كلمة سماحة السيد حسن نصر الله في احتفال ذكرى ولادة السيدة الزهراء(ع)
2017
إنني، وفي البداية، وفي هذه المناسبة العظيمة، أتوجّه بالتبريك إلى عزيز الزهراء عليها السلام، إلى حفيدها العظيم، مولانا صاحب الزمان بقية الله في الأراضين
عدد الزوار: 99
كلمة
الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في احتفال ذكرى ولادة السيدة
الزهراء عليها السلام
يوم المرأة المسلمة 18-3-2017
القسم السياسي
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين،
والصلاة والسلام على سيدنا ونبيّنا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله، وعلى
آله الطيبين الطاهرين، وصحبه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
الأخوات الكريمات والسيدات العزيزات، السلام عليكنّ جميعاً ورحمة الله وبركاته.
إنني، وفي البداية، وفي هذه المناسبة العظيمة، أتوجّه بالتبريك إلى عزيز الزهراء
عليها السلام، إلى حفيدها العظيم، مولانا صاحب الزمان بقية الله في الأراضين
(أرواحنا له الفداء) وإلى جميع المسلمين والمسلمات في العالم، وإليكنّ بالخصوص،
الأخوات المشاركات في هذا الحفل السنوي المبارك لإحياء هذه الذكرى العظيمة، ذكرى
ولادة السيدة فاطمة الزهراء بنت محمد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وخاتم
النبيّين، المكنّاة بأم ابيها والتي قال فيها أبوها رسول الله (صلى الله عليه وعلى
آله وسلّم) في أكثر من مناسبة وفي أكثر من مكان وزمان وبحسب ما تنقله كتب المسلمين
من الشيعة والسنة، وهو الذي لا ينطق عن الهوى، لا هوى الأبوّة، ولا هوى العشيرة،
ولا هوى القرابة، إن هو إلا وحي يوحى، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): فاطمة بضعة
مني وهي نور عيني وثمرة فؤادي وروحي التي بين جنبيّ يسوؤني ما ساءها ويسرني ما
سرّها. وقال (صلى الله عليه وآله وسلّم): أما ابنتي فاطمة فإنها سيدة نساء العالمين
من الأولين والآخرين. وقال (صلى الله عليه وآله وسلّم): فاطمة سيدة نساء أهل الجنة.
وقال (صلى الله عليه وآله وسلّم): إنها أفضل نساء أهل الارض. وقال (صلى الله عليه
وآله وسلّم): إن الله ليغضب لغضبِ فاطمة ويرضى لرضاها.
في هذه المناسبة العظيمة أتوجه بالتحية إلى كل النساء اللاتي يتحمّلن أعباء هذه
المرحلة الحساسة من تاريخ الأمة والمنطقة والوطن، إلى امهات وزوجات وبنات وأخوات
الشهداء والجرحى والأسرى والمعتقلين، وإلى أمهات وزوجات وبنات المقاومين والمجاهدين
والمقاتلين والمدافعين في كل الساحات والميادين، إلى كل النساء اللاتي يتحمّلن فقد
الأعزّة وغياب الأحبّة وتبعات الحرب والمواجهة، من التهجير إلى الغربة إلى شظف
العيش، ويواجهن ذلك بثبات وصلابة واحتساب، من لبنان وفلسطين، إلى سورية والعراق
واليمن والبحرين، إلى إيران وأفغانستان وباكستان ونيجيريا، وإلى كل بلداننا وساحات
التحدي والصمود، وأسأل الله تعالى لكنّ ولهنّ العون والقوّة والثبات والصبر الجميل
والأجر العظيم والثواب الجزيل والنهايات الطيبة في الدنيا والآخرة.
أيتها الأخوات الكريمات والعزيزات:
حديثي اليوم على قسمين: القسم الأول أتطرق فيه إلى بعض المستجدات السياسية
والضاغطة في هذه الأيام، والقسم الثاني أتحدث فيه عن المناسبة ومن خلال المناسبة عن
بعض المسؤوليات الملقاة على عاتق أخواتنا والنساء بالدرجة الأولى، لكن سأقدّم،
خلافاً للعادة، عادة نتكلم عن المناسبة بعدها ننتقل إلى القسم السياسي، سأقدّم
القسم السياسي حتى نسهّل على وسائل الإعلام، بعدها، الذي يحب أن يكمل معنا في القسم
الثاني يكمل، والذي يحب أن يغادرنا "على راحته".
في الموضوع السياسي عندي أربع عناوين إن شاء الله (أعالجها) بالسرعة الممكنة.
العنوان الأول: قبل أيام أصدرت منظمة الأسكوا
التابعة للامم المتحدة تقريراً توصّف فيه أعمال الكيان الصهيوني تجاه الفلسطينيين
في فلسطين، ويتهم التقرير إسرائيل بالتمييز العنصري تجاه الفلسطينيين وبإقامة نظام
فصل عنصري، وطبعاً في هذا العصر في هذا الزمن، هذه من أسوأ التوصيفات والاتهامات
التي توجّه إلى دولة أو إلى نظام أو إلى حكومة، قامت قيامة إسرائيل ومعها أميركا
وبعض الداعمين لإسرائيل، احتجّوا بقوة على هذا التقرير، مارسوا ضغوطاً هائلة على
منظمة الأمم المتحدة، باعتبار أن الأسكوا تابع لمؤسسات منظمة الأمم المتحدة وعلى
الأمين العام الجديد للامم المتحدة. ومن أجل سحب التقرير، في البداية خضعت الأمانة
العامة للأمم المتحدة للضغط إلى حدود القول بأنها لم تكن على علم أو أن هذا التقرير
وإعلانه لم يكن منسّقاً معها.
لكن مع استمرار الضغوط الاسرائيلية والأميركية والتهديد بقطع التمويل والمساعدات،
انظروا "ما هذه المنظمة ـ الأمم المتحدة ـ عندما يعطيها أحد ما فلوس ثم يهدّد بقطع
الفلوس كيف تهتزّ وتُرهب" فخضع الامين العام الجديد للضغوط وأمر الأمينة التنفيذية
لمنظمة الأسكوا والمقيمة في لبنان بسحب التقرير. وهذا ليس جديداً على الأمم
المتحدة، فالأمين العام السابق أيضاً خضع قبل أشهر لتهديد مماثل عندما أصدرت إحدى
مؤسسات ومنظمات الأمم المتحدة تقريراً تحمّل فيه النظام السعودي المسؤولية عن قتل
الأطفال في اليمن، الحادثة نفسها تكررت، هددوا بقطع المال، فسحبوا التقرير وبدّلوه،
الآن الشيء نفسه.
طبعاً الامينة العامة التنفيدية لمنظمة الأسكوا، سيدة عربية اسمها السيدة ريما خلف،
رفضت سحب التقرير وقدّمت استقالتها من أمانة الاسكوا، وقبل الامين العام لمنظمة
الاسكوا الاستقالة مباشرة.
نحن هنا أمام مشهدين، المشهد الأول، مشهد خضوع المؤسسة الدولية لأميركا وإسرائيل
وهذا ليس شيئاً جديداً، وإنما نحن بحاجة في العالم العربي والعالم الاسلامي والعالم
الثالث دائماً إلى أحداث لتذكّرنا بحقيقة هذه المنظمة، إنها منظمة ضعيفة هزيلة
ذليلة خاضعة للإرادة الأميركية والإسرائيلية وإنها أعجز من أن تأخذ موقفاً أو تدافع
عن حق أو تعيد أرضاً محتلة أو تحفظ كرامة... هذا المشهد الأول، وبالتالي هذا المشهد
يعني للجميع أنه لا يمكن الرهان على هذه المنظمة وعلى قراراتها لتعيد إلينا أرضنا
المحتلة في فلسطين أو في لبنان أو في الجولان، لتطلق سراح المعتقلين من السجون
لتدافع عن حقوق الإنسان في منطقتنا، لتحمي الأم والطفل والثقافة والحضارة من خلال
كل المؤسسات التابعة للأمم المتحدة، هي أعجز من أن تفعل ذلك.
هذه الحادثة تؤكد وتشهد على ذلك، والمشهد الثاني، هو موقف سيدة عربية تضحّي
بمنصبها، ولعله مصدر عيشها وأيضاً تضحي بموقعها وقد تتحمل في الآتي القريب اتهامات
المعاداة للسامية، لأن كل شخص يحاسب إسرائيل يتهم بمعادات السامية، هذه السيدة
اتخذت موقفاً إنسانياً وأخلاقياً وقانونياً سليماً جداً، وعبارة عن جرأة وشجاعة
وإنصاف وانسجام مع الذات والضمير.
وأنا باسم كل المقاومين أحييها على هذا الموقف الكبير وأرجو أن يلقى هذا الموقف
الشجاع في هذا الزمن العربي الصعب والرديء كل التقدير من قبل شرفاء هذه الأمة
وأحرار هذا العالم، كما نطالب جامعة الدول العربية كما منظمة التعاون الإسلامي
والدول العربية والإسلامية خصوصاً بعدم القعود والتراخي والتخاذل ومتابعة تثبيت هذا
التقرير في الأمم المتحدة لأن لها نتائج مهمة على قضية فلسطين وشعب فلسطين وردع
العدو وجزءاً من المعركة السياسية والإعلامية والحضارية والنفسية مع هذا الكيان
الصهيوني الغاصب لفلسطين.
في هذا السياق يؤكد الفلسطينيون المستهدفون بالتمييز العنصري وبنظام الفصل العنصري،
يؤكدون مجدداً ودائماً على روح الثبات والمقاومة وصلابة الموقف، كما شهدنا بالأمس
في تشييع الشهيد المقاوم باسل محمود الأعرج في بلدته الولجة، القريبة من مدينة
القدس داخل الأراضي المحتلة، وذلك الحضور الشعبي والشبابي للرجال والنساء والشباب
والشابات المميز، هذا الحضور المميز والهتافات القوية والحاسمة من موقع المقاومة
الواحدة في لبنان وفي فلسطين أيضاً نتوجه بالتحية والتقدير إلى روح هذا الشهيد
الكبير، باسل محمود الأعرج إلى عائلته الصامدة والشجاعة وإلى أهل بلدته وإلى كل
رفاقه ومن شهدنا يوم أمس، في تشييع الشهيد في التحدي الواضح للقمع الصهيوني، شهدنا
قبضاتهم المرتفعة وأصواتهم العالية في تشييع الشهيد. هذا هو الخيار الحقيقي والأمل
الوحيد لشعب فلسطين ولبنان وشعوب المنطقة، المتاح أمامنا، لتحرير أرضنا ومقدساتنا،
وحفظ وجودنا وحقوقنا، وليس الانتظار الممل والخائب على أبواب المنظمات الدولية التي
هي بحد ذاتها ذليلة وعاجزة فضلاً عن أن تكون قادرة عن فعل شيء هذا العنوان الاول.
