التسليم
الأخلاق المحمودة
إنّ التّسليم من الخصال الحميدة للمؤمنين، يتوسّلون به لطيّ المنازل المعنويّة والحصول على المعارف الإلهيّة. فالذي يتجلّى بالتّسليم للحقّ تعالى ولأوليائه،
عدد الزوار: 785
تمهيد
"إنّ التّسليم من الخصال الحميدة للمؤمنين، يتوسّلون به لطيّ المنازل المعنويّة
والحصول على المعارف الإلهيّة. فالذي يتجلّى بالتّسليم للحقّ تعالى ولأوليائه، ولا
يناقش لهم أمرًا، يطوي سيره الملكوتيّ بأقدامهم، ولذلك فهو يصل بسرعةٍ، إلى مقصده.
من هنا قال بعض العرفاء: إنّ المؤمنين أقرب للمقصد والمقصود من الحكماء، لأنّهم
يضعون ويحرّكون أقدامهم تبعًا لخطى الأنبياء، في حين أنّ الحكماء يسعون للسّير على
وفق فكرهم وعقولهم"1.
عندما نسمع أمير المؤمنين عليًّا عليه السلام يقول: "لأنسبنّ الإسلام نسبةً لم
ينسبها أحد قبلي الإسلام هو التّسليم"2، فإنّنا نتوقّف عند عظمة التّسليم باعتباره
أفضل نسبة وتعريف للدّين الذي ارتضاه الله لنا وجعله طريقًا إليه. فلو قيل عندئذٍ
أنّ الطّريق إلى الله وأنّ صراط الله المستقيم هو التّسليم لما كان في الكلام أيّة
مبالغة. فالتّسليم عنوان سيرنا إلى الله، وعلى أساسه نفهم برنامج الإسلام في بناء
الإنسان وتكميله.
التعريف الدّقيق للتّسليم
التّسليم معنًى وجدانيّ يفهمه كلّ إنسان. فعندما يحاصر المرء ولا يجد أي مقرّ أو حلّ
نجده يلجأ إلى الاستسلام ويسلّم قياده للّذين حاصروه. فهو التّعبير عن إسقاط ما في
اليد والتخلّي عن التّدبير الذاتيّ وترك القياد للغير. فالتّسليم كما يشرحه الإمام
قدس سره: "التسليم عبارة عن الانقياد الباطنيّ والاعتقاد القلبيّ في مقابل الحقّ،
وهو ثمرة سلامة النّفس من العيوب، وخلوّها من الملكات الخبيثة"3، وحقيقته انعدام
إرادة العبد أمام إرادة الخالق: "إذا كان المقصود انعدام إرادة العبد في مقابل
إرادة الحقّ تعالى، فهذا هو مقام التسليم"4.
ولأجل أن نتعرّف على هذه الملكة النّفسانيّة العظيمة أكثر يعرّفنا الإمام على ما
يضادّها لأنّ الأشياء تُعرف بأضدادها أيضًا. فيقولقدس سره: "ويقابل التسليم "الشك"
وعدم الخضوع للحقّ، وعدم القبول. والاعتقاد والتسليم للحقّ تعالى نتيجةٌ لاحتجاب
النفس والثمرة الخبيثة لعيوب الباطن ومرض القلب... جعل الشكّ ضدًّا للتسليم يرجعُ
إلى كون عدم التّسليم للحقّ مقترنًا عادة بالشكّ. ولعلّ المراد من الشكّ هنا هو
نقيض اليقين كما صرّح بذلك أئمّة اللغة، والمقصود بنقيض اليقين، هو أعمّ من المعنى
المتعارف للشكّ الذي يعني حالة التّرديد"5.
ولمّا كان الاعتقاد والتّسليم للحقّ من أهمّ أركان التّسليم قال الإمام الخمينيّ
قدس سره: "ويُقابل التّسليم المطلق، الشكّ والتّزلزل، وله مراتب عدّة، تصنّف بعضها
ضمن مراتب الشكّ الجليّ، وبعضها الآخر ضمن مراتب الشّرك الخفيّ والشّرك الأخفى.
فالشّرك الجليُّ هو التّزلزل في العقائد الظاهرة الجليّة، والشّرك الخفيّ هو
التّزلزل في المعارف وأسرار التّوحيد والتّجريد والتّفريد. والشّرك الأخفى، هو حالُ
"التّلوين" وعدم التّمكين في المقامات المذكورة"6.
