الرضا والقناعة
شوَّال
عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "وإِيَّاكَ أَنْ تُوجِفَ بِكَ مَطَايَا الطَّمَعِ، فَتُورِدَكَ مَنَاهِلَ الْهَلَكَةِ، وإِنِ اسْتَطَعْتَ أَلَّا يَكُونَ بَيْنَكَ وبَيْنَ اللَّه ذُو نِعْمَةٍ فَافْعَلْ، فَإِنَّكَ مُدْرِكٌ قَسْمَكَ وآخِذٌ سَهْمَكَ، وإِنَّ الْيَسِيرَ مِنَ اللَّه سُبْحَانَه أَعْظَمُ وأَكْرَمُ مِنَ الْكَثِيرِ مِنْ خَلْقِه، وإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْه".
عدد الزوار: 279الرضا والقناعة
عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "وإِيَّاكَ
أَنْ تُوجِفَ بِكَ مَطَايَا الطَّمَعِ، فَتُورِدَكَ مَنَاهِلَ الْهَلَكَةِ، وإِنِ
اسْتَطَعْتَ أَلَّا يَكُونَ بَيْنَكَ وبَيْنَ اللَّه ذُو نِعْمَةٍ فَافْعَلْ،
فَإِنَّكَ مُدْرِكٌ قَسْمَكَ وآخِذٌ سَهْمَكَ، وإِنَّ الْيَسِيرَ مِنَ اللَّه
سُبْحَانَه أَعْظَمُ وأَكْرَمُ مِنَ الْكَثِيرِ مِنْ خَلْقِه، وإِنْ كَانَ كُلٌّ
مِنْه".
حياة الإنسان في هذه الدنيا بين حدين هما الطمع أو الرضا، والخيار الذي يختاره
الإنسان منهما يحدد سلوكه بشكل مباشر ويحدد مصيره في الدنيا والآخرة.
ولأجل معالجة الآفة التي تورد الإنسان المهالك وهي الطمع كان الحث على أن يعيش
الإنسان حالة الرضا، والتي ترجع إلى القناعة بما أعطاه الله للإنسان وبما وصل إليه
من رزق.
أما موجبات الرضا والأسباب التي تؤدي إليه فهي أمور:
1- إدراك حقيقة أن كل ما تناله من هذه الدنيا فإنه سوف
ينتهي بنهايتها: يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): "ومن أكثر من ذكر
الموت رضي من الدّنيا باليسير". ولذلك فإن أولياء الله عز وجل ولمعرفتهم بحقيقة هذه
الدنيا لم ينقادوا إلى مطامعها ويصفهم الإمام (عليه السلام) بقوله: "إِنَّ
أَوْلِيَاءَ اللَّه هُمُ الَّذِينَ نَظَرُوا إِلَى بَاطِنِ الدُّنْيَا، إِذَا
نَظَرَ النَّاسُ إِلَى ظَاهِرِهَا، واشْتَغَلُوا بِآجِلِهَا إِذَا اشْتَغَلَ
النَّاسُ بِعَاجِلِهَا، فَأَمَاتُوا مِنْهَا مَا خَشُوا أَنْ يُمِيتَهُمْ،
وتَرَكُوا مِنْهَا مَا عَلِمُوا أَنَّه سَيَتْرُكُهُمْ، ورَأَوُا اسْتِكْثَارَ
غَيْرِهِمْ مِنْهَا اسْتِقْلَالًا، ودَرَكَهُمْ لَهَا فَوْتاً".
2- استقلال كل ما يمكن أن يناله الإنسان في هذه الدنيا،
لأن التنافس على حطامها ينشأ من الاعتقاد بعظمة ما فيها، قال أمير المؤمنين (عليه
السلام): "إِنَّ الطَّمَعَ مُورِدٌ غَيْرُ مُصْدِرٍ وضَامِنٌ غَيْرُ وَفِيٍّ،
ورُبَّمَا شَرِقَ شَارِبُ الْمَاءِ قَبْلَ رِيِّه، وكُلَّمَا عَظُمَ قَدْرُ
الشَّيْءِ الْمُتَنَافَسِ فِيه، عَظُمَتِ الرَّزِيَّةُ لِفَقْدِه، والأَمَانِيُّ
تُعْمِي أَعْيُنَ الْبَصَائِر".
3- إدراك حقيقة أن من تطلب منه مخلوق مثلك
فليكن الطلب من الله عز وجل لأن الطمع بهذه الدنيا يجعلك توسط من يطلب رزقه من الله
مع أن أبواب الطلب من الله مفتوحة لك مباشرة، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام):
"اللَّهُمَّ صُنْ وَجْهِي بِالْيَسَارِ ولَا تَبْذُلْ جَاهِيَ بِالإِقْتَارِ،
فَأَسْتَرْزِقَ طَالِبِي رِزْقِكَ وأَسْتَعْطِفَ شِرَارَ خَلْقِكَ، وأُبْتَلَى
بِحَمْدِ مَنْ أَعْطَانِي وأُفْتَتَنَ بِذَمِّ مَنْ مَنَعَنِي، وأَنْتَ مِنْ
وَرَاءِ ذَلِكَ كُلِّه وَلِيُّ الإِعْطَاءِ والْمَنْعِ".
4- التسليم لله عز وجل النابع من الاعتقاد بأن مقادير
الأمور كلها بيده وأن الرزق المكتوب لهذا الإنسان سوف يصله، فعن أمير
المؤمنين (عليه السلام): "لَنْ يَسْبِقَكَ إِلَى رِزْقِكَ طَالِبٌ، ولَنْ
يَغْلِبَكَ عَلَيْه غَالِبٌ، ولَنْ يُبْطِئَ عَنْكَ مَا قَدْ قُدِّرَ لَكَ".
والعلامة التي ترشد الإنسان إلى أنه يعيش حالة الرضا فعلا هي النظر إلى النفس عندما
يذهب منه شيء من متاع هذه الدنيا الفانية فهل يعيش الحزن والأسى عليه؟ فالراضي لا
يحزن، قال (عليه السلام): "مَنْ رَضِيَ بِرِزْقِ اللَّه لَمْ يَحْزَنْ عَلَى مَا
فَاتَه".
نعم الرضا لا يعني التكاسل ولا يعني ترك السعي ولذا ورد عنه (عليه السلام):
"ولَيْسَ لِلْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ شَاخِصاً إِلَّا فِي ثَلَاثٍ - مَرَمَّةٍ
لِمَعَاشٍ أَوْ خُطْوَةٍ فِي مَعَادٍ - أَوْ لَذَّةٍ فِي غَيْرِ مُحَرَّمٍ".
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
2017-06-30