يتم التحميل...

كلمة الأمين العام لحزب الله في إفطار مؤسسة الإمداد الخيرية

2001

"جمعية الإمداد الخيرية" ترابط على الثغور الإجتماعية للمواجهة مع العدو

عدد الزوار: 179

كلمة الأمين العام لحزب الله في إفطار مؤسسة الإمداد الخيرية 29-11-2001 ــ القسم الثقافي
"جمعية الإمداد الخيرية" ترابط على الثغور الإجتماعية للمواجهة مع العدو

المحاور الرئيسية
• الصدقة تطهر النفس وتزكيها
• الله يربي الصدقات أضعافا مضاعفة
• لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين ابي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين وعلى جميع الانبياء والمرسلين والشهداء والمجاهدين في سبيل الله منذ آدم الى قيام يوم الدين. السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته.

التصدق صفة من صفات المؤمنين
من اهم المواصفات او الصفات التي احبها الله سبحانه وتعالى وارادها في عبده المؤمن الى جانب اقامة الصلاة التي هي معراج المؤمن صفة الانفاق او ما ورد في القرآن الكريم بتعابير مختلفة. اما بتعابير الانفاق "الذين ينفقون"، او بتعابير ايتاء الزكاة "الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة" او بتعابير الصدقة والتصدق "والمصدقين" وبتعابير مختلفة. لكن حتى لا اكرر الكلمات فلنقل التصدّق لان عنوان الصدقة هو عنوان واسع جدا وان كان قد ارتكز في اذهاننا بالصدقة المستحبة. عنوان الصدقة هو عنوان اوسع حتى من الزكاة التي هي صدقة الا انها واجبة. فلنتكم عن عنوان الصدقات والانفاق الواسع في هذا الاطار. هناك عنوان آخر وان كان ساحة عمله تصبح ممتدة واوسع هو الجهاد بالمال. لان الله سبحانه وتعالى طلب منها ان نجاهد بانفسنا وباموالنا. هناك قوم مثلا خلال السنوات الماضية لم يتمكنوا ان يكونوا حاضرين في جبهات المقاومة، ولكنهم قدموا للمقاومة مالا مكنها من الاستمرار، فهؤلاء جاهدوا بأموالهم وهذا يسمى جهادا في سبيل الله عز وجل.‏

الصدقة تطهر النفس وتزكيها
أعود الى العنوان الاساسي وهو عنوان التصدق. والتأكيد القرآني والنبوي على هذا العنوان هو تأكيد كبير. طبعا الاسلام والرسالة الالهية السموية من خلال تركيزها على هذه الصفة هي تريد ان تحقق غرضين او هدفين دفعة واحدة. الغرض الاول يتعلق بنفس الانسان، لان الانسان الذي ينفق ويتصدق ويعطي من ماله ويجاهد بماله هذا الانسان يتطهر ويتزكى من خلال هذا الانفاق. ولذلك ورد في الاية الكريمة "خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها". من جملة الاعمال المزكية والمطهرة للنفس الانسانية هو هذا الانفاق. هناك الكثير من المؤمنين الذين يهتمون بالسير والسلوك والاعمال التي تقرب الى الله سبحانه وتعالى، ولكن بنفس الوقت يمكن ان يتطرقوا الى عمال تكون شاقة جسديا. لكن الله سبحانه وتعالى هو الذي دلنا على طريق التزكية والتطهر، ومن جملة وسائل التزكية والتطهر النفسي والروحي والمعنوي هو هذا الانفاق. وعندما ننفق اولا نحن المستفيدون في الدنيا على المستوى النفسي وفي الآخرة على المستوى الشخصي. ولكن الغرض الأول في الحقيقة هو تطهير الانسان وتزكيته وهذا هدف مركزي في كل العبادات والاعمال والاحكام الشرعية.

الصدقة تخفف من أعباء معيشة الفقراء
والغرض الثاني او الهدف الثاني هو معالجة او المساهمة في معالجة المشاكل الاجتماعية المعيشية المستعصية التي يعيشها اي مجتمع بشري او الناس عموما.

منذ بدء الخليقة الى الآن، والى يوم تكون لله تعالى فيه مشيئة أخرى، كان هناك مجتمع بشري فيه فقراء وأغنياء، وكان هناك مكتفون ومحتاجون وكان هناك قادرون على العمل وعاجزون عن العمل والخ... بطبيعة الحال، هؤلاء العاجزون عن العمل والمحتاجون والمساكين والفقراء يجب ان تمتد اليهم يد المساعدة. ولا يجوز ان يتركوا او يخذلوا.