العنوان الثاني نحكي في باللهجة اللبنانية،
"بالعامية شوي". ملف الضرائب والسلسة، سلسلة الرتب والرواتب، هذا الملف الآن يشغل
اللبنانيين جميعاً، كل الشعب اللبناني "قاعد ناطر ليشوف شو بدو يصير بهيدا الملف".
اسمحوا لي في البداية أن أقول إنه يجب مقاربة هذا الملف ومعالجته بعيداً عن
المزايدات وبعيداً عن تصفية الحسابات. طبعاً هناك شيء صار بفي لأيام الماضية على
مواقع التواصل الإجتماعي هناك جزء منه أكاذيب. يعني مهما كان هناك أحد مثلا يريد
تصفية حساب مع قوى سياسية معينة، هناك خصومة بينه وبينها، لا يجوز بكل اأحوال أن
يضع أكاذيب ويبني عليها ويوجه سهام الاتهام.
إذاً، بعيداً عن الأكاذيب لانه حُكي كتيراً عن ضرائب ليس لها أساس، ليست صحيحة
أصلاً، ليس موجودة على جدول الأعمال في مجلس النواب، وأيضاً بعيداً عن المزايدات،
وأنا أريد أن أقل لكل القوى السياسة ولكل الناس المتابعين في لبنان إن الشعبوية في
هذا الملف لا تفيد، لأن الذي يريد استخدام الشعبوية يربح في محل ويخسر في محل آخر
أو يخسر في محل ويربح في محل آخر على المستوى الشعبي.
لماذا؟ لأنه كما أن هناك ملايين، مليونين ثلاثة..، من الناس المتهيّبين والرافضين
للضرائب على الفقراء وعلى ذوي الدخل المحدود كمان بالمقابل في 260 الف عائلة بالحد
الادنى يعني ما يقارب المليون لبناني ينتظرون سلسلة الرتب والرواتب من سنوات،
ويعتبرون هذا حقهم الطبيعي، وصحيح هذا حقهم الطبيعي.
إذاً، فإن مقاربة الموضوع بشكل شعبي أو شعبوي لا توصل إلى أي مكان، ولا يربح. هذا
يربح بمكان وبخسّر بمكان. المطلوب مقاربة هذا الملف بإنصاف وبعدالة، يعني بإنصاف
260 ألف عائلة وبإنصاف للفقراء وذوي الدخل المحدود. والإنسان في هذا الموضوع يتصرف
بما يمليه ضميره ومسؤوليته الوطنية والأخلاقية والدينية، وأيضاً المصلحة الوطنية.
هذه كبداية، هكذا يجب أن نقارب هذا الملف.
حسناً، نحن نقارب الموضوع من زاويتين: في سلسلة الرتب والرواتب نحن نؤيدها وندعمها
بقوة، بل ما هو مطروح في مجلس النواب، نحن نحاول ونسعى لأن نقوم بتحسينه أيضاً إذا
أمكن. إذاً لا نقاش في هذا الموضوع، ونحن جادون وصادقون ولا نجامل 260 ألف عائلة أو
موظفين. لا، بالحقيقة، هذا حق طبيعي يجب الاعتراف به ويجب تحقيقه، وهو ليس موقف
سياسة ومجاملة.
من جهة ثانية هناك موضوع تمويل السلسلة. أيضاً يجب أن يكون هناك عمل جاد لتمويل
السلسلة لأن "تطيير" التمويل سيؤدي إلى "تطيير" السلسلة. يعني إذا أراد أحد ما أن
يزايد شعبوياً ليطيّر تمويل السلسلة فهذا يعني أن السلسلة "طارت" وسيخسر 260 ألف
موظف، أي مليون إنسان.
هذان الموضوعان يجب مقاربتهما بشكل سليم. بالنسبة لنا نحن نقول ما يلي:
في موضوع الضرائب، هناك نوعان من الضرائب:
هناك ضرائب على الأملاك البحري، ضرائب على الكماليات، ضرائب على الأغنياء الكبار
والشركات الكبرى. ما المشكلة أن يكون هناك ضرائب؟ في كل دول العالم هناك ضرائب. في
كل دول العالم لا يقدر أحد أن يأخذ موقفاً بالمطلق ضد أي ضريبة. غير ممكن. أصلاً أي
دولة لا يمكن أن تدار وتقام إلا إذا كان هناك ضرائب, لكن الضرائب يجب أن تكون
عادلة، يجب أن تكون منصفة، يجب أن لا نزيد الضرائب. نحن لا نتحدث هنا بالنظريات.
الفقراء وذوي الدخل المحدود هناك ضرائب مفروضة عليهم من سنوات وعشرات السنين.
نحن لا نقول: لا تفرضوا ضرائب بالمطلق. أصلاً الضرائب موجودة.
نحن نقول: لا تزيدوا الضرائب على الفقراء وذوي الدخل المحدود.
هذا الموقف بالنسبة لنا. وأنا أحب أن أذكّر: منذ عام 1992، منذ أن دخلنا إلى المجلس
النيابي، نحن ملتزمون التزاماً مبدئياً حاسماً قاطعاً بهذا الموقف، ولم نصوّت في
يوم من الايام ولم نرضَ في يوم من الأيام بإضافة أي ضريبة على الفقراء وذوي الدخل
المحدود، وهذا ليس له علاقة بأي عهد وبأي حكومة وبأي مجلس النواب، ولا ما هو وضع
البلد.
بالنسبة لنا هذا موقف أصلي مبدئي حاسم من 1992، منذ أول مشاركتنا في المجلس
النيابي. إذاً ليس له علاقة بالأحداث والنقاشات الجارية.
الآن يأتي السؤال المهم: إذا لم نفرض هذه الضرائب كيف نموّل السلسلة؟
حصلت نقاشات في لجان مصغرة، في لجنة المال والموازنة النيابية، في اللجان المشتركة.
عُرضت بدائل ولكن هناك ناس لا يريدون أن يسمعوا ولا يريدون أن يقبلوا.
يا أخي هناك بدائل، هناك خيارات لتمويل السلسلة، واقعية وواضحة، ولكنها تحتاج
لقرار، تحتاج لقليل من الجرأة، تحتاج أن يتنازل بعض الناس عن امتيازات، أن يتنازلوا
عن بعض النفقات التي لا داعي لها. عندما يقال إن الوضع المالي في البلد صعب فطبيعي
أن يذهب الناس إلى بعض التقشف، لكن هناك بعض الناس لا يريدون أن يكون هناك تقشف
ويريدون أن يكملوا كأن البلد ليس فيه مشكلة، ويريدون تحميل الضرائب للفقراء. هذا
غير منطقي وهذا غير مقبول.
على كل حال هذا الملف يجب مقاربته ومعالجته بالطريقة التي توصل إلى نتيجة، هل نريد
في هذا الملف ـ وأنا أسأل الجميع: هل نريد أن نأكل العنب أو نقتل الناطور؟ نحن نريد
أن نأكل العنب، نحن لا نريد قتل الناطور. نحن لا نريد أن يُستخدم هذا الملف لتصفية
حسابات سياسية مع أي أحد.
لذلك ما عرفته من خلال تواصل الأمس واليوم أنه تم اتفاق أو سيتم الاتفاق على لقاء
مصغر تتمثل فيه الكتل النيابية الأساسية في المجلس النيابي كي يقوموا بإعادة نظر
ونقاش. نحن من جهتنا سنقدّم طرحاً كاملاً حول البدائل. لن أتحدث عن هذه البدائل
الآن في وسائل الاعلام كي لا يقال إننا نزايد على أحد ولا نريد أن نضغط على أحد ولا
نريد أن نحقق كسباً سياسياً أو إعلامياً. نحنا نريد أن نأكل العنب بسلسلة الرتب
والرواتب ل 260 الف عيلة و لانريد أن نطعم الحصرم لملايين ـ للأسف الفقراء ـ وذوي
الدخل المحدود في البلد. لذلك لن أأذكر الأمثلة الآن، سأتركها للنقاش في اللجنة.
لكن أنا أخاطب مسبقاً اللجنة التي ستجتمع وتناقش: يجب أن تقبلوا بأخذ قرارات جريئة،
بإلغاء بعض الامتيازات، بزيادة الضرائب في بعض المجالات التي تتحمل أكثر، ببعض
التقشف.
أنا أقول لكم بكل صدق: يمكن تمويل سلسلة الرتب والرواتب المطروحة أمام المجلس
النيابي دون أن يزاد أو يضاف ليرة واحدة على فقير أو ذي دخل محدود في لبنان، لكن
هذا يحتاج إلى ممارسة جدية من قبل القوى السياسية والكتل النيابية، هو يحتاج إلى
جدية لمرة واحدة .كونوا مع الفقراء والمحرومين والمستضعفين وذوي الدخل المحدود
واتخذو موقفاً قوياً وجريئاً.
أما الذين يكدّسون الذهب والفضة من حساب ومن جيوب الناس ويمكنكم أن تفعلوا ذلك.
شرفنا جميعاً في أن نكون مع هؤلاء الناس وقريبين من هذه الفئات. هنا القوة وهنا
الشرف وهنا الكرامة، وأنا أطالب بالمناسبة جميع القوى السياسية التي أعلنت على مدى
أسابيع أنها ترفض أي زيادة ضريبية على الفقراء وذوي الدخل المحدود، أن تفي بوعودها
التي أعلنتها وهي قادرة أن تفي بوعودها وأن تقر السلسلة وتمويل السلسلة، ولكن
المطلوب القليل من الجدية والقليل من الجرأة والقليل من الإنصاف. هذا العنوان
الثاني.
العنوان الثالث: قانون الانتخاب.
