يتم التحميل...

مفهوم الوحدة من وجهة نظر الإمام الخمينيّ

الوحدة الإسلامية

هل كان الإمام يفكّر في الوحدة الأيديولوجية ويطالب أتباعه وأبناء شعبه بالاتّحاد على أُسس إيديولوجيّة ثابتة، أم أنّ الوحدة الإستراتيجية كانت هدفه الأساس،

عدد الزوار: 135

والآن، هل كان الإمام يفكّر في الوحدة الأيديولوجية ويطالب أتباعه وأبناء شعبه بالاتّحاد على أُسس إيديولوجيّة ثابتة، أم أنّ الوحدة الإستراتيجية كانت هدفه الأساس، أو ربما لم يفكّر سوى بالوحدة التكتيكيّة؟ وهل ثبت على رأيه منذ ما قبل انتصار الثورة وحتى آخر تصريح سياسيّ له في حياته، أم أنّ آراءه تغيّرت بحسب الأوضاع والظروف؟

لا بدّ من الإشارة إلى أنّ الإمام الخمينيّ كان صاحب مدرسة وفكر أسّس على قواعدها بنيان حكومته التي ناضل من أجل إقامتها. وكما هو واضح إنّ النظام العَقَديّ أو الإيديولوجيّ لا يتحمّل وجود أيّ عقيدة سوى العقيدة الحاكمة، بل إنّ هذا النوع من الأنظمة لا يؤمن بأيّة حقيقة سوى حقيقة العقيدة المصطفاة، أمّا غاية مطلوبه فهي تطبيق الدين في المجالات والميادين المختلفة في المجتمع. ولكن مع هذا، فإنّ الواقعية التي وسمت العقيدة الدينيّة وشخصية الإمام كانت العامل الرئيس وراء توافره على الوحدة المطلقة والأيديولوجية. وقد اعترف سماحته شخصيّاً بوجود الاختلافات في الآراء والعقائد السياسيّة وحتى في الفروع الأيديولوجية. وفي هذا يقول: "إنّ كتب الفقهاء المسلمين الأجلّاء مليئة بالاختلافات في وجهات النظر والآراء والأساليب والتصوّرات في العديد من المجالات العسكريّة والثقافيّة والسياسيّة والاقتصاديّة والعباديّة وغيرها... ولا بدّ من أن يكون باب الاجتهاد مفتوحاً على مصراعيه في الحكومة الإسلاميّة، بل إنّ طبيعة الثورة والنظام تقتضي على الدوام استعراض وطرح الآراء الفقهيّة الاجتهاديّ بحريّة على الأصعدة كافة، حتى وإن كانت متعارضة ومتضادّة مع بعضها، وليس بإمكان أحد منع ذلك أو من حقّه الوقوف بوجهه"16.

كما نرى في عبارة الإمام الأخيرة، فإنّ الاختلاف في وجهات النظر والآراء العقائدية والنظريّة هو (حقّ) من وجهة نظره، ولذلك فإنّ الآخرين مكلّفون باحترام هذا الحقّ، وليس لهم أن يقفوا في وجهه على المستوى العلمي. لكنّ الأمر لا ينتهي عند هذا الحدّ، بل هو أبعد من ذلك، فإذا حاول شخص منع الآخرين من طرح معتقداتهم وهدر حقوقهم فإنّه لن يكون بإمكانه فعل ذلك إطلاقاً حيث يؤكّد الإمام قائلاً: "وليس بإمكان أحد منع ذلك".

والدليل على هذا الواقع هو أنّه على الرغم من المحاولات التي بذلها المعسكر الشرقيّ لترسيخ الوحدة الإيديولوجيّة والثبات عليها، إلّا أنّ تلك الوحدة لم تتحقّق بشكل عمليّ وحقيقيّ في أيّ وقت من الأوقات، بل كانت تتولّد وتنشأ أفكار جديدة ورُؤى معارضة طيلة قرن كامل منذ ظهور الشيوعيّة وحتى أُفولها وسقوطها. ولعلّ أكبر شاهد على الحقيقة المذكورة هي فترة تدهور وانهيار النظريّة الشيوعيّة على يد مؤسّسيها ومفكّريها الذين أوجدوها.

