قبسات من حياة الإمام الجواد (عليه السلام)
ذو القعدة
نتقدّم بالعزاء إلى الإمام صاحب العصر والزمان (عجل الله فرجه الشريف)، وولي أمر المسلمين الإمام الخامنئي (مدّ ظلّه)، وعموم المؤمنين لا سيما المجاهدين، في ذكرى استشهاد الإمام أبي جعفر محمّد الجواد (عليه السلام).
عدد الزوار: 222
قبسات من
حياة الإمام الجواد (عليه السلام)
المناسبة: استشهاد الإمام الجواد(عليه السلام)
نتقدّم بالعزاء إلى الإمام صاحب العصر والزمان (عجل الله فرجه الشريف)، وولي أمر المسلمين الإمام الخامنئي (مدّ ظلّه)، وعموم المؤمنين لا سيما المجاهدين، في ذكرى استشهاد الإمام أبي جعفر محمّد الجواد (عليه السلام).
ولد الإمام الجواد(عليه السلام) في
المدينة المنوّرة في كنف أبيه الإمام الرضا(عليه السلام) في فترة حافلة بالأحداث
والظروف السياسيّة الصعبة, وذلك في مرحلة الصراع وتوتّر الأحداث في الخلافة
العباسيّة بين الأمويين والمأمون ابني هارون الرشيد.
ساهم الإمام الجواد (عليه السلام) كغيره من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في نشر
العلوم والمعارف الإسلاميّة, وتتلمذ على يديه نخبة من العلماء والرواة الذين شكّلوا
فيما بعد حلقة الوصل بين الإمام (عليه السلام) والأمّة.
وقد تميّز الإمام الجواد (عليه السلام) بتولّي زمام الإمامة الإلهيّة وهو لم يتجاوز
الثامنة من عمره الشريف ولعل هذا ما دعا الحاكم العباسي المأمون إلى تنظيم مناظرات
بهدف بيان إمكانيّة ظهور ضعف علمي عند الإمام الجواد (عليه السلام)، وبالتالي سقوط
أطروحة إمامة أهل البيت (عليهم السلام) التي طالما أرّقته وأقلقته، وفيما يروى في
ذلك أنّ المأمون قال لمن كان يعرف بقاضي الزمان يحيى بن أكثم: اطرح على أبي جعفر
محمّد بن الرضا مسألة تقطعه فيها.
فكان من ابن أكثم أن سأل الإمام الجواد (عليه السلام): ما تقول في محرِمٍ قتل
صيداً؟.
فأجابه الإمام (عليه السلام) سائلاً التفصيل:"قتله في حلّ أم حرم؟ عالماً أم
جاهلاً؟ قتله عمداً أو خطأً؟ حراً كان أم عبداً؟ صغيراً كان أو كبيراً؟ مبتدئاً
بالقتل أم معيداً؟ من ذوات الطير كان الصيد أم من غيرها؟ من صغار الصيد كان أم من
كباره؟ مصراً كان على ما فعل أو نادماً؟ في الليل كان قتله للصيد في أوكارها أم
نهاراً وعياناً؟ محرماً كان للعمرة أو للحج؟".
فتحيّر ابن أكثم وانقطع انقطاعاً لم يخفَ على أحد.
فقال المأمون بعدها:"ويحكم إنّ أهل هذا البيت خُصّوا من بين الخلق بما ترون من
الفضل، وإن صغر السن فيهم لا يمنعهم من الكمال، أما علمتم أنّ رسول الله (صلى الله
عليه وآله) افتتح دعوته بدعاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهو ابن
عشر سنين وقبل الإسلام منه، وحكم له به، ولم يدعُ أحداً في سنّه غيره، أفلا تعلمون
الآن ما خصّ الله به هؤلاء القوم، وأنّهم ذريّة بعضها من بعض، يجري لآخرهم ما يجري
لأوّلهم.
هكذا واجه الإمام الجواد (عليه السلام) التحديات العلميّة والثقافيّة التي كانت
تثار حوله من أكبر شخصيّات علميّة تصل إليها يد الدولة العباسيّة، حتى أسقطها
وحوّلها إلى نقطة قوّة وطريق لنشر الإسلام الأصيل. حتى لم يبقَ أمام العباسيّين
إلاّ الأسلوب القديم، أسلوب سفك الدماء واغتيال الإمام (عليه السلام)، فاستشهد عن
عمر لم يتجاوز الخمس وعشرين عاماً، ليتحقّق ما أخبر عنه والده الإمام الرضا (عليه
السلام) الذي قال: "قد ولد لي شبيه موسى بن عمران فالق البحر، وشبيه ابن مريم، يقتل
غصباً فيبكي عليه أهل السماء ويغضب الله تعالى على عدوه وظالمه فلا يلبث إلاّ
يسيراً حتى يعجل الله به إلى عذابه الأليم وعقابه الشديد".
من وصاياه (عليه السلام):
دعا الإمام الجواد (عليه السلام) إلى الاتّصاف بمكارم الأخلاق ومحاسن
الصفات، وكان ممّا أوصى به: قال (عليه السلام):"مِنْ حُسْنِ خُلُقِ الرَّجُلِ كَفُّ
أَذاهُ، وَمِنْ كَرَمِهِ بِرُّهُ لِمَنْ يَهْواهُ، وَمِنْ صَبْرِهِ قِلَّةُ
شَكْواهُ، وَمِنْ نُصْحِهِ نَهْيُهُ عَمّا لَا يَرْضاهُ، وَمِنْ رِفْقِ الرَّجُلِ
بِأَخِيهِ تَرْكُ تَوْبِيخِهِ بِحَضْرَةِ مَنْ يَكْرَهُ، وَمِنْ صِدْقِ صُحْبَتِهِ
إِسْقاطُهُ المَؤُونَةَ، وَمِنْ عَلَامَةِ مَحَبَّتِهِ كَثْرّةُ المُوافَقَةِ
وَقِلَّةُ الْمُخالَفَةِ".
ووضع (عليه السلام) بهذه الكلمات الرائعة الأُسس لحسن الأخلاق ومكارم الأعمال،
والدعوة إلى قيام الصداقة والصحبة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
2016-08-26