اليوم ضاق الوقت، ضاق كثيراً. اللعب على حافية الهاوية بات خطيراً
أيضاً. بعض القوى السياسية يؤجل ويؤجل إلى أن نصل إلى حافية الهاوية. هذه اللعبة
خطيرة جداً. اليوم عندما يوضع اللبنانيون أو الشعب اللبناني أمام خيارات متل الفراغ
أو التمديد أو العودة إلى قانون الستين فهم يوضعون أمام خيارات سيئة جداً ـ وأتمنى
أن يسمعوني جيداً ـ خطيرة جداً، خطيرة على البلد.
الوقت انتهى، اللعب على حافة الهاوية بات مغامرة كبيرة، ليس لقوة سياسية معينة، بل
لكل القوى السياسية وعلى مستوى البلد، وخطير على البلد، لذلك خلال ما تبقى من أيام
يجب مقاربة قانون الانتخاب بطريقة مختلفة.
طبعا نحن موقفنا المبدئي الذي دائماً كنا نعلن عنه وعندما نُسأل في الجلسات نقول
لهم بقول صدق وبماذا تريدوننا أن نحلف ايمان مغلظة، نحن لا نقوم باقتراح قانون
انتخاب على قياسنا ولا حتى على قياس حلفائنا. نحن نفتش عن قانون انتخاب ليس لمرة
واحدة، الذي يسنّ قانوناً لمرة واحدة يعني أنه يسن قانوناً على قياسه، يعني أنه يرى
أن ظروفه الآن مناسبة، فيعمل قانوناً لمرة واحدة، مثلما كان يحصل في السابق.
نحن نقترح قانوناً دائماً للانتخابات على أساس عادل. ما نطمح اليه حقيقة هو تمثيل
عادل لجميع فئات الشعب اللبناني، وأوسع تمثيل ممكن حتى للأحزاب الصغيرة وللجماعات
السياسية الصغيرة وللقوى السياسية المحدودة الشعبية، "نبقى فاتحين لها الباب"، أوسع
مشاركة ممكنة في مجلس النواب .هذه مصلحة وطنية وهذه ليست مصلحة حزب أو طائفة أو
مذهب أو تيار.
عدالة التمثيل التي نتمسك بها جميعاً هي مصلحة وطنية، وهي من مصلحة الجميع. لكن
النقاش هو ما يحقق عدالة التمثيل والتمثيل الواسع؟ هنا تعود الناس لتقيس على
أحجامها، نحن عندما تحدثنا عن النسبية، بمعزل هل تريدون نسبية لبنان دائرة واحدة؟
هل تريدون محافظات خمس؟ هل تريدون أكثر من محافظات خمس؟ هل تريدون الصوت التفضيلي؟
كيف يكون الصوت التفضيلي، هذه كلها قابلة للنقاش. نحن نتكلم بمبدأ النسبية. القانون
الذي يحقق عدالة تمثيل في لبنان للجميع وأوسع تمثيل للجميع، هو القانون الذي يعتمد
على النسبية الكاملة. لا نريد أن نزيد حصتنا ولا نريد أن ننقص حصتنا.
نحن تنقص حصتنا وغيرنا يجب أن يقبل بأن تنقص حصته لمصلحة أن يأتي آخرون أيضاً إلى
المجلس النيابي ويتمثلوا ويحضروا ويشاركوا في وضع القوانين وفي إعطاء الثقة، في
مناقشة الحكومة، في انتخاب رئيس جمهورية، في تحديد سياسات البلد، ما هي المشكلة أن
يكون جميع الناس في المجلس النيابي؟
ولكن يجب أن تتواضع بعض القوى السياسية قليلاً، الذي كان قد أخذ أكبر من حجمه يجب
أن يقبل بأن يرجع إلى حجمه الطبيعي، هذه هي مشكلة قانون الانتخاب بالتحديد، هذه هي
مشكلة قانون الانتخاب الحالي.
إذا أردنا أن نتكلم بالعدالة والإنصاف، هذه العدالة والإنصاف. اذا ضاق الوقت ولا
يوجد حل آخر، نعم سندخل، ليس من باب العدالة والانصاف، وإنما من باب المعالجة، ماذا
يعني المعالجة؟ يعني الاتفاق على قانون انتخاب جديد، لعدم العودة إلى الستين، لعدم
الذهاب إلى التمديد، ولعدم الذهاب إلى الفراغ.
عندما نتحدث عن المعالجة يعني بطبيعة الحال يجب أن نتكلم عن تسوية، عندما نتكلم عن
تسوية يعني بطبيعة الحال القوى السياسية كلها معنية بتقديم تنازلات. إذا استمر كل
شخص بالتمسك بالفكرة الخاصة به وبالقانون الخاص به بالمطلق لن نصل إلى قانون جديد
و"لح يفوت البلد كله بالحيط" (سيدخل في أزمة)، لا يستهيننّ أحد ـ وأكرّر ـ لا
يستهيننّ أحد بالمصير الذي سيذهب إليه البلد إن لم تحسم القوى السياسية والكتل
النيابية أمرها في إقرار قانون انتخابي جديد.
كلمتي اليوم فقط لأكتفي بهذا المقدار، لأقول: خلال الأيام المتبقية يجب أن يكون
العمل ليلاً ونهاراً لوضع هذا القانون والاتفاق عليه، ليل نهار، هذا من أوجب
الواجبات الوطنية، بل هو أوجب من الموازنة ومن السلسلة ومن تمويل السلسلة، مع أهمية
هذه الملفات، لأن الموازنة والسلسة تحمل تأخيراً بعد لأسبوع أو أسبوعين أو ثلاثة أو
ما شاكل، وهي انتظرت سنوات، أما قانون الانتخاب فهو مصير البلد، مصير النظام
السياسي، مصير الدولة، ولم يعد يتحمل الوقت. المنطقي ـ أنه إذا كنتم لا تريدون أن
تذهبوا إلى العدالة والإنصاف ـ أن نقبل جميعاً بتقديم تنازلات ما، أن نقدم تنازلات
ما لنحاول أن نتفق من خلال ما تبقى من أيام قليلة على قانون جديد للانتخاب.
النقطة الأخيرة بالشق السياسي: هذه الأيام هي مناسبة تعني أن الأحداث في
سوريا والحرب على سوريا دخلت عامها السابع. يعني هناك أعوام ستة مضت بكل ما فيها من
مآسٍ وحروب ومؤامرات ومواجهات وتضحيات جسام.
مع انتهاء العام السادس وبداية العام السابع يتطلب الأمر منا وقفة أيضاً قصيرة في
هذه المناسبة، لأنها تعنينا بالدرجة الأولى.
كل الذين اجتمعوا في الأشهر الأولى من بداية الأحداث قبل ست سنوات من قوى دولية، من
دول كبرى وقوى دولية ودول اقليمية، اجتمعوا، 140 دولة 130دولة 120 دولة تحت عنوان
أصدقاء سوريا وتآمروا وفعلوا كل ما يستطيعون أن يفعلوه وراهنوا على إمكانية السيطرة
على سوريا عام 2011 خلال شهرين أو ثلاثة أشهر.
اليوم مع انتهاء العام السادس هم أمام حقيقة دامية ومؤلمة، هي الخيبة، هي الفشل.
بعد ست سنوات، هذه الدول الكبيرة والعظيمة والمهمة في العالم وفي الإقليم وصلت إلى
الفشل الذريع في تحقيق هدفها خلال ست سنوات. عشرات المليارات من الدولارات، من
المال العربي، تركيا لم تدفع الأموال، فرنسا وبريطانيا لم يدفعوا الأموال، كل المال
الذي دُفع للحرب في سوريا هو مال عربي، كان يمكن أن يُزيل الفقر من العالم العربي،
كان يمكن أن يخرج الصومال من المجاعة واليمن من المجاعة، كان يمكن أن يبني بيوت
الفلسطينيين في غزة، كان يمكن أن يثبّت الفلسطينيين في بيت المقدس، كان يمكن أن
يؤمن مئات آلاف فرص العمل للشباب العربي العاطل عن العمل، كان يمكن أن يمحو الأمية
لمئات الملايين، للأسف عشرات ملايين الرجال والنساء في العالم العربي أميون وأميات،
لم يُنفق دولار واحد في هذا المجال، وعشرات مليارات الدولارات من المال العربي
أنفقت على الحرب في سوريا، على سوريا وعلى نظامها ودولتها وجيشها وشعبها وعلى محور
المقاومة فيها، ومئات آلاف الأطنان من السلاح والذخيرة، وجاءوا من كل أنحاء العالم
بعشرات آلاف المقاتلين، أبيض وأسود وأسمر وأحمر وأصفر والذي تريدونه، لم يدعوا
لوناً، لم يدعوا لغة، لم يدعوا عرقاً، من أقصى أقاصي الدنيا أتوا بالمقاتلين،
الأميركان وحلفاؤهم والمتآمرون دفعوا المال وقدموا التسهيلات وجاءوا بعشرات آلاف
المقاتلين ليقاتلوا في سوريا من أجل تحقيق هدف واحد ومحدد، إسقاط سوريا، إخراجها من
محور المقاومة والسيطرة عليها، على قرارها وعلى سيادتها وعلى شعبها وعلى خيراتها
المودعة في أرضها وعلى كونها الممر الإستراتيجي إلى البحر المتوسط وإلى أوروبا وعلى
موقعها الإستراتيجي في الصراع مع العدو الإسرائيلي.
اليوم النتيجة واضحة، خيبة وفشل وتراجع.
دعونا نتذكر قليلاً في بداية العام السابع، نتذكر بداية العام الأول، نحن لا ننكر
أن جزءاً من الناس كانوا حقيقة يريدون إصلاحات ويريدون تغيير بعض الوقائع في سوريا،
ولكن الذي دخل بقوة وغيّر كل هذا المسار هو القوى التكفيرية التي جيء بها من كل
أنحاء العالم ورفضت أي حوار سياسي منذ الأسابيع الأولى ورفضت أي حل سياسي ورفضت أي
تواصل وحسمت خيارها وذهبت إلى المواجهة المسلحة الدامية والواسعة والشاملة ورفعت
شعارات طائفية وشعارات مذهبية وكشفت النقاب عن أهدافها وعدائها للمقاومة منذ
الأسابيع الأولى.
