قضية المرأة
النهوض والتقدم
قضية المرأة : أصل المشكلة ؛ الفهم الخاطئء لموقعها ودورها في الامجتمع
عدد الزوار: 81
من كلمة
الإمام الخامنئي دام ظله في ذكرى ولادة الصدّيقة فاطمة الزهراء عليها السلام ــ
الزمان: 22/05/2011م.
قضية المرأة : أصل المشكلة ؛ الفهم الخاطئء لموقعها ودورها في الامجتمع
العناوين الرئيسية
• أصل المشكلة في قضية المرأة
أ ــ إساءة فهم موقع المرأة ودورها في المجتمع
ب ــ إساءة فهم حقيقة " العلاقات داخل الأسرة "
• نظرة الغرب إلى المرأة وتداعياتها
أ ــ المرأة مورد متعة واستغلال للرجل
ب ـــ المُتاجرة بالنساء وتحطيم البيئة الحميمة للأسرة
• نظرة الإسلام للمرأة
أ ــ المرأة سيدة بيتها
ب ــ الأسرة بيئة آمنة وعزيزة للمرأة
ج ــ المرأة ، مثال الإيمان أو الكفر في القرآن
أصل المشكلة في قضية المرأة
أ ــ إساءة فهم موقع المرأة ودورها في المجتمع
بما يتعلّق بقضية المرأة في المجتمع يرجع أصل المشكلة إلى أمرين؛ إلى نقطتين
أساسين، فلو تمّ التفكير بهما وقُدّم طرحٌ جديد وتمّ العمل بمثابرة واستمرار، يمكن
أن نأمل مع مرور الزمن سواءٌ بالمدى المتوسط أم البعيد أن تُحلّ تلك المسألة التي
تُعدّ اليوم أزمة للمرأة في العالم. النقطتان هما عبارة عن النظرة الخاطئة وإساءة
فهم موقعية المرأة وشأنها في المجتمع حيث إنّ هذه النظرة وسوء الفهم بدأت من الغرب
وهي ليست أمراً قديماً ومتجذّراً. أولئك الذين ادّعوا أنّ هذه المسألة موجودة في
بروتوكولات حكماء صهيون، يمكن أن نحدس بأن ذلك ليس خلاف الواقع. أي إنّنا لو نظرنا
لرأينا أنّ هذه الرؤية الخاطئة وهذا الاعوجاج الفكري وسوء الفهم بما يتعلّق بفهم
المرأة في المجتمع لعلّه لا يرجع إلى أكثر من قرنٍ أو قرنٍ ونصف في الغرب حيث تسلّل
من الغرب إلى المجتمعات الأخرى ومنها المجتمعات الإسلامية. هذه نقطة.
ب ــ إساءة فهم حقيقة " العلاقات داخل الأسرة "
والنقطة الثانية، أنّ أساس المشكلة هي إساءة فهم قضية الأسرة وإساءة
التصرّف في السلوكيات داخل الأسرة. هاتان المشكلتان، بنظرنا، هما ما أوجد أزمة قضية
المرأة التي تُعدّ اليوم مشكلة أساساً في العالم. إنّ تعبير"أزمة المرأة" يثير
العجب. وفي يومنا هذا تُطرح قضية أزمة الماء والهواء، وأزمة المياه، وأزمة الطاقة،
وأزمة الدفيئة (الاحتباس الحراري)، كقضايا أساس عند البشرية؛ ولكن لا يُعدّ أيّ
منها كذلك. إنّ أكثر الأشياء التي تُعد مشاكل أساساً للبشرية ترجع إلى تلك القضايا
التي ترتبط بالمعنويات والأخلاق والسلوك الاجتماعي للبشر بينهم، ومنها قضية الرجل
والمرأة وموقعية المرأة وشأنيتها في المجتمع حيث يُعدّ هذا في الحقيقة أزمة؛ غاية
الأمر أنّهم لا يتوجّهون إليها ولا يطرحونها وتلك السياسات المتسلّطة على العالم لا
تعتبرها من شأنها ولعلّهم يعتبرون أنّ طرح هذه القضية مخالفٌ لتطلّعاتهم الأساس.
