كلمة الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة رحيل الإمام الخميني (قدس)
2007
الإمام الخميني يفرض هوية "الجمهورية الإسلامية" في عالم السياسة
عدد الزوار: 101
كلمة
الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة الذكرى السنوية الثامنة عشر لرحيل الإمام الخميني
(قدس). الزمان: 14/3/1386هـ. ش ـ 18/5/1428هـ.ق ـ 4/6/2007م.
الإمام الخميني يفرض هوية "الجمهورية الإسلامية" في عالم السياسة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة
والسلام على سيدنا ونبينا أبي القاسم محمد وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين
الهداة المهديين المعصومين المكرّمين سيّما بقية الله في الأرضين.
الإمام الخميني يزداد حياة يوما بعد يوم وكذلك فكره ونهجه
قال الله الحكيم في كتابه: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ
اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ
وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا
وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)1.
إنه لمجلس عظيم، وأعظم منه ملايين الأفئدة في كافة أنحاء إيران، بل في شتى مناطق
العالم التي تنبض في هذه الأيام بحب الإمام في ذكراه.
وإن دلّ هذا على شيء فإنما يدلّ على عظمة تلك الشخصية التي استطاعت بفضل الله تعالى
أن تخلع على هذا الشعب، بل على الأمة الإسلامية، رداء العظمة.
لقد شبّه الله تعالى الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة المثمرة ذات الأصول الثابتة
والفروع الباسقة تلك التي ?تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا?.
إنّ الكلمة الطيبة هي كل فكرة تنبت في قلب كل إنسان عظيم وإلهي وتكون مصدر خير
وبركة للجميع، وهي كل عمل تتفتّق عنه جوارح الإنسان الصالح فيكون مَشْعَلاً على
الطريق لرشد وهداية البشرية.
كما أنّ الكلمة الطيبة هي ذلك الإنسان الذي صدرت عنه تلك الفكرة الحسنة أو ذلك
العمل الصالح، فصار مصداقاً له وتجسيداً. ثم يقول الله تعالى بعد هذه الآية:
( يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ
الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ )2.
إنّ القول الثابت يجعل صاحبه ثابتاً ومستقيماً. فالكلمة الطيبة هي القول والقائل
معاً، وهي الفكرة وما أنتجته الفكرة، كما أنها تلك الشخصية الإنسانية الفريدة التي
بها قوام تلك الفكرة وذلك العمل.
وكما ترون، فإن إمامنا العظيم يبدو وكأنه يصبح أكثر حياة يوماً بعد آخر، كما يغدو
أكثر شهرة وبروزاً ويصير فكره ونهجه أشدّ فَهْماً ووضوحاً في مجتمعنا وفي الأجواء
الدولية الإسلامية. فما الذي يقف وراء هذه الديمومة وهذه الاستقامة وتلك البركات؟
إنه الإيمان الخالص والعمل الصادق.
لقد كان إمامنا العظيم مصداقاً لهذه الآية الشريفة: (
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ
وُدًّا )3 فقد كان هدفه إلهياً، وكان سلوكه إيمانياً، وكان
عمله عملاً صالحاً. وهذا هو الذي يبقى لمثل هذه الشخصية العظيمة بلا مراء، كمثل
سلسلة الأنبياء والأولياء الإلهيين الذين رحلوا عنّا، سوى أنّ حقيقتهم وهويتهم ظلّت
حيّة خالدة.
العلاقة بالله سر خلود الرجال الإلهيين
إنهم يريدون أن يجعلوا من القادة الماديين رموزاً حية في ضمائر الجماهير، مستخدمين
في ذلك شتى أنواع الحيل والمخادعات، وهذا مستحيل.
لقد حنّطوا جسد لينين ـ القائد السوفيتي ـ حتى يظل ماثلاً أمام الأنظار، ولكنه
تلاشى.
إنّ تلك المومياء ـ وهي جسم بلا روح ـ وذلك الفكر وتلك القيم وتلك الذكرى قد كُتب
عليها الزوال جميعاً, سواء في مجتمعهم أو على صعيد العالم.
إنّ هذا هو الفرق بين الزعامة المادية والقيادة الروحية والمعنوية. والسبب في ذلك
يعود إلى مدى العلاقة بالمصدر الأصلي للقدرة، أي العلاقة بالله تعالى، بمعنى أن
يكون كل شيء منه وإليه.
إنّ هذا هو سرّ قوة وخلود ونفوذ الرجال الإلهيين.
سرعظمة الإمام الخميني (قدس) نكرانه لذاته
وسيظل الإمام خالداً انطلاقاً من هذه الفكرة وهذا المبنى.
لقد مضى أعداؤه وخصماؤه في الدين والسياسة وذهبوا بلا رجعة، ولكن الإمام العظيم
سيبقى خالداً في المجتمع الإسلامي والمجتمع البشري الكبير؛ بفضل فكره وشخصيته
ووجوده الحقيقي، بل إنه سيزداد تألّقاً وقوةً وتجسّداً بمرور الأيام.
