الإيمان القلبي
معارف إسلامية
بعد الإيمان الظاهر يصل الدور إلى الإيمان الحقيقي الواقع في القلب الذي يثبت ويرسخ في القلب، فيخاطب الله أمثالنا من الذين امنوا ويأمرنا بأن:
عدد الزوار: 314
بعد الإيمان الظاهر يصل الدور إلى الإيمان الحقيقي الواقع في القلب الذي يثبت ويرسخ
في القلب، فيخاطب الله أمثالنا من الذين امنوا ويأمرنا بأن: "آمِنُواْ بِاللّهِ
وَرَسُولِهِ" فإذا امنتم حقيقة، يعني التزمتم بلوازم إيمانكم حتى يرسخ الإيمان
والعمل الصالح "ولو شئنا لرفعناه بها" لكنه لم يشأ لأنه ليس من سنّته إجبار أحد على
الإيمان والعمل الصالح، إنما شاء أن يختار الإنسان لنفسه ما يشاء. والحاصل أننا
بفضل الله عرفنا منهج الإيمان، لكن بعد ذلك نحتاج إلى تقوية إيماننا بحيث لا يزعزعه
أيّ أمر، ولا تزيله أي شبهة، ولا تضعفه أي وسوسة، فنحن معرّضون لوساوس الشياطين
وللشبهات التي يلقيها شياطين الجن والإنس. يجب أن نكون على إيمان كامل حتى لا تؤثر
فينا هذه الشبهات وهذه التشكيكات، وبعد ذلك نقوم بتعليم الاخرين وتقوية إيمانهم،
فإذا قمنا بهذا الواجب يؤيدنا الله تبارك وتعالى بروح منه ويقذف نوراً في قلوبنا "وَيَجْعَل
لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ"، والمثال الأكبر الذي جعل مثل هذا النور في قلبه هل
تعرفون من هو؟
نحن عرفنا وكل الناس عرفوا أن الإمام رضوان الله عليه مؤيد بروح من الله، وقد سمّاه
أبوه روح الله، وكان مؤيداً بنور من الله في قلبه: "اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر
بنور الله". فقد ثبت أنه رضوان الله عليه ورفع درجاته كان يتمتع بنور خاص ما كان
يتمتع به زملاؤه وتلامذته وأعوانه، فربما انفرد برأيه واستقام عليه حتى رزقه الله
النجاح ولم يشاركه أحد في رأيه، فذلك نور من الله. وهذا النور ليس وقفاً على أحد
وعلى إنسان خاص، إنما هو رحمة من الله يعطيها من يشاء من عباده، والذي لا يشاء هو
الذي لا يكون لائقاً لتلقيه، واللياقة للتلقي لا تكون إلاّ بالإيمان والعمل الصالح
"اتقوا الله وامنوا برسوله... يجعل لكم نوراً"، فلا بد لنا أن نقوّي إيماننا بمعونة
من النور الذي جعله في فطرتنا، وبمعونة من نور العقل والنور الذي نزل على نبينا صلى
الله عليه وآله: "قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل
السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم"فمن النور ما
جعله الله في صميم فطرتنا، نعرف به ربنا ونعرف به أصول الخير والشر: "وَهَدَيْنَاهُ
النَّجْدَيْنِ"، "فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا"، ومن النور ما خصّ الله
به أنبياءه عليهم السلام وجعل العلماء وارثين لهم في ذلك النور، فالعلماء ورثة
الأنبياء: "إن الأنبياء لم يورّثوا درهماً ولا ديناراً ولكنهم ورّثوا العلم فمن أخذ
منه أخذ بحظ وافر". فعلينا أن نستعمل عقلنا للحصول على المعارف العقلية المتينة
المتقنة القويمة والتي تقاوم أنواع التشكيكات والشبهات الشيطانية، وعلينا أن نستفيد
من الوحي الذي ألقاه الله على نبينا ومن العلوم التي ألهمها أولياءه أهل البيت
عليهم السلام. هذا هو برنامج المؤمن الذي يريد أن يسير على سيرة الأنبياء وأن يمشي
على هديهم وأن يقتدي بهداهم ويرجو أن يُرزق شفاعتهم.
* المصدر / المعارف الانسانية / اية الله مصباح اليزدي.
2016-03-23