حسناً، من الذي جاء بتنظيم القاعدة؟ لمَ أدخلوه إلى سوريا؟ ماذا كان إسمه؟ الدولة
الإسلامية في العراق، أضافوا لها بعد ذلك والشام، بعد ذلك اختلف هؤلاء الذين اسمهم
الدولة الإسلامية في العراق والشام، اختلفوا، أصبحوا جهتين، داعش وجبهة النصرة،
ولكن كلهم بالحقيقة تنظيم القاعدة الموضوع عند الأميركان على لائحة الإرهاب ومجلس
الأمن الدولي على لائحة الإرهاب وعند السعودية على لائحة الإرهاب وعند الأوروبيين
على لائحة الإرهاب. هم جاءوا بعشرات آلاف المقاتلين الذين هم صنفوهم على لوائح
الإرهاب، قدموا لهم المال والسلاح وفتحوا لهم الحدود وجاءوا بهم إلى سوريا. وهم
يعترفون أنهم من صنعوا هؤلاء وهم من صنعوا داعش لتقاتل المقاومة ومحور المقاومة.
اليوم المشهد بات مختلفاً، أنا لا أريد أن أطيل كثيراً بهذه النقطة، أريد أن أقف
فقط عند المستجدات، أريد أن أُذكّر بداية، بالعام الأول لم يكن يحتاج الموضوع لا
كثير من الفهم السياسي ولا لأحد أن يتنبأ ويتوقع، أي أحد قد قرأ التجربة المعاصرة
بأفغانستان وغير أفغانستان كان يمكن أن يصل للنتيجة التالية التي أنا قلتها لهم في
الأشهر الأولى، خاطبت تنظيم القاعدة بالإسم والدولة الإسلامية في العراق والشام
داعش وجبهة النصرة التي انفصلت عنها وقلت لهم: أنتم من كل الجنسيات جيء بكم إلى
سوريا لتجميعكم في سوريا، جيء بكم إلى سوريا - الآن أي أحد يمكن أن يرجع إلى قبل ست
سنوات - جيء بكم إلى سوريا لتجميعكم في سوريا ولاستخدامكم بالقتال لتحقيق الهدف
الأميركي الإسرائيلي في المنطقة، وعندما يتم استنزافكم، سواء ربحتم أم خسرتم، سيتم
القضاء عليكم. تجميعكم من أجل القضاء عليكم بعد استخدامكم، ولذلك دعوتهم في البداية
أن ينتبهوا وأن يستيقظوا وأن لا يتحولوا إلى حطب، إلى حطب ووقود في نار أميركا
وإسرائيل وبعض الدول الإقليمية وهي التي تتآمر عليهم أيضاً وسيدفعون الثمن.
لكن العصبية والغباء والجهل والحماقة لم تعطِ لهؤلاء أي فرصة، هم اعتبروا أنفسهم
أذكياء جداً وظنوا أنهم يستغلون أميركا وتركيا والسعودية ودول العالم ودول الغرب
ليتاح لهم فرصة إقامة مشروعهم الذاتي في سوريا، وكتبوا هذا في مشاريعهم
الاستراتيجية، وكان هذا قمة الغباء.
اليوم ماذا يجري؟ بعد أن تحولت داعش إلى عبء على المشروع الأميركي هنا، داعش إلى
نهاياتها في العراق، أسابيع، أشهر، انتهى، داعش لم يعد لها أي مستقبل عسكري أو
سياسي في العراق، وأيضاً في سوريا، داعش لن يكون لها أي مستقبل سياسي أو عسكري في
سوريا، في أحسن الأحوال يبقى لهم مجاميع، خلايا نائمة، ينفذون عمليات انتحارية،
"بيفشّوا خلقهمط لأن العمليات الإنتحارية التي تستهدف المدنيين في بغداد أو تكريت
أو دمشق أو حمص أو غيرها هي تعبير عن الفشل الإستراتيجي والفشل العسكري، عندما
يزنّر قائدٌ انتحاريين ليقتل أطفالاً ونساءً وروادَ مطاعم وأناساً يسيرون في
الطرقات، طلاب مدارس، هذا فاشل استراتيجياً وفاشل عسكرياً، هذا ينتقم، هذا لا
يقاتل، هذا مستقبل داعش.
مستقبل النصرة نفس الشيء، اليوم داعش تُقصف من التحالف الدولي بقيادة الولايات
المتحدة الأميركية ومن بريطانيا ومن تركيا ومن الأردن، وأيضاً تقصف من روسيا ومن
القوة التي تواجهها في سوريا. وجبهة النصرة أيضاً، جبهة النصرة التي جاء بها
الأميركيون وحلفاؤهم في تركيا ودول الخليج، جبهة النصرة الآن تُقصف في إدلب وفي غرب
حلب، أليس هذا الذي قلناه قبل ست سنوات؟
الآن بدأت ترتفع أصوات في إدلب وفي غرب حلب أن هذه أميركا وهذا خداع أميركا ونفاق
أميركا، "صح النوم"، بعدما دمرتم سوريا؟ بعدما دمرتم العراق؟ بعدما تدمرون اليمن؟
الآن استيقظتم؟ أن هذه أميركا المخادعة المنافقة التي تستخدمكم وبعد ذلك تذبحكم؟
هذه هي الحقيقة، ومع ذلك، طبعاً إسرائيل تتدخل في كل يوم وبحجج متنوعة، بحجة ضرب
سلاح لحزب الله مثل ما ادّعوا أمس، بأي حجة، بحجة أنه سقطت قذيفة في الجولان المحتل
أو ما شاكل، تتدخل وتقوم بقصف مواقع الجيش السوري من أجل تقديم الدعم والمساندة
لداعش أو لهذه الفصائل الإرهابية.
اليوم هذا المشروع الاستكباري الإحتلالي، مشروع الهيمنة والتسلط على سوريا، أنا
أقول لكم بكل صراحة فشل، وسوريا انتصرت ولكنها ما زالت تنتظر الإنتصار الكبير
والحاسم.
بقية الفصائل، داعش إلى زوال وجبهة النصرة إلى زوال والفصائل الإرهابية التكفيرية
إلى زوال. المسألة مسألة وقت، حتى العالم الذي دعمهم وموّلهم وساعدهم وساندهم الآن
تخلى عنهم ويقاتلهم لأن السحر انقلب على الساحر، لأن العالم اكتشف أن هذه الأفعى
التي جاء بها بدأت تصبح خطيرة عليه وسامة له، في باريس وفي لندن وفي ألمانيا وفي
بلجيكا وفي داخل تركيا وفي داخل أميركا وفي داخل السعودية وما شاكل.
بقية فصائل المعارضة السورية، ما هي الحال التي هي عليها الآن؟ لا قائد ولا قيادة
ولا جهة موحدة ولا مشروع وطني ولا يعرفون ماذا يريدون، تشتت وضياع وتيه بين
السفارات وأجهزة المخابرات.
نعم يبقى رهان على شخصيات وطنية في المعارضة أو أطر وطنية في المعارضة أن تكون
شريكاً في الحل السياسي والحوار السياسي لإعادة بناء سوريا من جديد.
اليوم في ذكرى ولادة بضعة رسول الله الذي بعث رحمة للعالمين، اسمحوا لي أن أجدد
الخطاب لكل أولئك الذين يقاتلون في سوريا، في جبهة العدو وهم يظنون أنهم يقاتلون في
جبهة الإسلام أو جبهة الأمة أو جبهة الوطن، وهم مشتبهون مئة بالمئة. اسمحوا لي أن
أناديهم وأخاطبهم وأقول لهم: هذا المشروع فاشل، قتالكم لا جدوى منهم ولا أفق له سوى
المزيد من القتل والقتال والدمار ونزف الدم في الطرفين، والذي يستفيد منه أميركا
وإسرائيل.
أنظروا إلى نتنياهو، ذهب حبواً إلى موسكو، لماذا؟ ذهب ليتوسل عند الرئيس بوتين لأنه
خائف من هزيمة داعش في سوريا، لأن هزيمة داعش عند نتنياهو هي انتصار للمقاومة
ولمحور المقاومة، لأن هزيمة داعش في سوريا عند نتنياهو هي فشل للمشروع الذي دعموه
على مدى ست سنوات، فذهب ليتدارك، أنه ماذا تفعلون بداعش، "طوّلوا بالكم" على داعش،
وإذا حسمتم هزيمة داعش ماذا ستفعلوا بإيران وحزب الله والرئيس الأسد وببقية محور
المقاومة.
لا تصدقوا أنكم في جبهة الإسلام ولا في جبهة الأمة ولا في جبهة الوطن، من حيث
تعلمون أو لا تعلمون قاتلتم على مدى ست أعوام في جبهة أميركا وإسرائيل وجبهة الذين
يتآمرون عليكم لقتلكم وسجنكم وذبحكم، ألا توقظكم كل هذه الدماء في سوريا والعراق؟
ألا يكفيكم هذا لتعيدوا النظر؟
أدعوهم إلى إلقاء السلاح، إلى الوقف الحقيقي للقتال، إلى وقف اطلاق النار، إلى
البحث عن معالجة إنسانية وسياسية حقيقية، إلى الخروج من جبهة النفاق إلى جبهة
الإسلام ومن جبهة إسرائيل وأميركا إلى جبهة الأمة ومن جبهة العدو إلى جبهة
المقاومة، وما زال هذا الأمر متاحاً. التوقف عن مواصلة هذا التدمير، لا أفق
لمشروعكم، محور المقاومة كما قلنا في الأيام الأولى وفي الأشهر الأولى، اليوم بعد
ستة أعوام، منذ البداية قلنا إن محور المقاومة لن يهزم في سوريا ولا في العراق ولا
في اليمن ولن ينكسر وها قد مضت الأعوام الستة ومحور المقاومة ينتصر في سوريا وينتصر
في العراق ويصمد في اليمن وسينتصر إن شاء الله الإنتصار الحاسم والكبير.
لكن المطلوب أن يتدارك هؤلاء أنفسهم ودماءهم وأموالهم ومستقبلهم وآخرتهم أيضاً،
ويعيدوا النظر في كل هذا السلوك الدامي المستمر في العراق وفي سوريا واليمن وغيره.
