الرد على شبهات الوهابية
كيف نرد على شبهات الوهابية؟
هل من الشرك طلب الحاجة من الرسول والإمام وطلب الشفاء بالتربة والسجود عليها وعمل القبب والمقامات أم لا؟
عدد الزوار: 203
هل من الشرك طلب الحاجة من الرسول والإمام وطلب الشفاء بالتربة والسجود عليها وعمل
القبب والمقامات أم لا؟
ينقسم هذا السؤال إلى عدّة أقسام:
1- طلب الحاجة من النبي والإمام شرك أم لا؟
2- طلب الشفاء بالتربة شرك أم لا؟
3- السجود على التربة شرك أم لا؟
4- عمل القبب والمقامات شرك أم لا؟
ونحن نضيف إليها سؤالاً آخر وهو هل أنّ احترام وتعظيم القبور شرك أم لا؟
مقدمة لتوضيح المقصود:
لما كان الجواب عن هذه الأسئلة يتوقف على فهم معنى الشرك وأقسامه وآراء وعقائد
العرب وغير العرب حين ظهور الإسلام ليعرف أيّ الآراء والمعتقدات حاربها القرآن
والإسلام، كان لا بدّ أن ندخل هذا البحث بنسبة ما فإذا أراد القرّاء المزيد من
التفصيل فليراجعوا كتب الملل والنحل التواريخ والسير.
معاني الشرك
من معاني الشرك:
- الشرك في الذات وهو الاعتقاد أن للعالم مبدأين قديمين أزليين
- الشرك في العبادة ويعني عبادة أكثر من إله وتقديس آلهة أو صورة كمن يعتقد أنه لا
يمكننا أن نعبد الله العظيم ونحن بحاجة في العبادة إلى واسطة نعبدها وتقرّبنا إلى
الله
نظرة الى واقع العرب وشركهم :
في أوائل مِلك شابور صار عمرو بن لجي كبير قومه في مكّة واستولى على الكعبة ثم سافر
إلى الشامات فرأى في مدينة البلقاء قوماً يعبدون الأصنام فسألهم عن ذلك فبيّنوا له
آراءهم فأعجبته وطلب صنماً فقدموا له هبلاً فأتى بهذه الهدية من الشام إلى مكّة
ووضعه في الكعبة ودعا الناس إلى عبادتها إلى أن شاعت عبادة الأصنام في مكّة واتخذت
كلّ قبيلة من العرب صنماً لها يعبدونه وجعلوها وسائل وشفعاء عند الربّ العظيم
يتلمّسون حاجاتهم منها.
قبائل العرب وأصنامها:
والأصنام هي: ود وسواع ويغوث ويعوق ونشر واللات والعزّى ومناة وهبل وإساف ونائلة.
ود لقبيلة كلب كان في دومة الجندل، وسواع لهذيل ويغوث لمذحج وقبائل اليمن ونسر لذي
كلاع ويعوق لهمدان واللات لبني ثقيف وعزى لقريش وبني كنانة وقوم من بني سليم ومناة
للأوس والخزرج وغسان. ونصب هبل على سطح الكعبة، كان صنماً كبيراً. وأمر عمرو بن لجي
بوضع أساف ونائلة على الصفاء والمروة وكان لبني ملكان من كنانة صنم يقال له سعد.
وكانت هناك طوائف أخرى لها اعتقادات أخرى بعضها يهود وبعضها نصارى وطائفة من
الصابئة وقوم عبدوا الملائكة وآخرون عبدوا الجن واعتقدوا أنهم بنات الله.
مع من كانت مواجهة الإسلام والقرآن؟
نذكر نماذج من الآيات الكريمة ثم نبيّن الفرق بين المراسم والآداب التي يأتي بها
الشيعة بل جميع المسلمين بل جميع المتديّنين بدين بل جميع العقلاء سواء أكانوا
أصحاب دين أم لم يكونوا وبين الذي واجهه الإسلام والقرآن حتى يعلم غباء وجهالة وما
يسعى إليه هؤلاء المرخى عنائهم وليعلم الجميع من هم كذبة وخونة هذه الأمّة والبلد
وأدع الحكم للإيرانيين ذوي اللسان الفارسي والذين كتبت هذه الأوراق لمصلحة دينهم
ومذهبهم ووطنهم، كي يحكموا على أساس وجدانهم الطاهر وفطرتهم السليمة ثم بعد وضوح
الحق أوكل إلى همّة الرجال والشباب الغيورين المتديّنين جزاء هؤلاء الذين يتحدّثون
عن مذهب الأمّة بكلام فارغ ليضعفوه والذين لم يدعوا شيئاً من مقدّساتها الدينية حتى
تطفأ نار الفتنة التي انطلقت من بيوت «فارس» وأتباع زردشت ومزدك. وإذا تساهلوا في
ذلك فسنرى هذه الحثالة التي أوقدت بيوت النار المجوسيّة تدعوكم إلى الزردشتيّة نحن
نعرف تماماً مصدر هذه الآراء المسمومة ونعرف بدقّة ما يرمون إلهي وعرفنا متأخراً أن
هذه الهذيانات قد صدرت من دماغ صغير غبي في مقابل إحساسات 4 مئة مليون متديّن. وفي
موقعه فيما يأتي عن قريب سنسلّط الضوء على عارهم حتى تتنبّه الدولة والناس إلى
أفكار هؤلاء.