وفي إشارة إلى تعذّر تحقيق الوحدة الفكرية أو توجيه المعتقدات المتعارضة نحو مسير واحد بالإكراه أو بفرض التعليمات وغير ذلك، يقول القرآن الكريم بصراحة: ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ17. أمّا العلّامة الطباطبائي فيعلّق في تفسيره هذا الجزء من الآية الشريفة المذكورة بقوله: "لا إكراه في الدين، نفي الدين الإجباريّ, لأنّ الدين هو سلسلة من المعارف العلميّة التي تتبعها أخرى عمليّة يجمعها أنّها اعتقادات، والاعتقاد والإيمان من الأمور القلبيّة التي لا يحكم فيها الإكراه والإجبار، فإنّ الإكراه إنّما يؤثِّر في الأعمال الظاهريّة والأفعال والحركات البدنيّة الماديّة"18.

وبعد ذلك يشير العلّامة الطباطبائيّ إلى احتمال وجود الحكم (الإنشائيّ) و(الإخباريّ) في الآية المذكورة والنتائج المتشابهة لهما19. واستناداً إلى هذه الآية الشريفة، فإنّ القرآن الكريم يأمر النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بالامتناع عن محاولته هداية من يعرضون عن الإيمان، وأن لا يكترث بهم أو يشعر بالأسى نتيجة لأعمالهم، ممّا يُعتبر تأكيداً على وجود الاختلاف في التفكير والتباين في الآراء حتى في ما يتعلّق بموضوع التوحيد وأصول الدين وغير ذلك، يقول عزّ من قائل لنبيّه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم.

﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفً20.

وعلى الرغم من أنّ سماحة الإمام كان يستند أحياناً إلى الوحدة التكتيكيّة، ويستند إليها في ظروف معيّنة كورقة رابحة للنّيل من العدوّ المشترك والانتصار عليه، إلّا أنّه، بطبيعة الحال، لم يكن مراده من الوحدة ينحصر في هذا النمط.

في الظروف الحسّاسة التي سبقت انتصار الثورة الإسلامية وحتى بعد انتصارها، لم يترك الإمام أيّ جهد في إلقاء الخُطب والتصريحات كلّما شعر بظهور الخلافات الكبيرة بين صفوف المجاهدين والمناضلين، وخاصّة رجال الحوزة الدينيّة وطلبة الجامعات، سعياً منه لإزالة تلك الخلافات واستئصالها بشكل حازم، ليحثّهم على مواجهة عدوّهم المشترك، بقوله: "كلّكم يحمل الهمّ نفسه، كلكم مبتلى بالبلاء والكارثة نفسها، كلّكم واقعون تحت نَير ذلك البلاء، إنّه بلاء مشترك، فكلّنا إذاً مبتلون بالبلاء نفسه. ليس هذا بلاءً مقتصراً على رجال الدين أو الأحزاب السياسيّة أو طلاب الجامعات... عليكم جميعاً - يا أبناء إيران - أن توحّدوا كلمتكم ومسيركم"21.

وفي مناسبة أخرى عندما كانت المواجهة بين أفراد الشعب المسلم من جهة وبين القوى العظمى والشاه من جهة أخرى على أشدّها، كان الإمام يقول: "الآن، وبعد أن تجمّعت كلّ حشود المسلمين في إيران لمواجهة القوى العظمى... فإنّ زرع الخلافات وبثّ الفُرقة بيننا يعتبر جريمة بحقّ الإسلام، هذه خيانة لشعب بأكمله أن نقوم بوأد هذه النهضة التي قامت في إيران تحت وطأة خلافاتنا"22.

وبعد انتصار الثورة الإسلاميّة، كان الإمام يشير إلى مشكلة واحدة تواجه الأمّة، وهي الحرب المفروضة (آنذاك) ومواجهة القوى العظمى، وكان يحاول من خلال ذلك الحيلولة دون حدوث ثغرة في صفوف الشعب، وجعل تلك الصفوف كالبنيان المرصوص في مقابل العدوّ المشترك.

ولعلّ أكثر ما كان يؤرّق باله هو الوحدة الاستراتيجيّة (في مقابل الوحدتين الأيديولوجيا والتكتيكيّة)، ويتّضح هذا الأمر بجلاء في بعض المواقف والظروف، ففي ما يتعلّق بالوحدة مع أهل السنّة، فإنّ الإمام لم يأخذ بعين الاعتبار سوى "وحدة النهج" و"وحدة العمل" والاتّحاد الطويل الأمد وفقاً للمعتقدات "المشتركة" بالطّبع وليس كلّ العقائد. ويمكننا التعبير عن هذا النوع من الوحدة بـ(الوحدة المطلوبة).

