقة آسيا أو
أفريقيا أو غرب آسيا بالخصوص. ففي جميع أرجاء العالم ثمة شعور بأن هناك تطوّرات
جارية، ولا بدّ من أداء الدور فيها.
لقد تلقّى العالم الإسلامي ضربة شديدة في حقبة من الزمن، حيث تمزّق بعد الحرب
العالمية الأولى، وحكم البلدان الإسلامية في غرب آسيا وشمال أفريقيا من لا يتمتّع
بأيّ أهلية وجدارة، ومن دون أي مسبّب واستحقاق، فبقيت الآثار البعيدة المدى لهذا
الأمر في العالم الإسلامي، فلا ينبغي السماح بتكرار مثل هذه الحادثة وهذه التجربة.
لا تسمحوا بتغييب قضايا العالم الإسلامي لدى الرأي العام
العالمي
لقد أُدرجت في جدول أعمال هذا المؤتمر - وفق البرنامج الذي وُضع بين يديّ
- موضوعات مهمّة، سأشير إلى بعضها لاحقًا. لكن أغفلت جملة من الموضوعات التي كان
بالإمكان الاهتمام بها: كقضية اليمن وقضية البحرين اللتين تدخلان في عداد القضايا
المهمّة جدًا وتشكّلان جرحًا عميقًا متفاقمًا في جسد الأمة الإسلامية، لا بد من
معالجته. وقد طُرحت بالطبع قضية بورما وقضية كشمير.
إنّ توصيتي لإخواننا وأخواتنا المؤمنين والمسلمين هي ضرورة أن نتّسم بالصراحة حيال
القضايا الأساسية والمسائل الحيوية في العالم الإسلامي. وإذا ما كنّا كذلك سيكون
بوسعنا صناعة تيار في العالم. نحن بحاجة إلى صناعة تيار في الرأي العام العالمي وفي
أفكار النخب العالمية.. ثمة حقائق موجودة لا بدّ لنا من إشاعتها وتعميمها والتأثير
في الرأي العام العالمي. فلا تسمحوا بأن يتجاهلوكم ويغيّبوا قضايا العالم الإسلامي
المهمّة عبر مؤامرة الصمت، وبتجاهل قضايا العالم الإسلامي الرئيسية لدى الرأي العام
العالمي في معمعة الأمور الفرعية والكاذبة. ولا ينبغي السماح لإمبراطورية الإعلام
الغربي الخطيرة والمهولة الرازحة في الأغلب تحت قبضة الصهاينة أن تتجاهل قضايا
العالم الإسلامي المهمة، والتي سأشير الآن إلى جملة منها.
هزيمة إمبراطورية الإعلام الصهيوني الغربي ممكنة
فالقضية الفلسطينية تُعدّ من القضايا البالغة الأهمية، بل هي القضية
الأهم في العالم الإسلامي، لكن يتم تجاهلها تمامًا وتجاهل هذه الضغوط المفروضة على
الشعب الفلسطيني والمشاكل التي يعاني منها. باعتقادي يمكن إلحاق الهزيمة
بإمبراطورية الإعلام الصهيوني الغربي، ويمكننا ذلك إذا ما شحذنا الهمم جميعًا.
وأيضًا يمكن هزيمة الصهاينة في الحرب الناعمة كما هُزموا في الحرب الصلبة. وكما
رأيتم، لقد هُزم الكيان الصهيوني في لبنان، وأُرغم على التراجع وعلى الاعتراف
بالهزيمة، في حين كان الجميع يتصوّر بأنّ هذا الكيان لا يُقهر. وفي الحرب الناعمة
أيضًا يمكن إلحاق الهزيمة بالكيان الصهيوني وأدواته.
ما جرى على شعب فلسطين لا مثيل له في التاريخ
أودّ أن أشير إلى بعض القضايا الأساسية وهي مُدرجة كلها بالطبع في جدول
أعمال هذا المؤتمر. الأولى هي القضية الفلسطينية التي لا ينبغي التغافل عنها أبدًا
ولو للحظة واحدة، وهي قضية تقع على جانب كبير من الأهمية. وباعتقادي فإنّ ما حدث في
فلسطين على مدى هذه الأعوام السبعين أو الثمانين الأخيرة لم يسبق له مثيل عبر
التاريخ. وبحسب معلوماتي، لم تحدث قضية مشابهة لها في أي مكان، لا في زماننا ولا في
الأزمنة القريبة منا ولا في أيّ فترة من التاريخ.
