يتم التحميل...

كلمة الإمام الخامنئي في مؤتمر الوحدة الإسلامية

2017

كلمة الإمام الخامنئي لدى لقائه مسؤولي النظام الإسلامي وضيوف مؤتمر الوحدة الإسلامية

عدد الزوار: 237

كلمة الإمام الخامنئي لدى لقائه مسؤولي النظام الإسلامي وضيوف مؤتمر الوحدة الإسلامية في ذكرى ولادة النبي الأكرم (ص) والإمام الصادق (ع)_ 06/12/2017

فلسطين ستتحرر وحكومات المنطقة المتعاونة مع أميركا عاقبتها الهلاك

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله رب العالمین، والصلاة والسلام علی سیدنا ونبینا أبي القاسم المصطفی محمد، وعلی آله الطیبین الطاهرین، وصحبه المنتجبین، ومن تبعهم بإحسان إلی یوم الدین.

أبارك حلول المولد الميمون والمبارك لنبي الإسلام الكريم وكذلك الولادة العطرة لسبطه الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه وعلى آبائه السلام)، لكم جميعاً أيها الحضور الكرام، من الضيوف الأعزاء، وسفراء البلدان الإسلامية الحاضرين في هذا المكان، وضيوف أسبوع الوحدة الأجلّاء، وللشعب الإيراني قاطبة، وللأمة الإسلامية جمعاء، ولكل الأحرار في العالم. على أمل أن يكون هذا اليوم وهذه الولادة سبباً في أن تتولّد فينا يقظة جديدة تجاه الواجب والطريق الماثل أمامنا ببركة مولد النبي، والذي يجب علينا طيّه واجتيازه.

رحمة الله تتنزل على من يتبع رسوله
لقد كان وجود النبي المبارك رحمة.. ﴿رَحْمَةً لِلعالَمينَ. والرحمة الإلهية هذه تشمل الذين يتّبعون النبي والذين يتقبّلون نَهجه وهَديه، حيث قال تعالى: ﴿فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ. فالذين يتّبعون النبي وينتهجون نهجه ويتقبّلون هديه، تتغمّدهم الرحمة الإلهية. وهذا وعد الله الذي لا يُخلَف. لقد شهد العالم الإسلامي والأمة الإسلامية تقلّبات ومرّ بمنعطفات كثيرة، ولكن الرحمة الإلهية؛ الدنيويّة والأخرويّة نزلت عليهم حين اتّبعت [هذه الأمّة] ــ ﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ــ وانتهجتْ نهج هذه الشخصية العظيمة.

إنّ النبي الأكرم جاء الناس بالطيّبات وبالنجاة من الأسر. ولا يختصّ ما جاء به بجماعة دون أخرى، وإنما يشمل البشرية بأسرها. لكن لا ينتفع بها إلا من اتّبعه. فقد جاء نبي الإسلام ليضع عن الناس الأغلال التي كبّلت أعناقهم وأيديهم وأرجلهم وحالت دون انطلاقهم وتساميهم وأبعدتهم عن [الحياة] المعنوية وجعلت حياتم مريرة. ولكن ما هي هذه الأغلال؟ إنها أغلال ظلم القوى [المتجبرة] واستكبار المستكبرين ووجود الفوارق الطبقية والأعيان الظالمين والمتكبرين.. هذه هي الأمور التي نهض النبي لمواجهتها ومكافحتها. وبمقدور الشعوب أن تواصل هذا الطريق والنهج إذا وقفت واستقامت. وحينذاك سوف تتغلّب على القوى الظالمة.

النصر حليف الشعوب المستقيمة على سبيله
أجل، ثمة اليوم مؤامرات كبرى يحيكها جبابرة العالم لمواجهة الأمة الإسلامية. إلّا أنّه باستطاعتا الوقوف أمام هذه المؤامرات وإحباطها. النبي موسى (على نبينا وآله وعليه السلام) قال مخاطباً ربه: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ، ودعا عليهم. حيث كان فرعون في مقابل موسى؛ قوة فائقة تملك الزينة والمال والامكانيّات والسلاح وكل شيء. وكان موسى وحيداً، فسأل الله تعالى واستغاث به، فقال الله في جوابه: ﴿قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَيا موسى وهارون، ولكن بشرط: ﴿فَاسْتَقِيمَا وَلا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ. علماً بأن الاستقامة في ساحة الحرب العسكرية شيء وفي ساحة الحرب السياسية شيء وفي ساحة حرب الإرادات شيء. وهي ضرورية في كل هذه الساحات. فإن لم تغفل الشعوب والصفوة والنخبة عن الاستقامة، سيكون النصر حليفها لا محالة.

