هكذا استحق وسام الشهادة
الشهيد مرتضى مطهري
كان الأستاذ مطهري رحمه الله إنساناً يعيش بساطة الحياة والحرية. كان لا يخضع لأي صاحب سلطة أو نفوذ ولم يكن ليستسلم لأي شخص.
عدد الزوار: 226
بساطة العيش والحرية
كان الأستاذ مطهري رحمه الله إنساناً يعيش بساطة الحياة والحرية. كان لا يخضع لأي
صاحب سلطة أو نفوذ ولم يكن ليستسلم لأي شخص. لم يكن الشهيد مطهري ليظهر حاجته لأي
إنسان، ولم يكن حريصاً على الدنيا وجمع المال، لا بل كان عديم الاهتمام بهما. كان
يقول: "فيما يتعلق بجمع المال، فقد فقدت أثناء حياتي فرصاً ذهبية قد يعتبرها البعض
ضرباً من الجنون"1.
كان الأستاذ مطهري قنوعاً في تناول الطعام وكان يتناول الطعام البسيط. يقول السيد
غلا محسين وحيدي وهو أحد الموظفين الذين رافقوا الإمام في كلية الإلهيات: "كانت
غرفة الأستاذ مطهري صغيرة وبسيطة تقع إلى جانب غرفة شورى الكلية. أثناء الجلسات أو
تصحيح أوراق الامتحانات كان الأساتذة يتواجدون في هذه الغرفة إلى حوالي الساعة
الثالثة بعد الظهر حيث كانوا يحضرون لهم الطعام... أما الأستاذ مطهري رحمه الله
فكان ينتقل إلى غرفته ظهراً وفي أول الوقت حيث كان يؤدي صلاته ثم يتناول الغداء
الذي كان يحضره معه من المنزل وكان عبارة عن الخبز والجبن أو الخبز والعنب.
كان أساتذة الكلية يلحون على الأستاذ مطهري التواجد معهم في غرفة الشورى لتناول
الطعام إلى جانبهم وكان طعامهم في الغالب عبارة عن الكباب والأرز وما شابه ذلك، إلا
أنه كان يرفض طلبهم ويعتذر منهم وكان يقول: أنا أتناول طعاماً خاصاً ولا يلائمني
طعام الكلية.
كان لا يصرح عن السبب في عدم تناوله طعام الكلية إلا أنني أعرف السبب حيث كان يقول:
"هذا الطعام هو حق للعمال وهو من بيت المال. أما الأساتذة فاجورهم مرتفعة يمكنهم
احضار الطعام بأنفسهم، هذا الطعام حق للضعفاء"2.
الاعتدال
الابتعاد عن الافراط والتفريط واحدة من أسباب موفقية الأستاذ مطهري في حياته وفي
المسائل الاجتماعية والسياسية. يقول حجة الإسلام والمسلمين مصطفى زماني في هذا
الخصوص: "كان ينبغي على الشهيد مطهري من جهة مواجهة الأفكار المتطرفة والافراطية
وكان عليه من جهة أخرى مواجهة الأفكار الالتقاطية والاستعمارية التي كانت تظهر
بأشكال وألوان متعددة، فكان يقوم بهذه المسؤولية من خلال الصحف، والمحاضرات،
والتدريس ونشر الكتب. كان الأستاذ يقول: لا يمكن انكار الواقع. عندما كان الإمام
يأمر بالوحدة فكان المراجع والطلاب والجامعيون يتوجهون نحو ذلك. لماذا يجب أن تكون
أكثر حماساً مما يجب ولماذا يجب أن نواجه هذا وذاك؟ هذه الأعمال تخالف رأي الإمام
الخميني"3.
الاخلاص
كان الأستاذ مطهري رحمه الله مستعداً للتضحية بنفسه من أجل الإسلام والدفاع عن
القيم الإسلامية. وقبل أن يكون عالماً أو معلماً كان إنساناً معتقداً صاحب إيمان
وتقوى. وكانت أعماله وسلوكياته مصداق قوله تعالى:
﴿إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي
وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾4.