أمّا أحد أهمّ التصريحات التي أدلى بها الإمام حول موضوع الوحدة المطلوبة والخلاف المقبول على مرأى ومسمع من رجال السياسة في المجتمع، فكان الجواب الذي بعث به إلى أحد العاملين في مكتبه. وأُطلق على الجواب المذكور حينه عنوان (توصيات حول تدعيم الأخوّة)23.

الأصول التي تجمع بين المتّحدين
ويُستفاد من الجواب المذكور أنّه على الرغم من إيمان الإمام بالأصول الأساسيّة التي تجمع بين المتّحدين والمتآلفين، واعتقاده بأنّ مجرّد وجود عدوّ مشترك أو أهداف تكتيكيّة قصيرة الأمد أو عدم وجودها لا يمثّل قاعدة صحيحة للوحدة أو الاتّحاد، فإنّه لم يكن يؤمن بوجود وحدة شاملة تشمل جميع الجوانب والزوايا والتفاصيل العقائدية أو العلميّة، بل وكان يعتبر ذلك أمراً بعيد المنال تماماً.

ويمكن اعتبار ما ورد في التصريح المذكور منسجماً مع الوحدة الاستراتيجيّة أكثر من غيره، حيث قال سماحته في تلك الرسالة: المهمّ هو معرفة الحكومة والمجتمع بشكل صحيح ودقيق لكي يستطيع النظام الإسلاميّ على أساس ذلك وضع البرامج والخطط التي تصبّ في مصلحة المسلمين وذلك من خلال الإعلان عن ضرورة وجود الوحدة في الأسلوب والعمل24.

ولا تقتصر الوحدة المطلوبة بالطّبع على وحدة المنهج في العمل وعدم السماح للخلافات العمليّة بالظهور في المجتمع، بل إنّ ذلك مطلوب ولازم أيضاً في العقيدة بشكل مشترك ومنسجم. فعلى سبيل المثال، إذا كانت هناك جماعتان سياسيّتان في المجتمع الإسلاميّ، وكانت إحداهما لا تستند إلى الدين أو العقائد الدينيّة في الأساس (معنى أنّها كانت ملحدة) بينما كانت الأخرى مسلمة وموحّدة، ففي هذه الحالة ليس بإمكان وحدة الأهداف النضاليّة والوحدة العمليّة أن تعمل على توحيدهما على أرض الواقع، بل إنّ حصول الوحدة الواقعيّة بين هاتين الجماعتين هو أمر لا معنى له، وفي حال افترضنا وجود أيّ نوع من الوحدة بينهما فإنّ تلك الوحدة غالباً ما تكون وحدة تكتيكيّة، بينما يظلّ تحقيق الوحدة الإستراتيجيّة بينهما أمراً أقرب إلى الخيال منه إلى الواقع.

ولهذا السبب فإنّ الإمام لم يمدّ يوماً يد الأخوّة إلى الذين كانوا يحملون أفكاراً معادية للدين أو كانوا رسميّاً (شيوعيّين)، بل ولم يعتبرهم إخوة النضال أو المقاومة.

لنقف قليلاً عند هذين السؤالين اللذين طُرحا على الإمام قبل انتصار الثورة الإسلاميّة بشهور قليلة25:
سؤال: سماحة آية الله! هل تُبدون أيّة رغبة أو أهميّة للتعاون مع العناصر الماركسيّة؟ وهل هناك أيّ انسجام أو تطابق بين أهداف حركتكم والماركسيّين؟ وهل أنتم قلقون بشأن أطماع الاتحاد السوفياتيّ في إيران؟
الجواب: "إنّ أهدافنا تختلف عن أهداف أولئك، فنحن نستند إلى الإسلام ونرتكز على التوحيد، وأولئك يعارضون كلا الأمرين. وأحكامنا هي أحكام إسلاميّة بينما لا يعترف أولئك بالإسلام. لذلك، فلسنا فقط لا نميل إليهم بل وكذلك لا نرغب في التعاون معهم ولن نفعل..26.

في ضوء هذا الكلام الصريح، يبدو أنّ أحد مستلزمات الوحدة والتضامن الاجتماعيّ والسياسيّ هو الاتّحاد على الأقلّ في (عقيدة التوحيد) والأهداف (الإسلاميّة)".