القسم الديني
قوى
الهيمنة تقود مخططا ممنهجا لمسخ وجودنا في مختلف أبعاده
المحاور الرئيسية:
o قوى الهيمنة والعمل لإفساد مجتمعنا أخلاقيا
o أعظم همهم: تفكيك أواصر العائلة
o مسؤوليات الأمهات:
أ- مواجهة مشاريع منع تكوين العائلة
ب- الحفاظ على تماسك وبقاء العائلة
ج- صيانة الأولاد من الإنحراف الخلقي والإجتماعي
o مسؤوليتنا اليوم تقديم الزهراء (عليها السلام) لنساء العالم
الزهراء:علو مقامها من القرآن والسنة النبوية
اليوم ذكرى ولادة السيدة العظيمة السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)
كل الكلام الذي نقلته في بداية الكلمة عن رسول الله الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم
هذا يعبر لنا بالتحديد عن (لأنه يتكلم عن السيدة فاطمة بالتحديد) علو مقامها
ورتبتها ودرجتها وحقيقتها. طبعا قبل الأحاديث ؛ الشريفة الآيات القرآنية التي نزلت
في آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وتشمل السيدة الزهراء وأبيها وزوجها وبنيها
وهذا لا نقاش فيه بين المسلمين يعني المفسرون يجمعون علىذلك. سأذكركم بثلاثة آيات
للتّبرك:(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)؛ فاطمة واحدة
من أهل البيت بلا نقاش.(قل لا أسألكم عليه أجرا ). أي على الرسالة الخاتمة على أعظم
رسالة إلهية (إلا المودة في القربى). وفاطمة من القربى التي يجب حبها ومودتها
والتقرب بحبها ومودتها بلا نقاش.وآيات سورة (الإنسان كلها). لكن من الآيات الحاسمة
الواضحة الجميلة ـ كلها آيات جميلة لكن أخذ مقطع: (إنّ الأبرار يشربون من كأسٍ)؛ من
الأبرار؟ يعني فاطمة وبعلها وبنوها. (إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا *
عين يشرب بها عباد الله يفجرنوها تفجيراً * يوفون بالنّذر ويخافون يوماً (أي يوم
القيامة) كان شرّه مستطيرا * ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا * إنما
نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً ). كل علماء المسلمون وكل المفسرين
للقرآن طوال التاريخ يجمعون على أنّ هذه الآيات الشريفة نزلت في عليّ وفاطمة والحسن
والحسين عليهم السلام؛ هذه الآيات العظيمة الواضحة البيّنة.
"الزهراء يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها"
السيدة الزهراء إذا وصلت إلى مقام، أتعرفون ما هو أعلى مقام في هذه
المقامات؟ أنا في لقاءات سابقة من السنوات الماضية لأننا لم نكن نتكلم على
التلفزيون تكلمت بكلام داخلي؛ إسمحولي أحيانا عندما أتكلم أن أعيد بعضه.أعظم مقام
وصلت إليه السيدة فاطمة بنظري الشخصي (ربما أكون مشتبه لأنني أقول أعظم مقام وليس
من أعظم المقامات) هو مقام "يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها" هذا أعظم مقام.هذا أعظم
من مقام سيدة النساء وما شاكل. يعني ماذا؟ أي أن الله سبحانه وتعالى ـ جبّار
السموات والأرض الذي له الأسماء الحسنى،ملك السموات والأرض، ملك الدنيا والآخرة،
الله العظيم، الكبير،القدير، العليم، الحكيم ... إلى آخره ـ هناك إمرأة في هذا
الوجود هو خلقها ولكن وصلت إلى مقام إذا رضيت يرضى، وإذا غضبت يغضب. ما حقيقة هي
هذه السيدة؟ ما هو عقلها؟ قلبها؟ روحها؟ مشاعرها؟ أحاسيسها؟ موازينها ومعايرها
وإلتزامها وأخلاقها؟ يعني في الحقيقة، هي سيدةٌ ليس لديها شئ لا من الذات ولا من
الأنانية ولا ولا ... كل ما لديها هو لله عزّ وجلّ هو إلهي.
ولكن كيف يمكن أن نقول أن الله يغضب لغضب هذه السيدة ويرضى لرضا هذه السيدة؟ وهذا
الحديث موجود عند الشيعة والسّنة والنبي لم يقله مرة واحدة أو اثنين أو ثلاثة أو
أربعة،كرره في مناسبات وأماكن وحضّار مختلفين.هذا المقام العظيم.
الزهراء قدوة وأسوة لنساء العالمين
إذا، نحن إلى أين نريد أن نصل؟ بالحقيقة نستطيع الآن أن نتكلّم ساعات
حول السيدة الزهراء عليها السلام، لكن نحن نريد أن نأخذ خلاصة ونتيجة.عندما يقول
النبي صلى الله عليه وآله لنا أن فاطمة سيدة نساء العالمين من الأوّلين
والآخرين،يعني هل هو يعطيها مقام فخري ومقام تشريفي أم لا، ليس الأمر كذلك؟ هناك
بعد توجيهي وبعد إرشادي في كلام رسول الله صلى الله عليه وآله؟ الصحيح أنه هناك بعد
توجيهي وإرشادي ومن جملته أنّهم يقدّموا فاطمة عليها السلام قدوةً وأسوةً ونموذجاً
أعلى لنساء العالمين إلى قيام الساعة.هذا معنى سيدة. كما أنّ رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم هو القدوة والأسوة والنموذج الأعلى لكلّ الناس على الإطلاق.
النساء يحتجن إلى أسوةٍ خاصةٍ بهن.لأنه ربما تخرج واحدة من النساء وتقول أن: النبي
رجل والرجل لديه إمكانيات أحيانا قد تكون متفاوتة ويفتشون عن معاذير وحجج وفوارق
وقياسات معينة.السيدات والنساء أيضاً يحتجن إلى قدوة من جنسهنّ. يعني إمرأة سيدة
لديها عاطفة ولديها مشاعر ولديها أحاسيس ولديها عقل ولديها كل مواصفات النساء.ولذلك
الزهراء عليها السلام هي ليست ملكاً من السماء نزل على الأرض بل هي إنسيّة هي إمرأة
من جنس البشر، إبنة أبٍ وأمّ.رسول الله يريد أ يقدّمها إلى نساء العالمين من
الأولين والآخرين قدوة وأسوة ونموذج أعلى.
مسؤوليتنا اليوم تقديم الزهراء لنساء العالم
نحن يجب أن نتخذها كذلك ويجب أن نقدّمها كذلك لنسائنا، لمسلمات العالم،
بل لكلّ نساء العالم.لأن أي سيدة أو إمرأة في العالم تحدّثها عن سيدةٍ خلوقةٍ
مؤدّبةٍ عالمةٍ عابدةٍ طاهرةٍ تقيّةٍ متواضعةٍ صبورةٍ ... إلى آخره، في أعلى كل ما
ذكرت أعلى نسبة أخلاق أعلى نسبة صبر أعلى نسبة تواضع أعلى نسبة علم أعلى نسية عبادة
بالتأكيد مسلمة أو مسيحية أو تتبع دين سماوي أو لا تتبع دين سماوي عندما تقدّم
لنساء العالم هذا النموذج الكلّ سوف يقدّم له آيات الإحترام والتّقدير.
هنا يجب أن نعترف، كما قلت في سنوات سابقة وما زلنا لم نعالج هذا الموضوع. وهذا ليس
مسؤوليتنا وحدنا بل مسؤولية كلّ العلماء والحوزات والمدارس والمفكرين والمثقفين من
الرجال والنساء في أمّتنا. يجب أن نتعرف بتقصيرنا في تقديم السيدة فاطمة الزهراء
عليها السلام كما هي للعالم. يجب أن نعترف بقُصُورنا صحيح ولكن يجب أن نعترف أيضاً
بتَقصِيرنا وهذه يجب أن تكون من الأولويات عل عاتق خصوصاً أخواتنا وعلى العلماء، أن
نعيد تقديم السيدة فاطمة عليها السلام إنطلاقاً من حاجات العصر.
اليوم (كما سوف أتكلّم بعد قليل) النساء حتى يختلفون عن العصور السابقة، قبل مئة
سنة ومئتين سنة وأربعمئة سنة وألف سنة، اليوم أكثر من أي سنة مضت بسبب التّطور
العلمي والتّطور الحضاري وأيضاً الإنفتاح ووسائل الإتصال وو... إلى آخره؛ النساء
اليوم جنباً إلى جنب الرّجل هنّ شريكات كاملات في صنع الحياة، في صنع المستقبل،في
مواجهة التحدّيات في الخيارات، في المصير وفي النتائج. هنّ لسن هامش، هنّ لسن ملحق.
النّساء اليوم هنّ في قلب المعركة وقلب المواجهة وقلب التّحدي. وفي قلب المواجهة
والتّحدي هناك تحدّيات متنوّعة وهناك إحتياجات متنوعة وهناك مخاطر وتهديدات متنوّعة
وهنّ بحاجة إلى قدوة يتطلّعن إليها ويتقبلنها في حياتهنّ في هذه المواجهة. إذاً،
المواجهة بحاجة إلى قناعة: قناعة عيش يُرِدْن قدوة في قناعة العيش، إذا المواجهة
تحتاج إلى صبر هن يردن قدوة في الصّبر، إذا المواجهة تحتاج إلى طاقة عالية للتّحمّل
هنّ يردن قدوة في الطاقة العالية للتّحمّل،إذا المواجهة تحتاج إلى شجاعة في تحمّل
المسؤولية فهنّ يردن قدوة فيه وكل ذلك تمثّله الزهراء عليها السلام
اليوم هذه من أكبر المسؤوليات، أخواتنا هن يجب أن يذهبن للتّعرّف على السيدة
الزهراء وأيضا أن يعملوا من أجل تعريف السّيدة الزهراء لبناتهنّ لنساء بلدنا لنساء
العالم يجب أنّ نقدّم هذه القدوة وهذا النموذج.هذه مسؤوليّة أساسية أنطلق منها للشئ
المُترتّب علينا.
قوى الهيمنة في مواجهة معنا لمسخ وجودنا في مختلف أبعاده
اليوم، هناك مواجهة شئنا أم أبينا على إمتداد لبنان، المنطقة، العالم
العربي، العالم الإسلامي، والعالم كلّه. هناك قوى مهيمنة تريد أن تفرض هيمنتها
وإستكبارها وإقتصادها وأمنها وقرارها السياسي وثقافتها وعاداتها وتقاليدها. وتريد
أن تمسخنا، تمسخ كل ما عندنا من ثقافة وعادات وتقاليد وأديان وحضارة وفكر وأيضاً من
أخلاق وقيم وأيضاً من قرار ومن وجود وأيضاً من خيرات ومن مقدّرات.