شعب أحتلت أرضه وهجر منها بعد مجازر جماعية لحقت به
ما هي القضية؟ القضية هي أن هناك ثلاثة أحداث فُرضت على شعب: أولًا
اغتصبوا واحتلّوا أرضه، وهذا بالطبع حدث في أماكن أخرى من العالم حيث تم احتلال
أراضٍ من قِبَل الأجانب، وهو ليس بالأمر الذي لم يسبق له مثيل، لكن إلى جانب هذا
الاحتلال عمدوا إلى تهجير جماعيٍّ لهم. فالملايين من الشعب الفلسطيني اليوم يعيشون
في المنفى، وهم مشرّدون ومُبعدون عن منازلهم ودورهم ومدنهم وديارهم، ولا يُسمح لهم
بالذهاب إليها.. هذا ثانيًا، وهو التهجير الجماعي المليوني. ثالثًا، اقترنت هاتان
الحادثتان بمجزرة جماعية، حيث قتلوا منذ اللحظة الأولى أعدادًا كبيرة، وأبادوا
النساء والرجال والأطفال في المدن والقرى، وارتكبوا جريمة إنسانيّة كبرى.
هذه هي القضية الفلسطينية المنطوية على الاحتلال والتهجير والقتل تجاه شعبٍ، لا
تجاه إنسان واحد أو مجموعة محدودة. وهي قضية لم يسبق لها مثيل في التاريخ. نعم قد
يكون جرى في بعض البلدان على سبيل الفرض نقل جماعة من منطقة إلى أخرى، لكن داخل
بلدها، لا أن يُطرد شعب من بلده. منذ عشرات السنين والجماعات الفلسطينية قد هجّرت
من فلسطين؛ إما هم أو آباؤهم وهم الآن يعيشون في المخيمات. فما معنى ذلك؟ لم يحدث
مثل هذا في أي بقعة من بقاع العالم.
النصر على الكيان الصهيوني لم يعد مستحيلا
إنها قضية خطيرة وظلم تاريخي منقطع النظير واستثنائي. وهناك واجب في
أعناقنا، ففي الإسلام قد اتفقت جميع المذاهب الإسلامية على ضرورة النزول إلى الساحة
في مثل هذه المواطن والدفاع بكل ما أوتينا من قوة. وهذا بالتالي ما يجب القيام به.
إني أؤمن بأن مقارعة الكيان الصهيوني هذه ستؤتي ثمارها.. هذه هي عقيدتنا. ولا ينبغي
أن نتصوّر بأنه «لا جدوى منها وقد فات الأوان»، لا.. ليس الأمر كذلك، فحتى لو مضت
عشرات السنين، فإنها قطعًا ستؤتي ثمارها بإذن الله ومشيئته. كما أنّ المقاومة قد
سارت قدمًا إلى هذا اليوم. فانظروا إلى الصهاينة الذين كانوا يرفعون يومًا شعار «من
النيل إلى الفرات»، يبنون اليوم جدارًا حولهم ليتمكّنوا من حماية أنفسهم في الأراضي
المحتلّة. إذًا فالمقاومة قد تقدمت وستتقدم بعد اليوم أيضًا.
التصالح مع العدو خيانة للأمة الإسلامية
إنّ فلسطين تمثّل شعبًا وبلدًا وتاريخًا.. فلسطين كما قلنا مرارًا «من
النهر إلى البحر»؛ من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط.. هذه هي فلسطين، ولا شك
في أن القدس عاصمتها، ولا يمكن الطعن بهذه الفكرة الأساسية وبهذه الحقيقة على
الإطلاق. وأما ما قام ويقوم به الأمريكيون من عمل، وما ارتكبه هذا الرجل من حماقة
كبيرة – بالطبع، الرئيس الحالي في أمريكا يعمل بصراحة أكبر نسبيًّا، والرؤساء
الآخرون أيضًا كانوا ينتهجون هذا النهج نفسه، ولا فرق بينهم- فهو شيء لن يبلغ
المقصود بكل تأكيد ولن يكونوا قادرين على تنفيذ أقوالهم.
وليلتفت الجميع إلى أن الحكومات التي تدعم اليوم أمريكا في منطقتنا ترتكب خيانة..
إنها لخيانة واضحة أن يتصالح أحد مع عدوٍ كالصهاينة: يقاتل إخوانه المسلمين، كالذي
تقترفه السعودية اليوم. وهذا العمل هو حتمًا خيانة للأمة الإسلامية وللعالم
الإسلامي.. هذه هي النقطة الأولى.
لا تسمحوا للفوراق المختلفة أن تثير الفرقة بيننا
النقطة الثانية هي قضية الوحدة الإسلاميّة. علينا أن لا نسمح للفوارق
القوميّة والمناطقيّة واللغويّة والطائفية بأن تثير الفرقة والاختلاف فيما بيننا.
