الحرس الثوري : حضور فاعل في مختلف ميادين الثورة
النهوض والتقدم
الحرس الثوري : حضور فاعل في مختلف ميادين الثورة
عدد الزوار: 88
من كلمة
الإمام الخامنئي دام ظله في جامعة الإمام الحسين عليه السلام المناسبة: تخرج دفعة
من طلبة جامعة الإمام الحسين عليه السلام للضباط وكوادر حرس الثورة. ــ الزمان:
10/3/1390ش. 27/6/1432ق.ــ 31/5/2011م.
الحرس الثوري : حضور فاعل في مختلف ميادين الثورة
لقد وُلدت قوّات الحرس في أشدّ مراحل تاريخ هذا البلد حساسيّة وتعقيداً
وغموضاً. لم تكن الولادة سهلة، فمنذ بداية هذه المؤسّسة المباركة ونشوئها أُلقي على
عاتقها مسؤوليات ثقيلة. لم تكن ذخيرة الحرس في تلك الأيّام الأولى إلا الإيمان
والدافع والحماس الثوري. بالطبع، كان الشباب يمتلكون مختلف الكفاءات، فمنهم من جاء
من الجامعات، ومنهم من جاء من بعض المراكز العسكرية، ومنهم من كانت له سوابق شخصية
وكفاءات خاصّة. إلاّ أنّه لم تكن بأيديهم أيّة خبرة أو أداة مناسبة لذلك الميدان
الشاقّ. كان رأسمالهم الثمين والنفيس عبارة عن إيمانهم وحماسهم الثوري واستعدادهم
للجهاد وبذل الأنفس في هذا الميدان الصعب، وقد وُفّقوا لذلك. فلم يمرّ وقتٌ قصير من
حياة قوّات الحرس حتى بدأت المعارك الجدّية. فالشباب المؤمنون من مختلف أنحاء البلد
أو في طهران نفسها واجهوا ميادين الحرب الواقعية، فبداية عمليات الحرس كانت واقعية.
وفي الواقع كان عليهم أن يحملوا أرواحهم على أكفّهم وينزلوا إلى الميدان؛ وقد فعلوا
ذلك.
وببركة ذلك الحماس الثوري توفّرت جميع العناصر الضرورية الأخرى: اكتسبوا الخبرة،
وتفتّحت فيهم روحيّة الإبداع، وحصلوا على المعرفة والإحاطة بكلّ ما هو لازم. وفيهم
انبعث تيّار هادر على المستوى العلمي والمعرفي. وكلّ ما كان يلزمهم تعلّموه. وكلّ
ما كان ضرورياً لميدان الحرب، مادياً ومعنوياً، أوجدوه بابتكارهم وإبداعهم، ثم سطع
في ميادين الجهاد؛ سواءٌ في القتال على الثغور ضدّ الأعداء المعتدين، أم في المعارك
الجهادية الثورية في الميادين التي هاج غَيهَبُهَا وانطَمَسَت معالمها داخل
المجتمع؛ وقد وُفّقوا لذلك.
أولئك الرجال الصادقون النقيّون، الذين أرسوا قاعدة الحرس، وبنوا قواعد وبنيان هذه
المؤسسة المباركة، كانوا على هذه الشاكلة. فببركتهم تمكّن الحرس من إظهار وإثبات
نفسه في البلد كمؤسّسة ثورية فعّالة ومبتكرة ومصدّرة للطاقات الإنسانية إلى غيره من
الأجهزة. طوال هذه السنوات المتمادية 32 سنة ببركة هذه القاعدة الراسخة التي أوجدها
الرجال المؤمنون كان للحرس حضورٌ في مختلف الميادين، فسطع وأحسن العمل وأثبت بوضوح
تأثيره في مجريات حركة الثورة وتقدّم هذا المجتمع. بعض هؤلاء بالطبع، نالوا فيض
الشهادة وفخرها، والكثير منهم بحمد الله ما زالوا أحياء ولهم دورٌ مصيري. لكنّ
قضايا البلد وحاجاته إلى الطاقات الجهادية المُبدِعة والمُندَفِعة والمُنبَعِثة
ببصيرة تزداد يوماً بعد يوم. فالقاعدة المُتجدّدة بشكل دائم للحرس يجب أن تتشكّل في
هذه الجامعات نفسها، في هذه الجامعة، وفي التعامل مع الأحداث المختلفة. وهذه
القاعدة في يومنا هذا تتشكل منكم. فأنتم الذين تمثّلون مستقبل الحرس. أنتم الشتول
المباركة التي سيتكئ عليها وسينشأ منها البناء الراسخ في السنوات والعقود الآتية
ضمن الاختبارات والامتحانات المتنوّعة التي ستواجهونها؛ فأعدّوا أنفسكم لمثل هذه
الرسالة المهمّة والثقيلة.