لذلك هذه الحرب هي متنوّعة سياسية وعسكرية وأمنيّة وإعلاميّة وإقتصاديّة وإجتماعيّة
وثقافية. ولكن أخطر هذه الحروب على الإطلاق هي الثقافية والإجتماعية والتي يتحّث
عنها بشكل دائم سماحة القائد السيد علي الخامنئي دام ظلّه الشّريف الحرب الناعمة.
أ ــ مخطط ممنهج لإفساد مجتمعنا أخلاقيا وثقافيا
اليوم، إذا جئنا إلى مجتمعنا؛ أحيانا يكون الوضع طبيعي: مثلا الفساد
طبيعي، أي إن من طبيعة الأمور أن يكون فساد أو إنحراف أخلاقي هنا أو هناك أو بعض
الإنحلال الأخلاقي أو التخّلي عن بعض المسؤوليّة. لكن هناك حالة ثانية، وهي الفساد
الممنهج. يعني الإفساد وليس الفساد الطبيعي القهري. يعني هناك قوى كبرى ومؤسسات
ومراكز دراسات تخطط وتضع أساليب وتطوّر وسائل من أجل إفساد مجتمعاتنا.هذا هو
الموضوع الأساسي الذي أريد أن أقف عنده وأختم فيه.لأن هذا هو جزء من المواجهة.
o عجزوا عن إخضاعه عسكريا فاتجهوا لتدميره من الداخل
القتال العسكري هو جزء من المواجهة ولكن إسمحوا لي أن أقول لكم أنه
الجزء الأسهل. الجزء الأصعب عندما وجدوا أن أهل هذه المنطقة رجالها ونسائها؛ الكل
مستعدّ أن يتحمّل ويقاتل ويصبر ويتحمّل تضحيات،ويروا المقاتلين وصبر زوجات
المقاتلين، الشهداء وصبر أمّهات الشهداء، والناس مستمرة ولن تستسلم ولن تنصاع.
إذاً، يريد أن يدخل إلينا ليضرب هذا المجتمع من داخله ويدمّره. إذا لم يقدر أن
يدمّره أمنياً وعسكرياً وإقتصادياً يريد أن يدمّره معنويا وثقافيا كي ينهار.
1- يصرفون الناس عن قضايا المصير والكرامة نحو الملذات
والشهوات
على ماذا يركّز؟ أهم شيء يركّز عليه هو إغراق الأشخاص بالملذّات
والشهوات. ويصبح شغله الشاغل ـ الشاب والشابة والرّجل والمرأة ـ هو كيف يريد أن
يحضر أفلام ويتابع قصص بلا فائدة. هّمه الأكل والشّرب وشمّ الهوا وإشباع غرائزه:
أكل، وشرب، وجنس، وشم هوا ...إلى آخره. أمّا ماذا يحصل للناس لا يعنيه. وماذا يحصل
للبلد لا يعنيه. والبلد بيد من لا يعنيه. والقدس بيد من لا يعنيه. خيرات البلد؛ لا
يعنيه، الناس فقراء؛ لا يعنيه، الناس بالسجون؛ لا يعنيه. لماذا؟ لأن همّه وهدفه هو
إشباع رغباته وغرائزه. وهؤلاء كثر اليوم في عالمنا العربي والإسلامي للأسف كثر.
يأخذونا إلى الإهتمامات التي لا تمتّ إلينا بصلة، لا تمتّ إلى حاجات الناس ولا
مصيرهم ولا كرامتهم ولا مقدّساتهم ولا مستقبلهم ولا علمهم ولا عملهم ولا رزقهم
بصلة.
اليوم ـ ليس ضاد بالفن ـ لكن عندما تجد منافسة فنية معيّنة ترى العالم العربي
(الشباب والصبايا) كلّه جالسون لساعة وإثنين وثلاثة وعلى مدى أسابيع يتابعون هذه
المنافسة. وأخيرا العالم تَشتُم بعضها وتنفق أموال هائلة على مواقع التواصل
الإجتماعي وعلى التصويت وعندما يربح أحد على حساب الآخر ترى إطلاق النار. هذه
الظاهرة هي ظاهرة إنحرافية، أنا لا أتكلّم حلال وحرام وفنّ وضدّ الفنّ ومع الفنّ،
أنا أتكلّم كناتج.
مثلا عندما كانت الحرب سنة 2014 على غزّة وكان ملايين المسلمين في غزّة تحت القصف
وتحت الدمار وجوع ورعب وخوف وو... هل كانت تحظى غزّة بمثل الإهتمام التي تحظى فيه
أي مسابقة أغاني اليوم في العالم العربي والإسلامي؟ أكيد لا وأنا أقطع: لا. وأخر
شيء الأخبار، وهناك ناس تنقل عن التلفزيون أننا مللنا أخبار غزّة.
وهكذا عندما تذهب إلى أي مكان آخر الآن: سوريا العراق اليمن البحرين إلى آخره.
هذا يعني أنه ينجحون في تحريف الشباب والنساء والشابات في العالم العربي والإسلامي
عن القضية الأساسية وعن مصيرهم هم. ليس فقط قضية فلسطين؛ عن مستقبلكم
أيضا.إقتصادكم، فرص العمل عندكم، جوعكم فقركم حياتكم، أولادكم أحفادكم، أمنكم
إستقراركم، يصبح خارج الإهتمام.
2- يعملون على نزع حياء المرأة وسلب عفتها
إشاعة ضرب كل ما إسمه عفّة وعفاف في العالم العربي والإسلامي؛ هذا ليس
صدفة. بل هو متعمّد.أصلا؛ المرأة لمَ يقول عنها الرسول(ص) ريحانة؟ المرأة جزء من
ماهيتها وحقيقتها وجوهرها هو الحياء. مسح الحياء في المجتمع النسوي نصل إلى مكان؛
لا الأم لديها حياء ولا البنت لديها حياء ولا الصديقة عندها حياء ولا أحد عنده
حياء.هذا متعمّد ويُعمَل عليه ليل نهار. لأن هذا يؤدي إلى الإنحلال الأخلاقي
والإنحلال الروحي والإنهيار في نهاية المطاف.
3- يروجون المخدرات في كل مكان
اليوم إذاً، مجتمعاتنا مستهدفة وهذا ليس فساد طبيعي. اليوم يُعمَل على
ترويج المخدرات ليل نهار ـ لا يقولن أحد أنّه خارج التهديد ـ في لبنان والعالم
العربي، في بيوت الكل: مسلمين ومسحيين،ويضيع الكل ومدن الكل ومدارس الكلّ:
فيالضاحية وفيالجبل وفيطرابلس وفي صيدا في بعلبك والنبطية وفيجونيه. أينما كان؛
مخدرات يتم بيعها وتسهيلها وترويجها. وأحيانا ترويجها على سبيل الخداع: يقدّمون
للشباب والصبايا علكة أو شوكولا أو ما شاكل يتبيّن أنها مخدرات لكي يتعلقوا فيما
بعد بالمخدّرات. هل هذا صدفة؟ كلا ليس صدفة. هؤلاء ليسوا فقط تجار مخدرات عاديين أو
شبكات ترويج مخدرات عادية، هؤلاء يعملون في جبهة العدو الذي يريد تدمير مجتمعنا
لمصلحة هيمنته وإحتلاله وسيطرته. هذه كل القصّة.
إذاً، نحن اليوم نقول ليس لدينا مسؤلية؟ أخواتنا ليس لديهم مسؤولية؟ بل الكلّ لديه
مسؤولية.طبعاّ لأنني أتكلم مع النساء سوف أركّز على المسؤولية الملقاة عليكم.
4- يفككون العائلة؛ قلب المجتمع
لكن أهم نقطة يتم التركيز عليها لتدميرها بالحقيقة؛ عادةً حتى بالعسكر
بالقتال بالحروب ـ الآن أصبح عندنا خبرة بعد هذه السنوات كلها ـ قد يضرب أحدهم هذا
الهدف أو ذاك الهدف أو هذه التلّة أو ذاك المبنى. لكن هذه كلها أماكن ثانوية أو
جانبية؛ يذهب إلى القلب. مثل أي عملية إطلاق نار: أحيانا تصيبه بيده، برجله، في
بطنه وأحيانا تصيبه في رأسه أو قلبه.هؤلاء جاؤوا إلى القلب لذا إذا حطموا هذا القلب
فالجسد كلّه سينهار وهذا المجتمع أيضا سينهار شئنا أم أبينا. هذا موضوع وقت فقط لا
غير.إذاً ما هو القلب في هذا المجتمع؟ هو العائلة. أي الزوج والزوجة والأولاد. هذه
هي القلب. المجتمع عبارة عن هذه العائلة وهذه العائلة...مجموع هذه العائلات هي
المجتمع، وهم جاؤوا إلى هذه العائلة ليتلفوها ويدمروها ويفككوها.
هنا أمهاتنا وأخواتنا وعزيزاتنا عندهم مسؤولية على ثلاث درجات (سوف أتكلم بسرعة
وإختصار كي لا نطول بالحديث أكثر):
مسؤوليات الأمهات:
مواجهة مشاريع منع تكوين العائلة
1- المثلية الجنسية
الدرجة الأولى، هي في مواجهة التهديد الذي يقول في منع تكوين العائلة،
أولا، قبل أن تتكون العائلة ونريد أن نهُدّها لنعمل على منع تكوينها. كيف يعملون
على ذلك؟ على سبيل المثال: أحدهم نشر ثقافة، والآن بدأت عندنا في لبنان.
والتلفزيونات يعتبرون أنفسهم أن لديهم حرّية ويعملون على هذا الموضوع، وهو ثقافة
المثليّة. أي أن يكتفي الرجّل بالرّجل والمرأة بالمرأة، والبعض يريد أن يدخلها في
مؤسسة الزواج، زواج الرجال للرجل وزواج النساء للمرأة.هناك مجتمعات في الخارج
دمّرتها المثلية والآن يصدّروها إلى لبنان والعالم العربي والإسلامي ويريدون في
مجلس النواب أن يشرعنوا الزواج المثلي.