مساعدة الفقراء مسؤولية دينية للدولة والمجتمع معا
وهذه طبعا هي مسؤولية الدولة حتى في الفهم الاسلامي. هي مسؤولية الدولة بالدرجة الأولى ومسؤولية المجتمع. يعني الدولة مسؤولة والمجتمع مسؤول. ان قام المجتمع بهذه المسؤولية لا يعني ان الدولة عليها ان تدير ظهرها لهؤلاء. ان قامت الدولة بجزء من هذه المسؤولية لا يعني ان المجتمع غير معني. في الفهم الاسلامي الدولة مسؤولة والمجتمع الذي يعيش فيه هؤلاء الفقراء والعاجزون والايتام والمساكين هو أيضا يتحمل مسؤولية من هذا النوع. تأتي ثقافة ايتاء الزكاة والتصدق والانفاق والجهاد بالمال ورعاية او تكفل الايتام وقضاء حوائج المحتاجين وما شاكل في الحقيقة من هذا الجانب لتعالج جانبا كبيرا من هذه المشكلة ولكن بخلفية ثقافية ايمانية اخلاقية انسانية. هذا ما ورد الحثُّ عليه في الكثير من الايات والروايات. انا اذكر فقط العناوين حتى لا اطيل عليكم.‏

أجر الصدقات عند الله

أ ــ الله يربي الصدقات أضعافا مضاعفة
الله سبحانه وتعالى من باب الترغيب للمتصدقين يقول لهم انا الذي يأخذ منكم الصدقات بشكل مباشر. الصدقة تقع في يد الله قبل ان تقع في يد الفقير او المحتاج او اليتيم؛ "ألم يعلموا ان الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وان الله هو التواب الرحيم". وقد ورد في الروايات ما يؤكد هذا المعنى، ان الصدقة تقع في يد الله سبحانه وتعالى قبل ان تقع في يد الفقير او المحتاج. من باب التشجيع ايضا وعد الله سبحانه وتعالى في القرآن المجيد بأنه هو الذي يربي الصدقات، عندما يدفع الواحد منا صدقة، هذه الصدقة؛ الى ان يحشر يوم القيامة مع مضي الساعات والايام والاسابيع والشهور والسنين، هذه الصدقة تنمو وتنمو فيفاجأ يوم القيامة كأنه تصدق بمثل جبل أحد كما ورد في بعض الروايات، مع أن كل ما تصدق به فقط هو هذا المبلغ المتواضع الذي خرج منه. لكن الله سبحانه وتعالى وعد بأن يربي الصدقات وان ينميها تشجيعا على الانفاق لعباده. الرسول صل الله عليه وآله وسلم يقول "اتقوا النار ولو بشق تمرة، فان الله عز وجل يربيها لصاحبها كما يربي احدكم فصيله حتى يوفيه اياها يوم القيامة وحتى يكون اعظم من الجبل العظيم." في بعض الروايات ورد انه كجبل أحد.

ب ــ الصدقات تدفع البلاء وميتة السوء
روايات كثيرة تتحدث عن الصدقة التي تدفع البلاء. روايات تتحدث عن الصدقة التي تدفع ميتة السوء. الانسان سيموت ولا مهرب من الموت. ولكن هناك اشكال للموت. هناك الموت الذي هو قتل في سبيل الله، وموت على الفراش او بحادث سيارة او عن طريق الخطأ الخ... الصدقة تدفع عن الانسان ميتة السوء. ورد في الروايات ايضا ان الصدقة مما يتداوى بها في الامراض. وان الصدقة ايضا تطيل العمر وانها مفتاح الرزق. كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يأمر بعض الذين سُدّت عليهم ابواب الرزق بالتصدق لتفتح عليهم هذه الابواب وليتطلع الله سبحانه وتعالى اليهم.

ج ــ من سعى في تأمين صدقة فله مثل أجر صاحبها
وللتشجيع ايضا على تحقيق هذا الغرض الثاني، نجد بان الاسلام لم يشجع فقط المتصدقين انفسهم. يعرف الاسلام انه سيأتي يوم من الايام لا يستطيع الواحد منا ان يقوم بمبادرة فردية للتصدق أولا تكفي. أنه سيأتي يوم ويصبح فيه مؤسسات ضخمة تعمل بهذا الموضوع. ولذلك نجد بان الاجر والثواب الذي وُعِد به المتصدق، وُعِد به ايضا من يسعى في تأمين الصدقة. ومن يحمل الصدقة من المتصدق الى اليتيم او المحتاج او الفقير. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) "من مشى بصدقة الى محتاج كان له كأجر صاحبها من غير ان ينقص من أجره شيء والله واسع عليم". الله سبحانه وتعالى يعطي بلا حساب. وتكفل للساعي في تأمين الصدقة ويوصلها الى المحتاجين بثواب واجر المتصدق نفسه دون ان ينقص شيئا من اجر هذا المتصدق.