هذا ما قلناه على الدوام للجميع ونقوله اليوم أيضًا: إنّنا على استعداد لأن نتعامل
أخويًّا حتى مع أولئك الذين يجاهرون في معاداتنا، وهذا ما قلناه لهم أيضًا. علمًا
بأن البعض لا يمكنهم القيام بهذا الأمر، وبعض الدول لا يتأتى منها ذلك. لكنّنا نؤمن
بأنّ العالم الإسلامي الذي يحظى بعدد كبير من السكّان وثروات هائلة وموقع استراتيجي
كبير يتمتع به اليوم سواءً في أفريقيا أم في آسيا -في الغرب منها وفي آسيا الوسطى-
يستطيع من دون شكّ، عبر توحيد صفوفه أن يشكّل قوة عظمى وأن يكون مؤثرًا في العالم.
وواجبنا هو العمل على تحقيق هذه الوحدة، وتضافر الجهود، ومؤازرة بعضنا الآخر،
وإرسال قواتنا لمساعدة بعضنا البعض. ولا بدّ لهذه النزاعات القائمة والتي غالبًا ما
نجد لليد الأمريكية والصهيونية دخالة فيها ـ فإنهم هم الذين يبثّون الفرقة والشقاق-
أن تتوقّف. وعلينا الحؤول دون توفير بيئة آمنة للكيان الصهيوني عن طريق هذه
النزاعات. فإن واحدة من طموحات أعداء الإسلام نشوب الاختلافات والصراعات والحروب
وإراقة الدماء في العالم الإسلامي، ليتمّ على هامشها إيجاد بيئة آمنة للصهاينة.
علينا الحؤول دون حدوث ذلك ما استطعنا.
لبذل الجهود في سبيل التقدم العلمي في عالمنا الإسلامي
النقطة الثالثة التي تتسم بأهمية بالغة هي بذل الجهود في سبيل التقدم
العلمي. فقد استطاع العالم الغربي من خلال العلم امتلاك الثروة والسلطة الدولية،
حيث تقدّم في العلم وفرض هيمنته على العالم برمته. بيد أن فقدانه للإيمان وعدم
أهليّته، أدى به إلى أن يستغل العلم بالنحو السيّئ وأن يسوقه إلى حيث الظلم
والاستغلال والاستعمار والاستكبار. نحن لا نريد القيام بهذه الأمور، لكنّنا
مـتأخّرون من الناحية العلميّة. على العالم الإسلامي أن يسعى جاهدًا ليتقدّم شبابه
في الجانب العلمي. وهذا أمر ممكن وهو ما حققناه في بلدنا، حيث رفعنا مستوانا العلمي
درجات. ولقد أنجزنا كل هذا في فترة الحظر. فمنذ سنوات طويلة ونحن نعيش حالة حظر
فرضته علينا القوى المعتدية، غير أنّ هذا الحظر أعاننا على أن نحقق الازدهار، وأن
نفكّر بأنفسنا، وأن نستثمر طاقاتنا.
إنّنا اليوم، وفي قطاعات مهمّة، نقف على حدود العلم والمعرفة، بينما كنّا نعاني
فيما مضى من تخلّف كبير. وقد استطاع شبابنا، في مجال الطب والنانو والخلايا الجذعية
والتقنية النووية والكثير من العلوم الأخرى، أن يتألّقوا وأن يعملوا وأن يحققوا
إنجازات كبرى. وإنّ عدد الشباب المتخرجين والعلماء في بلدنا اليوم يفوق عددهم في
الكثير من بلدان العالم. وعليه، فإن واحدة من المهام التي يجب متابعتها في الدول
الإسلامية على التأكيد، هي قضية التقدم العلمي، وهذا أمر ممكن. ولا بد لنا أن
نتعاون في هذا المجال. ومن حسن الحظ أنّ بعض البلدان الإسلامية الأخرى أيضًا قد
حققت تطورات جيدة جدًا على هذا الصعيد.
يجب فضح إدعاءات الشيطان الأكبر وكذبه
أ ــ يتشدقون بحقوق الإنسان وينتهكونها على
الدوام
النقطة الأخرى هي فضح ادّعاءات الشيطان الأكبر –أميركا- الكاذبة. فللشيطان الأكبر
ادّعاءات كاذبة لا بد من فضحها. ومنها قضية حقوق الإنسان. إنهم يناقضون حقوق
الإنسان مع أنّهم يتشدّقون بها ويطرحونها على الدوام، والحال أنّ ممارساتهم مخالفة
لحقوق الإنسان. وإنّ هذا الرجل المتربّع على الكرسي [في أميركا] اليوم يطرح هذه
المسائل بشكل علني وسافر. وكذلك من كانوا قبله أيضًا، كانوا ينقضون حقوق الإنسان،
لكن ليس بهذا الوضوح. أمّا هذا فيتحدث بصراحة وعلنيّة أكبر. إنّهم ينتقدون أفريقيا،
والقوميّات (الأخرى) وأمريكا اللاتينية، والناس جميعًا، والمسلمين، وكل شيء؛ أي
إنّهم يعملون ضدّ حقوق الإنسان، فيما هم يرفعون لواء الدفاع عن حقوق الإنسان، وهذه
كذبة كبيرة لا بدّ من فضحها وتعريتها.