نظرة الغرب إلى المرأة
أ ــ المرأة مورد متعة واستغلال للرجل
بشأن القضية الأولى، التي هي موقعية المرأة في الحياة والمجتمع وتحت أيّ
عنوان أردتنّ طرحها المشكلة هنا أنّهم أوجدوا بالتدريج عدم توازن ولا تعادل؛ فهناك
طرفٌ مُنتَفِع وطرفٌ يُستغلّ؛ والبشرية قُسّمت على هذا الأساس، فالمُنتَفِع هو
الرجل والمُستغَلّ هو المرأة. وقد حدث هذا بصورة هادئة وتدريجية وبأساليب مختلفة مع
دعايات عديدة على مرّ العقود لعلّها تصل إلى 100 سنة أو 150 سنة، لا أستطيع أن أجزم
هنا وهي قضية قابلة للتحقيق في المجتمعات الغربية بالدرجة الأولى، ولاحقاً حصل في
باقي المجتمعات. لقد عرّفوا شأن المرأة الاجتماعي هكذا: إنّ المرأة هي كائنٌ يجب أن
يكون مورداً لانتفاع الرجل. لهذا لو أرادت المرأة بحسب الثقافة الغربية أن تبرز في
المجتمع وتثبت شخصيتها، عليها حتماً أن تظهر شيئاً من جاذبيتها الجنسية. وحتى في
المجالس الرسمية يجب أن يكون نوع لباس المرأة مورد استمتاع الرجل الذي هو الجانب
المُنتفِع.
وبرأيي إنّ أكبر ضربة وإهانة ودوسٍ على الحقّ جرى في مجال قضية المرأة هو هذا. ففي
المحيط الاجتماعي تشكّلت ثقافة كانت فيها المرأة كطرف يُنتفع به ويُستفاد منه من
جانب الطرف المنتفِع. وللأسف إنّ هذا موجودٌ اليوم في الثقافة الغربية، والآخرون
قلّدوه وساروا على هذا الطريق وصار الأمر هكذا في العالم، ولو تحدّث أحد بخلاف ذلك
لقاموا عليه. فافرضوا مجتمعاً يدين قضية عرض النساء وتبرّجهنّ في الأماكن العامّة
فإنّ الدنيا تقوم عليه ولا تقعد. ولو حصل أمرٌ مقابل هذا أي أن تُطرح في مجتمعٍ ما
تعرية المرأة فلا يحصل أيّ اعتراض في الدنيا. أمّا عندما يُطرح لباس المرأة وعدم
تبرّجها وتزيّنها في المجتمع فإنّ الأجهزة الإعلامية والدعائية المهيمنة في العالم
تقوم وتثير الضجيج؛ وهذا مؤشّرٌ على أنّ هناك ثقافة وسياسة ومخطّطاً يتمّ العمل
عليه منذ سنوات متمادية وأساسه تثبيت هذه الموقعية وهذا الشأن وهذا الأمر الخاطئ
والمهين للمرأة؛ وللأسف لقد فعلوا ذلك.
لهذا ترون في الغرب كيف أنّهم بالتدريج بدأوا يخالفون الحجاب بصورة علنية، والعنوان
الذي يذكرونه لهذا الاعتراض هو أن يقولوا إنّ الحجاب هو شعار حركة دينية؛ ونحن لا
نريد أن تُطرح المظاهر الدينية في مجتمعاتنا التي هي مجتمعات علمانية. وبرأيي هذا
كذب. فالبحث لا يتعلّق بالدين وغير الدين؛ البحث هو أنّ السياسة الاستراتيجية
الأساس للغرب قامت على أساس استعراض المرأة واستغلالها والحجاب يُعارض ذلك. حتى لو
لم يكن الحجاب ناشئاً من دافعٍ وإيمانٍ ديني، فإنّهم يخالفون ذلك، ويعترضون؛
فالمشكلة الأساس هي هذه.
