الموضوع الثقافي
بسم الله الرحمن الرحيم
مجدداً؛ هذه المناسبة هي
مناسبة طيبة وعطرة وعظيمة بالنسبة إلينا جميعاً. إنها تعني الكثير على المستوى
الفكري والعقائدي والثقافي والإيماني وعلى المستوى الروحي والنفسي والمعنوي والعاطف.
بل هي من أعظم المناسبات على الإطلاق. وهي تعبّر عن هذا الأمل العظيم الذي يملأ
قلوبنا بالوعد الإلهي الآتي.
أنا أود ــ طبعاً باختصار شديد ــ يعني أن هندست الأقسام بطريقة بحيث أنه إن شاء
الله لا أطيل عليكم كتيراً. يوجد عدة نقاط بهذا الملف ــ يعني ملف قضية الإمام
المهدي (عليه السلام) وقضية الظهور وقضية العلامات وقضية الأحداث التي تجري الآن ــ
عدة نقاط يجب أن نؤكد عليها؛ وإن كان بعضها ذكر في مناسبات سابقة.
النقطة الأولى، أصل مسألة المهدي وأنه في آخر
الزمان سيأتي رجلٌ مواصفاته كذا وكذا وكذا ويظهر في آخر الزمان ويحقق كذا وكذا. هذا
أمر محسوم عند المسلمين وفيه روايات كثيرة جداً ــ البعض يتحدث بالآلاف؛ البعض
يتحدث بالمئات ــ لكن ما يصطلح عليه بالتواتر؛ هذه أحاديث متواترة وتصل إلى نتيجة
قطعية وحاسمة: أنه، نعم هذا شيءٌ سيأتي في آخر الزمان من يؤمن بالإسلام ويؤمن بنبي
الإسلام محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)؛ على ضوء هذا العدد الكبير والهائل من
الروايات الموجودة في كتب المسلمين السنة والشيعة يجب أن يؤمن بهذه النتيجة. في هذا
الإطار، وعندما ننزل تحت الأصل نعم يوجد نقاش.
هناك أمور محسومة أيضاً ومتفق عليها بين المسلمين: أما أن هذا الرجل المهدي الذي
سيخرج في آخر الزمان هو من عترة وذرية رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)
وأنه من ذرية سيدة نساء العالمين فاطمة (عليها السلام) وأنه يملك من المواصفات
الدينية والإيمانية والروحية والمعنوية والعلمية والمعرفية والقيادية مستوى عالي
جداً من المواصفات؛ وأنه سيواجه طواغيت العالم وأنه سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد
أن ملئت ظلماً وجوراً وأنه سيبسط العدل على وجه الأرض وأنه وأنه. هذه أيضا لا نقاش
فيها؛ لا نقاش فيها بين المسلمين سنة وشيعة. .
نعم يوجد نقاش أساسي: أنه ــ المهدي ــ ولد أو أنه سيولد. نحن نقول أن المهدي (عليه
السلام) هو الحجة بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن
موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين علي بن الحسين بن سيد
الشهداء ابن علي بن أبي طالب من فاطمة الزهراء (صلوات الله وسلامه عليها وعليهم
أجمعين) من ذرية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). وأنه ولد سحر أو قبيل الفجر
من ليلة الخامس عشر من شعبان سنة 255 للهجرة. هذا رأي.
وهناك رأيٌ آخر يقول: لا، إن المهدي الذي تحدثت عنه الروايات والذي سيملأ الأرض
قسطاً وعدلاً وهو من ذرية رسول الله و و و، سيولد في آخر الزمان. وعندما يبلغ السن
الفلاني 35 سنة أو 40 سنة وتتهيأ الظروف والمعطيات يخرج ويحقق كل النبوءات التي
تحدث عنها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتداولها المسلمون عن طريق أهل
البيت أو صحابة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) حسناً إلى هنا النقاش واضح وأين
بالتحديد أيضاً.
نقطة أخرى لما نأتي لكتب المسلمين نجد لدينا روايات كثيرة وأحاديث كثيرة تتحدث عن
أحداث المستقبل. يعني النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان بالمسجد يحدّث أصحابه (رضوان
الله عليهم) عن أحداث المستقبل ــ ليس مستقبل آخر الزمان، بل حتى المستقبل القريب
ــ ويقول لهم: سيكون بعدي كذا وسيكون بعدي كذا وسيكون بعدي كذا؛ وصولاً إلى أحداث
آخر الزمان؛ وصولاً إلى قيام المهدي وتحقق أهدافه؛ وصولاً إلى إرهاصات القيامة
ومقدمات القيامة.