إنّ هذا هو سرّ النفوذ المعنوي لإمامنا العظيم.
إنّ سرّ النفوذ العجيب لهذا الرجل العظيم ودخوله إلى قلوب الجماهير المسلمة الهائلة
في شتى بلدان العالم هو نكران الذات، وتجاهل المصلحة الشخصية، والاعتبار بوجود
الله، والاستلهام منه، والعمل في سبيله وله بكل معنى الكلمة. فهذا هو سرّ عظمة
الإمام الكبير وزعامته الروحية.
وهذا السرّ هو نفسه سرّ نفوذ الأنبياء وخلودهم، وإلاّ فإن بمقدور الجميع إتقان
المناورات السياسية ورفع الشعارات الطنّانة وخداع الجماهير، وليس ذلك على أحد
بعسير. ولكنّ مثل هذه الأمور ليست بتلك التي تجعل الزعيم المعنوي والروحي يهيمن على
الأفئدة أو أن يطرق بابها.
عمق ارتباطه بالله عَمَرَ قلبه بالسكينة والهدوء
إنّ سلطة الإمام لم تكن معنوية وشكلية، بل كانت على غرار حكومة الأنبياء، ولم تكن
أبداً كمثل حكومات الجبابرة والجائرين. ولهذا فإنكم عندما تتأملون في حياة الإمام
فإنكم تجدون أنّ تلك العلاقة والصلة بالله تُدخل على قلبه السكينة والهدوء.
لقد كنّا نراه هادئاً بينما يسيطر الهلع على الآخرَين. وكنّا نجده حازماً وحاسماً
عند تردّد وخَوَر الآخرين.
وها هو يقول في وصيّته مخاطباً الشعب الإيراني وكافة الشعوب المسلمة: أستودعكم الله
بروح هادئة وقلب مطمئن، ثم ينتقل إلى رحمته تعالى.
إنه يودّع هذا العالم بقلب مطمئن حتى وهو يعالج سكرات الموت.
الإمام الخميني (قدس) مستندا إلى الشعب تحمل تبعات الثورة
والنظام
لقد كان يطرق أذهان البعض: كيف أنّ الإمام رحل عن هذه الدنيا والتحق بالرفيق الأعلى
واستطاع أن يلقى الله بقلب مطمئن بلا أدنى قلق أو اضطراب, مع تبحّره في أحكام الدين
وما كان يوليه من أهمية لأرواح الناس وأموالهم، وكل هذا العدد الهائل من الشهداء
الذين ضحّينا بهم في الحرب المفروضة؟ وكانوا يتساءلون: من الذي يتحّمل مسؤولية كل
هذه الدماء المسفوكة؟ إنّ جواب الإمام عن كل هذه التساؤلات المثيرة هو: أنّ المسؤول
عن ذلك هو نفسه الذي كان مسؤولاً عن الدماء التي سُفكت في صفّين والنهروان.
وإنّ المسؤول عن كل هذه المشاكل والمعاناة هو بنفسه المسؤول عن كافة المحن والآلام
والمتاعب التي تحمّلها أمير المؤمنين في حياته.
إنّ هناك تبعات للثورة من أجل خلاص الشعب، كما أنّ ثمّة تبعات للحرب المفروضة لمدة
ثماني سنوات دفاعاً عن استقلال هذا الشعب، وللصمود في مواجهة المستكبرين وقوى
الاستكبار العالمي ـ إحقاقاً للحق ـ تبعات. وقد قام الإمام بتسديدها جميعاً متمثلة
في الثقة العامة للشعب.
لقد استثمر الإمام هذه الثقة واستفاد منها في ديمومة المواجهة، فمنّ الله عليه
بالثواب الأوفى والجزاء العظيم.
الشعب الإيراني يحقق أحلامه في الحرية والكرامة بالجهاد
والتضحيات
إنّ الجماهير التي احتشدت لتشييع الإمام إلى مثواه كان يفوق عددها عدد من جاءوا إلى
استقباله لدى عودته للبلاد، وهو ما يعني( من كان لله كان الله له) لقد كانت أفئدة
الناس تهوي إليه، ولم يكن الإمام يريد تلك الثروة لنفسه، فقد كان يعلم أنها لله
تعالى، ولابد أن تُنفق في سبيله، فأعادها الله عليه أضعافاً مضاعفة.
إنّ هذا هو الطريق إلى الله، ولهذا الطريق مشقّة وعناء، فعلى سالكه تحمّل ما يلقى
من تعب ونَصَب.
إنّ على الأمم والشعوب أن تتحمّل تبعات أحلامها وتحقيق كرامتها حتى ولو لم تكن تؤمن
بالدين ولا بيوم القيامة. وهكذا إذا كانت ترنوا نحو الاستقلال أو الحفاظ على حقوقها
في مواجهة المستكبرين في العالم، فلابد من تقبّل التبعات وتحمّل العواقب.
