يتم التحميل...

التقدم والتطور بين الدين والإلحاد

شبهات حول الدين

يدعي البعض أن الدين كان سببا للعديد من المآسي والويلات على المستوى الاجتماعي ويعتبر أن العديد من الحروب والتي أدت إلى تدمير الحجر والبشر جرت بإسم الدين وبمباركة منه

عدد الزوار: 226

يدعي البعض أن الدين كان سببا للعديد من المآسي والويلات على المستوى الاجتماعي ويعتبر أن العديد من الحروب والتي أدت إلى تدمير الحجر والبشر جرت بإسم الدين وبمباركة منه ,كذلك فقد ادعوا أن كل التخلف والتأخر عن سير التطور والتقدم والحضارة يرجع سببه إلى الدين وفي نفس الوقت اعتبروا أن كل تقدم وتطور على المستوى العلمي يرجع إلى التحرر من الدين ومن فكرة الإله وما يستتبعهما من الاعتقاد بالخرافات الناشئة عن جهل الإنسان بالحقائق العلمية. فهل أن الدين سبب لكل تخلف وتراجع على المستوى العلمي والحضاري؟ وهل أن الإلحاد سبب للتقدم والتطور ؟ أم أن حركة المجتمعات لا علاقة لها بالدين والإلحاد بقدر ما لها علاقة بسعي البشر وجهدهم بغض النظر عن معتقداتهم ؟

من المهم وقبل التعرض لصلب الموضوع أن نشير إلى أن العديد من الحروب كان قادتها من الملحدين وقد أدت إلى قتل الملايين من البشر فضلا عن باقي الآثار والتبعات التي تركتها تلك الحروب وهذا يعني أن الأطماع الاقتصادية والسياسية والجغرافية كانت السبب في هذه الحروب والتي كان قادتها من الملحدين.

كذلك فإن أتباع الأنبياء والديانات قد لاقوا أشد أنواع التعذيب في التاريخ القديم من قبل الحكام الرومانيين وغيرهم وقد جرت أبشع المجازر على أيدي هؤلاء الحكام وتم التنكيل بأتباع الديانات أشد التنكيل لسبب واحد لا غير هو إيمانهم بالله تعالى.

ولنعد إلى دراسة علاقة الإلحاد بالتقدم وعلاقة الدين بالتأخر كما يدعي الملحدون والبحث يقع ضمن نقطتين أساسيتين:
الأولى: هل أن الواقع يشير إلى أن التقدم أينما حل فإنما يكون بسبب الإلحاد وأنه أينما حل الدين يحل التخلف والتراجع؟
الثانية: وبغض النظر عن نتيجة البحث في النقطة الأولى هل يوجد في الدين بشكل عام ما يدعو إلى التخلف وهل يوجد في الإلحاد ما يدعو إلى التقدم والتطور؟وبعبارة أخرى ما هي نقطة القوة لدى الإلحاد والتي كانت سببا للتقدم حسب ادعائهم؟ وما هي نقاط الضعف في الدين والتي أدت إلى تخلف أهل الدين حسب قولهم؟

بالنسبة إلى النقطة الأولى فإن نظرة سريعة إلى الواقع يظهر عدم صدق القاعدة التي يحاول الملحدون تثبيتها من ربط التقدم بالإلحاد إذ أن هناك العديد من الدول الإلحادية تعتبر متخلفة بالنسبة إلى مقياس التقدم العلمي كما أن هناك العديد من الدول المتقدمة علميا وتعتبر من الدول الأولى في هذا المجال وهي في الواقع دول غير الحادية بغض النظر عن الدين الذي تتبعه تلك الدول فما يهمنا في بحثنا أنها دول متقدمة علميا مع أن شعوبها تنتمي إلى دين يؤمن بالله تعالى! والنتيجة أنه لا علاقة بحسب دراسة الواقع للتقدم بالإلحاد بقدر ما له علاقة بمجموعة عوامل أخرى من قبيل ثقافة الشعب وطبيعته وإدارته وقد نجد دولا تنتمي إلى نفس الدين بعضها متقدم وبعضها متأخر علميا وذلك أن طبيعة الشعبين مختلفة عن بعضها البعض.