هذا كله تحدث عنه النبي والصحابة نقلوه. أهل البيت تحدثوا عنه ونقلوه، وموجود في
كتب المسلمين السنّة والشيعة ــ أيضاً أعداد كبيرة من الروايات. جزء من هذه الأحداث
الموجودة عندنا في الكتب ــ يعني من هجرة النبي، من بعثة النبي (صلى الله عليه وآله
وسلم) إلى اليوم ــ جزء كبير من هذه الأحداث تحقق عبر التاريخ. النبي تحدث عن حكم
بني أمية وعن تسلط بني أمية على منبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وتحدث عن
طبيعة حكم بني أمية.
تحدث بالروايات عن حركة الخراسانيين وأبو مسلم الخراساني وبني العباس وماذا يفعل
بنو العباس. بالروايات الموجودة عندنا؛ موجود الحديث عن المغول وغزو المغول وهكذا.
كثير من هذا تحقق. هناك روايات لا تتحدث فقط عن أحداث سياسية؛ تتحدث عن أحوال الناس
وحالات الناس. النبي كان يقول الحكام يصيرون إلى هذه الحالة وتلك. العلماء القضاة،
الفقهاء، الرجال، النساء، الأوضاع الاجتماعية، العلم، القرآن، المسجد، الاهتمامات
الشخصية؛ كل ذلك موجود بالروايات. الذي يرجع للكتب المختصة سيجد عدد كبير جداً من
الروايات كمان أيضا تتحدث عن هذه الأوضاع الاجتماعية والثقافية والشخصية وطبقات
الناس وشرائح الناس المختلفة.
إذاً، هذا جزء كبير منه تحقق؛ انتهى. إنتهى، لا أننا ننتظره. وهذا لم يكن يحكى عنهه
كعلامة من علامات المهدي أو أنه على صلة بخروج المهدي أو قيام المهدي. بل كان يحكى؛
أنه بعدي سيكون كذا؛ وسيصير كذا وكذا. طبعاً، إذا أحدنا أخذ يستعرض ما ورد من
روايات من طرق الشيعة والسنّة عن أخبار المستقبل عن لسان رسول الله (صلى الله عليه
وآله وسلم)، ونقل بالوسائل المختلفة ويضع جدولا فيما تحقق من هذه الأخبار ــ
الإخبارات بالمستقبل ــ سيجد أن عدداً كبيراً منها قد تحقق.
هذا بحد ذاته دليل على معجزة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). ودليل على أن هذا
الرجل العظيم الذي ولد يتيماً في مكة المكرمة في شبه الجزيرة العربية الأمية
القاحلة، أل أل، أل، أل، هو يأتي بهذه الإخبارات والتي تتحقق عبر مئات السنين وما
زالت تتحقق؛ هذه معجزةٌ تدل على نبوته ورسالته واتصال خبره بالسماء واستمداده من
الوحي الإلهي. وإلا لو كان منقطعا عن الله سبحانه وتعالى ولا يوحى إليه، لا يمكن أن
يقدم كل هذه الأخبار المستقبلية وبهذه الجرأة.
حسنا؛ بقي لدينا، بقية الأخبار التي تتحدث عن المستقبل. هذه الأخبار التي لم تتحقق
يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أجزاء. يعني، إذا بدنا نحكي اليوم نحن في عام 1436 هجري
قمري 2015 ميلادي؛ الذي مضى قد مضى. من الآن ولما بعد يوجد أخبار تحكي عن أحداث في
المستقبل الآتي؛ لكن لا تقول أنها مرتبطة بالإمام المهدي (عليه السلام). وبعضها
يتحقق وقد يتحقق أمامنا.
القسم الثاني، هي التي ترتبط بظهور المهدي
(عليه السلام) ولكنها لا تتحدث عن ارتباط زماني محدد؛ لا تقول بعد ستة أشهر من هذه
الحادثة أو من هذه الواقعة أو بعد تسعة أشهر أو بعد سنة أو بعد سنتين. وإنما تقول
هذه علاماتٌ على ظهوره.
القسم الثالث؛ هو يتضمن جدولاً زمنياً: مثل
الذي يحكى عن اليماني والسفياني والخراساني والصيحة من السماء والخسف في البيداء
وما هو موجود في كتب المسلمين عامةً. هنا يوجد جدول زمني: ست اشهر، تسع اشهر و12
شهر، ونقاش حول المدى الزمني لهذه العلامات. طبعاً الجزء الثالث أو القسم الثالث هو
الأهم على الإطلاق. الجزء الأول، يضيء لنا، وبزيدنا يقين بنبوة نبينا وما جاءت به
أحاديثنا وما تفسره من قرآن ربنا. الجزء التاني، يضيء لنا أكتر ويشحنّا بالأمل
أكثر. لكن الجزء الثالث، هو الذي يقول لك: تأهب؛ كن جاهزاً كن مستعداً. هذه القصة
جدولها الزمني بدأ بالتحقق. هذه هي الأصناف الثلاثة لما بقي من إخبارات عن
المستقبل.