أهميّة التّسليم وآثاره
تُعرف أهميّة التّسليم وموقعيّته في نظام الكمال الإنسانيّ من خلال آثاره العظيمة
التي تفوق أي تصوّر. وسنذكر ها هنا بعضًا من هذه الآثار التي ذكرها الإمام الخميني
قدس سره.
1- تذوّق حلاوة الإيمان
يقول الإمام الخميني قدس سره في شرحه لحديث جنود العقل والجهل: "في الآية 65 من
سورة النساء:
﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ
بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ
وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا﴾7. أجل، إنّ روح الإنسان لا تذوق طعم الإيمان إلّا
بالتّسليم لأحكام الله تعالى بدرجةٍ لا يجد معها أيّ حرج في نفسه أو أذى في قلبه من
القضاء الإلهيّ بل يستقبله برحابة صدر واستبشار. وقد رُوي في الكافي الشّريف عن
أمير المؤمنين عليه السلام، قال: "الإيمان له أربعةُ أركان: التّوكّل على الله،
وتفويض الأمر إلى الله، والرّضا بقضاء الله، والتّسليم لأمر الله عزّ وجل"8. فلا
إيمان لمن لم تتوفّر فيه هذه الأركان الأربعة، بل هو محرومٌ من حقيقة الإيمان بالله
عزّ وجلّ"9.
2- يعالج أمراض الرّوح
"إنّ هذا التسليم للحضرة الإلهيّة القدسيّة هو بحدّ ذاته أحد العلاجات لأمراض
الرّوح، وهو الذي يضفي على النّفس الصّفاء ويزيد نورانية الباطن"10.
3- بلوغ مقام الولاية
"إنّ جميع أشكال الشّرك والشكّ هي نتيجةٌ لعدم تسليم الإنسان روحهُ للوليّ المطلق
وهو الحقّ تبارك وتعالى، فإذا أسلم روحهُ له أسلمت معها ممالكه الوجوديّة الأخرى.
فأسلمت أعضاؤه الظاهريّة وقواه المُلكيّة، ومعنى تسليمها أن لا تكون أيٌّ من
حركاتها وسكناتها بدافع من النّفس والأنانيّة، بل إنّ قبضها وبسطها بيد الإرادة
الإلهيّة، أي يحصل فيه نموذجٌ التقرّب بالنوافل: "كنتُ سمعه الذي يسمع به وبصرهُ
الذي يُبصرُ به...إلى نهاية الحديث"11.
ولا شكّ بأنّ مقام الولاية هو المقام الذي يستبدل فيه العبد إرادة نفسه بإرادة ربّه،
فيصبح مظهرًا لأولئك الذين قيل فيهم أنّ لله عبادًا إذا أردوا أراد. يقول الإمام
الخمينيّ قدس سره:
"لا تكن محبًّا لنفسك، سلّم إرادتك للحقّ تعالى، فإنّ الذات المقدّس يتفضّل عليك
بجعلك مظهرًا لإرادته، ويجعلك متصرّفًا في كافّة الأمور. ويخضع لقدرتك مملكة
الإيجاد. وهذا هو غير التفويض الباطل، كما هو معلوم في محله"12.
4- نورانيّة القلب
يقول الإمام قدس سره: "والمرتبة الثالثة هي الطهور القلبيّ الذي هو عبارة عن تسليم
القلب للحقّ. وبعد هذا التّسليم يصبح القلب نورانيًّا، بل يكون بذاته من عالم
النّور ودرجات النّور الإلهيّ. وتسري نورانيّة القلب إلى سائر الأعضاء والجوارح
والقوى الباطنة وتصبح كلّ المملكة نور، ونور على نور حتّى يصل الأمر إلى حيث يصبح
القلب إلهيًّا لاهوتيًّا وتتجلّى حضرة اللاهوت في جميع مراتب الباطن والظاهر"13.
5- استئصال جذور الشّرك والكفر والنّفاق
يقول الإمام الخمينيّ قدس سره: "واعلم أنّ إرادة الله تعالى قاهرة لجميع الإرادات،
وإذا اطمأنّ قلبك بهذه الكلمة المباركة وسلّم لهذه العقيدة، فالأمل أن يُنجز عملك،
وتستأصل جذور الشرك والرياء والكفر والنفاق من قلبك"14.
