تأثير الزمان والمكان في استنباط الاَحكام الشرعية
تأثير الزمان والمكان على التشريعات
إنّ لتغير الاَوضاع والاَحوال الزمنية تأثيراً كبيراً في استنباط الاَحكام الشرعية، والتأثير يرجع تارة إلى ناحية الموضوع وأُخرى إلى جانب الحكم، وإليك البيان:
عدد الزوار: 284
إنّ لتغير الاَوضاع والاَحوال الزمنية تأثيراً كبيراً في استنباط الاَحكام الشرعية،
والتأثير يرجع تارة إلى ناحية الموضوع وأُخرى إلى جانب الحكم، وإليك البيان:
تأثير الزمان والمكان في صدق الموضوعات
قد يراد من تبدّل الموضوع تارة انقلابه إلى موضوع آخر كصيرورة الخمر خلاً والنجس
تراباً، وهذا غير مراد في المقام قطعاً. وأُخرى صدق الموضوع على مورد في زمان
ومكان، وعدم صدقه على ذلك المورد في زمان ومكان آخر، وما هذا إلاّ لمدخلية الظروف
والملابسات فيها. ويظهر ذلك بالتأمّل في الموضوعات التالية: 1. الاستطاعة. 2.
الفقر. 3. الغنى. 4. بذل النفقة للزوجة. 5.وإمساكها بالمعروف حسب قوله
سبحانه:(فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوف)
(البقرة|231).
فإن هذه العناوين موضوعات لاَحكام شرعية، واضحة ولكن تختلف محقّقاتها حسب اختلاف
الزمان والمكان، فمثلاً:
1. التمكّن من الزاد والراحلة التي هي عبارة أُخرى عن الاستطاعة له محقّقات مختلفة
عبر الزمان، فربما تصدق على مورد في ظرف ولا تصدق عليه في ظرف آخر، كما هو الحال في
الاِمساك بالمعروف فإنّها تختلف حسب الظروف الاجتماعية، وتبدّل أساليب الحياة ولا
بُعد إذا قلنا انّ فقير اليوم غنيّ الاَمس.
2. في صدق المثلي والقيميّ، فقد جعل الفقهاء ضوابط للمثلي والقيمي، ففي ظلها عدّوا
الحبوب من قبيل المثليات، والاَواني والاَلبسة من قبيل القيميات، وذلك لكثرة وجود
المماثل في الاَُولى وندرته في الثانية، وكان ذلك الحكم سائداً حتى تطوّرت الصناعة
تطوراً ملحوظاً، فأصحبت تنتج كميات هائلة من الاَواني والمنسوجات لا تختلف واحدة عن
الاَُخرى قيد شعرة، فأصبحت القيميات بفضل الازدهار الصناعي مثليات.
3. في صدق المكيل والموزون على شيء حيث إنّ الحكم الشرعي هو بيع المكيل بالكيل،
والموزون بالوزن، لا بالعدّ، ولكن هذا يختلف حسب اختلاف البيئات والمجتمعات، ويلحق
بكلّ حكمه.
4. ومن أحكامهما انّه لا تجوز معاوضة المتجانسين متفاضلاً إلاّ مثلاً بمثل، إذا
كانا من المكيل والموزون، دون المعدود، وهذا يختلف حسب اختلاف الزمان والمكان، فرب
جنس يباع بالكيل والوزن في بلد وبالعدّ في بلد آخر، وهكذا يلحق بكل حكمه. هذا كلّه
حول تأثير عنصري الزمان والمكان في صدق الموضوع.