أدلّة كون نبيّ الإسلام خاتماً للأنبياء
المبعث النبوي الشريف
بالرغم من أنّ الآية المذكورة كافية لوحدها في إثبات هذا المطلب، إلاّ أنّ الدليل على كون نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله) خاتماً للأنبياء لا ينحصر بها، فإنّ آيات اُخرى في القرآن الكريم تشير إلى هذا المعنى،
عدد الزوار: 190
بالرغم من أنّ الآية المذكورة كافية لوحدها في إثبات هذا المطلب، إلاّ أنّ الدليل
على كون نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله) خاتماً للأنبياء لا ينحصر بها، فإنّ آيات
اُخرى في القرآن الكريم تشير إلى هذا المعنى، إضافةً إلى الروايات الكثيرة الواردة
في هذا الباب:
فمن جملتها في الآية (19) من سورة الأنعام: (واُوحي إليّ
هذا القرآن لاُنذركم به ومن بلّغ) فإنّ سعة مفهوم تعبير (ومن بلغ) توضّح
رسالة القرآن ونبي الإسلام العالمية من جهة، ومسألة الخاتمية من جهة اُخرى.
وهناك آيات اُخرى تثبت عمومية دعوة نبي الإسلام لكلّ البشر، مثل:
(تبارك الذي نزّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين
نذيراً).
وكقوله تعالى: (وما أرسلناك إلاّ كافّة للناس بشيراً
ونذيراً).
والآية: (قل ياأيّها الناس إنّي رسول الله إليكم جميعاً).
إنّ ملاحظة سعة مفهوم «العالمين» و «الناس» و «الكافّة» تؤيّد هذا المعنى أيضاً.
إضافةً إلى أنّ إجماع علماء الإسلام من جهة، وكون هذه المسألة ضرورية لدى المسلمين
من جانب آخر، والروايات الكثيرة الواردة عن النّبي (صلى الله عليه وآله) وباقي
أئمّة الهدى (عليهم السلام) من جانب ثالث توضّح هذا المطلب، ونكتفي هنا بذكر بعضها
من باب الشاهد والمثال:
1- ورد في الحديث المعروف عن النّبي (صلى الله عليه وآله): «حلالي حلال إلى يوم
القيامة، وحرامي حرام إلى يوم القيامة».
إنّ هذا التعبير مبيّن لإستمرار هذه الشريعة حتّى نهاية العالم وفنائه.
وقد روي هذا الحديث بهذه الصيغة أحياناً: «حلال محمّد حلال أبداً إلى يوم القيامة،
وحرامه حرام أبداً إلى يوم القيامة، لا يكون غيره، ولا يجيء غيره».
2- حديث المنزلة المعروف، والذي ورد في مختلف كتب الشيعة والسنّة، وهو في شأن علي
(عليه السلام) وبقائه مكان النّبي في المدينة عندما توجّه (صلى الله عليه وآله) إلى
غزوة تبوك، فإنّه يوضّح مسألة الخاتمية تماماً، لأنّا نقرأ في هذا الحديث أنّ
النّبي (صلى الله عليه وآله)قال لعلي(عليه السلام): «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى
إلاّ أنّه لا نبي بعدي».
3- وثمّة حديث مشهور أيضاً، وقد روي في كثير من مصادر العامّة، وذلك أنّ النّبي
(صلى الله عليه وآله) قال: «مثلي ومثل الأنبياء كمثل رجل بنى بنياناً فأحسنه
وأجمله، فجعل الناس يطيفون به يقولون ما رأينا بنياناً أحسن من هذا إلاّ هذه
اللبنة، فكنت أنا تلك اللبنة».
لقد ورد هذا الحديث في صحيح مسلم بعبارات مختلفة، وروي عن رواة عديدين، وقد وردت
هذه الجملة «وأنا خاتم النّبيين» في ذيل الحديث الآنف الذكر في أحد الموارد.
ونرى في نهاية حديث آخر: «جئت فختمت الأنبياء».
وقد ورد هذا الحديث أيضاً في صحيح البخاري- كتاب المناقب- ومسند أحمد بن حنبل، وسنن
الترمذي والنسائي وكتب اُخرى، وهو من الأحاديث المعروفة والمشهورة جدّاً، وقد أورده
مفسّرو الفريقين كالطبرسي في مجمع البيان، والقرطبي في تفسيره، في ذيل الآية مورد
البحث.
4- لقد ورد كون نبيّ الإسلام (صلى الله عليه وآله) خاتماً للنبيين صريحاً في كثير
من خطب نهج البلاغة، ومن جملة ذلك ما نراه في الخطبة 173 في وصف نبيّ الإسلام (صلى
الله عليه وآله)، حيث يقول (عليه السلام): «أمين وحيه، وخاتم رسله، وبشير رحمته،
ونذير نقمته».
وجاء في الخطبة 133: «أرسله على حين فترة من الرسل، وتنازع من الألسن. فقفّى به
الرسل، وختم به الوحي».
وقال (عليه السلام) في الخطبة الاُولى من نهج البلاغة، بعد أن عدّد تعليمات
الأنبياء الماضين: «إلى أن بعث الله سبحانه محمّداً رسول لإنجاز عدته، وإتمام
نبوّته».
5- وقد وردت مسألة الخاتمية في ختام خطبة الوداع، تلك الخطبة التي ألقاها نبيّ
الإسلام (صلى الله عليه وآله) في آخر حجّة له، وفي آخر سنة من عمره المبارك، كوصيّة
جامعة للناس، حيث قال: «ألا فليبلّغ شاهدكم غائبكم لا نبيّ بعدي، ولا اُمّة بعدكم»
ثمّ رفع يديه إلى السماء حتّى بان بياض إبطيه، فقال: «اللهمّ اشهد أنّي قد بلّغت».
6- وجاء في حديث آخر ورد في «الكافي» عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال:
«إنّ الله ختم بنبيّكم النبيّين فلا نبيّ بعده أبداً، وختم بكتابكم الكتب فلا كتاب
بعده أبداً».
* تفسير الامثل مكارم الشيرازي بحث الخاتم.
2016-05-04