إذا لم تكن الركائز في أيّة مؤسسة راسخة وسليمة، فإنّ البناء الذي سيتشكّل لن يكون
ثابتاً. فالبناء الراسخ للحرس طيلة هذه السنوات المتمادية كان ببركة الإيمان والسعي
الجهادي لرجالٍ بنوا القواعد الأساس للحرس، والله تعالى أعانهم؛ وأضحى ميدان الدفاع
المقدّس ساحة تجاربهم، وكان حضور الإمام الجليل وبركات كلماته مشعل دربهم دوماً؛
لهذا تمكّنوا من الوفاء الصحيح بهذه الرسالة. وأنتم عليكم اليوم أن تعدّوا أنفسكم
لبناء ذلك المستقبل.
وأنا أقول لكم: إنّه بموازاة تقدّم المجتمع، وبموازاة تطوّر الفنون والعلوم في
الحياة الإنسانية، وبموازاة الحركة التكاملية الطبيعية للإنسان، فإنّ عملكم مقارنة
بعمل من سبقكم في السنوات الثلاثين الماضية هو أهمّ وأعقد وأدقّ وأمسّ حاجة للدقّة
ولإظهار الاقتدار والابتكار الذاتي. كما أنّ ثورتنا اليوم والنظام الناشئ من هذه
الثورة بالنسبة للعقود الماضية بلغا درجات أعلى بكثير. رجال هذا النظام والمبدعون
المجاهدون فيه وفي صفوفه الأمامية يجب أن يكونوا بنفس هذا المستوى من التقدّم: أكثر
علماً وتهذيباً وشجاعة وبصيرة من السوابق الجليلة، وهو كذلك.
أقول لكم: إنّ شبابنا المؤمن البصير، وبسبب الأوضاع والظروف المشهودة في الحركة
التاريخية لشعبنا والحركة التاريخية للعالم، هم أكثر تقدّماً من شباب العهد الأول
للثورة. ففي ذاك العهد، أولئك الذين كانوا يبذلون أنفسهم في ميدان الثورة كانوا
يسيرون قُدُماً بالدافع الإيماني والاعتقاد بالمستقبل المشرق. لكنّ شباب اليوم يرون
بأمّ العين ذلك المستقبل. لقد أوفى الله تعالى بوعده لهذا الشعب. لقد وعد الرّب
المتعال أنّه لو تقدّمتم بالإيمان في ميدان السعي والجهاد فسوف يعينكم وينصركم:(إِن
يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ)1 ، فعندما يعين
الله وينصر، لا يمكن لأيّة قوّة أن تتغلّب عليكم. هذا وعد الله، وشعبنا وشبابنا
اليوم يشاهدون هذا الوعد بأمّ العين.
ضرورة إعداد النفس وتهذيبها
أعزّائي الشباب! أنتم من المصطفين لهذه الحركة الرائدة؛ فأعدّوا أنفسكم.
أنتم بحاجة إلى المعرفة فتعلّموا؛ بحاجة لتهذيب النفس فقوموا بذلك. إذا لم نهذّب
أنفسنا فإنّ زخارف الدنيا الخدّاعة ستُلهينا.
عندما ينسى السائرون هدفهم أثناء الطريق ويُلهيهم المقهى الموجود على الطريق وينسون
إلى أين يذهبون فإنّ خطراً عظيماً سيتهدّدهم. فالتفتوا إلى العلم وتهذيب النفس
والتجربة والانضباط في البيئة العسكرية؛ هذا الانضباط النابع من الدوافع المعنوية -
يقيناً - تأثيره أكثر بكثير من الانضباط الشكلي والتنظيمي. لحسن الحظ، فإنّ القوّات
المسلّحة اليوم في التشكيلات المختلفة سواء في الجيش أم في الحرس أم في القوى
الأمنية أم في مجموعة التعبئة العظيمة تتمتّع جميعاً بهذه الذخيرة المعنوية. إنّ
شبابنا اليوم في القوات المسلّحة يهتمّون بالمعنويات؛ وهذا ما يُعدّ فرصة عظيمة
تُبشِّر بمستقبل زاهر.