نعمة الشهادة
جمادى الأولى
الحمد لله الذي فتح لعباده أبوابَ رحمته، وأعطاهم من النِعَم أكثرَ مما يستحقّون وأمرهم بالشكر عليها ووعدَهم بالمزيد. وأفضلُ طريقٍ للشكر أداءُ حقِّ النعمة، وعدم التقصير في التصرفِ بها فيما يرضي الله عز وجل.
عدد الزوار: 320نعمة الشهادة
الحمد لله الذي فتح لعباده أبوابَ
رحمته، وأعطاهم من النِعَم أكثرَ مما يستحقّون وأمرهم بالشكر عليها ووعدَهم
بالمزيد. وأفضلُ طريقٍ للشكر أداءُ حقِّ النعمة، وعدم التقصير في التصرفِ بها فيما
يرضي الله عز وجل.
والنعمُ ماديةٌ ومعنويةٌ، ومن نعم الله المعنوية على أيِّ مجتمعٍ أو فئةٍ من الناس
أن يفتح الله لهم بابَ الجهاد في سبيله، والتوفيقِ للفوزِ بدرجة الشهادة لديه.
فالشهادةُ درجةٌ رفيعةٌ لأهلها وقد حدّثنا أئمة أهل البيت (عليهم السلام) عن القتل
في سبيل الله وأنّه فوقَ كلِّ بر، بل أعطى الله عز وجلّ له رتبة أشرفَ الموت الذي
يناله الإنسان، وكانت قطرةُ الدم التي تسقط الأحبَّ إلى الله عز وجل.
ويتحدّث الإمام الخامنئي (حفظه المولى) عن الشهادة فيقول:
"الموت هو للجميع، ونحن إذا
توفينا في سبيل اللَّه لم نفقد شيئاً بحسب الموازين المادية الظاهرية، والموت هو
المصير الذي لا مفرَّ منه لكلِّ واحدٍ منا.
وهذا المتاع سنفقده، لكنَّ فقدانه يكون على نحوين: الأول أن نضيَّعه، والثاني أن
نبيعَه، فأيُّهما أفضل؟
أولئك الذين لم يُقتَلوا في سبيل اللَّه قد أضاعوا أرواحهم، في المقابل لم يحصلوا
على شيء. بينما الذين قدّموا هذا المتاع في سبيل اللَّه وبذلوا أرواحهم لأجل
اللَّه هم الأشخاص الذين قد باعوا واستعاضوا بذلك، إن اللَّه اشترى أنفسهم وأموالهم
بأنّ لهم الجنّة.
علينا أن ننظر إلى الشهادة في
سبيل اللَّه من هذا المنظار، الشهادةُ هي موتُ الأذكياء الفَطِنين الذين لا يفقدون
هذه الروح بدون ثمن، فهي رأسمالهم الأصلي".
والشهادةُ بهذا تكون واحدةً من النّعم الإلهية التي لا بد وأن يتوجه الإنسان بالشكر
لله عز وجل عليها وقد ورد في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال:
"قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّه مَا هَذِه الْفِتْنَةُ الَّتِي أَخْبَرَكَ اللَّه
تَعَالَى بِهَا؟ فَقَالَ [رسول الله صلى الله عليه وآله] يَا عَلِيُّ إِنَّ
أُمَّتِي سَيُفْتَنُونَ بَعْدِي. فَقُلْتُ: يَا رَسُولُ اللَّه، أَولَيْسَ قَدْ
قُلْتَ لِي يَوْمَ أُحُدٍ، حَيْثُ اسْتُشْهِدَ مَنِ اسْتُشْهِدَ مِنَ
الْمُسْلِمِينَ، وحِيزَتْ عَنِّي الشَّهَادَةُ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيّ، فَقُلْتَ لِي
أَبْشِرْ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ مِنْ وَرَائِكَ؟ فَقَالَ لِي: إِنَّ ذَلِكَ
لَكَذَلِكَ فَكَيْفَ صَبْرُكَ إِذاً؟ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّه لَيْسَ هَذَا
مِنْ مَوَاطِنِ الصَّبْرِ، ولَكِنْ مِنْ مَوَاطِنِ الْبُشْرَى والشُّكْرِ".
فالمجتمع بكلِّ أطيافه عليه أن يتوجّه بالشكر لله عزّ وجلّ أن اختاره ليكون مجتمع
التضحية والشهادة، وكلَّما أدّى هذا المجتمع الواجب عليه من البذل فصدق في مواطن
الجهاد أعطاه الله عز وجل رفعةً ومنزلةً.
والمسؤولية الملقاة على عاتقنا جميعا أن نكون أهلا لهذه النعمة بأن نؤدِّي حقَّها،
ويتمثل هذا الحق أولا بالإحياء لذكرى الشهداء، وأفضل أسلوب لإحياء ذكراهم التعريف
بهم في سيرتهم ومسيرتهم، والبحث عن أفضل الوسائل لنقل تجربتهم الجهادية للأجيال
الآتية.
ويتمثل ثانيا بالإصرار على الاستمرار في خطهم ونهجهم حتى تحقيق الأهداف المَرجوَّة
التي بُذلت في سبيلها دماؤهم.
إنّنا كلما رُزِقْنا نصراً من عند الله عزّ وجلّ أدركْنَا أنّنا شاكرون لنعمِه لأنّ
النِّعم تزيد بالشكر.
وختاماً نسأل الله عز وجل أن يتقبل الشهداء جميعاً ولا سيما الشهداء القادة بأحسن
القبول لديه وأن يرفع في درجتهم ويجعلهم في منازل الصِّدّيقين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
2017-02-15