ومن خلال تقسيم الخلافات النظريّة إلى (خلافات عقائديّة ومبدئيّة) و(خلافات سياسيّة وفرعيّة)، اعتبر الإمام شخصيّاً أنّ خلافات النوع الثاني غير مضرّة بالوحدة والتضامن في المجتمع بل اعتبرها سبباً للتطوّر والنموّ والشموخ، ولم يُبدِ قلقه بشأن ذلك إطلاقاً.

وفي الرسالة المذكورة (الرسالة التي تضمّنت توصيات حول تدعيم الأخوّة)، وعبر حديثه عن الموضوعات الفقهيّة والسياسيّة التي تقبل البحث والمراجعة واختلاف الرأي (كموضوع بحث حدود صلاحيّات الحاكم الإسلاميّ، ودور المرأة في المجتمع الإسلاميّ، وحدود الحرية الفرديّة والاجتماعيّة وغير ذلك)، كتب سماحته يقول: "عليكم أن تعلموا أنّه إذا اقتصرت الخلافات والمواقف على القضايا المذكورة فلا خوف على الثورة أبداً. أمّا إذا كانت الخلافات مبدئية فإنّ من شأن ذلك إضعاف النظام. أمّا هذه المسألة القائمة بين الأفراد والأجنحة الموجودة فهي مسألة واضحة، وحتى إذا كان هناك أيّ خلاف يتعلّق بالثورة بين هؤلاء فإنّه خلاف سياسيّ بحث على الرغم من الأوصاف العقائدية التي قد تُطلق عليه، وذلك لأنّ الجميع متفقون على المبادئ ولهذا أويّدهم. إنّ هؤلاء أوفياء ومخلصون للإسلام والقرآن والثورة وهم حريصون على بلادهم وشعبهم، وكلّ منهم يطرح نظريّة أو برنامجاً من أجل إعلاء كلمة الإسلام وخدمة المسلمين، ويظنّ أنّ ذلك يقود إلى النجاح والتوفيق. إنّ الأغلبيّة الساحقة في هذين التيّارين تطمح إلى أن يكون بلدهم مستقلاً، وكلاهما يسعيان إلى تخليص الناس من شرّ وهيمنة الطفليّين سواء منهم المرتبطون بالحكومة والسوق والشارع"27.

أهميّة كلام الإمام هذا يكمن في أنّه يرسم الحدّ الفاصل بين الخلاف المسموح والخلاف المرفوض، ويقدّم صورة للوحدة المثاليّة التي يطمح إلى تحقيقها، وكما يتبيّن من هذا الكلام فإنّ الخلافات إمّا أن تكون "عقائديّة" أو "سياسيّة". يتعلّق المفهوم العقائدي الذي يقابله المفهوم السياسيّ في الكلام المذكور، وبالنّظر إلى الشواهد الموجودة، يتعلّق بالأصول العامة للدين مثل التوحيد والنبوّة والمعاد والإمامة، لذلك فإن اختلاف الفقهاء ليس اختلافاً "عقائدياً" إطلاقاً، كما أشار إلى ذلك الإمام. لكن، وبعد ملاحظة أمثلة الأصول المشتركة بين تلكما الفئتين في كلامه، يتّضح لنا أنّ ما قصده من العقيدة والمبادئ هو أبعد من مبادئ أو أصول العقائد الدينيّة، بل قصد "الإيمان بالثورة الإسلامية" و"النظرة إلى الدين والكفر والرأسماليّة، النظرة إلى الامبرياليّة وإلى الولايات المتحدة الأميركيّة" ...إلخ. نعم، هذه هي الأصول المشتركة التي قصدها سماحة الإمام والموجودة في كلا الجناحين السياسيّين اللذين حكما في عامي (1987) و (1988)، بصرف النظر عمّا إذا كانت آراء ذينك الفريقين في الواقع منسجمة ومشتركة إزاء ما أشار إليها على أنّها أصول مشتركة، أو ما إذا كان بعضها مدار جدل وتراشق بالاتّهامات أحياناً. ويشير ذكر الأمثلة أعلاه إلى أنّ الوحدة المطلوبة تستلزم كذلك مواكبة من جميع الأطراف في "الخطوط العامّة للآراء والأفكار السياسيّة" وأساساً فإنّ الخلافات السياسيّة - كما أشار الإمام في تحليله للخلاف القائم بين الفريقين المذكورين - هي خلافات في طبيعة أساليب التعاطي مع مختلف القضايا والأنماط التنفيذيّة لتحقيق الأهداف.

ويقول الإمام: إذاً، خلاف على أيّ شيء؟ خلاف على أيّ السبل التي تنتهي بنا إلى كلّ هذه الأهداف28.