نماذج من الآيات في ردّ الدهريّة:
لما كان أكثر الإيرانيين والعرب والهنود في ذلك الزمان من عبّاد الأصنام وقلَّ وجود
الدهريين والماديين فكانت الآيات القرآنية الواردة في مواجهة الدهريين قليلة وكانت
أكثر الآيات ضدّ عبادة الأصنام. ونكتفي بذكر نماذج من هذه الآيات بالنسبة إلى كلّ
طائفة من طوائف المشركين التي تقدَّم ذكرها ومن أراد المزيد فليراجع القرآن الكريم.
وقد ورد في سورة:
﴿وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ
وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ
إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ﴾ [الجاثية: 24] في ردّ طائفة من العرب كانوا يعتقدون
بذلك (الدهريّة) أيام الجاهلية فليراجع آراء العرب في ذلك الزمان. وبعض الآيات
الواردة للناس إلى فطرتهم والداعية إلى التفكير يَصلح لردّ هذه الطائفة.
ممّا ورد في الآيات في الردّ على القائلين بتعدّد الإله:
وقد وردت في القرآن آيات كثيرة ترد بشكل عام على المشركين القائلين بإلهين أو أكثر
وآيات تثبت التوحيد ففي:
﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا
فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ [الأنبياء: 22] ورقم 24:
﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ﴾. وبهذا المضمون
سورة التوحيد وآخر سورة الحشر وكثير من الآيات الأخرى وفي الآيات التي نزّهت وقدّست
الله ن ما نسب إليه من أوصاف ردّ على مذهب الثنوية والمزدكية فلتراجع آراؤهم كما
أنّ الآيات الواردة في إبطال رأي المشركين شاملة لهذه الطوائف.
ممّا ورد من الآيات في الردّ على عبادة الكواكب:
كثيرة هي الآيات التي تعرّضت للشرك في العبادة وللشرك بشكل عام وردت عليه. وهي آيات
أيضاً تشمل ما نحن فيه كما ورد في خصوص محلّ الكلام آيات أيضاً. مثال ما في:
﴿فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا
أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ * فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ
هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ
الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي
هَذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا
تُشْرِكُونَ﴾ [الأنعام: 76 – 78] فإبراهيم رفض عبادة الكواكب والقمر والشمس ببرهان
الغروب الذي هو من خواصّ الممكن وقد نقل القرآن برهان إبراهيم من أجل إبطال قول
مشركي العرب.
من الآيات الواردة في الردّ على عبادة الأصنام:
لما كان المشركون العرب في أغلبيتهم – كما أشرنا – من الوثنيين كانت الآيات في
أكثرها مهتمة بهذا الأمر وتصدّت غالباً لإبطال مذهبهم وقد وبّخهم القرآن في كثير من
السور وببيانات مختلفة.
﴿وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ
يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ
اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ
وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [يونس: 18].
﴿وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا
الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُم بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ﴾
[الأنبياء: 36].
﴿أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُم مِّن دُونِنَا لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ
أَنفُسِهِمْ وَلَا هُم مِّنَّا يُصْحَبُونَ﴾ [الأنبياء: 43].
وفيها قضية إبراهيم وتحطيمه الأصنام ومحاجته لهم:
﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن
دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ﴾ [الأنبياء: 98].
﴿لَوْ
كَانَ هَؤُلَاء آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [الأنبياء:
99].
الآيات التي ذكرت أصنام العرب:
تقدّم أنّ قبائل العرب اتخذت كلّ منها لنفسها صنماً تعبده وذكرنا أسماء تلك الأصنام
وقبائلها وهذه آيات صرّحت بأسماء الأصنام:
﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا * وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا
تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرً﴾ [نوح: 21 –
22].
﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى﴾
[النجم: 19 - 20].