لا تبطلوا صدقاتكم بهدر كرامة من تتصدقون عليه
وورد ايضا في رواياتنا في الفهم الاسلامي الكثير من أخلاقيات وآداب هذا السلوك وهذه الممارسة وهذه الفريضة وهذا العمل المستحب؛ فيما يتحدث عن صدقة السر او العلن وأولوية ذوي الارحام. ومن اهم الامور التي تعبر عن هذا البعد الاخلاقي والانساني في التشريع الاسلامي هو حرمة الحاق المن والاذى بمن نعينهم او بمن نساعدهم. هذا يؤكد ان الغرض في الحقيقة والخلفية الاساسية هي خلفية اخلاقية وانسانية. لذلك قال الله سبحانه وتعالى "قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى". هناك الكثير من الناس من يتصدقوا او يساعدوا، او مثل بعض الدول التي تقدم المساعدات والمعونات لجهة معينة ثم فيما بعد يلحق بهم من الاذى والمن ما يذهب بماء وجوههم جميعا. بينما ما ركز عليه الاسلام هو حفظ ماء وجه اليتيم والمحتاج والفقير الذي نتصدق ان ننفق او نساعد في الحقيقة. ولعل هذا ايضا احد ايجابيات او خلفيات صدقة السر. حتى انه ورد في بعض الروايات في الاداب انك عندما تعطي مالك للفقير لا تنظر الى وجهه حتى لا يخجل ويستحي منك. الى هذا الحد حاول الاسلام ان يراعي كرامة اولئك الذين تمتد اليهم اليد لمعونتهم ولمساعدتهم وسد حوائجهم. "يا ايها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى". عندما تتصدق على انسان ثم تمن عليه وتؤذيه فقد ابطلت صدقتك ولم يعد لها اجر ولا ثواب ولا مكان ولا معنى. وهذا يؤكد ان حرص الاسلام على الكرامة الانسانية هو اشد بكثير من حرص الاسلام على ان يملأ بطن الجائع. ولذلك قالت الآية: "قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى". الإنسان كرامته أهم من بطنه. ولذلك ان كنت تريد ان تشبع بطنه عليك ان تحفظ الأهم. وهو كرامة هذا الانسان.

"جمعية الإمداد": تتحمل مسؤوليتها بأمانة
هذا في الحقيقة ما تحاول هذه المؤسسات الكريمة والشريفة القيام بهذه المسؤولية في هذه المرحلة من الزمن وتحديدا جمعية الامداد الخيرية. يعني لجنة امداد الامام الخميني (قدس سره). هي في الحقيقة كانت وما زالت مؤتمنة على هذه المسؤولية. كما ان هناك مؤسسات مؤتمنة على شهدائها وعوائل شهدائنا وايتام شهدائنا. وهناك مؤسسة مؤتمنة على جرحانا ومن اصيبوا في الحرب التي فرضت على بلدنا وامتنا.

هذه المؤسسة جمعية الامداد هي مؤتمنة على رعاية هؤلاء الايتام من الناس والفقراء والمعوزين والمساكين وخصوصا العائلات الذين لا معين لهم. وفي الاطار العام ان تمد يد المساعدة لكل محتاج، ولقد كانت هكذا بالفعل خلال السنوات الماضية منذ بداية التأسيس. وهذه مؤسسة مباركة أسسها الامام الخميني قدس سره الشريف. ولها شرف انها تحمل هذا الاسم المبارك في عنوانها وفي اسمها كما هو معروف. وعندما أسّسها الامام أسّسها لهذه الغاية. خلال كل السنوات الماضية استطاعت ان تتحمل هذه المسؤولية بأمانة كبيرة. وان ترعى عددا كبيرا من الايتام ومن العائلات الفقيرة والمعوزة والمحتاجة ومن لا معيل لها وطبعا ضمن طاقاتها وامكاناتها.

"جمعية الإمداد" تسد ثغرة من ثغور المواجهة الإجتماعية
ووفقت هذه الجمعية بالتعاون مع بقية الاطر الثقافية والاجتماعية الى تركيز وتعزيز ثقافة الصدقة في لبنان. تعرفون انه قبل 14 عاما هذه الثقافة كانت محدودة جدا، ربما في بعض المساجد او ما شاكل. ولكن عندما يصبح في كل دكان وفي كل بيت وفي كل مكان مكان للصدقة وصندوق للصدقة، وعندما تنتشر ثقافة الصدقة بين الناس، هذه الاموال المتواضعة والبسيطة تتراكم. وعندما تتراكم هذه المبالغ تستطيع ان تحل مشكلة عدد كبير من العائلات. في سنوات المواجهة كان لهذه الجمعية دور اساسي في تثبيت الصامدين في الخطوط الامامية وكان لها دور اساسي في استيعاب حالات وموجات التهجير التي حصلت في سواء في حرب تسوية الحساب سنة 93 او عناقيد الغضب سنة 96. المهم هذه المؤسسة اليوم مؤتمنة على هذا الجانب من الرعاية والمسؤولية وهي تسد ثغرة من ثغور المواجهة الاجتماعية عندما نتحدث في الآثار الاجتماعية او في المواجهة الجهادية عندما نتحدث عن مجمل المواجهة التي نخوضها دفاعا عن وطننا وامتنا ومقدساتنا.
 

2017-08-17