إنه لا يمكن تحقيق آمال التقدم والتنمية والعزة والسيادة ونحن قابعون في صمت
الزوايا المظلمة دون بذل الجهود في ساحات الجد والعمل، فهذا مستحيل.
إنّ البعض لا يُتقِنون سوى الشكوى والحديث عن النقائص والعيوب، فأنّى لهم أداء
دورهم في مسيرة التطور والتغيير؟
إنّ هذا هو الشيء الوحيد الذي لا ينبسون فيه ببنت شفة! إنهم يكتفون بدور المشاهد
عند العمل والكفاح، ثم يصبحون قضاة ظالمين بألسنةٍ حِدادٍ عند الحساب والمحاكمة،
وهو ما لا يصح.
إنّ على الشعوب أن تجِدّ في العمل والنضال إذا ما أرادت تحقيق طموحاتها العالية.
لقد جاهد شعبنا حق الجهاد، فحقق الانتصار لثورته, كما ضحّى بالغالي والنفيس طوال
ثماني سنوات من الحرب المفروضة حتى استطاع الخروج منها مرفوع الرأس.
لقد تكاتفت القوى العظمى، وسخّروا نظام البعث العراقي أملاً في القضاء على الثورة
وإبادة الجمهورية الإسلامية، لكن شعبنا وقف صامداً لا يتزحزح.
وكانت نتيجة هذا الصمود أن أيقن العالم بأن الإيراني إذا ما صمم على الدفاع عن
حقوقه وهويته، فإنه لن يعرف التقهقر ولا التراجع.
إنّ هذا الصمود الواعي وذلك العزم الأكيد هو الطريق الوحيد لتحقيق آمال الشعوب.
فلابد من الوعي، وأن نكون على بصيرة من حقوقنا، وأن نتقدم بقدم راسخة من أجل
إحقاقها.
إنّ من المستحيل استرداد الحقوق عن طريق التوسل والرجاء.
لقد كان الإمام يعرف القوى الكبرى حق المعرفة، ولم يكن من الممكن التوسل بها.
وطالما كان التوسل والرجاء هو الوسيلة، وكان التراجع هو الموقف، وكانت المداهنة هي
السلوك، فإن من طبيعة المتسلطين أن يعقّدوا أهواءهم، ويصعّدوا من تهديداتهم،
ويرفعوا من درجة غضبهم، ويشدّوا من هجماتهم.
إنّ الحق لا يُستردّ إلاّ بالقوة والإرادة. وهكذا استطاع الشعب الإيراني أن يستردّ
حقوقه المسلوبة، وأن يعزّز كرامته، وأن يحمي ثغوره، وأن يقيم في أرضه حكومة مستقرة
ذات سيادة، وأن يشعر بالقوة والتفوّق، وكل هذا بفضل صموده وجهاده العظيم.
أيها الأعزاء، أيها الشعب الإيراني، أيها الشباب الأعزاء، فلتكن ثقتكم بالنفس
عالية، ولتقدّروا أنفسكم، فلقد استطعتم اجتراح المعجزات، وسيكون ذلك من شأنكم أيضاً
في غد الأيام.
إنه لا قيمة لِمَا تريد القوى السلطوية منحه للشعوب. فهل يركع الشعب الإيراني
متوسلاً أمام الجبابرة والمستكبرين والمرائين حتى يمنحوه الحق في الحصول على الطاقة
النووية؟! كلا، فهذا لا يليق بشعب حر ومستقل.
وهكذا هي الحقوق الأخرى، فهي من هذا القبيل.
الإمام الخميني يفرض هوية "الجمهورية الإسلامية" في عالم
السياسة
وأما القضية الأخرى فهي: أنّ الإمام استطاع أن يفرض هوية جديدة على عالم السياسة
المغمور بالاضطرابات، وهي هوية الجمهورية الإسلامية في هذه المنطقة وهوية الشعب
الإيراني الحيّ, الذي استطاع إقامة هذه الجمهورية والحفاظ عليها والدفاع عنها.
إنها هوية إسلامية وهوية وطنية، وهي ليست حكراً على الشعب الإيراني.
إنّ الهوية الإسلامية هي هوية كافة شعوب الإسلام، ولقد استطاع إمامنا العظيم
استرجاع هذه الهوية بفضل إرادة وعزم الشعب الإيراني وأن يجعلها حيّة نابضة.
لقد كان الغرب قد أحكم سيطرته على هذه المنطقة منذ سنوات طويلة، وبعد الحرب
العالمية الثانية، كان بَسْطُ النفوذ على منطقة الشرق الأوسط على وشك بلوغ نهايته.
لقد كان الاستعمار قد بدأ في تنفيذ مشروعه السلطوي منذ سنوات، وكان يرى أنّ مشروعه
قد تكلل بالنجاح في تلك المرحلة.