آيات في النصارى:
﴿لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ
إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ [المائدة: 73] والثلاثة هي الأب والابن وروح القدس.
﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ
إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ
وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ
وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ
إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ﴾ [النساء: 171].
﴿لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾
[المائدة: 17].
﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ
ابْنُ اللّهِ﴾ [التوبة: 30].
والآيات في هذا المجال كثيرة لم نذكرها رعاية للاختصار.
ما تمسّك به الساعون وراء الفتن:
تمسّك الساعون وراء الفتن عديمو التعقّل، إمّا عن جهل أو عن علم يريدون الخديعة،
بإحدى الآيات هاملين ما سبقها وما لحقها وعليها يريدون أن يلفقوا أكاذيبهم. ولنذكر
الآية مع ما تقدّم عليها ولحقها لينكشف ما في قبضة الخائنين، وهي آية وردت أيضاً في
إبطال الوثنيّة والنصرانيّة.
﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا
لَّهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن
دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى
إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ
لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ * لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ
وَلَدًا لَّاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاء سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ
الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ... ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ
إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ﴾ [الزمر: 2 – 6].
وليتأمّل القرّاء هذه الآيات وآراء العرب في الجاهلية الذين كانوا يعبدون أرباباً
لتقرّبهم إلى الله وآراء النصارى الذين يعتقدون تارة أنّ المسيح الله وأخرى أنه ابن
الله كي يتضح المطلب بشكل جيد. ويتضح أن هذه الآيات وردت أيضاً في عقب آيات وردت
على المشركين الذين عبدوا أرباباً والنصارى الذين زعموا أنّ لله ولداً.
الفرق بين العبادة والتواضع:
وحيث اتضح مع أيّ عقائد وأفكار باطلة كانت مواجهة القرآن والإسلام وأنها كانت مع
الوثنيين وعبّاد الكواكب وأمثالها من الأفكار المتزلزلة. وقد أسمع القرآن الكفار
خلاصة الأمر في سورة صغيرة هي «الكافرون»
﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا
أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ... لَكُمْ
دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾ [سورة الكافرون]. فاللازم هنا أن نوضح الفرق بين العبادة
والتواضع فإن أحدهما كفر وشرك واجهه القرآن والإسلام والآخر من الإيمان والفضائل
وقد أمر به القرآن والإسلام.
العبادة من العبودية أي أن يُتخذ شخص ربّاً يعبد سواء اتخذه ربّاً كبيراً أم صغيراً
كما كان عليه المشركون كما اتضح سابقاً. وأما التواضع فخلاف ذلك كما يظهر ذلك من
مراجعة اللغة العربية والفارسية بالنسبة إلى مرادفاتها، وهو ما يحصل مع جميع
العقلاء في العالم في الليل أو النهار قلَّ أو كثر، مع أصدقائهم وكبارهم ومن
يحترمونه في الشوارع والأحياء فيقدمون الاحترامات اللائقة ويظهرون التواضع بما
يناسب كل شخص دون أن يصيروا بذلك عباداً له أو هو معبودهم. وعقلاء وعلماء كل أمة
وبلد يعتبرون التواضع من أفضل الكمالات الإنسانية وكل من اتصف به أكثر بمدح أكثر في
الوقت الذي يذمّون فيه عبادة غير الله. ولدى جميع شعوب العالم مراسم احترام لأئمّة
الدين والدنيا وجميع البشر يقولون باحترام وتواضع الكبير في الدين أو الدنيا قلَّ
(الاحترام) أم كثر. إذن يجب أن نعتبر جميع البشر كفاراً ومشركين ولن يخرج الناس من
الشرك ما لم تمحَ كلمة التواضع من قاموس العالم وما لم يتعاملوا مع بعضهم البعض
عندما يتلاقون كالحيوانات لا يعتنون ولن يصلوا إلى التوحيد من دون ذلك. وهل
الوهابيون وأتباعهم الذين يشكّلون في إيران عدداً غير معتبر عندما يلتقون مع من
يتفقون معه في الدين يتعاملون معهم من دون أي تواضع واحترام ويمرون على بعضهم مرور
الحيوانات أم أنهم يتعاملون طبق ما يليق من الاحترامات والآداب الإنسانية. وفي هذه
الصورة هل يكونون قد عبدوا بشراً مثلهم وعبدوا غير الله وصاروا مشركين أم لا. فإن
قالوا - كما لا بدّ – أن العبادة غير التواضع فليبيّنوا الفرق لينجلي خزيهم
وخيانتهم.
