ثلاث أولويات للحكومة من أجل تقدم البلاد تقدما حقيقيا لا صوريا
وصايا القائد
ثلاث أولويات للحكومة من أجل تقدم البلاد تقدما حقيقيا لا صوريا
عدد الزوار: 166
من كلمة
الإمام الخامنئي في لقائه أعضاء مجلس خبراء القيادة 10-03-2016
وصايا للحكومة
أ ــــ ضرورة الأخذ بمبدأ الأولويات في تنفيذ الأعمال
وأودّ أن أطرح ملاحظة لرجال الحكومة أيضاً، ولحسن الحظ فإن رئيس جمهوريتنا المحترم
حاضرٌ في هذا الاجتماع، علماً بأننا نطرح عليه في الجلسات الخاصة والاجتماعات
الحكومية، الملاحظات التي نراها ضرورية، والفرصة جيدة في هذا المكان أيضاً. ينبغي
للحكومة أن تأخذ أولويات البلاد بعين الاعتبار، فإن لنا أولويات. علماً بأن
المتطلبات كثيرة، وساحة احتياجات البلد ساحة وسيعة، بل قد لا يتأتى إحصاؤها، ولكن
بالاستناد إلى القاعدة العقلائية، يجب الاهتمام بالأولويات وبالقضايا الفورية أو
التي هي أكثر جذريةً. وباعتقادي هناك ثلاث قضايا تتسم بمزيد من الأهمية عن غيرها من
حيث الأولوية والجذرية ومعالجة المشاكل الأخرى.
ب ــــ ثلاث أولويات من أجل تقدم البلاد
1 ــ قيام جميع الأعمال والمشاريع على أساس الإقتصاد
المقاوم
الأولى هي الاقتصاد المقاوم. فإن البلد من دون الاقتصاد المقاوم لا
ينمو، ولا تُعالج مشاكله الاقتصادية، ولو أعرضنا عن العمل بالاقتصاد المقاوم،
لتضاعفت معضلاته يوماً بعد يوم. إنني طالبتُ إخواننا الأعزاء في الحكومة بأن
يُعدّوا مقرّاً للاقتصاد المقاوم، ويعيّنوا له قائداً. فإنها حربٌ بالتالي، غير
أنها حربٌ اقتصادية، وإن خلت هذه الحرب من القذيفة والرصاصة والبندقية، فإن فيها
أدوات أشد خطورة من القذيفة والبندقية. فهي حربٌ، تحتاج إلى مقرّ، ويحتاج المقر إلى
قائد. وهذا ما اقترحناه عليهم، ووافقوا عليه، وقُطِعت بعض الخطوات في هذا المسير،
ولكن يجب أن تكون هذه الخطوات ملموسة ومشهودة. كما وينبغي بالنسبة للأنشطة الحكومية
- كالعقد الفلاني الذي يُبرَم في المكان الفلاني - تحديد محلّها من الاقتصاد
المقاوم. ولقد نبّهنا المسؤولين الأعزاء بأنكم في المكان الفلاني تشترون الشيء
الفلاني أو تُبرمون العقد الفلاني، إلا أن هذا العقد، أي موضع يحتلّ في هذا الجدول
العظيم من ساحة الاقتصاد المقاوم؟ هذا ما يجب تحديده. ومعنى ذلك ضرورة أن تقوم كافة
أعمالنا وأنشطتنا الاقتصادية على أساس مشروع الاقتصاد المقاوم العظيم والشامل. ولم
أنفرد أنا بالحديث عن هذا المشروع، وإنما تم تنظيمه بالفكر والعقل الجمعي، ثم صادق
عليه الجميع - موافقين ومخالفين – من دون استثناء، وقالوا إن السبيل الوحيد لإنقاذ
البلد هو الاقتصاد المقاوم. إذاً فهذا هو إحدى الأولويات الثلاث الأولى.
2 ــــ الحؤول دون تباطؤ مسيرة التقدم العلمي
والأولوية الثانية هي القفزة العلمية؛ فلا ينبغي أن نسمح بإيقاف هذه
الحركة. ولو تعرّض البلد للشأن العلمي، وحثّ الخطى في هذا المسار، سيكون سيّداً بكل
ما في الكلمة من معنى: «العلمُ سلطان». فلو كنا نطلب القوة والعزة، ونريد أن نكون
نحن المرجع الذي ترجع الدول والحكومات إليه، لا أن يكونوا هم المرجع لنا، علينا
إرساء دعائم العلم، وهذا أمرٌ ممكن ومتاحٌ عملياً.