فالعراق كان يرزح تحت السيطرة الاستعمارية بشكل ما، وإيران بشكل آخر، والبلدان
العربية من أمثال الأردن وسوريا ولبنان ومصر وسواها، كانت تعاني هي الأخرى بشكل أو
بآخر من سطوة السيطرة الاستعمارية ونفوذ المستعمرين الغربيين والأوروبيين ومن ثم
الأمريكيين.
ولتعزيز نفوذهم الاستعمارية، فإنهم زرعوا بذرة الكيان الصهيوني الغاصب في تراب هذه
المنطقة الحساسة؛ حتى يتأكّدوا أنّ الغرب له وجوده المحسوس وسيطرته العسكرية
والسياسية الفاعلة بفضل الصهاينة، وأنه يبسط يده على كل شيء.
لقد ظهرت حركات التحرر في عدد من البلدان في السنوات الأخيرة من النصف الأول وأوائل
النصف الثاني من القرن الماضي، ولكن الغربيين تمكّنوا من قمعها بسرعة وأن يسيطروا
على مساراتها. وهذا ما حدث في العراق بشكل من الأشكال، وفي بعض البلدان العربية
الأخرى بصورة أو بأخرى، وكذلك في مصر بنحو من الأنحاء، فلم يسمح الغربيون إطلاقاً
بأن تخرج هذه المنطقة الحساسة والغنية بالمصادر الحياتية عن سيطرتهم.
وفي مثل هذه الظروف فاجأتهم الثورة الإسلامية بالاندلاع. إنهم لم يكونوا يصدّقون
أنّ نهضة دينية بقيادة الإمام تتحوّل إلى مثل هذه الحركة الشعبية الواسعة. لقد نزلت
الجماهير الشعبية الإيرانية إلى الميدان متدفّقة بكل قوة، فاستطاعت إرادة الشعب
الإيراني والقيادة الحكيمة النادرة لإمامنا العظيم أن تجعل من هذا الحدث ما يشبه
المعجزة.
إنّ أحداً في عالم السياسة لم يكن يصدّق أنّ نظاماً يطل برأسه في هذه المنطقة فجأة
ـ ولا سيّما في إيران التي كانت خاضعة بحكومتها وبلاطها خضوعاً تاماً للنفوذ
الأمريكي ـ ثم يقيم دولة على أساس ومباني وأحكام الدين, حاملاً لواء الإسلام و(لا
إله إلا الله محمد رسول الله).
إنّ المتبحّرين في السياسة آنذاك أدركوا أنّ مصير هذه المنطقة قد تغيّر. وبالطبع
فإن المتسلطين حاولوا بكل ما لديهم أن يطفئوا نور هذه الشعلة وأن يقضوا على هذه
النهضة, وأن يئدوا هذا الوليد الجديد، غير أنّ العارفين ذوي البصيرة كانوا يعلمون
أنّ يد القدرة الإلهية آخذةً في الظهور.
لقد كان هذا البرعم اليانع ينمو وتمتد جذوره في الأعماق يوماً بعد يوم، إنه برعم
الجمهورية الإسلامية، وإنه هو تلك الكلمة الطيبة ? أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا
فِي السَّمَاء ?.
ركائز الجمهورية الإسلامية الثلاث: "الإسلامي"،
"الشعبية"، و"الخلاقية العلمية"
إنّ نظام الجمهورية الإسلامية هو أكثر الأنظمة استقراراً في المنطقة اليوم.
وإنّ الشعب الإيراني هو أشدّ شعوب المنطقة اليوم حماساً وعزماً ورسوخاً. وهكذا فإن
نظام الجمهورية الإسلامية استطاع خلال هذه المدة أن يمضي بخطوات واسعة محرزاً
تقدّماً عظيماً على كافة الأصعدة.
لقد ضخّ عناصر مهمة في ميادين السياسة وفي أدبيات السياسة الدولية، وأما على الصعيد
العالمي فقد استطاع تغيير المعادلة والتغلّب على ذلك الجمود الرهيب الذي كان
مسيطراً على هذه المنطقة وهذا البلد. لقد انبثقت الآمال الكبرى من صدور شبابنا،
وامتلأت نفوسهم بالثقة.
إنّ تقدم الحركة الشعبية الجماهيرية ومعها الحكومة نحو آفاق الطموح تمّ بقفزة
عالمية.
إنّ الحكومة التي تعاقبت على إيران منذ انتصار الثورة حققت انجازات باهرة بفضل
رجالها المخلصين، وغدت الجمهورية الإسلامية أشدّ تألّقاً، وصار الشعب الإيراني أكثر
مجداً وافتخاراً.
إنّ نظام الجمهورية الإسلامية والإمام العظيم والشعب الإيراني يتمتع بشعبية واسعة,
ويحظى بدعم كبير حيثما توجّهتم اليوم في دنيا الإسلام, وأنحاء الأمة الإسلامية, وفي
أوساط الشباب والجامعيين والجماهير الشعبية.