شاهد من القرآن:
من أكبر مظاهر التواضع وأعلى مراسم الخضوع السجدة التي نرى أنها لا تجوز لغير الله
لورود النهي عنه في الإسلام. هذه السجدة التي هي أرقى من كل احترام فإن لم يؤت بها
بقصد العبادة فهي ليست شركاً قد يكون إطاعة لأمر الله واجبة وقد تكرر في القرآن
الكريم أمر الملائكة بالسجود لآدم نذكر نموذجاً:
﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ
اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ
الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: 34] وهؤلاء الذين يقولون إنّ التواضع لغير الله شرك يجب أن
يناصروا إبليس في هذه القضية وأن يعتبروا جميع الملائكة كفاراً ومشركين ما عدا
إبليس وأن يخطئوا الله في هذا الأمر ويلومونه أن كيف يدعو الملائكة إلى الشرك ولام
إبليس الموحّد التقيّ. قد يقال إن سجود الملائكة لآدم كان بأمر الله ولم يكن شركاً
وما تقومون به من احترام ليس بأمر الله فهو شرك.
والجواب:
أولاً: إنه إذا كانت سجدة لملائكة عبادة لآدم كانت شركاً وإن أمر الله بها بل لا
يمكن أن يأمر بذلك لأنه دعوة إلى الشرك ومخالف للعقل وإن لم تكن عبدة لم تكن شركاً
وإن لم يأمر الله بها.
ثانياً: إن الاحترام والتواضع للعلماء والأعاظم لا يحتاج إلى أمر بل العقل يرشد
الإنسان إلى ذلك ولذا لم ينتظر أحد من عقلاء متديّني العالم أمر الله في الاحترامات
المسنونة. نعم إذا نهى الله عن نحوٍ من التواضع يجب الإطاعة وإن لم يكن شركاً كما
هو والحال في السجدة التي لا تجوز لغير الله وإن كانت للاحترام وإذا سجد شخص لآخر
احتراماً يكون عاصياً وإن لم نعتبره مشركاً وكافراً.
ثالثاً: نحن نحترم ونتواضع، بأمر من الله، للمؤمنين والأنبياء والأئمّة الذين هم
مثل الإيمان الأعلى وكمال الإنسانية كما ورد في سورة المائدة الآية 54:
﴿يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي
اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾.
دليل آخر من كلام الله:
وأذكر آية تقطع الكلام ولا يبقى مجال لثرثرة المثرثرين. ففي سورة يوسف الآية 100:
﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ
هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّ﴾ فإمّا أن
نعتبر يعقوب النبي وأولاده مشركين وإنّ الله أخطأ في جعل مشرك نبيّاً أو أن نعتبر
أنّ السجود كان احتراماً متعارفاً في ذلك الزمان ولم ينه عنه الله تعالى إلى أن ورد
النهي عنه في الإسلام. وقد ورد النهي في الآيات الكثيرة عن التكبّر وهو ضدّ التواضع
نهياً مشدّداً كالآية 37 من سورة بني إسرائيل
﴿وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحً﴾
والآية 18 من سورة لقمان
﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي
الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ وردت في ضمن
حكم لقمان التي فيها «يا بني لا تشرك بالله إنّ الشرك لظلم عظيم» فإن كان التواضع
شركاً لكان لقمان موصياً بالخطأ وكان كلامه متناقضاً.
تحكيم القرّاء:
فليحكم القرّاء ماذا نختار؟ أن نخطّئ الله إذا دعا إلى السجود لآدم واعتبر الملائكة
المشركين مطيعين ووبّخ إبليساً وكفّره لأنه لم يحتمل السجود الذي هو الشرك وأبعده
عن مقام القرب، وعيّن يعقوب المشرك نبيّاً واعتبر المشركين أي الذين يتواضعون
للمؤمنين أحباباً له وأن نلتزم بأن الملائكة والأنبياء وجميع عقلاء العالم مشركون
ولا موحّد إلا إبليس لأنه لم يسجد إلا لله ولا اطلاع لنا على أنه احترم أو تواضع
لأحد آخر أو نلتزم كلام ابن تيميّة ومحمّد بن عبد الوهاب وحفنة من ذوي القلوب
المظلمة من نَجَد، العارية من كل معرفة وعلم وتقوى من التي قلّدت مقالة أولئك من
دون تعقّل، كله كلام غير مقبول ونخطئهم في ذلك.
ولكي يتمّ الكلام نذكر ما قالته الوهابيّة وأتباعها من كلام لا يرتكز على أيّ أساس
ونذكر الجواب عنه.
* كتاب كشف الأسرار، الإمام الخميني قدس سره.
2016-12-22