يتم التحميل...

من فوائد الزواج

العلاقات الزوجية

ان إرضاء الغريزة الجنسية ضروري ومفيدٌ بلحاظ القضايا النفسية، وبنظر شرعة الإسلام الحقّة، و مسألة تقديم النسل الصالح إلى المجتمع، مرهونٌ بتشكيل الأسرة، وان العدو اللئيم ومن أجل الحؤول دون بروز ظاهرة النسل الصالح في المجتمع...

عدد الزوار: 116

سنبحث في هذا المقال ما يتعلق بتشكيل الأسرة والفوائد المترتبة على ذلك. 

إرضاء الغريزة الجنسية، وتقديم النسل الصالح
ان إرضاء الغريزة الجنسية ضروري ومفيدٌ بلحاظ القضايا النفسية، وبنظر شرعة الإسلام الحقّة، و مسألة تقديم النسل الصالح إلى المجتمع، مرهونٌ بتشكيل الأسرة، وان العدو اللئيم ومن أجل الحؤول دون بروز ظاهرة النسل الصالح في المجتمع وجّه ضربات قاصمة للأسرة، ثم ان عالم اليوم تنكّر ـ وبدون حياء ـ لتشكيل الأسرة، وكان ذلك من خلال تشكيل الأحزاب الشيوعية، والغوغائية المبتذلة.

وعليه يجب علينا، وخلافاً لما تقوم به تلك التشكيلات الوضعية، ترتيب الوضع البيتي وتشكيل الأسرة حتى نتمكن من تقديم نسل صالح ومفيد للمجتمع البشري، وهذا بحدّ ذاته يعتبر ضربة لتلك الأفواه الفاغرة الغربية منها والشرقية، والوحشية والتافهة، الصهيونية وغير الصهيونية.

الهدوء والسكينة
وقد ذكرت في القرآن الكريم: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا1.

لو تحّرينا الطبيعة لعلمنا بأن الرجل بدون المرأة يضحى عضواً ناقصاً، وأن المرأة بدون رجل كذلك، وفي الحقيقة ان الرجل والمرأة هما وجود واحد كامل، يستند أحدهما إلى الآخر، ولا يمكن الفصل بينهما.

ويمكن أن نقول بأن عبارة الزوج تليق بهما أكثر من غيرهما كونهما يكمّل أحدهما الآخر، وهذه هي طبيعة الزوج.

إن الرجل ليستند إلى المرأة بنظر القرآن، بنظر الطبيعة، وبنظر الحالة النفسية، وان المرأة لتركن إلى الرجل.

في هذه الحياة، وفي هذا العالم يحتاج كل شخص إلى شخص آخر يفرغ عنده ما في قلبه ساعة الشدّة، وفي اللحظات الخاصة جداً، ولو دققَّنا مليًّا في القرآن الكريم، وفي الطبيعة، لما رأينا أحنّ من الزوجين بعضهما على بعض، لذا يقول القرآن المجيد بأنهما مخلوقان يسكن أحدهما للآخر ويهدأ، وأنهما لا يمكن أن يتخلى أحدهما عن الآخر، وعليه فلا بُدّ لهما من العيش بعنوان زوج يكمل أحدهما الآخر: ﴿وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً2.

أي جعل بينكما الألفة، وهذا الأمر ملاصق للرجل والمرأة منذ أن خلقها الله، حيث جعل المحبة والمودّة والرحمة بينهما، هذا إذا لم نوجّه أي ضربة قاصمة لهذا السكن المألوف ولتلك المحبة والودّ الذي حباه الباري لنا منًّا وعطاءً جميلاً.

إن الدار التي لا يتمتع فيها الزوجان بهذه السكينة، ولا يستفيدان فيها من هذه الألفة لا تعدو أن تكون كالفرد الذي لا يغالبه النوم، وأقول قولي هذا باعتبار أن الذي لا يأتيه النوم تراه مضطرباً قلقاً لا يعمل فكره بالمرّة، ويبدو النحول والخمول على جسمه، ولكن قوته التخيلية تضحى متفاقمة.

فالنوم على حدّ قول القرآن المجيد يوجب الهدوء والسكينة، ويقول أيضاً إن الرجل والمرأة يوجبان الهدوء لبعضهما البعض، فالذي لا زوجة له، كالذي ليس له دار، والتي ليس لها زوج كالفرد الذي غاب النوم عن عينيه؛ لذا يجب علينا أن نحافظ على حالة الهدوء والسكينة هذه من خلال تخلّينا عن كلّ ما يمكن ان يسهم في تفتيت هذه الحالة والتي تعدّ بمثابة سكن وسكينة.

المرأة والرجل يزيّن أحدهما الآخر
إن الرجل والمرأة بنظر القرآن المجيد ليس فقط يسكن أحدهما للآخر، بل ويزيّن أحدهما الآخر أيضاً.

قال عزّ من قال في محكم كتابه: ﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ3.

إن اللباس في هذه الآية المباركة ينضوي تحت ثلاث معان، المعنى الأول: أن الزوجين يزيّن أحدهما الآخر، باعتبار أن اللباس زينة والشاهد على ما نقول هو إطلاق القرآن المجيد كلمة زينة على اللباس في آية أخرى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ4.

وبناءً على ذلك تضحى الآية "هن لباس لكم وأنتم لباس لهن" هن زينة لكم وأنتم كذلك زينة لهن.

أما المعنى الثاني فهو: أن المرأة قد تضحى سبباً في عدم انحراف الرجل، وقد يكون الرجل سبباً في عدم خروج المرأة من جادّة الصواب.

أما المعنى الثالث فهو: أن الرجل ستر للمرأة، وكذا المرأة سترٌ لزوجها، فالرجل غير المتزوج مثل ذاك الذي لم يستر عورته، والمرأة التي لا زوج لها كتلك التي لا ترتدي حجاباً أو إزاراً يستر عورتها.

وعليه تكون الآية الشريفة التي ذكرناها: الرجل زينة أمرأته، وكذا المرأة زينة لزوجها، لذا يجب على الزوجين أن يعرفا كيف يحافظان على هذه الزينة.

قال الإمام الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام: "إنما المرأة قلادة فانظر ما تتقلّد، وليس للمرأة خطر، لا لصالحتهن ولا لطالحتهن، فأما صالحتهن فليس خطرها الذهب والفضة، هي خير من الذهب والفضة، وأما طالحتهن فليس خطرها التراب، التراب خير منها"5.

وقال الإمام زين العابدين وسيد الساجدين عليّ بن الحسين عليه السلام: "وأمّا حق الزوجة فأن تعلم أن الله عز وجل جعلها لك سكناً وأنساً، فتعلم أن ذلك نعمة من الله عليك فتكرمها وترفق بها، وإن كان حقكّ عليها أوجب، فإن لها عليك أن ترحمها"6.

*الأخلاق البيتية، مظاهري، دار المحجة البيضاء، دار ومكتبة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، ط1، ص137-140.


 

1- الروم:21.
2- الروم:21.
3- البقرة:187.
4- الأعراف:31.
5- وسائل الشيعة/ ج14، ص17.
6- بحار الأنوار/ ج74، ص5.

2009-10-26