إنّ الشعب دائماً في الساحة، والنظام في طريقه للتطور، والبلاد تتقدم نحو أهدافها
وطموحاتها، وقلوب الشباب تنبض بالأمل.
ولكن علينا أن نعلم بأن استمرار وامتداد هذه الحركة المباركة منوط بالحفاظ على
قِيَمها وخطوطها الأساسية، وهو ما تميّز به حتى الآن كافة أبناء الشعب الإيراني
والأغلبية الكاسحة من النخبة في البلاد.
وإذا أردنا أن نضع أصابعنا على النقاط البارزة في تلك الخطوط الأساسية، فإنها ثلاث:
الإسلامية، والشعبية، والخلاّقية العلمية.
وللإسلامية مميزات مختلفة، ويُفهم من هذا المصطلح أبعادا عديدة لابدّ من الانتباه
إليها.
إننا نقول: بأن نظامنا إسلامي، أي أنه وثيق الصلة بالإسلام، ومحل اهتمام ورضا جميع
المسلمين، وأنه لا يختص بفرقة خاصة من المسلمين.
لا شك أنّ هذا النظام يستلهم من نبع المعارف الشيعية، وتأسّس بقيادة مرجع تقليد
شيعي، ومع ذلك فإن النظام الإسلامي لم يحصر نفسه بهوية مذهبية معيّنة، ولهذا نجد
أنّ الشباب من شتى المذاهب الإسلامية وفي كافة بقاع الإسلام صاروا من أنصار وعشّاق
هذا النظام, ودانوا لإسم الإمام بالتكريم والتجليل.
إنّ الشباب في البلدان العربية والعديد من الدول الإسلامية غير العربية في شرق
العالم الإسلامي وغربه تهفوا قلوبهم بالحب لإمامنا العظيم والجمهورية الإسلامية،
وهم على ذلك منذ ثمانية وعشرين عاماً.
إنّ الشباب من أهل السنة في فلسطين كإخوانهم من أهل الشيعة في لبنان يعقدون آمالهم
على نظام الجمهورية الإسلامية، وإنّ تعلّقهم بالجمهورية الإسلامية يوقظ في نفوسهم
الأمل.
كما أنّ ثبات واستقرار الجمهورية الإسلامية عزز في صدورهم الحلم والطموح.
إنهم يستمدّون كرامتهم من كرامة الجمهورية الإسلامية، وكلّما قام أحد مسؤولينا
الكبار بزيارة إحدى الدول الإسلامية، وتفقّد إحدى جامعاتها، أو حيّا جماهيرياً، فإن
الناس كانوا يَقْدِمون على مصافحته واحتضانه تعبيراً عما يختلج في نفوسهم من مشاعر
الحب والتقدير. وكلما كان موقف المسؤولين أكثر صراحةً ووضوحاً في التعبير عن مواقف
الجمهورية الإسلامية كلما ازداد حبّاً وإجلالاً في العالم الإسلامي.
وعلى هذا الأساس فإن الدين الإسلامي عندنا ليس مذهبياً، بل إنه يتجاوز الفِرَق
والطوائف، إنّ الغالبية من أبناء شعبنا وهم شيعة إمامية وعشّاق لأهل البيت عليهم
السلام ينظرون للجمهورية الإسلامية بنفس النظرة التي ينظر بها الأغلبية في العالم
الإسلامي من إخوانهم من أهل السنة ومن إخواننا الشيعة في العراق ولبنان وباكستان
والبحرين وغيرها من الأنحاء، كما أنهم على استعداد للتضحية بأرواحهم في سبيل
الجمهورية الإسلامية.
إننا نعرف الكثيرين من أبناء البلدان الأخرى الذين كانوا على استعداد للتضحية في
سبيل الدفاع عن الجمهورية الإسلامية خلال سنوات الحرب المفروضة.
إنّ الإسلامية تعني الانتماء للإسلام والقيام على أساس الشرع الإسلامي المقدس.
وأما البُعد الآخر لمصطلح (إسلامية) فهو: أننا نستقي قيَمنا الأخلاقية ونُظمنا
السياسية والاجتماعية والقواعد العامة للدين من الكتاب والسنة، ونتعبّد بها.
إننا نفخر ونعتزّ بالتعبّد بالكتاب والسنة، ونعتقد أنّ الفهم الصحيح لهما يمكن أن
يفتح آفاقاً واسعة أمام المجتمع الإسلامي وذوي الألباب النيّرة على صعيد كافة قضايا
الحياة المختلفة.
إنّ البعض يتصور أنّ التعبّد بالكتاب والسنة يحدّ من تجارب الإنسان ويقف عائقاً
أمام امتداد وتجدد الخبرة البشرية. وهذا نابع من الفهم الخاطئ للكتاب والسنة، ولا
يعدو أن يكون عاميّاً وسطحياً.