ويشير النهج العملي للإمام في الوحدة والتآلف مع الجماعات المختلفة أو المذاهب الإسلاميّة المتعدّدة، وحتى مع مراجع التقليد الذين كان لهم حضور في الساحة، يشير هذا النهج إلى أنّ سماحته كان يعتبر أصول الدين دعامة من دعائم الوحدة، بيد أنّه كان يضع في حساباته المبادئ والأصول الأخرى الداخلة ضمن دائرة الخطوط العامّة للرؤى السياسيّة في الإسلام الثوريّ.

باختصار، فإنّ الوحدة المطلوبة التي كان الإمام الخمينيّ يدعو إليها هي وحدة تامّة في العمل والتنسيق في الأداء داخل المؤسّسات، وبين شخصيّات النظام كافّة، والوحدة الفكريّة في الأصول العامّة للإسلام والثورة، وأمّا الخلاف بشأن أساليب وآليات تطبيق الأصول العامّة أو في التفاصيل الأخرى فهو خلاف لا يفسد في الود قضية ولا يضرّ إطلاقاً بالوحدة المطلوبة. ومن خلال توصياته للمسؤولين في النظام، كان سماحته يدعوهم إلى التزام الصمت والتضامن والتآخي والتباحث في أساليب التطبيق من أجل الوصول إلى هذه الوحدة المطلوبة. ولا شكّ في أنّ ثمار هذا النوع من الوحدة كانت تتمثّل في تآلف الجماعات الإسلاميّة من خلال الإعلان عن مرشّحها المشترك لانتخابات المجلس. وعندما كان يبرز أيّ خلاف بينه وبين مراجع التقليد أو المعارضين السياسيّين الآخرين، فإنّ فرص تحقيق الوحدة الائتلافيّة كانت تتضاءل، وعندها، كان يفضّل المكاشفة الصريحة أو الاختلاء بنفسه والابتعاد عن مسرح الحدث. ويرجع السبب في عدم تشكيل تلك الجلسات وخاصّة في السنوات الأخيرة إلى عدّة عوامل أهمّها، في الحقيقة، المآسي والآلام التي كانت تخيّم على المجتمع، وخاصّة على الحوزات العلميّة والمراجع.

* كتاب الوحدة الإسلامية، نشر دار المعارف الإسلامية الثقافية.


16- صحيفة النور، ج 21، ص 46 - 47.
17- سورة البقرة، الآية 256.
18- العلامة الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج 1، ص 341 - 243.
19- حيث يقول العلّامة الطباطبائيّ: "وأمّا الاعتقاد القلبيّ فله علل وأسباب أخرى قلبيّة من سنخ الاعتقاد والإدراك، ومن المحال أن ينتج الجهل علماً أو تُولّد المقدّمات غير العلميّة تصديقاً علميّاً، فقوله: ﴿لَآ إِكۡرَاهَ فِي ٱلدِّينِۖ، إن كان قضيّة إخباريّة حاكية عن حال التكوين أنتج حكماً دينيّاً بنفي الإكراه على الدين والاعتقاد، وإن كان حكماً إنشائيّاً تشريعيّاً - كما يشهد به ما عقبه تعالى من قوله: ﴿قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشۡدُ مِنَ ٱلۡغَيِّ ِۚ - كان نهياً عن الحمل على الاعتقاد والإيمان كرهاً، وهو نهيٌ متكّئ على حقيقة تكوينيّة، وهي التي مرّ بيانها أنّ الإكراه إنّما يمل ويؤثّر في مرحلة الأفعال البدنيّة دون الاعتقادات القلبيّة".. المترجم -.
20- سورة الكهف، الآية 6.
21- صحيفة النور، ج 2، ص 60.
22- م.ن، ج 2، ص 251.
23- بالفارسيّة رهنمودهايى در تحكيم برادرى-. المترجم -.
24- صحيفة النور، ج 21، ص 47.
25- انظر كتاب: "بيان الثورة في مرآة الإعلام - الأحاديث والبيانات الصحفيّة للإمام الخمينيّ"، إعداد وتنظيم رسول سعاد تمند، تعريب عباس صافي، سلسلة الفكر الإيرانيّ المعاصر، مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلاميّ، ج 1، ص 281. المترجم -.
26- صحيفة النور، ج 4، ص 37.
27- م.ن، ج 21، ص 47.
28- صحيفة النور، ج 21، ص 48.

2016-12-13