نعمة العمل على العامل
عيد العمَّال
يقول أمير المؤمنين عليه السلام: "ألا وإن الشجرة البرية أصلب عوداً والرواتع الخضرة أرق جلوداً، والنباتات العذية أقوى وقوداً وأبطأ خمود"
عدد الزوار: 288
أثر العمل على العامل
يقول أمير المؤمنين عليه السلام: "ألا وإن الشجرة البرية أصلب عوداً
والرواتع الخضرة أرق جلوداً، والنباتات العذية أقوى وقوداً وأبطأ خمود"1.
إن الإنسان الذي يعارك الحياة ويواجه مصاعبها، هو إنسان مفعم بالحياة، حي
بكل ما للكلمة من معنى، حي في جسمه، وحي في روحه... حياة جسمه التي تنعكس
صحة فيه، وحياة روحه التي تنعكس سعادة واطمئناناً.
صحة البدن
لقد اهتم الإسلام بالروح وتنميتها وتنظيمها، ولكنه في نفس الوقت لم يغفل
البدن بل شرع الأحكام ووضعها لترتيب البدن وتأمين حاجاته ووضعه في خدمة
المسيرة
الإنسانية.
ولا شك أن كمال البدن يتحقق من خلال العمل، فالعمل يبني جسم الإنسان ويجعله
قوي البنية محكماً متناسقاً قادراً على مواجهة الأمراض، والقيام بدوره في
تأمين
حاجات ورغبات الإنسان على أكمل وجه ممكن.
على عكس الإنسان الخامل، فإن بنيته ستكون ضعيفة، يعجز عن مواجهة الأمراض
ويسقط أمام أقل امتحان بدني، ضعيف وخائر القوى.
وهذه
أول فائدة من فوائد العمال، حيث سيصل البدن إلى الكمال يقول الإمام
الخميني قدس سره: "إنني وفي البداية أشير إلى الجانب المادي للعمال،
لاحظوا مجموعة العمال بشكل عام سواء أولئك العاملين في الصناعات
والمصانع والكادحين فيها، أم اولئك الذين يعملون في المزارع، وبشكل عام
لاحظوا هذه الفئة الكادحة والعاملة والتي يعد هذا اليوم يومها، وانه
بالطبع يوماً للجميع، لاحظوا نشاط هذه الفئات العاملة والجوانب
المادية، هل انها تتمتع بسلامة الروح وسلامة البدن أكثر من أرباب
العمل؟ أكثر من أولئك الرأسماليين الذين يجلسون جانباً ولا يعملون،
ويقضون أعمارهم بالبطالة؟ ارجعوا إلى ضمائركم وتفكروا، لو أن أحداً جاء
من الخارج ونظر إلى عمّالنا، الذين نشاهد بحمد الله نموذجاً منهم حضر
اليوم إلى هنا سيماءكم وسواعدكم وصدورهكم الواسعة وبشاشتكم وسمع
نبراتكم، ثم شاهد مجلساً آخر اجتمع فيه أصحاب الرساميل والعاطلون الذين
يجلسون في بيوتهم ويأكلون وينامون ولا يقدمون شيئاً... سيشاهد هذا
الناظر أن هؤلاء العمال هم شباب أصحاء ونشيطون، بينما أولئك إما نائمون
أو خاملون أو يتأوهون من آلام قلوبهم وأجسامهم ورؤوسهم".
ويقول قدس سره: "إعرفوا قدر العمل، فالعمل يحافظ أمزجتكم لتبقى
سالمة، ولو بقي الإنسان عاطلاً فسوف تتوقف فعاليات وخلايا بدنه عن
النشاط، أما الذي يمارس فعالية وعملاً ولو محدوداً فإن خلايا بدنه تنشط
وتعمل وتعوض عن النقص. وقلما تشاهدون في مجموعة من العمال من يكون
مريضاً من بينهم ويشعر بالكآبة والحمد لله فإن الجميع يشعرون بالنشاط.
ويتخيل أولئك أنهم يشعرون بالراحة. إن
هذا
خيال يتخيلونه، في حال أن تلك الطبقة التي تسمي نفسها بالطبقة العليا
هي الحقيقة طبقة سفلى، لها من الأمراض والمصائب ما لا يمكن حصره".
سعادة الروح
لا شك أن سلامة الجسد وكماله سيؤثر على روح الإنسان ونفسه ومعنوياته
وسيرفع من أمامه الكثير من المشاكل التي يمكن أن يواجهها لو لم يكن
بهذا الكمال على المستوى البدني.
فهذه سعادة تصل إلى نفس الإنسان بشكل غير مباشر بسبب العمل ومن بركاته،
وبالإضافة على ذلك هناك سعادة معنوية مباشرة تحصل للإنسان بسبب
الإشتغال بالعمل، ويقول الإمام الخميني
قدس سره: "قد لا يدرك أكثركم هذا المعنى وهو أن الرأسماليين وأرباب
العمل والاقطاعيين يعيشون أياماً مرة وصعبة وأليمة، وإن يوماً واحداً
من عمركم يعادل حياتهم كلها. إنهم يلجأون إلى الترياق والأفيون
والهيروئين ومراكز الفحشاء بسبب البطالة والنهم في الأكل والنوم
والتحلل، لأنهم لا يقدرون على تحمل تلك الآلام التي يشعرون بها في
أعماقهم، وإني بمقدار إطلاعي ومشاهدتي في أيام شبابي فإن أغلب هؤلاء
الإقطاعيين كانوا يلجأون إلى الترياق، ويلجأ قليلو الدين منهم إلى
المسكرات والهيرويين وأمثال ذلك، أو إلى مراكز الفحشاء، ونحمد الله
أنكم أيها العمال لم تروا مثل هذه الأمراض وهذه المصائب والصعوبات
والأمل أن لا تروا ذلك".
1- بحار الأنوار، ج40، ص341.