فرعون العصر وعملاؤه إصطفوا اليوم في مواجهة الإسلام
لقد اصطفّ اليوم في مقابل الأمة الإسلامية أمريكا والاستبكار العالمي وأذنابهم والصهياينة والكيان الصهيوني والرجعيّون وعبّاد الأموال في العالم واللاهثون وراء الشهوات من المسلمين من أتباع تلك القوى.. هؤلاء كلهم قد اصطفوا أمام الإسلام وأمام نهج النبي: ﴿إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَ.. أجل، هؤلاء هم فراعنة اليوم.. فرعون اليوم يتمثّل في أمريكا والكيان الصهيوني وأذنابهم في المنطقة الذين يحاولون بالتدريج الإيقاع بين المسلمين وإشعال الحروب في المنطقة، وهذا هو المخطط الأمريكي في المرحلة الراهنة، فليعلم الجميع ذلك وليلتفتوا إليه. فقد أعترف الساسة الأمريكيون أنفسهم في تحليلاتهم وتصريحاتهم، سواءً عن عمد أو سهو، بأن علينا تأجيج نيران الحرب في منطقة غرب آسيا، وإثارة الخلافات، وتأليب الناس بعضهم ضدّ بعض، صيانةً لأمن الكيان الصهيوني واستقراره، وللحؤول دون تقدم [هذه الشعوب]، ولكي ينزف جسد الأمة الإسلامية دماً حتى يستولي عليه الضعف والوهن ويفقد قدرته على الصمود. لكن ما الذي يجب علينا فعله مقابل هذا المخطط؟ ﴿فَاسْتَقِيمَا وَلا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ، علينا أن لا نتّبع سبيل الجاهلين.

حكومات المنطقة المتعاونة مع أميركا عاقبتها الهلاك
وممّا يؤسف له أن هناك اليوم في هذه المنطقة حكّاماً ونخباً يرقصون على أنغام أمريكا! وينفّذون كل ما يريده الأمريكيون ويعملون لصالحهم ضدّ مصالح الأمة الإسلامية وضدّ الإسلام. هؤلاء يلحقون الضرر بالإسلام. ليس لدينا أي دافع ومحفزّ يحملنا على الاختلاف مع الدول الإسلامية؛ ذلك أننا نؤمن بالوحدة ونعتقد بها. وهذه هي أيام أسبوع الوحدة التي أعلنها إمامنا الخميني العظيم.. الوحدة بين الفِرَق الإسلامية. ونشكر الله تعالى أن استطاعت الجمهورية الإسلامية واستطاع الشعب الإيراني إرساء الوحدة والإخوّة عملياً بينه وبين إخوانه المسلمين من مختلف الفِرق الإسلامية، ولا يوجد فيما بيننا أية مشكلة ومعضلة. إلّا أنّه في قبال هذه الحركة الرامية إلى الوحدة والساعية إلى تكريسها، ثمة أناسٌ قامت قراراتهم وسياساتهم على شقّ الصفوف وإثارة الحروب، وها هم يسعون وراء تحقيق هذا الهدف.

ما هو واجبنا تجاههم؟ وما الذي ينبغي فعله إزاء هؤلاء الذين يهدفون إلى تطبيق سياسة أمريكا في هذه المنطقة؟ لساننا هو لسان النصيحة.. نعم، هناك جَهَلة في بعض هذه البلدان يتقوّلون على الشعب الإيراني والجمهورية الإسلامية بعض الأقاويل التي لا يُعبأ بها، ولا نريد الردّ على ترّهاتهم، وإنما بغيتنا هي إسداء النُصح. هذا العمل الذي تقوم به بعض دول المنطقة في الوقت الراهن، خدمةً لأمريكا، سيلحق الضرر بها، وعاقبته هي الهلاك كما ورد في القرآن الكريم "وإن يهلكون إلّا أنفسهم".

الحرب بين السنة والشيعة لن تندلع أبدا
العدوّ يفعل كلّ ما يستطيع فعله.. لقد أطلقوا في منطقتنا يد هؤلاء التكفيريين بغية إثارة حرب طائفية بحسب زعمهم، ولكن الله ألقمهم حجراً. فالحرب الطائفية لم ولن تندلع أبداً. لقد وقفنا في وجه هؤلاء الذين قام العدو بتحريكهم وتغلّبنا عليهم بحمد الله. علماً بأن قضيتهم كانت قضية العمالة للعدو والارتزاق منه، ولم تكن إثارة حرب مذهبية وطائفية. وإنما كانت هذه هي غاية العدو، حيث كان يريد إشعال حرب سنية شيعية، ولكن كما قيل: «الحمد لله الذي جعل أعداءنا من الحمقى». لقد فاق عدد القتلى من أهل السنة في هذه المنطقة على يد داعش عدد من قتلوا من الشيعة! إذ كانوا يهدفون إلى تأجيج حرب سنية شيعية، ولكن الله تعالى ألقمهم حجراً في فيهم.