أما بالنسبة لما يتعلق بالنقطة الثانية وهي البحث عن عوامل التقدم والتخلف في التدين والإلحاد فيمكن تلخيص البحث في عدة نقاط (كملخص عما يروجه الملحدون) من أن الدين يقيد الإنسان بمجموعة من المعتقدات التي تسبب التخلف في حين أن الإلحاد يحرره منها:

- فكرة الإله (الإيمان بالله): إن أولى معتقدات أي منتم إلى أي دين هي الإيمان بالله تعالى وأن وراء هذا الوجود علة أحدثته وخلقته وتدبر أموره وشؤونه وأن هذا الإله مطلع وعالم بأفعال الانسان وما يقوم به وأنه سيحاسبه في نهاية المطاف على إسائته أو إحسانه وأنه أرسل الرسل لهداية الانسان الى طريق الصواب وابعاده عن الضلال والغي....

والسؤال الموجه الى الملحدين أنه: كيف يمكن أن يؤدي الايمان بالله تعالى الى التخلف عن ركب الحضارة وبالتالي يؤدي التحرر من الايمان بالإله الى التقدم والتطور ومواكبة سير الحضارة العلمية.

وقد يقال أن الايمان بالله تعالى باعتباره محور الوجود والكون يهمش الانسان ويلغي دور العقل في حين يصبح الانسان محور الكون ويحتل عقله مرتبة أعلى الهرم في حال تحرر الانسان من فكرة الألوهية وبعبارة أخرى أن الالحاد يجعل من العقل سيدا وحيدا في الكون يسخر سائر الموجودات فيما يجعل الدين من الانسان عبدا للاله ومن الواضح أن ما ينجزه السيد يختلف بدرجات عما ينتجه العبد فلو حررنا الانسان من فكرة الإله واعتبرنا أنه المسؤول الوحيد عن نفسه فإنه سيؤدي دوره بطريقة مختلفة تماما فيما لو كان عبدا تحت الوصاية والرعاية الالهية!ويمكن أن نوضح الفكرة من خلال المقارنة بين قدرة الولد الذي يتربى في حضن والده على مواجهة صعوبات الحياة ومشقاتها وبين قدرة اليتيم الذي يفقد أباه فيبادر الى تحمل المسؤولية بنفسه!

مناقشة الفكرة: يظن الملحدون أن الأمر دائر بين أن نحمل مسؤولية العالم الى الله أو أن نحملها الى الانسان فإن قلنا بوجود الله تعالى ينتفي دور الانسان والعقل بخلاف ما لو أنكرنا وجود الله ونفينا دوره فإن العقل الانساني سوف يحل مكانه وقد رفع الملحدون جملة "لا إله إلا العقل" شعارا مقابل شعار المتدينين "لا إله إلا الله"!والحقيقة أن الملحدين قد حاصروا أنفسهم بين خيارين مع سعة الخيارات وذلك لسببين : الأول هو عدم قدرتهم على التوفيق بين فكرة الايمان بالله ومسؤولية الانسان نتيجة لضيق الأفق لديهم ,والثاني أنهم لم يطلعوا على النصوص الدينية جيدا مما أحدث لديهم فهما خاطئا للدين والذي قدم تصورا واضحا وقويا عن دور الانسان في ظل الإيمان بالله تعالى اضافة الى ذلك فهم لم يقرؤوا التجارب الدينية في قيادة المجتمعات من قبل قادتها الأصليين والأصيلين وأصروا على محاكمة الدين من خلال بعض التجارب التي جرت بإسم الدين والدين بريء منها!

2016-12-27