هذه العلاقات المثلية هي علاقات خارج المنطق وخارج الفطرة البشرية وخارج العقل
الإنساني. يأتي البعض ليقول لك: هذه حرّية؛ حرية الإختيار، وما المشكل في هذا
الموضوع. لكن بلى، هناك مشكلة كبيرة في هذا الموضوع. وهذا في لبنان وغير لبنان يجب
على الجميع المسلمين والمسحيين والذي لديه دين أو ليس لديه دين إذا حريص على مجتمعه
وعلى الطهارة الإنسانية والبشرية أن يقف في وجه مشاريع من هذا النوع. فضلا عن أن
يأتي ناس ليقوموا بجهات ضغط للضغط على مجلس النواب ليشرّع لهم العلاقات المثلية
والزواج المثلي، هذا نموذج وهذا يحتاج إلى مواجهة هذا أولاً.
2- التحلل الأخلاقي
ثانيا الذي يمنع تكوين الأسرة هو سبب ونتيجة وهو التحلل الأخلاقي:نشر
شبكات الدعارة ونشر الغرف الحمراء ونشر الإتجار بالبشر، والموجود لدينا في لبنان.
إنكشف البعض منه وما زال هناك الكثير مغطى عليه ومغطين عليه ولو كشف الغطاء لتبين
لكم مصائب لها أوّل وليس لها آخر.ويُكلِموك عن حقوق المرأة؛ هذا المسمى اليوم الرّق
الأبيض: إستعباد المرأة وإحتقار المرأة وإستخدامها لإشباع الرغبات الجنسية بلا
كرامة وبلا خيار وبلا ماء وجه وبلا حياة شريفة وينتهى الأمر بالإدمان على المخدرات
والإنتحار أو القتل.وهذا يمنع تكوين العائلة لأنه هناك فرص غير مشروعة متاحة لكذا
وكذا.
3- ثقافة مواجهة الزواج المبكر
ثالثا، لننتقل من الحرام إلى الحلال: ترويج ثقافة ـ حتّى في مجتمعنا ـ
مواجهة الزواج المبكّر.مرّت فترة عندنا سار فيها الزواج المبكّر والآن خرج ناس
لتنظّر أن الزواج المبكّر خطأ، الزواج المبكّر له سلبيات، هل هؤلاء يعرفون أكثر من
ربهم الذي خلق البشر؟! والذي طلب هذا الأمر من خلال أنبيائه وخاتم النبيين محمد صلى
الله عليه وآله وسلم. يعني هم يعرفون أكثر من خالق الإنسان أن الزواج المبكّر
لمصلحة الإنسان أو لا. قد يستندون في النقاش إلى بعض حالات الطلاق التي حصلت بعد
زواج مبكّر. هذا ليس دليل. بالعكس؛ الذين يروّجون ثقافة مواجهة للزواج المبكّر في
مجتمعنا هم يخدمون الشياطين وإبليس من حيث لا يعلمون ويخدمون عدوّنا ويخدمون تخريب
مجتمعنا أخلاقياً.
o ضرورة تسهيل الزواج مبكرا كان أو غير مبكر
في المقابل، المطلوب ترويج ثقافة الزواج المبكّر وأيضا تسهيل الزواج
سواء أكان مبكّرا أم غير مبكّر. وأنا أريد أن أذكّر (طبعا هذه إنحلت من سنوات لكن
بعض الناس عادوا ليحيوا ثقافة معاكسة) في مرحلة من المراحل كانت الناس تتنافس في
المهر 20.000 $ ، 50.000$، 100.000$... هل أنت تبيع إبنتك أم تزوجها؟ الحجّة أن هذه
ضمانة لإبنتي! أي ضمانة؟! إذا هو بلا دين وبلا أخلاق يمكنه أن يجبرها أن تطلق
ويُدَفِّعكَ 100.000$ مع فائدةأيضاً.أنت لم تزوّج؟ أنت ضمانتك أن تدقق في من
تزوّجه: بأخلاقه، بدينه، بمواصفاته.ضمانتك ليس المهر 5.000$ و 10.000$ و 20.000$.
وهذا الكلام أيضا للأمهات فأنتم تعرفون هذا الكلام بالتجربة والدّقة.إذاً، اليوم
عدنا لنسمع بالمهور العالية بحجة الضمانة لأنه هناك حالات طلاق. .(المهور العالية
ليست ضمانة للإبنة من الطلاق).
عدنا للشروط الصعبة، أي: لا نزوجك إلا إذا كان لديك شقّة ملك، أو لا نزوّجك إلا إذا
سكنت بالحي الفلاني ذو الإيجارات الغالية، لا نزوجك إلا إذا جبت عفش بكذا وكذا وكذا
...هؤلاء يدمّرون بناتهم، ويدمرون أبنائهم ، ويدمرون مجتمعهم.في الحلال والحرام؛
فليذهب ويدقق ففيها شبهة حرام.الحدّ الأدنى أنا أحمّل ذمّتي أن فيها شبهة حرام. هذه
الشروط الصعبة بمثل الظروف والأوضاع التي نعيشها في هذا الزمن. الأمهات يستطيعون
لعب دور عظيم في تسهيل الزواج سواءً الزواج المبكّر أو شروط الزواج. وأنا أذكّر
كثير من الأخوات عندما تزوّجوا أن أزواجهم لم يكن لديهم شقق ولا بيوت ملك ولا بيوت
معمّرة وكان منزلهم غرفتين ومطبخ وحمام وتزوّجوا.ما قبلوه لأنفسهم فليقبلوه
لبناتهم. فلنمتنع عن وضع شروط صعبة لأن ذلك يزيد العنوسة في مجتمعنا ويزيد العزوبية
في مجتمعنا ويفتح الباب للشياطين والأبالسة ليدمّرونا معنويا وأخلاقيا. وهذا خطر
على بناتنتا وأولادنا في الآخرة قبل أن يكون خطراً في الدنيا.
بالمقابل، هناك عائلات يتصرفون مع بناتهم بطريقة إفراط وتفريط يعني واحد يضع شروط
صعبة جداً والآخر عدم المؤاخذة يستعملون بعض العبارات مثل: "حمّل وشيل" كيف هذا؟
فهي ابنتك، هذا عرضك، هذا جزء منك، وأنت مسؤول عنها في الدنيا وفي الآخرة.ماذا يعني
"حمّل وشيل"؟ كلا، عليك أن تذهب وتدقق والأم عليها أن تدقق. لا أن نعطي مباشرة
بمجرد قدوم عريس ـ أي عريس.إنظروا إلى من تزوجون. أهمّ شيء الدين والأخلاق. المال
لا يصنع سعادة. إذا عندي بيت ملك أو أجار؟ فالسعادة لا تأتي من هنا. السعادة
الزوجية تأتي من الإحترام المتبادل تأتي من المحبة، من الأنس، من التواضع ، من
الصبر، تأتي من تحمّل البعض للبعض الآخر. إذهبوا وفتّشوا عن الأخلاق وزوّجوا ـ ولو
كان زواجا مبكّرا ـ فهذا ما ينجح الزواج.
إذاً، العنوان الأول الذي يعمل عليه العدو هو منع تشكيل العائلة ونحن واجبنا أن
نعمل في الليل والنهار لتشكيل العائلة، ولذلك النبي صلى الله عليه وآله يقول: "فمن
رغب عن سنّتي فليس منّي" هذه سنتي فمن رغب عن سنتي فهو ليس من محمد إلى هذه الدرجة
الموضوع مهمّ وحساس ودقيق.
الحفاظ على العائلة
في الدرجة الثانية: بعد تكوين العائلة هو الحفاظ على العائلة وهي
مسؤولية كبيرة جداً.
أ ــ لعدم المسارعة إلى الطلاق لدى أدنى مشكلة
.هناك من يتزوّج وعند أوّل مشكلة يريد الرجل أن يطلّق، فهل بنات الناس
ألعوبة؟! أو عند أول مشكلة الأخت تطلب الطلاق ولم تعد تستطيع التحمّل! يأتي السؤال
منذ متى تعرفتم على بعض أسبوع، أسبوعين، شهر، شهرين.. كيف كان أهلنا يعيشون في ظلّ
الحياة الصعبة ويتحمّلون ويصبرون؟ تقول لا، لا، وتذهب إلى أهلها وتبكي وتشتكي ثم
نذهب إلى الطلاق.هذا أخطر شيء.
اليوم ليس فقط نسب الطلاق في أوروبا وأميركا وو... مرتفعة جداً بل حتّى نسب الطلاق
في العالم العربي والإسلامي مرتفعة جداً.وسنة بعد سنة أنا أتابع نسب الطلاق: فبدل
أن تتراجع النسب المئوية فهي تزداد.لماذا؟ فهذا يجب أن ندقق في أسبابه. هذا ليس
لديه سبب واحد بل له مجموعة أسباب. وعادة إما يكون لسبب ما من هذه الأسباب أو مجموع
هذه الأسباب مع بعضها.
لذا أهم شيء هو الحفاظ على العائلة وأسوء شيء هو المسارعة إلى الطلاق. الله سبحانه
وتعالى في الإسلام لم يحرّم الطلاق حتى لا يسدّ الباب. ولكن قال لنا جميعاً: الطلاق
أبغض الحلال إلى الله عزّ وجلّ. وجعل عملية الطلاق عملية معقّدة (شروط، وشهود،
ومتى، وكيف... إلى آخره) كي لا يطلّق الإنسان وهو بحالة إنفعال.عندما يذهب إلى
الشروط والتعقيدات؛ فإذا كان منفعلا سيهدأ ويأخذ وقته وهي تهدأ أيضا. والأهل يجدون
متسعا من الوقت فيتدخّلون.فكل شيء يحفظ العائلة أكّد عليه الإسلام.
اليوم، في مسألة حفظ العائلة؛ أخواتنا وأمهاتنا وزوجاتنا وبناتنا أيضاً لديهم
مسؤولية عظيمة جداً:
1- الزوج والزوجة مدعوان للتجمل بالصبر لحدود بعيدة
النقطة الأولى، تحصين مجتمعنا بموضوع عملية عدم المسارعة إلى الطلاق.