ـــ المُتاجرة بالنساء وتحطيم البيئة الحميمة للأسرة
عند ذلك نتج عن هذه القضية تبعات مؤلمة جداً على صعيد المجتمعات
البشرية: كقضية تهاوي بنيان الأسرة وتقاريرها المروّعة والتي أشارت إحدى السيدات
المحترمات هنا إلى نموذج منها، قضية الإحصاءات المبكية المؤسفة المتعلقة بالمُتاجرة
بالنساء. في عالمنا اليوم وطبق التقرير الذي قدّم حيث إن هذا التقرير برأيي صادرٌ
عن الأمم المتحدة وهو تقرير لمركزٍ رسمي إنّ من أكثر التجارات نمواً في العالم، هي
المتاجرة بالنساء وتهريب النساء. وهناك مجموعة من الدول هي من أكثر الدول سوءً في
هذا المجال ومن جملتها الكيان الصهيوني، حيث يجتمع النساء والبنات تحت عنوان إيجاد
العمل والزواج وأمثالها من الدول الفقيرة، من أمريكا اللاتينية ومن بعض دول آسيا
ومن بعض الدول الفقيرة في أوروبا ويأتون بهنّ تحت ظروفٍ قاسية جداً إلى مراكز، تهزّ
الإنسان بمجرد تصوّرها وذكر اسمها. وكل ذلك مبنيٌّ على هذه النظرة الخاطئة وهذا
اللاتوازن الظالم الذي يتعلّق بمكانة المرأة في المجتمع، وظاهرة الأطفال اللاشرعيين
حيث إنّ الرقم يبلغ أعلى معدّلاته في أمريكا هي ظاهرة الحياة المشتركة التي تحصل
بدون زواج؛ أي هي في الحقيقة عبارة عن إبادة لمؤسسة العائلة والبيئة الحميمة
والدافئة للأسرة وبركاتها وحرمان الإنسان من هذه البركات والتي هي جميعاً ناشئة من
المشكلة الأولى. يجب التفكير بشأن هذا. يجب تعريف موقعية المرأة، والوقوف بجدّ
مقابل المنطق المفضوح للغرب.
لقد قلت ذات مرّة؛ عندما سئلت ما هو دفاعك تجاه ما يقوله الغربيون بشأن المرأة في
البلد؟ قلت: نحن لا ندافع، نحن نهجم ! نحن من يطالب الغرب بما يتعلق بقضية المرأة؛
نحن نتّهم الغرب، هم الذين يظلمون المرأة ويُحقّرونها ويُسقطون من موقعيتها تحت اسم
الحرية والعمالة وإعطاء المسؤولية، يجعلونها تحت ضغوطات روحية ونفسية وعاطفية
ويهينون شخصيتها وشأنيتها، فهم من عليه أن يجيب. على الجمهورية الإسلامية في هذا
المجال مسؤولية. يجب على الجمهورية الإسلامية بما يختصّ بقضية المرأة أن تعلن رأيها
بشكل صريح ودون أيّة مجاملة، الذي هو في الأساس اعتراض على الرؤية الغربية وهذا
اللاتوازن الظالم في الغرب. عندها وبهذه الرؤية تأخذ قضية الحجاب ونوعية العلاقة
بين المرأة والرجل معناها. هذه قضية.
نظرة الإسلام للمرأة
أ ــ المرأة سيدة بيتها
المسألة اللاحقة التي تُعدّ في قضية المرأة مشكلة ثانية قضية الأسرة.
إنّ نظرة الإسلام لما يختصّ بالأسرة وموقعية المرأة فيها هي رؤية واضحة جداً.
"المرأة سيّدة بيتها"، وهذا مروي عن النبي الأكرم. إنّ موقعية المرأة في الأسرة هي
ما ورد في العديد من الروايات عن الأئمة عليهم السلام: "المرأة ريحانة وليست
بقهرمانة "، وفي تعبير اللغة العربية القهرمان هو العامل، الخادم المحترم، يقولون:
إنّ المرأة داخل البيت ليست قهرمانة بل هي ريحانة، هي وردة البيت. والخطاب للرجال:
خيركم من يكون صاحب أفضل سلوك مع زوجته. هذه هي رؤى الإسلام، ويوجد من هذا القبيل
إلى ما شاء الله.
لكن في نفس الوقت إن تحقّق ما يريده الإسلام على صعيد الأسرة هو أمرٌ لا يتحقق بمثل
هذه الكلمات ولا يُحل؛ فهو يحتاج إلى دعامة قانونية، وتنفيذية وضمانات إجرائية؛
وهذا العمل يجب أن يتحقّق. وهذا العمل لم يُنجز طيلة السنوات الماضية المديدة.
فالأُسر التي كانت متديّنة والرجال الذين تمتّعوا بأخلاقٍ جيدة، والتزامات شرعية،
قدّموا اعتراضات، لكن في الموارد التي لم تكن فيها هذه الخصوصيات، لم تُسجّل هذه
الاعتراضات وتعرّضت المرأة داخل الأسرة للظلم.
بالطبع، هذا لا يعني أن نظنّ بأنّ الغربيين متقدّمون علينا في هذا المجال؛ أبداً.
