الشفاعة في القران
الشفاعة
العقاب الإِلهي في هذه الحياة الدنيا وفي الآخرة، لا ينزل بساحة الإِنسان دون شك من أجل الانتقام. بل إن العقوبات الإِلهية تشكل عنصر الضمان في تنفيذ القوانين،
عدد الزوار: 196
قال تعالى:
﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا
يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ
﴾ [البقرة: 48]
العقاب الإِلهي في هذه الحياة الدنيا وفي الآخرة، لا ينزل بساحة الإِنسان دون شك من
أجل الانتقام. بل إن العقوبات الإِلهية تشكل عنصر الضمان في تنفيذ القوانين، وتؤدي
في النتيجة إلى تقدم الإِنسان وتكامله. من هنا يجب الاحتراز عن أي شيء يضعف من قوّة
عنصر الضمان هذ،كي لا تنتشر بين النّاس الجرأة على ارتكاب المعاصي والذنوب.
من جهة اُخرى، لا يجوز غلق باب العودة والإِصلاح بشكل كامل في وجه المذنبين، بل يجب
فسح المجال لإِصلاح أنفسهم وللعودة إلى الله وإلى الطهر والتقوى.
«الشفاعة» بمعناها الصحيح تستهدف حفظ هذا التعادل. إنها وسيلة لعودة المذنبين
والملوثين بالخطايا، وبمعناها الخاطئ تشجع على ارتكاب الذنوب.
أولئك الذين لم يفرقوا بين المعنى الصحيح والخاطئ لمسألة الشفاعة، أنكروا هذه
المسألة بشكل كامل، واعتبروها شبيهة بالوساطات التي تقدم إلى السلاطين والحكام
الظالمين.
وثمة مجموعة كالوهابيين استندوا إلى الآية الكريمة:
﴿وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا
شَفَاعَةٌ﴾ [البقرة: 48] فأنكروا الشفاعة تماماً، دون الالتفات إلى سائر الآيات في
هذا المجال.
اعتراضات المنكرين لمسألة الشفاعة يمكن تلخيصها بما يلي:
1 الاعتقاد بالشفاعة، يضعف روح السعي والمثابرة في نفس الإِنسان.
2 الاعتقاد بالشفاعة، انعكاس عن ظروف المجتمعات المتأخرة والإِقطاعية.
3 الاعتقاد بالشفاعة، يؤدي إلى التشجيع على ارتكاب الذنوب وترك المسؤوليات.
4 الاعتقاد بالشفاعة، نوع من الشرك بالله، وهو معارض للقرآن!
5 الاعتقاد بالشفاعة، يعني تغيير أحكام الله وتغيير إرادته وأوامره!
ولكن كل هذه الاعتراضات ناتجة كما سنرى عن الخلط بين الشفاعة بمفهومها القرآني،
والشفاعة بمعناها المنحرف الرائج بين الجهلة من النّاس.
ولما كانت هذه المسألة في جانبها الإِيجابي والسلبي ذات أهمية بالغة، فعلينا أن
ندرسها بالتفصيل من حيث مفهومها وفلسفتها، وارتباطها بعالم التكوين، وموقعها في
القرآن والحديث، وصلته بالتوحيد والشرك، كي يزول كل إبهام يرتبط بالآية المذكورة
وسائر الآيات في حقل الشفاعة.