البنت عليها أن تصبر والزوجة عليها أن تصبر وإذا فقدت الصبر على الأم أن تساعدها
وعلى الأب أن يساعدها.يجب العمل على الشاب والبنت. وليس بمجرد أن ترفع البنت الصوت
تسارع الأم لتساعدها على ذلك، لا؛ فمنذ القدم لم يكن يفعلون هكذا. لذلك بقيت
البيوت. فقد كانوا قاسين. لكن أنا لا أطلب هذا، بل أطلب أن تكونوا منطقيين
وموضوعيين. الأب والأم للشاب كما هما للبنت: فإذا إختلف الشاب والبنت فالأم تقف إلى
جانب إبنها، هذا خطر كبير وسيء ويدمّر بيوتكم ومجتمعكم ودنياهم وآخرتهم. إذاً،
التشدّد بموضوع الطلاق.
أنا واحد من هؤلاء الناس يعرفون الإخوان والأخوات قبل الحرب عندما كنت أستقبل ناس
كنت أوافق على توقيع عقود الزواج لكن لا أطلّق. حتى لو كان منطقي وصحيح أنا لا
أطلق. وكنت أقول للإخوان: لا دخل لنا في هذا.فوظيفة عالم الدين أو المحكمة الشرعية
ليس كما يفعل الآن بعض المشايخ: "إنو يلا إجت الرزقة" لا؛ وظيفته الدينية
والأخلاقية والشرعية والإنسانية أن لا يقبل معهم بالطلاق بل يعطي فرص ويفتّش عن
حلول فهو ليس عمله أن يطلق بل واجبه أن يُصلح. بعد ذلك، إذا لم تحلّ المشكلة وأصبح
بقاء العلاقة بينهما أفسد النتائج يذهب إلى الطلاق. إذا من جهة مواجهة ظاهرة الطلاق
ثانيا الإصرار على حفظ العائلة من خلال الممارسة والتحمّل، الصبر، أن نحمل بعضنا
بعضاً فالحياة صعبة.
ب- لنتشبه بقدوتنا الزهراء (عليها السلام) وقناعتها في
أسلوب معيشتنا
هنا عندما أقول نموذج السيدة الزهراء عليها السلام؛ فالزوجة عندما تطلب
من الزوج البيت الفلاني (بيتنا صار ضيق) فبيت فاطمة كيف كان؟ ماذا كان أثاث منزلها؟
ما هو أكلها وشربها؟ما هو معاشها؟ هذه السورة التي نقرأها في القرآن سورة الإنسان،
ثلاثة أيام لم يكن لديهم شيء ليفطروا عليه إلا قرص شعير وماء، هؤلا ءهم أهل بيت
النبي حاكم المدينة وحاكم الأمة في ذلك الوقت. هذه القدوة التي نحتاجها.
إذاً اليوم نحن نحتاج حقيقةً إلى ثقافة القناعة السيدة فاطمة هي في أعلى درجاتها،
القناعة في العيش.دائما نريد أن نتوسّع ـ فإذا كان الله أعطاه المال لا مشكلة ـ لكن
لا نفرض ذلك على حالنا وعلى أزواجنا. وأحيانا قد أن ندفعهم إلى الحرام: ربما إلى
السرقة، إلى العمالة،أو الخيانة، ليحصّلوا المال؛ ليلبّوا رغبات زوجاتهم مثلاً.
القناعة أساس في الحياة؛ في الحفاظ على العائلة، الصبر، التحمّل، حسن الخلق، الزوجة
تداري زوجها، الزوج يداري زوجته.
الآن الأخوات سوف يقولون والرجال ماذا يجب عليهم؟ لكن الآن أنا أتكلّم معكم. أنا
أتكلّم مع الرجال أقسى من هذا الكلام وأصعب من هذا. وفي اللقاءات الداخلية أتكلم
"بالعربي المشبرح". لكن الآن نتكلّم على التلفاز ومعكم. حقيقةً الأمر يحتاج إلى صبر
وتحمّل. هذا صبر جميل هذا جهاد بل هذا هو الجهاد الحقيقي.
o عوائل الشهداء والجرحى والمجاهدين نموذج فاطمي في الصبر
اليوم نجد من الناس، سواءً بموضوع عوائل الشهداء، زوجات الشهداء ،
الجرحى، أيضا زوجات الأخوة المجاهدين الذين يغيبون خارج البلد أسبوع أو أسبوعين،
شهر وشهرين. الآن في بعض الأماكن بعض إخواننا يغيبون تسعة أشهر،سنة،أكثر من سنة
بعيداً عن عائلاتهم وتجد زوجاتهم وأخواته وبناتهم وأمهاتهم ـ لكن بالخصوص الزوجات ـ
تراهم صابرات محتسبات مؤمنات واثقات بالله سبحانه وتعالى. هذا هو النموذج الفاطمي.
هذا هو النموذج الزينبي. هؤلاء هنّ النسوة التي يفخر بهن محمّد بن عبد الله صلى
الله عليه وآله وسلم ويقول هؤلاء نساء أمتي: هؤلاء الشريفات العفيفات المجاهدات
الصابرات المحتسبات.هكذا نحفظ عائلتنا ونسوّيها.
ثالثا، في تربية الأولاد
أ- صيانة الأولاد من الإنحراف الخلقي والإجتماعي
النقطة الثالثة، هي المسؤولية إتجاه الأولاد والبنات وهذا سوف نتكلّم
عنه لأحقا مفصّلاً لكن فقط إشارة ـ في القِدم كانت تربية الأولا ـ عذرا على إستعمال
العبارات العامية ـ "خلّف وزتّ". فكانوا يخلّفون ويهملون أبنائهم بالحقول، بالشارع،
عالبيدر... إلى آخره. لكن البيئة التي كان يوضع فيها الولد سواء كانت صبي أو بنت
فهي بيئة سليمة كلها هواء نقي وضيعة ومساحات خضراء. وهي بيئة سليمة؛ فكيفا وضعت
الولد صبي أم بنت يأخذ البعض من الأخلاق والقيم والعادات والتقاليد. لأن ضِيَعنا
كانت سليمة. أمّا الآن "خلّف وزتّ" إلى أين؟ إلى الإنترنت، إلى التفزيونات أإى
الخلاعة،إلى المخدّرات،إلى البيئة الفاسدة الموبؤة. لا؛ الآن لا يمكن فعل هذا.تلك
البيئة كانت نظيفة فمن الممكن للمنطق أي يقول ذلك، أما الآن هذا ليس لديه أي
منطق.هناك بيئة من أفسد البيئات الروحية والإجتماعية على مرّ التاريخ منذ أن خلق
الله آدم. لا يوجد بيئة ثقافية وإجتماعية وأخلاقية أفسد من العصر الحاضر في كل
العالم.
ب- الأمهات مسؤولات عن آخرة أولادهن أيضا
بالتالي عنكم مسؤولية تجاه أولادكم: مسؤولية عن دنياهم وعن آخرتهم.كما
تفكرين بإبنك وإبنتك في مدرستهم أنك تريدين أن تضعيهم في المدرسة الفلانية وبثيابهم
وأكلهم وفي باص المدرسة ومن يأخذه ومن يردّه عليكم أيضا أن تفكّروا بآخرتهم.فكّروا
بمستقبله حتى في الدنيا، هذا الصبي أو البنت إذا أنحرف أو أصبح معتاد المخدرات أو
فلت أخلاقياً وأدبياً.وعندما نرى نموذج فلان قتل أمّه بالرصاص أو فلان قتل أمّه
بالسكين، فما هو هذا الجنس البشري؟ هل هذا ما زال لديه شيء من "البشرية" ؟ أبداً.
هذا نتيجة تربية.
إذا؛ أخواتنا وأمهاتنا وزوجاتنا وعزيزاتنا اليوم لديكم مسؤولية كبير’ طبعاً اليوم
أكبر، لأن الرجال كثيرون منهم بالأعمّ الأغلب لا يتحمّلون هذه المسؤولية بحجة العمل
أو الجبهة أو الوظيفة أو أيّن كان... يوم القيامة كل الناس سوف تحاسب لكن أنتِ
الأكثر عطفاً. فالأمومة هذه هي أخواتي. "فالجنّة تحت أقدام الأمهات" ليس الأمهات
الذين ينجبون ويديرون ظهورهن. فمن قال أن الجنّة تحت أقدام هذه الأمهات.الأم ليست
الأم التي تنجب فقط بل الأم التي تحضن والتي تربّي والأم التي تسهر على إبنها
وإبنتها. هذه هي الأم التي نقبّل يدها وقدمها أيضاً. وهذه الأم؛ الجنة تحت أقدامها.
هذه مسؤولياتكم ومسؤولية الكلّ.
ما ننعم به وينعم به البلد من أمن هو من بركات دماء
الشهداء الزكية
نحن بكلّ الأحوال هذا الطريق سنكمله في المقاومة في المواجهة في أي
مكان، اليوم عندما نتكلّم عن الإنتصارات لدينا آخر شهداء نتبارك بأسمائهم: الشهيد
مهدي علي حيدر، الشهيد حسين محمد سليم ، الشهيد بديع جميل حميّة، وأسماء كثيرة هذه
الأسماء تقدّم أرواحها من أجل أن تبقى كرامتنا جميعا. اليوم أنتم مجتمعون في هذه
المناطق بأمن وأمان وكرامة ورأسكم مرفوع بسبب هؤلاء ودماء هؤلاء وتضحيا هؤلاء. وكل
البلد يعيش بأمن وأمان سلامة وكرامة بسبب هذه الدماء الزكية وبقية الدماء الزكية.
ولو قّدر لداعش والنصرة وأمثال هؤلاء أن ينتصروا في سوريا لكان لبنان غير لبنان كل
شيء في لبنان غير لبنان. اليوم نحن ندين ونعترف بفضل هؤلاء الشهداء أبائهم أمهاتهم
زوجاتهم بناتهم نفتخر بهم نعتزّ بهم، نشعر بالقصور والتقصير في التعبير عن مشاعرنا
إتجاههم. ولكن هذا نتاجكم ونتاج هذه التربية الفاطمية. هذه القدوة، هذا الإصرار
الزينبي هذا الصمود هذا الثبات.وإن شاء الله نحن وإياهم سوف نكمل هذا الطريق سوياً.
اللهم إني أسألك بفاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسّر المستودع فيها أنم تصلّي على
محمد وآل محمد وأن تلحقنا بهم وترزقنا شفاعتهم وتحشرنا معهم وأن لا تفرّق بيننا
وبينهم في الدنيا والآخرة طرفة عين أبداً.برحمتك يا أرحم الراحمين. مبارك لكم هذا
العيد العظيم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.