قبل زهاء أربعة عشر أو خمسة عشر عاماً، أنا العبد، طرحتُ قضية العلم وتخطي الحدود
العلمية الموجودة والإبداع العلمي، فقال البعض لا يمكن ذلك، وأعلنوه خلف شاشات
التلفاز، واليوم تشاهدون أنه تحقق، وهذا ما أقرّ به الجميع. فقد كانت سرعة التقدم
في البلاد تفوق متوسط السرعة العالمية للتقدم العلمي بأضعاف المرات، ولكننا ولشدة
تخلّفنا، كان لا بد لنا من مواصلة المسيرة التقدمية المتسارعة لسنوات طويلة حتى
الوصول إلى الخطوط الأمامية. بيد أن هذه المسيرة كانت بالأمس تمضي بمزيد من السرعة
واليوم قد تباطأت، وهذا ما حذّرت منه أيضاً، ولكن البعض اعترض على ذلك. فقرأتُ
اليوم أو يوم أمس في الأنباء بأن وزير العلوم تحدث عن تباطؤ سرعة التقدم العلمي.
فانظروا؛ هذا ما تعرضنا له خلال حديثنا قبل نحو ستة أو سبعة أشهر تقريباً، ما أثار
امتعاض البعض واعتراضهم، واليوم نجد وزير العلوم يتحدث عن هذا الأمر. فالواجب علينا
أن نحول دون تباطؤ هذه السرعة، وأن نتابع التقدم العلمي بكل جدّ. ولو قمنا بذلك،
ستتفتّح أمامنا أبواب الاقتصاد المبني على المعرفة، وهو الاقتصاد الذي تكون
استثماراته قليلة، ومحاصيله ونتاجاته كثيرة جداً.
3 ـــ تحصين البلد والشعب من ألإختراق الثقافي
والأولوية الثالثة هي التحصين الثقافي. ولأتحدث الآن قليلاً في بيان هذا
الموضوع، ثم أتناوله من بعد ذلك بمزيد من الإيضاح، وسيطول حديثنا قليلاً فتحمّلوا.
يجب علينا أن نحصّن بلدنا وشعبنا وشبابنا من الناحية الثقافية، وهذا ما يحتاج إلى
برمجة وتخطيط. وعلينا أولاً قبول هذا الهدف والإيمان به، ثم التخطيط لتحقيقه. ولا
يمكن تحقيق هذا الهدف اعتباطاً، بل ولا [يتم ]من خلال المحاضرات وتأليف الكتب،
وإنما يحتاج التحصين الثقافي إلى عملٍ وبرمجة.
ج ــــ التقدم المنشود تقدّم حقيقي لا صوري
والناتج عن هذه الأعمال التي ذكرناها، فيما لو قمنا بها، هو تقدم
البلاد. فلو أنّ البلد في الدرجة الأولى نظر إلى هذه الأولويات الثلاث - وهناك
بالطبع مهامّ أخرى لا بد من إنجازها، إلا أن هذه الأولويات الثلاث تحتل الصدارة -
بنظر الاعتبار، سوف يتقدّم إلى الأمام. ولا نقصد بذلك التقدّم الصوري، وإنما هو
التقدم الحقيقي. فالتقدم الصوري هو أن نهب للاقتصاد ازدهاراً ظاهرياً، ونستورد جملة
من السلع والبضائع، ونقوم بتزويقه وتنميقه؛ هذا هو التقدم الصوري الذي لا طائل من
ورائه، وبالإمكان أن يستجلب رضى الشعب في بادئ الأمر، ولكنه في نهاية المطاف يؤول
إلى ضرر البلد. فالتقدم لا بد وأن يكون حقيقياً، عميقاً، ومستنداً إلى أسس ودعائم
داخلية محكمة. هذا هو التقدم الحقيقي.
يوم أمس سمعتُ حديث ذلك القائد المحترم في الحرس الثوري ]العميد الأمير علي حاجي
زاده، قائد القوة الجوفضائية[ بشأن الإنجازات الصاروخية وما شابه، حيث قال: لو
عمدوا إلى بناء سور على حدود بلدنا بأجمعها، وتعذر استيراد أو تصدير أي شيء، لما
واجهتنا مشكلة في تصنيع هذه الصواريخ. وهذا هو التقدم. فلا بد أن تتحركوا بطريقة لو
فرضوا العقوبات ومارسوا الضغوط، لا تتوقف مسيرتكم التقدمية، بل إن العدو سيشعر
بحاجته إلى التقدّم باتجاهكم. ولو أردنا لهذا التقدم الحقيقي أن يتحقق، يجب أن
نحافظ على خصائصنا الثورية، وعلى حركتنا الجهادية، وعلى عزتنا وهويتنا الوطنية، وأن
لا نذوب في الجهاز الهضمي العالمي الثقافي والاقتصادي الخطير. ولو التزمنا بهذه
الأمور، سيسير التقدم بالاتجاه الصحيح.