ب ــ يدعون مكافحة الإرهاب ويدعمون القوى الإرهابية
(ومنها) مكافحة الإرهاب، حيث يدّعون أنهم يكافحون الإرهاب. أولًا هم يدافعون عن
الحكومة الإرهابية للصهاينة. فالحكومة الصهيونية في فلسطين المحتلة حكومة إرهابية،
وهذا ما يعترفون أنفسهم به. أي إن الإسرائيليين أنفسهم لا ينكرون بأنّهم يسيّرون
أعمالهم ويسيرون بها قدمًا عن طريق الإرهاب. هذا ما يقولونه هم وأحيانًا يصرّحون به.
ولكن الداعم لهذه الحكومة في هذه المنطقة أمريكا بالدرجة الأولى. إذًا، فهم يدعمون
هذه [الدولة الإرهابيّة]. هذا بالإضافة إلى أنهم يدعمون الإرهابيين الآخرين أيضًا.
فداعش نفسها التي غدت معضلة كبرى لبعض الدول في منطقتنا، قد أسسها الأمريكيون وهذا
ما اعترفوا وأقرّوا به بأنفسهم. ولطالما اتّهم هذا الرجل في دعاياته الانتخابية
الحكومة السابقة بأنها هي التي أسست داعش، وهو صادق فيما يقول، وكلامه صحيح، فهم من
أسّسوا داعش. وحتى هذه اللحظة الأخيرة حيث باتت داعش تلفظ أنفاسها الأخيرة في سوريا،
هم يدعمونها ويدافعون عنها، وهذا ما حصل مؤخّرًا. فهم إذن يدعمون الإرهاب ويرعونه
وفي الوقت عينه يرفعون راية مكافحته. وهذا ما يجب فضحه وإظهاره للعالم. ولقد قلت
لكم بأنّ عليكم صناعة تيار والتأثير على أفكار النخب في العالم وعلى الرأي العالمي
العام وتبيان الحقائق لهم.
وأقولها: إنّ القضايا التي نطرحها في الجمهورية الإسلامية على إخواننا ونؤكّد عليها،
هي التي جرّبناها بأنفسنا وطبّقناها عمليًا، ولم يقتصر الأمر فيها على الكلام. وإن
واحدة من تأكيداتي وتوصياتي لإخواننا المسلمين في اجتماعات من هذا القبيل، هي ألّا
يعدّوا الأمر قد انتهى بإصدار بيانٍ ختامي. فإنّ إصدار البيان الختامي في اللجنة أو
في الجمعية العامة لهذا الاجتماع أو المؤتمر، لا يعني انتهاء الأمر أو القضيّة،
إنّما يمثل جانبًا من العمل، والجانب الآخر هو المتابعة والمساعدة على إنجاز
المقررات. فلا بد من العمل.
يحدونا الأمل أن يتحول العالم الإسلامي إلى قوة تقهر
مؤامرات الإستكبار
لقد شنّوا علينا حربًا اقتصادية، بعد أن عرفوا أهمية الاقتصاد في بلدنا،
وها هم يحاربوننا اقتصاديًا منذ سنوات طويلة، وقد أوصلوا هذه الحرب إلى ذروتها، وما
زالوا يمارسون علينا اليوم هذه الحرب. والحظر يشكل أحد جوانب الحرب الاقتصادية
ضدّنا. لكننا بحمد لله لم نُهزم ولم نركع، وقد تغلّبنا على هذه المعضلة، وسنتغلّب
عليها فيما يأتي إن شاء الله أيضًا، وسنجعل من الحظر وسيلة للازدهار بإذن الله. كما
ونعتبر أن سيادة الشعب الدينية مصدرًا لتكاملنا وتقدّمنا معنويًا وماديًا. فإن لها
قيمة عظيمة للغاية، وقد استفدنا منها من أجل دنيا الناس وآخرتهم.
لقد استطاع الشعب الإيراني بحول الله وقوته إحباط المؤامرات الأمريكية وسيكون بإذن
الله قادرًا على إحباطها في المستقبل أيضًا. ويحدونا الأمل أن يقوى هذا الدافع في
البلدان الإسلامية وفي صفوف الشعوب المسلمة بحيث يتحوّل إلى قبضة محكمة من قبل
بلدان العالم الإسلامي برمتها ضدّ مؤامرات الاستكبار كلّها.
أتمنّى لكم جميعًا التوفيق وأرحّب بكم مجدّدًا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته