ضرورة الإرتقاء بالفكر الديني للطلاب والأساتذة
وصايا القائد
ضرورة الإرتقاء بالفكر الديني للطلاب والأساتذة
عدد الزوار: 96
من كلمة
الإمام الخامنئي في اللقاء السنوي لأساتذة ورؤساء الجامعات. الزمان: 9/7/1386هـ. ش
ـ 19/9/1428هـ.ق ـ 1/10/2007م.
ضرورة الإرتقاء بالفكر الديني للطلاب والأساتذة
أــ الطلاب
على الأخوة رجال الدين الذين يمثلون مكتب ممثلية ولي الفقيه في
الجامعات، أن يعلموا بأنهم المسؤولون عن تحسين وارتقاء الجانب الديني والمعنوي في
الجامعات.
وكنّا نوصي باستمرار إدارات الجامعات والمجلس الأعلى للثورة الثقافية بتحمّل
مسؤولياتهم في تحسين وترويج المظاهر الدينية داخل الحرم الجامعي.
إنّ تهيئة جميع المستلزمات في الجامعة لا يكفي في تحسين الجانب الديني عند الطلاب،
إذا لم يتميّز رجل الدين في الجامعة بالكفاءة المطلوبة التي تمنحه القدرة على
الإقناع وطرح الأفكار والمواضيع الدينية بعمق ودقة وجاذبية.
فعليكم طرح المسائل الدينية في الجامعات بأسلوب حديث يستند الى الدليل المنطقي؛ حتى
تتمكنوا من الارتقاء بالفكر الديني للطلاب. ويجب أن لا يقتصر خطابكم على الشباب
المتدّين فقط؛ بل يجب أن يشمل بقية الطلاب حتى غير المتديّنين منهم، بحيث تطرحوا
أفكاركم أمامهم بمنطق قوي وثقة بالنفس؛ حتى تتمكنوا من ترغيبهم في الدين،
وتقليل عنادهم بل وإزالته تماماً في كثير من الأوقات.
ما حدث في جامعة كولومبيا الأميركية مثالا
وكمثال على هذا الموضوع، نتحدّث عمّا حصل مؤخراً في جامعة كولومبيا
الأمريكية، حيث نرى بوضوح التأثير الايجابي للمنطق القوي والثقة بالنفس والروح
المعنوية العالية، على المستمعين؛ رغم الاستعدادات الكبيرة التي اتخذت للتأثير
سلبياً على روحية المتكلم وتضعيف ثقته بنفسه حتى يصبح أكثر عصبيةً وانفعالاً في
كلامه، وذلك من خلال النقل المباشر لوقائع الخطاب عبر العديد من القنوات
التلفزيونية في أمريكا وأوروبا، والأسلوب المُخجل الذي تحدّث به رئيس الجامعة والذي
لا يمكن أن يصدر عن شخصية جامعية محترمة أو حتى عن إنسان محترم شريف.
وهذه الاستعدادات تمثل أحد الأساليب المتعارفة التي تتخذها وسائل الإعلام الغربية
كجزء من حملاتهم الدعائية والسياسية، لكن ولله الحمد قد حدث عكس ما كانوا
يتوقّعونه، حتى إنكم شاهدتم تأييد الحاضرين وتعاطفهم.
وإنّي أعتقد أنّ تأثير هذه الحادثة سيظل حديث الجامعات في هذا البلد، وسيثير في
الجامعيين التساؤل والحيرة لفترة طويلة.
لقد بيّن المتكلم منطق الجمهورية الإسلامية، ومنطق الدين، وطرح بحثاً جيداً حول
وجهة نظر الإسلام والدين في العلم، وحول كون العلم نور يصدر من الله تعالى، وجميعها
كانت من البحوث المهمة.
إذ إنّ البعض عندما يجد فرصة للتحدّث في المؤسسات الثقافية الأوروبية أو الأمريكية،
يشتبه حين يتصوّر أنّ عليه التحدّث بنفس منطق الغربيين وأفكارهم التي ما فتئوا
يكررونها منذ أكثر من قرن؛ بل يجب عليهم التحدّث بمنطق الإسلام وأفكاره.
واليوم يدرك المفكرون ـ لا أولئك البعيدين عن مجال الفكر والثقافة ـ بوجود خلأ
وسؤال عميق في الفكر والثقافة الغربية؛ لم تتمكن من ملئه لا النظرية الليبرالية
الديمقراطية ولا النظرية الاشتراكية؛ لأنه يحتاج الى منطق إنساني ومعنوي يتمثل
بمنطق الإسلام.
ب ــ الأساتذة
فنحن نحتاج الى تقوية مثل هذا المنطق الإسلامي في أنفسنا وفي جامعاتنا
أيضاً، ويجب علينا ترويجه ونشره بلغة الجامعة والجامعيين، حتى إنّ بعض المتحدّثين
أشاروا الى حاجة الأساتذة أيضاً الى التزوّد بالفكر الديني والمعرفة الدينية.
وقبل حوالي عشر سنوات ذكر لي أحد المحققين ـ لا أريد ذكر أسمه ـ ممن كتب في المسائل
الإسلامية، وتُرجمت كتبه الى لغات عديدة، وله قرّاء كثيرون في أوروبا ومناطق أخرى
من العالم، إنه عندما كان يسافر الى بعض الدول العربية ومنها دول الخليج يجد أنّ
معرفة مفكّريهم بالقرآن والحديث أوسع من معرفة أساتذتنا ومفكّرينا.
والسبب في هذا الأمر يعود ـ بالطبع ـ الى كون لغتهم هي لغة القرآن، وهذا من حسن
حظّهم؛ لأنه يسهل عليهم فَهْم علوم القرآن والحديث، شأنهم في ذلك شأنكم عندما
يتبادر الى أذهانكم مثلاً بيت شعر لسعدي أو فردوسي أو حافظ؛ لأنها كُتبت بلغتكم
وقرأتموها كثيراً، وقد لاحظتم أنّ كثيراً من المتحدّثين كانوا يبدأون حديثهم بأبيات
من الشعر أو النثر، فمعرفتهم الجيدة بمفاهيم القرآن تعود لكونها كُتبت بلغتهم، حتى
إننا نجد كثير من سياسيّهم ـ ولو كانوا غير متديّنين أو بعيدين عن الدين ـ يحفظون
عدداً من الآيات القرآنية أو الأحاديث أو النصوص الإسلامية.
إنّ هذا الموضوع يعتبر ضعفاً يجب علينا تلافيه من خلال وضع الخطط المستقبلية
المناسبة، لكن ما يخصّ دور الأساتذة ـ ممن قضوا عمرهم الطويل بالبحث والدرس ـ
فيقتصر في هذا الجانب على تقوية معرفتهم بالمسائل والمعارف الإسلامية.
إذاً، يجب على الجميع من أساتذة وجامعيين وضع الخطط المناسبة لتلافي هذا النقص
والتركيز في خطابكم على طلاب الجامعات.
على كل حال، يجب الاهتمام كثيراً بمسألة ارتقاء الفكر الديني في الجامعات، والحذر
من حدوث خلأ فكري عند الطلاب والمثقفين الجامعيين في البلاد. فنحن نمتلك منطقاً
قوياً وفكراً غنيّاً؛ مما يتطلب منّا اهتماماً جدّياً بنشر هذا الفكر بأسلوب حديث
ومنطق قوي يتلاءم مع معايير الفكر الحديثة.