تبديل السيئات حسنات
إضاءات إسلامية
حينما يتوب الإنسان ويؤمن بالله ، تتحقق تحولات عميقة في جميع وجوده ، وبسبب هذا التحول والإنقلاب الداخلي تتبدل سيئات أعماله في المستقبل حسنات ، فإذا كان قاتلا للنفس المحترمة في الماضي ،
عدد الزوار: 74
هنا عدة تفاسير ، يمكن القبول بها جميعا
1_ حينما يتوب الإنسان ويؤمن بالله ، تتحقق تحولات عميقة في جميع وجوده ، وبسبب هذا
التحول والإنقلاب الداخلي تتبدل سيئات أعماله في المستقبل حسنات ، فإذا كان قاتلا
للنفس المحترمة في الماضي ، فإنه يتبنى مكانها في المستقبل الدفاع عن المظلومين
ومواجهة الظالمين . وإذا كان زانيا ، فإنه يكون بعدها عفيفا وطاهرا ، وهذا التوفيق
الإلهي يناله العبد في ظل الإيمان والتوبة .
2_ أن الله تبارك وتعالى بلطفه وكرمه وفضله وإنعامه يمحو سيئات أعمال العبد بعد
التوبة ، ويضع مكانها حسنات ، نقرأ في رواية عن أبي ذر : قال : قال رسول الله ( صلى
الله عليه وآله وسلم ) : " يؤتى بالرجل يوم القيامة فيقال اعرضوا صغار ذنوبه ،
وتخبأ كبارها ، فيقال : عملت يوم كذا وكذا ، وهو يقر ليس بمنكر ، وهو مشفق من
الكبائر أن تجئ ، فإذا أراد الله خيرا قال : اعطوه مكان كل سيئة حسنة ، فيقول : يا
رب لي ذنوب ما رأيتها ها هنا ؟ " قال : ورأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم
) ضحك حتى بدت نواجذه ،ثم تلا : فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات .
3_ التفسير الثالث هو أن المقصود من السيئات ليس نفس الأعمال التي يقوم بها الإنسان
، بل آثارها السيئة التي تنطبع بها روح ونفس الإنسان ، فحينما يتوب ويؤمن تجتث تلك
الآثار السيئة من روحه ونفسه ، وتبدل بآثار الخير ، وهذا هو معنى تبديل السيئات
حسنات .
ولا منافاة بين هذه التفاسير الثلاثة قطعا ، ومن الممكن أن تجتمع كل هذه التفاسير
الثلاثة في مفهوم الآية .
الآية التالية تشرح كيفية التوبة الصحيحة ، فيقول تعالى : ومن تاب وعمل صالحا فإنه
يتوب إلى الله متابا .
يعني أن التوبة وترك الذنب ينبغي ألا تكون بسبب قبح الذنب ، بل ينبغي - إضافة إلى
ذلك - أن يكون الدافع إليها خلوص النية ، والعودة إلى الله تبارك وتعالى .
لهذا فإن ترك شرب الخمر أو الكذب بسبب إضرارهما مثلا ، وإن كان حسنا ،لكن القيمة
الأساس لهذا الفعل لا تتحقق إلا إذا استمد من الدافع الرباني .
بعض المفسرين ذكروا تفسيرا آخر لهذه الآية ، وهو أن هذه الجملة جواب على التعجب
الذي قد تسببه الآية السابقة أحيانا في بعض الأذهان ، وهو : كيف يمكن أن يبدل الله
السيئات حسنات ؟ ! ، فتجيب هذه الآية : حينما يتوب الإنسان إلى ربه العظيم ، فلا
عجب في هذا الأمر .
تفسير ثالث ذكر لهذه الآية ، وهو أن كل من تاب من ذنبه فإنه يعود إلى الله ،ومثوبته
بلا حساب .
وبالرغم من عدم وجود منافاة بين هذه التفاسير الثلاثة ، لكن التفسير الأول أقرب ،
خاصة وأنه يتفق مع الرواية المنقولة في تفسير علي بن إبراهيم القمي في ذيل هذه
الآية .
تفسير الأمثل سورة الفرقان / اية الله مكارم الشيرازي.
2016-04-04