يتم التحميل...

من موارد التقوى: بسط العدل وإصلاح ذات البين

ثقافة إسلامية

من موارد التقوى: بسط العدل وإصلاح ذات البين

عدد الزوار: 97

من كلمة الإمام الخامنئي أمام رؤساء السلطات الثلاث وجمع كبير من المسؤولين بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك 18-08-2010

من موارد التقوى: بسط العدل وإصلاح ذات البين
إن ما نسعى إليه في شهر رمضان المبارك يكون باتجاه التقوى. وقد دوّنت في باب التقوى جملة أذكرها هنا: ففي أغلب الأوقات عندما تُذكر التقوى ينصرف ذهن الإنسان إلى رعاية ظواهر الشرع والمحرمات والواجبات المطروحة أمامنا, أن نصلّي وندفع الحقوق الشرعية، أن نصوم ولا نكذب. ولا شك بأن هذه الأمور مهمّة، لكن للتقوى أبعاداً أخرى غالباً ما نغفل عنها, ففي دعاء مكارم الأخلاق يوجد فقرة تبيّن هذه الأبعاد: "اللهم صلِّ على محمد وآله وحلّني بحلية الصالحين وألبسني زينة المتقين"، فما هو لباس المتقين؟ فيأتي الشرح الملفت: "في بسط العدل وكظم الغيظ وإطفاء النائرة" في إخماد الغضب وإطفاء النيران، تلك النيران التي تندلع بين أفراد المجتمع، "وضّم أهل الفرقة" أولئك الذين كانوا منكم وانفصلوا عنكم اسعوا إلى أن تستعيدوهم.

فهذه من موارد التقوى التي أشير إليها في دعاء مكارم الأخلاق، الدعاء العشرين للصحيفة السجادية المباركة. وهذا الدعاء دعاء مهمٌّ جداً. وفي رأيي أنه يجب علينا جميعاً وخصوصاً العاملين أن نقرأ هذا الدعاء وندقق في مضامينه الملهمة، "وإصلاح ذات البين"، فبدلاً من إشعال النيران والإذاعة وإلقاء الخلاف والتفرقة نقوم بإصلاح ذات البين بين الإخوة المؤمنين والمسلمين ونوجد الإئتلاف, هذه هي التقوى.

لاحظوا: إن هذه كلها تُعدّ من قضايانا المعاصرة: إشاعة العدل وبسطه في القضاء والاقتصاد والاختيار وتوزيع الثروات والفرص الموجودة في البلاد بين الجماعات، هذه جميعها قضايا مهمة جداً، وهي مورد حاجتنا. فبسط العدل يُعدّ أرفع أنواع التقوى، فهو أعلى من صلاة جيدة وصوم يوم في صيف حار. فقد ورد في حديثٍ: إن كل أميرٍ ـ الأمير يُقصد به أنتم, كل من يدير جهازاً ويكون حكمه نافذاً فيه ـ يحكم يوماً واحداً بالعدل فكأنه قد عبد الله سبعين سنة, ومثل هذه القضايا الفائقة الأهمية تدلنا على أهمية العدالة والسلوك العادل.

وكظم الغيظ تجاه الأصدقاء ـ أما مقابل الأعداء فيجب أن نتحلى بالغيظ (وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ)، ففي مقابل ذاك العدو الذي يخالف هويتكم ووجودكم يكون الغضب مقدساً ولا إشكال فيه. أما في جمع المؤمنين وبين أولئك الذين أُمرنا أن نعاملهم وفق السلوك الإسلامي فلا ينبغي أن يكون هناك غيظٌ وغضب. فالغضب يضر بصاحبه.

واتخاذ القرار مع الغضب مضرّ، وكذلك الكلام والعمل مع الغضب فإنه غالباً ما يؤدي إلى الوقوع في الأخطاء والشبهات, وهو أمرٌ ذائعٌ بيننا كثيراً وللأسف. فاجتناب هذا الغضب الذي يؤدي إلى الانحراف والخطأ في الفكر والعمل يُعدّ من موارد التقوى. "وكظم الغيظ".

العمل الآخر هو "إطفاء النائرة"، فبعضهم يشعل النيران السياسية والفئوية، وكأنه مكلف بهذا العمل. أرى داخل بلدنا جماعة همّهم أن يُوجِدوا الاختلافات والعداوات بين التيارات المختلفة وكأنهم يستمتعون بذلك، وهذا خلاف التقوى لأن التقوى تعني إطفاء النائرة. فمثلما أنكم تطفئون النيران المندلعة في المحل والمكان المادي فعليكم أن تسيطروا على النيران التي تندلع في الأجواء الإنسانية والمعنوية والأخلاقية وتطفئوها، وهكذا: "ضمّ أهل الفرقة".

لقد قلنا بجذب الحدّ الأكثر ودفع الحد الأقل. بالطبع المعيار والميزان هو الأصول والقيم. فالناس ليسوا سواء بلحاظ الإيمان. ففينا من هو ضعيف الإيمان ومن هو أقوى إيماناً. وعلينا أن نسعى، فلا يصح أن ندفع ضعيف الإيمان، ولا يصح أن نركّز على الأقوى إيماناً, كلّا، فضعفاء الإيمان ينبغي أن يحوزوا على عنايتنا. فالذين يعدّون أنفسهم أقوياء ينبغي أن يعتنوا بمن يرونه ضعيفاً ويراعوه ولا يدفعوه. الذين كانوا من الجماعة لكنهم بسبب الاشتباه والغفلة ابتعدوا وانفصلوا نعيدهم إلينا, ننصحهم، نبين لهم الطريق، ونستعيدهم. وهذه قضايا أساسية.

2017-03-16