لدى هذا العبد إحصاءات كثيرة، وهذه السيدة المحترمة أيضاً ذكرت إحصاءات1
؛ وباليقين إنّ الوضع الداخلي للأسرة الغربية من ناحية مظلومية المرأة وعدم رعاية
حقوقها هو أسوأ من وضع الأسر الإسلامية والإيرانية والشرقية، وما لم تكن أسوأ، فهي
ليست أفضل؛ وفي بعض الموارد هي أسوأ. نحن إذاً لا ننظر إليهم وهم ليسوا قدوتنا. نحن
لدينا نقائص عديدة على مستوى الأسرة وهذا ما يحتاج إلى دعامات وضمانات قانونية
وإجرائية يجب أن تتحقّق. فهذه القضية من جملة الميادين التي قليلاً ما تم العمل
عليها داخل البلد حيث يجب ذلك.
أما من ناحية الرؤية الإسلامية والمتون الإسلامية فلا يوجد أيّ نقصٍ في هذا البعد
من القضية. نحن نرى بعض الأشخاص الذين ينتقدون الأفكار الإسلامية، حيث يشكلون على
الإرث والديّة وأمثالهما، في حين أن هذه الإشكالات غير واردة؛ وتوجد عليها أجوبة
منطقية وقوية.
ب ــ الأسرة بيئة آمنة وهادئة للمرأة
أما في مجال السلوكيات داخل الأسرة فللأسف قد بقي مغفولاً عنها في
الأغلب. في حين أنه بنظر الإسلام توجد رؤية شديدة الوضوح. يجب أن تكون بيئة الأسرة
بالنسبة للمرأة بيئة آمنة عزيزة هادئة لكي تتمكّن المرأة من تأدية مسؤوليتها الأساس
التي هي الحفاظ على الأسرة على أفضل وجه.
المرأة ، مثال الإيمان أو الكفر في القرآن
لقد جرت أبحاث كثيرة في مورد الرؤية الإسلامية للمرأة، ونحن أيضاً
تحدثنا عدة مرات. وذكرت مراراً أّنّ المرأة قد عُرضت في القرآن كنموذجٍ للإنسان
المؤمن والمرضي عند الله، وكنموذج للإنسان الكافر المطرود من جنب الله؛ وهذا أمرٌ
ملفتٌ. فالقرآن عندما يريد أن يذكر نموذجاً للإنسان الصالح والإنسان السيئ فإنّه
يختار لهما من النساء: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا
لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ)2
، فهاتان المرأتان هما بحسب القرآن مثل أي نموذج ومظهر للمرأة السيئة، زوجة نوح
وزوجة لوط، وبالنقطة المقابلة، (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا
لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ)3 ،كنموذج للمرأة
الصالحة والسامية والمؤمنة، فيذكر الاثنين، إحداهما زوجة فرعون والأخرى مريم
(وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ
فَرْجَهَا)4 ، والملفت أنّ كلاً من هؤلاء النساء الأربع
صلاحهن وسوؤهن مرتبط بالأسرة. ففي مورد المرأتين السيئتين امرأة نوح وامرأة لوط
يقول تعالى:?كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ
فَخَانَتَاهُمَا?5 ، فالقضية هي قضية الأسرة. وموضوع المرأتين الأخريين يتعلق
بالأسرة، الأولى زوجة فرعون قيمتها وأهميتها أنّها قد ربّت في حضنها نبياً من أولي
العزم، موسى كليم الله وآمنت به وساندته لهذا انتقم فرعون منها. القضية قضية داخل
الأسرة مع هذا التأثير والشعاع العظيم للعمل الذي قامت به، حيث ربّت شخصاً كموسى.
وبشأن مريم الأمر كذلك: التي أحصنت فرجها فحفظت شأنيّتها وعفّتها.
وهذا يدلّ على وجود عوامل متعدّدة في البيئة الاجتماعية لمريم سلام الله عليها ؛
كان من الممكن أن تهدّد عفّة وشرف امرأة عفيفة وقد استطاعت أن تواجهها. لهذا فإنّ
هذه كلّها ناظرة إلى هذه الأبعاد المهمّة التي ذُكرت، البعد الأسري وقضية شأن
المرأة في المجتمع. لهذا فإنّ القضية مهمّة.
1- إحدى السيدات التي عرضت في
مستهل اللقاء تقريراً عن واقع المرأة.
2- سورة التحريم،الآية 10.
3- سورة التحريم،الآية 11.
4- سورة التحريم،الآية 12.
5- سورة التحريم،الآية 10.