البعد الإنساني في ثورة الحسين (عليه السلام)
وفاء وإباء
البعد الإنساني في ثورة الحسين (عليه السلام)
عدد الزوار: 258
نهض الإمام الحسين عليه السلام واستشهد وحقق مكاسب كريمة، إذ ما زلنا ننعم من
عطائها، ونغتني من وفرتها، حيث نجده – وهو في حالة حرجة لتوتر الموقف العسكري –
يوصي ولده الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام بقوله: (أي بني إياك
وظلم من لا يجد عليك ناصراً إلا الله عز وجل)[1]، ليعلم الأجيال:
أولاً: إن حقوق الإنسان محفوظة ومكفولة لا يجوز التعدي عليها ولا يصح التهاون فيها،
لأن لكلٍ حقاً تنتهي مساحته عندما يزاحم حق غيره، فلابد من وعي ذلك والتعامل على
أساسه، لأنه الذي يحقق العدل في الأرض ويؤمن للأنسان حضوراً حضارياً تضمن له الحقوق
من دون أن تسلب منه، أو يهمش وجوده ليواجه حالة من المهانة والإذلال من خلال فرض
إرادة الغير من دون مبرر إنساني أصلاً.
وثانياً: إن الله تعالى فوق المعتدي مهما استطال وتطاول، لأن قدرة الله سبحانه غير
محدودة، بينما أن ما تطاله يد الظالم محدود، فلابد من الانتباه وعدم الغرور
والاندفاع وراء منصب أو مال أو لذاذة عيش موعود بها أو غير ذلك، من زائل الحياة
الدنيا، لأن هذا الاندفاع يستتبع الندم (يوم يعض الظالم على يديه)[2] ويفر
ممن كان يؤويه أو يشجعه أو يدعمه أو يرضى بفعله ولا يستنكر منه أو عليه ذلك، فلابد
من الاستحضار دائماً لمعاني القدرة والعزة والجبروت لله تعالى حتى لا نصاب بداء
التجاهل والتناسي مع أنها أمور تقصم الظهر لو أخطأها الإنسان.
وثالثاً: إن الرابط بين الإنسان وأخيه الإنسان، هو ارتباط قلبي ينبع من الاستشعار
للمسؤولية والاحترام للإنسانية، بحيث يحمل همه فيعينه ولا يعين عليه ولذا فقد أجاب
عليه السلام من استبطأه في التواصل عبر الرسائل (يا أخي ليس تأكيد المودة بكثرة
المزاورة ولا بمواترة المكاتبة، ولكنها في القلب ثابتة وعند النوازل موجودة)[3].
* المصدر: ثمر الفكر – بتصرّف يسير
[1] تحف العقول ص
246.
[2] الفرقان، الآية 27.
[3] بغية الطلب في تاريخ حلب لابن العديم 3 / 17 – قرص المكتبة الشاملة - .