6- الوصول إلى الكمال الإنساني
كانت هذه بعض آثار التّسليم التي تشير إلى عظمته. وتكتمل مشهديّة العظمة عندما
نتعرّف على دور التّسليم في هداية الإنسان إلى المقصد النّهائيّ. لهذا، قال
الإمامقدس سره: "ولا شك في أنّ الذي يتحلّى بالتّسليم للهداية الإلهيّة يصل إلى
مقصده عبر الصّراط المستقيم ـ الذي هو أقرب الطرق ـ فلا يُعرّض نفسه للخطر، أمّا
الذي يسير بقدمه هو، فربمّا يقع في المهالك ويضيّع عليه الطريق"15.
ويقول قدس سره أيضًا: "يجب على الإنسان أن يكون مستسلمًا لأقوال الأنبياء والأولياء
عليهم السلام ولا يوجد شيء في سبيل تكامل الإنسان، أفضل من التسليم والطّاعة أمام
أولياء الحقّ.
وخاصّة في الأمور التي لا مجال للعقل في التّطرق إليها ولا يوجد سبيل لإدراكها
واستيعابها إلا بواسطة الوحي والرسالة"16.
وباختصار إنّ التّسليم هو سبيل سعادة الإنسان وتوفيقه كما ذكر الإمام في كتاب
الأربعون حديثًا. "اعلم أنّ الوهم والغضب والشهوة يمكن أن تكون من الجنود الرحمانية،
وتؤدي إلى سعادة الإنسان وتوفيقه إذا سلّمتها للعقل السليم وللأنبياء العظام. ومن
الممكن أن تكون من الجنود الشيطانية إذا تركتها وشأنها، وأطلقت العنان للوهم ليتحكم
في القوتين الأخريين: الغضب والشهوة"17.
ما هي منابع التّسليم ومناشؤه
يذكر الإمام بعض العوامل التي تؤدّي إلى تحقّق حالة التّسليم في القلب وتسري إلى كلّ
مملكة وجود الإنسان. منها:
1- سلامة القلب
يقول الإمامقدس سره: "إنّ قلبَ الإنسان إذا سلم من الآفات والعيوب وجد الحق تعالى
بفطرته السليمة، فإذا وجده أسلم له، وإذا أسلم له قلبيًّا إنقاد له في أعماله
الظّاهريّة القالبية. إذن فالتسليم ثمرةٌ سلامة القلب، والتسليم بدوره يُثمر
الانقياد الظاهريّ أيضًا.وهذا هو "الاستسلام"18.
2- طهارة النّفس
يقول الإمام قدس سره: "فالإنسان ما دام على فطرته الأصلية ـ وهي الفطرة السليمة
التي هي من المواهب الإلهيّة في أصل طينة الخلقة ـ وما دام لم يتلوّث بآفات النفس
وعيوبها واحتجابها وكدورتها الرّوحيّة، فإنّه يجد الحقّ تعالى ويحبّهُ بهذه الفطرة
السّليمة نفسها، فيخضع وينقاد ويسلّم له فطريًّا، فإذا حصل فيه هذا التسليم تحقّق
فيه الاستسلام لله لا محالة"19.
ولا شكّ بأنّ العلم بحقيقة الوجود ومعرفة نظام الخلقة تؤدّي بالنّفوس الطّاهرة إلى
حالة الانقياد والتّسليم التامّ لأصل الأشياء ومبدئها ومدبّرها. ومثل هذه المعرفة
إنّما هي حصيلة إعمال العقل واستعماله في التفكّر في آيات الله السّارية في كلّ
العوالم.
كيفيّة تحصيل التّسليم
نستفيد ممّا ذكره الإمام في العديد من المناسبات ـ وخصوصًا مناسبة الحديث عن
التّسليم ـ أنّ تحصيل هذه الملكة الفاضلة، بل المقام المنيع إنّما يكون برعاية
الأمور التالية:
1- الانتقال من العلم إلى الإيمان
يقول الإمام الخمينيّ قدس سره: "فعلى طالب الوصول إلى مقامات التوكّل والتفويض
والثّقة والتسليم وغيرها من قسم المعاملات ـ حسب اصطلاح أهل المعرفة ـ أن يتجاوز
مرتبة العلم إلى مرتبة الإيمان، ولا يقنع بالعلوم الرّسميّة الصّرفة، بل عليه أن
يدخل إلى قلبه أركان ومقدّمات حصول تلك الحقائق لكي تحصل له تلك المقامات
والحالات"20.