إنّ النظرة العلمية الثاقبة للكتاب والسنة يمكن أن تفتح أبواباً وسبلاً واسعة أمام
الإنسان من أجل الارتقاء بنفسه وبمجتمعه وجوانب حياته المختلفة، وأن يكتشف آفاقاً
جديدة للعيش الرغيد.
وأما البعد التالي فهو: أنّ بمقدور الاجتهاد الإسلامي تلبية جميع المتطلبات، كما
أنّ بوسع الدعامة العلمية للفقهاء والمتكلمين والفلاسفة والمشتغلين بالعلوم
الإسلامية أن تفتح هي الأخرى آفاقاً جديدة للحياة.
وأما الخط الأساسي الثاني، فهو الشعبية.
إنّ الشعبية فرع أصلي في نظام الجمهورية الإسلامية، أي أنّ صوت الشعب وهويته
وكرامته ومطالبه تعدّ من العناصر الأساسية في نظام الجمهورية الإسلامية وهذا الصرح
المشيد.
إنّ صوت الشعب هو الذي يحدد المسار. وكذلك فإن احتياجات المواطنين هي الهدف الأساسي
لحكومة ونظام الجمهورية الإسلامية، وهي بالطبع احتياجات مادية ومعنوية وأخلاقية
وروحية.
وكما أنّ الوضع الاقتصادي للمواطنين يحظى بأهمية خاصة في نظام الجمهورية الإسلامية،
فكذلك هو الوضع الأمني والصحي والجسمي والأخلاقي والحفاظ على المؤسسات المدنية
والنظام العائلي.
إنّ الجمهورية الإسلامية تعتبر نفسها مسؤولة عن توفير كل هذه المستلزمات، وللجماهير
كلمة الفصل بكل ما للكلمة من معنى، خلافاً للديمقراطية الشائعة في الغرب
والليبرالية الديمقراطية الفاشلة والمفضوحة في الدول الغربية.
إنّ الديمقراطية الغربية لا تمتّ لصوت الجماهير بصلة، بل إنها من ترتيب الأثرياء
وأصحاب رؤوس الأموال، وحتى أنها لا تمتّ بصلة لصوت أعضاء الأحزاب، فأزمّة الأمور
هناك بِيَد رؤساء وزعماء تلك الأحزاب.
إنهم هم الذين ينصّبون الحكومات ويسقطونها، وإنهم هم الذين يتخذون القرارات
المصيرية.
إن المواطنين العاديين لا دخل لهم في أغلب القرارات الكبرى، فهم بعيدون عن دائرة
القرار، ولا أحد يوليهم أهميةً تُذكر، فهم يشغلونهم بالقضايا الجانبية ومشاكل العمل
حتى لا يجدون الفرصة للتعبير عن آرائهم.
إنّ النظام الاستبدادي والديكتاتوري المصاغ على نسق حديث ومتطور للغاية هو الحاكم
اليوم في الكثير من البلدان الغربية وعلى رأسها أمريكا.
إنّ الشعوب هناك ـ كـ(بشر) ذوي إرادة واختيار ـ لا دور لها في انتخاب الحكومات، بل
إنّ الثروة وقدرة الأغنياء وأصحاب رؤوس الأموال هي التي تتحكّم في مصير تلك الشعوب
وتتجه بقطار الحياة إلى حيث ترغب وتريد.
إنّ نظام الجمهورية الإسلامية يرفض تلك الديمقراطية القائمة على أساس مبادئ الغرب
الخاطئة.
فالديمقراطية الدينية تعني الكرامة الحقيقية للإنسان والحركة العامة للمواطنين في
إطار الدين الإلهي وليس في إطار التقاليد والسنن الجاهلية وأطماع الشركات
الاقتصادية, والقِيَم التي يضعها العسكر وطلاّب الحروب.
إنّ الحركة في النظام الإسلامي تتنافى مع كل ذلك، فهي حركة في إطار دين الله، كما
أنّ إرادة الشعب هي التي تحدد المصير بامتياز.
واليوم، فإن الأنظمة الغربية وعلى رأسها أمريكا تريد فرض تلك الديمقراطية الهزيلة
الفاشلة بالقوة على بعض البلدان.
إنهم لا يقبلون بالحكومة الفلسطينية المنُتخبة من المواطنين، كما أنهم يختلقون شتى
أنواع المشاكل للحكومة العراقية التي تشكّلت بناءً على انتخابات شعبية بمعنى
الكلمة، ويساندون الانقلابات العسكرية وقادتها بشرط أن يكونوا خاضعين لنفوذهم، ومع
ذلك فإنهم يرفعون شعار الديمقراطية!
وأما الخاصيّة الثالثة فهي: الخلاّقية. وهنا أودّ أن أوصي نخبنا السياسية والثقافية
بكل إصرار: أن يعملوا على إيضاح المبادئ الإسلامية كما وردت في الكتاب والسنة، وأن
يفنّدوا الإثارات القادمة من الخارج, أو التي تبدر ربما من الداخل, ويتخذوا موقفاً
إزاءها.