وبما أن أعماله كانت لله تعالى فلم يَسع وراء الشهرة على الاطلاق. يتحدث ابنه حول
اخلاصه ويقول: "كان العنوان الدائم الذي يكتبه على كتبه "مرتضى مطهري" ولم يسمح أن
تذكر أي عبارة أخرى قبل اسمه كالأستاذ وغيرها. كان شديد الابتعاد عن الشهرة مع أنه
كان من أوائل المؤسسين لشورى الثورة الإسلامية. وكان اسمه لا يذكر في الصحف ضمن
المؤسسين فكان يقول: "أن أقوم بما يجب عليَّ القيام به وأنا سأكون أكثر راحة إذا لم
يذكر اسمي. انا أسعى أن لا يذكر اسمي في غير الموارد الضرورية"5.
مسائل للعبرة
فيما يلي نتطرق إلى اثنتي عشر خصوصية للأستاذ مطهري ذكرها المحيطون والعارفون به
تصلح لتكون نموذجاً ودستور عمل لأصحاب الإيمان والمعنويات:
1- كان على وضوء دائم وكان يوصي بذلك.
2- كان شديد التعلق بالطبيعة وكان يجلس بعض الأوقات ساعات في أماكن طبيعية.
3- كان شديد المحافظة على صلاة الليل. لذلك كان ينام باكراً وينهض باكراً أيضاً.
4- كان أثناء البحث العلمي شديد التركيز الذهني بحيث كان يغفل عن المحيطين به.
5- كان يقرأ القرآن لمدة عشرين دقيقة يومياً قبل النوم.
6- كان يراقب أبناءه في مسألة القيام بالوظائف الدينية.
7- كان يساعد الفقراء والمحتاجين وقد ظهر ذلك جلياً بعد شهادته.
8- كان يدون المطالب الهامة بشكل دائم وفوري.
9- كان يرتفع بكاؤه عند تلاوة مصيبة سيد الشهداء عليه السلام والمناجات الليلية.
10- كان شديد الإيمان بالله تعالى حتى أيام الصعاب كان متعلقاً بالامداد الغيبي.
11- كان شديد الاحترام لوالده ووالدته وأساتذته.
12- كان يبتعد عن التظاهر في الأمور العبادية والاجتماعية والسياسية6.
نسيم الشهادة المعطر
كان للأستاذ مطهري رحمه الله وقبل ثلاث ليال من شهادته رؤيا صادقة استشم منها عطر
شهادته. وقد أخبر برؤياه حينها، قال: "رأيت في المنام أنني كنت مع السيد الخميني
نطوف بالكعبة، وفجأة رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد اقترب مني. كان
يقترب مني وكنت أحاول الوقوف إلى جانب الإمام الخميني قدس سره احتراماً له حيث أشرت
إليه وقلت: "يا رسول الله" السيد من أولادك، ثم تقدم الرسول صلى الله عليه وآله
وسلم إلى السيد الخميني وصافحه وهكذا فعل معي ثم وضع شفتيه على شفتيَّ ولم ينزعهما
وعند ذلك استيقظت... ثم تابع قائلاً: "أنا على يقين بأن حادثاً هاماً سيحصل عما
قريب"7.
ويطول الكلام حول صفات وخصائص الأستاذ الشهيد مطهري، نختمها بعبارات الإمام الخميني
قدس سره: "لقد ترك آثاراً خالدة في مدة عمره القصيرة حيث كانت شعاعاً من الوجدان
الحاضر والروح المليئة عشقاً بالإسلام"8.
* كتاب روضة المبلغين، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.
1- لقاء خاص مع آية الله واعظ زاده الخراساني، المصدر نفسه، ص481.
2- المصدر نفسه، ص506.
3- المصدر نفسه، ص334.
4- سورة الأنعام، الآية: 162.
5- قطعة من الشمس، ص144.
6- لمعات من الشيخ الشهيد، ص48.
7- قطعة من الشمس، ص106.
8- لمعات من الشيخ الشهيد، ص9.