2- اتّباع الوليّ الكامل
ومثل هذا الانتقال يتحقّق في بعض وجوهه من خلال اكتشاف الطّبيب الحاذق والإنسان
الكامل الذي هو مظهر الغاية التي نصبو إليها. لهذا، قال الإمام قدس سره: "إنّ
التسليم من الخصال الحميدة للمؤمنين، يتوسّلون به لطيّ المنازل المعنويّة والحصول
على المعارف الإلهيّة. فالذي يتجلّى بالتّسليم للحقّ تعالى ولأوليائه، ولا يناقش
لهم أمرًا، يطوي سيره الملكوتيّ بأقدامهم، ولذلك فهو يصل بسرعةٍ، إلى مقصده. من هنا
قال بعض العرفاء: إنّ المؤمنين أقرب للمقصد والمقصود من الحكماء، لأنهم يضعون
ويحرّكون أقدامهم تبعًا لخطى الأنبياء، في حين أنّ الحكماء يسعون للسّير على وفق
فكرهم وعقولهم"21.
"وعلى الإنسان أن يجتهد في البحث عن الطبيب الحاذق لكي يعالجه، فإذا وجد الطبيب
الكامل ولم يسلّم له، وعمد إلى مناقشته في العلاج الذي وصفه له، وأراد معالجة نفسه
بعقله هو، فإنّه يعرّضها بذلك للهلاك. وكذلك الحال في السّير الملكوتيّ، فعلى
الإنسان أن يجتهد من أجل العثور على الدّليل الهادي له في هذا الطّريق. فإذا وجدهُ
وجب عليه التّسليم له واتّباعه في طريق السّير والسّلوك واقتفاء أثرهِ خطوةً خطوة.
وما دمنا قد عرفنا أن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم هو الهادي في الطريق
القويم والمطلع على جميع مراتب المعارف، لذا فقد وجب علينا أن نتبعه بتسليمٍ محض في
السَّير الملكوتي.
أمّا إذا أردنا معرفة فلسفة الأحكام بعقولنا الناقصة، فقد انحرفنا عن الطريق
المستقيم وأخذنا طريق السّير إلى الهلاك الأبدي، إذ أنّنا في هذه الحالة مثل المريض
الذي يأبى أن يتناول الدواء إلّا بعد الاحاطة بسرّ وصفةِ الطبيب له، فمثل هذا
المريض لن يرى وجه الصحّة والسّلامة، لأنّ وقت العلاج سينقضي ويهلك نفسه قبل أن
يتعرّف على سرّ تلك الوصفة.
ونحن مرضى وضالون، فواجبنا أن نأخذ وصفات السّير الملكوتيّ وعلاجات أمراضنا
القلبيّة من هداة طريق الهدي وأطباء النفوس والأرواح، والعمل بها دون إقحام أفكارنا
الناقصة وآرائنا الضعيفة في الأمر، لكي نصل إلى المقصد وهو معرفة حقائق التوحيد"22.