إنّ من السيّئ جداً أن يسعى بعضنا لتطبيق الفكر الإسلامي على النظريات الغربية؛
بسبب انبهارهم بالغرب وشعورهم بالضّعة أمام الغربيين، فهذا أمر ليس مناسباً ولا
لائقاً.
إنّ لدينا اليوم معارفنا الخاصة، كما أنّ لأدبياتنا السياسية جمهوراً عريضاً في
العالم.
إنّ البعض ممن تنبض قلوبهم بحب المفاهيم الغربية يجعلون من الفكر الغربي مقياساً
يَزِنون عليه أصول الحكم والقواعد الاجتماعية المختلفة في الإسلام, طلباً لرضى
الغربيين ومن أجل أن يخطبوا بذلك وُدّ الغرب.
إنّ علينا التفكير في كيفية إطلاع العالم على هذه الخلاّقية العلمية الإسلامية,
التي آتت أُكلها حتى الآن بسخاء ووضوح, رغم ما كان لدينا من نقائص في هذا المجال.
إنّ التوّاقين لمعرفة العلوم المعنوية الحقّة والصحيحة كثيرون ولا حصر لهم في
العالم، وعندما نقول المعارف المعنوية الصحيحة فإننا لا نقصد بالطبع ما تقدّمه بعض
المذاهب المنحرفة من معارف معنوية خاطئة.
إنّ الحياة المادية وتحكّم الآلة في دقائق الحياة اليومية أصاب الناس بالإحباط
وأفقدهم صوابهم.
وإنّ بمقدور الدين الإسلامي أن يفتح نافذة من الأمل أمام البشرية, وأن يطلعهم على
آفاق جديدة للحياة. ويجب علينا ألاّ نطبّق الحقائق الإسلامية والخلاّقية العلمية
الإسلامية على القِيَم الخاطئة للآخرَين لدى إعلام هذه الحقائق والتبليغ عنها؛ لأن
هذا يقضي عليها ويشوّه ملامحها الناصعة.
إننا لا نشعر بالعار في الأخذ من الآخَرين، فبوسعنا أن نتعلّم منهم ما لا نعرف, وأن
نتقبّل ما لديهم من أفكار صائبة، وهو ما يحثّنا عليه الإسلام، ولكن عندما نريد أن
نتحدث عن الإسلام فلابد أن يكون هو الإسلام الأصيل.
الشعب الإيراني حقق إنجازات كبرى بالرغم من مختلف
التحديات والتهديدات
أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، إنني أودّ أن أقول بإيجاز: أنّ هذه الهوية الجديدة
التي جاء بها إمامنا العظيم جعلت العالم كله يشعر بالدهشة. فعندما استطاع الصمود
طوال سنوات الحرب المفروضة وإحراز النصر المكلل باسمنا ـ أصحاب الهوية الجديدة ـ
فإن العالم أصيب بالدهشة من جديد، وعندما تمكّن من إثبات قدرتنا على التقدم العلمي
في قضية الطاقة النووية والمجالات العلمية الأخرى، فإنه لفت أنظار كبار العلماء
وأثار حيرتهم وإعجابهم.
أقول لكم أمامكم طريقاً طويلاً يحفّه النجاح من كل جانب.
إنّ الذي حققه الشعب الإيراني من مكاسب وإنجازات حتى الآن لا يعدّ شيئاً إذا ما قيس
بما عليه تحقيقه في الغد الآتي إن شاء الله، وكل ذلك بفضل صموده ووعيه وطموحه.
إنّ مستقبله سيكون أزهى من ماضيه كثيراً.
إنّ إمبراطورية الدعاية الخبرية وأجهزة الإعلام التي يديرها الأعداء تحاول اليوم
تقديم صورة خاطئة ومشوّهة عن الشعب الإيراني والجمهورية الإسلامية، ولكن الحقيقة هي
أنّ الشعب الإيراني حقق الغلبة والنصر على ما واجهه من تهديدات وتحدّيات طوال
السنوات الثماني والعشرين الماضية. لقد استطاع الشعب الإيراني أن يحافظ على هويته
وأهدافه أمام الضغوط المختلفة، كما تمكّن من الوصول إلى المراتب الأولى على طريق
التقدم العلمي والتقني والحقول الاجتماعية والسياسية والدولية، وكل ذلك بفضل ما
يميّزه من صبر عظيم وثبات راسخ، وبهذا أصبح أسوة للشعوب المسلمة في المنطقة.
إنّ الشعوب تستلهم عظمتها من صمود الشعب الإيراني، وتعتبر كرامتها من كرامته.
إنّ هذه هي الهوية التي جاءت بها الثورة الإسلامية بفضل ثبات ذلك الرجل العظيم
وإرادة الشعب الإيراني.
مسؤوليات جسام ينبغي بذل الوسع من أجلها
إنّ على كاهلنا مسؤولياتٍ جساماً لابدّ من تحمّلها؛ وكذلك هم المسؤولون. وعلى
المواطنين توخّي العدل والإنصاف فيما يريدونه من رجال الدولة.