واجهنا جماعات التكفيرية ذودا عن الإسلام
لقد كانت مواجهتنا للجماعات التكفيرية مواجهة للظلم، ومكافحة لتحريف الإسلام، ومحاربة لجماعة وحشية بعيدة عن الأخلاق والآداب الإسلامية وحقيقة الإسلام، حيث كانوا يحرقون البشر وهم أحياء ويسلخون جلودهم وهم أحياء ويأسرون عوائل المسلمين. وقد استشرى فيهم الفساد السياسي والفساد الجنسي والفساد المالي والفساد العملي، بل وكل أنواع الفساد. هؤلاء كانوا عملاء لأمريكا وللصهيونية. وأتباعهم أينما حلّوا. فهم عملاء أمريكا والصهيونية أيضاً، وهذه حقيقة.. لقد وقفنا بوجههم. وعلى العالم الإسلامي فيما لو أراد العزة أن يوحّد صفوفه وأن يتكاتف فيما بينه، ولو أراد الاقتدار والمنعة عليه أن يقف في وجه الصهيونية.

فلسطين ستتحرر بجهاد الأمة الإسلامية
تقع القضية الفلسطينية اليوم على رأس القضايا السياسية للعالم الإسلامي والأمة الإسلامية. وعلى الجميع الدفاع عن فلسطين وتحريرها وإنقاذ الشعب الفلسطيني والجهاد والعمل في سبيل ذلك. واعلموا أن العدوّ عاجز في هذا الصدد. وادّعاؤهم اليوم بأنهم يريدون إعلان القدس عاصمةً للكيان الصهيوني، ناجم عن عجزهم وإعيائهم. فأيديهم مغلولة فيما يتعلّق بالقضية الفلسطينية، وإنّهم بفعلتهم هذه سيتلقّون ضربة أشدّ وأقسى. لأنّ العالم الإسلامي سيقف بوجههم. والعدو بالتأكيد لن يستطيع تحقيق النجاح الذي يريده في شأن القضية الفلسطينية. وفلسطين ستتحرر.. لا شكّ في أنّها ستتحرر. قد يتأخر هذا الأمر قليلاً ولكنه آتٍ لا محالة. وجهاد الأمة الإسلامية لإنقاذ فلسطين سوف يؤتي ثماره بإذن الله.

لن يتمكن العدو من إلحاق الهزيمة بالشعب الإيراني
لقد استطاع الشعب الإيراني، ولله الحمد، بشجاعته وإيمانه وبصيرته واستقامته أن يجتاز الطرق الصعبة وأن يتجاوز الكثير من العقبات الكؤود. وليعلم الجميع، سواء أصدقاؤنا في كافة أرجاء العالم أو أعداؤنا، بأن السبل التي سلكناها، على مدى هذه الأعوام الثمانية والثلاثين بعد انتصار الثورة (الإسلامية)، كانت تعترضها مشاكل تُنهك الشعوب، ولكنها ما استطاعت إنهاك الشعب الإيراني، والمشاكل التي ستواجهنا بعد اليوم أيضاً، هي أقل وأصغر من سابقاتها بالتأكيد، وقدرات الشعب الإيراني وطاقاته لمواجهة المشاكل تفوق الماضي بكثير.. نحن سنذلّل الصعاب بتوفيق الله، ولن يكون بإمكان العدوّ إلحاق الهزيمة بالشعب الإيراني وإجباره على التراجع، وسنتمكّن بإذن الله من التغلّب على المشاكل كلّها ومن إظهار العزة الإسلامية للشعوب المسلمة كافة، ومن رفع راية عزة الإسلام أعلى مما هي الآن عليه.

نسأل الله تعالى أن يتغمّد الإمام الخميني العظيم، الذي فتح لنا هذا الطريق، برحمته، وأن يدخل السرور على الأرواح الزاكية لشهدائنا الأعزاء، الذين بذلوا مهجهم في هذا السبيل، وأن يوفقنا جميعاً للعمل بواجبنا وبما هو متوَقَّع منّا في هذه المرحلة على أتم وجه.

والسلام علیکم ورحمة ‌الله وبرکاته


1- في بداية اللقاء كانت هناك كلمة لرئيس الجمهورية حجّة الاسلام والمسلمين الشيخ حسن روحاني. وقد عُقد مؤتمر الوحدة الاسلاميّة الواحد والثلاثون بتاريخ 05/12/2017
2- سورة الأعراف، قسم من الآيتين 156 و157
3- سورة الأعراف، قسم من الآية 157
4- سورة يونس، قسم من الآية 88
5- سورة يونس قسم من الآية 89
6- سورة يونس، قسم من الآية 89
7- سورة يونس، قسم من الآية 89
08-12-2017 عدد القراءات 131

2017-12-08