3- المحافظة على سلامة الفطرة
يقول الإمام الخمينيّ قدس سره: "والإنسان ما دام محافظًا على سلامة فطرته الأصلية
من الاحتجاب بحجب الطّبيعة، فهو بعيدٌ عن التمرُّد والعمل برأيه، وعن إضفاء
النّفسانية على أعماله، بل يكون مُسلّمًا للحقّ تعالى بفضل سلامة فطرته، فيكون قلبه
كالمرآة التي يتوجّه طرفها النّورانيّ إلى الحقّ تعالى، فهو يتلقّى بالكامل ما
يأتيه من عالم الغيب، فينطبع فيه بكماله، ويُسلم للواردات الغيبيّة بدرجة يذهل عن
نفسه بالكامل. وإذا وصلت هذه الحالُ القلبيّة فيه إلى كمالها واستولت على باطنه،
فإنّها قد توجد فيه حالة "المحو المطلق" و"الصّعق الكلّيّ"، وحينئذٍ إذا وجده الله
تعالى من أهل الطّلب والمحبّة خارجًا من أسر الأنانيّة والنّفس، تفضّل عليه بألطاف
رحمانيّة خاصّة ونقله إلى مقام "الصّعق المطلق" بالتجلّي الإلهيّ وبالجذوة
الربّانيّة، مثلما حصل لموسى الكليم:
﴿فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ
جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا﴾23، وحتى لو كانت فيه نقائص، زالت بفضل هذا
التجلِّي الرّحمانيّ الصّادر من اللطف الإلهيّ الخاص. ولا يخفى أنّ هذا المقام من
التّسليم أعلى من مقامي التوكّل على الله والرّضا بقضائه. يتّضح أنّ التّسليم من
لوازم الفطرة المخمّرة إلهيًّا ومن جنود العقل والرحمان"24.
4- حضور القلب في العبادات
يقول الإمام الخمينيّ قدس سره: "إنّ من أسرار العبادات والرّياضات ونتائجهما أن
تكون إرادة النفس في ملك البدن نافذة، وتكون دولة النفس منقهرة ومضمحلّة في
كبريائها، وتسيطر الإرادة على القوى المبثوثة والجنود المنتشرة في ملك البدن
وتمنعها من العصيان والتمرّد والأنانيّة، وتكون القوى مسلّمة لملكوت القلب وباطنه،
بل تصير جميع القوى بالتدريج فانية في الملكوت، ويطبق أمر الملكوت في الملك وينفذ
فيه، وتقوى إرادة النفس، ويفلت زمام المملكة من يد الشيطان والنفس الأمارة، وتساق
جنود النفس من الإيمان إلى التسليم ومن التسليم إلى الرضا ومن الرضا إلى الفناء"25.
وفي كان آخر يقولقدس سره: "إنّ من أسرار العبادات وفوائدها المهمّة التي تكون بقية
الفوائد مقدمة لها، أن تكون مملكة البدن بجميعها، ظاهرها وباطنها، مسخّرة تحت إرادة
الله ومتحركة بتحريك الله تعالى، وتكون القوى الملكوتية والملكية للنفس من جنود
الله، وتكون كلّها كملائكة الله. وهذه من المراتب النازلة لفناء القوى والإرادات في
إرادة الحقّ. ويترتّب على هذا بالتدريج النتائج العظيمة ويصبح الإنسان الطبيعيّ
إلهيًّا، وتكون النّفس مرتاضة بعبادة الله، وتنهزم جنود ابليس بشكل نهائيّ وتنقرض،
ويكون القلب مع قواه مسلّما للحقّ، ويبرز الإسلام ببعض مراتبه الباطنية في القلب،
وتكون نتيجة هذا التسليم لإرادة الحقّ في الآخرة أنّ الحقّ تعالى ينفذ إرادة صاحب
هذا القلب في العوالم الغيبية، ويجعله مثلًا أعلى لنفسه"26.
* دراسات أخلاقية - الأخلاق المحمودة، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.
1- جنود العقل والجهل، ص 358.
2- نهج البلاغة، ص 491.
3- جنود العقل والجهل، ص 357.
4- (م.ن)، ص 158.
5- (م.ن)، ص 357-358.
6- (م.ن)، ص 362.
7- سورة النساء، الآية 65.
8- الكافي، ج2، ص47.
9- جنود العقل والجهل، ص 359-360.
10- (م.ن)، ص 359.
11- (م.ن)، ص 362.
12- الأربعون حديثًا، ص 68.
13- معراج السالكين، ص 71-72.
14- الأربعون حديثًا، ص 76.
15- جنود العقل والجهل، ص 358.
16- الأربعون حديثًا، ص517.
17- الأربعون حديثًا، ص 40.
18- جنود العقل والجهل، ص 354.
19- (م.ن)، ص 356.
20- جنود العقل والجهل، ص 192.
21- (م.ن)، ص 358.
22- جنود العقل والجهل، ص 358-359.
23- سورة الأعراف، الآية 143.
24- جنود العقل والجهل، ص 360-361.
25- معراج السالكين، ص 38.
26- (م.ن)، ص 45-46.