إنّ على الجميع أن يبذلوا المساعي الحثيثة لتوفير العدالة الاجتماعية، وهي مهمة
عسيرة للغاية.
لقد قلت في مطلع هذا العام الجديد: إنّ القضية الاقتصادية تعتبر من أهم القضايا في
البلاد. كما أنّ الحرب النفسية التي يزاولها العدو تحظى هي الأخرى بأهمية خاصة. ثم
تأتي قضية التطور العلمي كأمر ثالث وهي من الأهمية بمكان بالنسبة لشعبنا.
إنّ على مواطنينا الأعزاء والناشطين الاقتصاديين بذْلَ قصارى جهدهم في شتى
المجالات, وعلى صعيد الاستثمار والعمالة والتقدم التقني والصناعي والتنمية
الزراعية.
بالوعي والتضاىمن الأخوي نواجه الحرب النفسية
إنّ على الجميع التحلّي بالوعي إزاء الوحدة الوطنية ومواجهة الحرب النفسية التي
يقوم بها الأعداء.
وإنّ بمقدور الشعب الإيراني تجاوز هذه الأخطار بإذن الله تعالى, وأن يُحبط ما
يدبّره العدو.
إنّ العدو يحاول استغلال ما يفرّق بين أبناء شعبنا الواحد، فهو يضخّم بعض الخلافات
أو يعمل على خلقها.
إننا على موعد مع الانتخابات في نهاية هذا العام، وإنّ العدو يتصور أنّ بمقدوره
دقَّ إسفين التفرقة والاختلاف بين أبناء شعبنا بواسطة التحدّيات الانتخابية. ولكننا
بحول الله وقوّته سنجعل من الانتخابات البرلمانية القادمة وسيلة أخرى لعظمة ورفعة
هذا الشعب.
ضرورة التضامن الأخوي بين الأمة الإسلامية سنة وشيعة
إنّ التضامن الأخوي بين أبناء الشعب أمر ضروري، ولكنه ليس كافياً، فالتضامن الأخوي
لابد وأن يكون بين الأمة الإسلامية والدول والشعوب الأخرى فضلاً عن التآلف فيما
بيننا على الصعيد الداخلي.
إنّ إشعال فتيل الحرب بين الشيعة والسنة لمن المؤامرات الكبرى التي يخطط لها
الأعداء. إنهم يأتون بفرقة متعصّبة ومتحجّرة تجهل كل شيء عن حقائق هذا العالم, ولا
تدري شيئاً عن القِيَم المعنوية ويزجّون بها إلى ساحة الصراع ضد الفرق الإسلامية،
في العراق ولبنان وسواها من البلدان كل منها بصورة أو بأخرى، وذلك بهدف إيجاد
الفُرقة والتنازع والاختلاف.
إنّ الأشقّاء المسلمين سواء أكانوا في إيران أو العراق أو باكستان أو لبنان أو
فلسطين أو في بلدان العالم الأخرى، وأيّاً كان مذهبهم، يعلمون جيداً أنّ رأينا ورأي
علماء الإسلام الحقيقيين هو: (إنّ تلطيخ الأيدي بدماء الأخوة المسلمين لمن الذنوب
التي لا تُغفر).
إنّ البعض يلطّخون أيديهم بدماء إخوانهم المسلمين بإسم الالتزام بالإسلام، وتحت
شعار الانتماء للإسلام. وهذا خروج عن الإسلام.
إنّ على الجميع أن يعلموا بأن أُخوّة الشعب الإيراني مع الشعوب المسلمة الأخرى هي
أُخوّة صادقة وحقيقية، وبعيداً عن الخلافات المذهبية ـ فالشيعي شيعي والسنّي سنّي ـ
وهناك خلافات فكرية ومذهبية بين الطائفتين، فإن على هؤلاء جميعاً أن يكونوا إخوة
متحابّين تحت لواء (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وأن يقفوا صفّاً واحداً في وجه
أعداء الإسلام وخصماء الأمة الإسلامية.
اللهم احشر إمامنا العظيم مع النبيين، واجعلنا نعرف قيمة تراثه المعنوي النفيس وقدر
شخصيته الفريدة.
اللهم انصر الشعب الإيراني، وتفضّل عليه بالعزة والرخاء.
أللهم اجعل هام الأمة الإسلامية العظيمة مرفوعاً بكل ما أوليتها من نِعَم وكرامة،
وزِد في تآلفها واتحادها يوماً بعد آخر.
اللهم واحفظ جميع الأخوة من أنصار نظام الجمهورية الإسلامية وعشّاق إمامنا المحبوب
الراحل حيثما كانا في هذا العالم، وارضِ عنا قلب وليّ العصر، الإمام المهدي،
أرواحنا فداه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
1- سورة إبراهيم، الآية: 24،
25.
2- سورة إبراهيم الآية: 27.
3- سورة مريم، الآية: 96.