حسنا؛ النقطة التي تلي ــ هذا موضوع على درجة عالية جداً من الحساسية ــ نريد أن
نحدد كيف نتعاطى معه، ونقول للناس أيضاً كيف يجب أن يتعاطوا معه. لأنه؛ مثل كثير من
الأمور الطيبة والجيدة والمحببة للناس. تعرفون أن الناس يحبون أن يحدثهم أحد عن
المستقبل. لأنهم أولاً، مستعجلين. هذه هي طبيعة الناس. بعضهم ربما يكون فضولي.
بالنهاية هذا المستقبل مستقبله، ومستقبل أولاده ومستقبل أحفاده.
لذلك، ترون في برامج التلفزيونات حول المنجّمين والمتوقعين؛ حتى من لا يؤمن؛ مع ذلك
تجد البعض يهتم لإن هذا الموضوع بحد ذاته جذاب. ماذا يفتح هذا ؟ هذا يفتح باب أمام
الاستغلال.
يعني، مثل أي موضوع: مثل العلم، مثل السلاح، مثل المال، هو نعمة يمكن أن تستخدمها
في الخير ويمكن أن تستخدمها بالشر.
هذا السلاح يمكن أن يحمله أحدهم ليدافع عن شعبه وأهله وبلده وأعراضه ويمكن أن يحمله
ليقطع طريق ويعتدي على الناس. الشيء نفسه بالنسبة للعلم. وهذا الموضوع بالمثل، ربما
يأتي أحدهم إلى هذه الروايات ويؤلف كتب ويحقق ويتحدث بهذه الموضوعات من أجل هداية
الناس وإضاءة الطريق أمامهم وبعث الآمال في قلوبهم. وربما يأتي أشخاص من أجل يسرقوا
الناس وينهبوها ويستغفلوهم ويقطعوا طريق الحق ويستغلوا طيبة الناس وعقول الناس
وقلوب الناس وآمال الناس وإيمان الناس. مثل هذا كله الآن موجود.
يعني، أنا لا اتكلم عن موضوع افتراضي؛ إنني أتكلم عن موضوع موجود. هذا ماذا يتطلب
أولاً ؟ أنه نحن الذين نتابع ونقرأ ونكتب وإذا أحد عنده محاضرة نستمع له أو نجلس
بسهرة ونتكلم أنه يوجد أناس يتكلمون عن علامات الظهور وهو يتكلم عن العلامات؛
أولاً، يجب أن ننتبه: اليوم هناك موضة؛ يوجد أشخاص يتحدثون عن علامات وعن أحداث وعن
وقائع وعن أمور؛ أصلاً لا أساس لها في الروايات الإسلامية.
أصلاً، لم يرد ذكرها حتى في رواية ضعيفة، حتى في رواية نعلم أنها مكذوبةٌ وموضوعة.
أصلاً، لم يأتي ذكرها على لسان أحد: لا النبي ولا أهل البيت ولا صحابة النبي الذين
نقلوا عن النبي، ولا موجودة في كتب المسلمين على الإطلاق. ومع ذلك تجد البعض من
الناس يجلسون ويتحدثون ساعة وساعتان وثلاثة ويختلق لك أحداث وعلامات وشخصيات
وتطورات لها صلة بالإمام المهدي (عليه السلام) وهي لا أساس لها من الصحة على
الإطلاق. طبعاً، لا أرغب بعرض أمثلة لإني لا أريد أن أتحدث عن أشخاص محددين الآن.
لكن ربما يأتي يوم ما ونتحدث بالأسماء. هذا مايجب
الانتباه إليه أولاً.
يعني ما هو اجتهادات شخصية وتكهنات شخصية ــ هذا رأى منام، وهذا سمع من فلان أو
علان، وهذا رأى أحدهم وه مار بالشارع فنقل له. هذا ليس له أي قيمة على الإطلاق. ما
له قيمة، هي أن تكون هذه الحادثة أو العلامة أو أو أن، تستند إلى روايةٍ تعود إلى
مصدر الوحي ومعدن العلم وتتصل بالغيب الإلهي؛ يعني الروايات الشريفة التي تتصل
برسول الله وأهل بيت العصمة (صلوات الله وسلامه عليهم). هذه أول نقطة: أن نكون
حذرين، وإلا فهناك الآن ضخ في مواقع الإنترنت، ومؤلفات تصدر. والأن طبعاً عالم
الإنترنت عالم هائل ضخم.
يعني هذا الذي يسمى العالم المجازي أو الافتراضي أو ما شاكل، هذا لا يستطيع أحد
السيطرة عليه. ؛ المهتم بهذا النوع من الأبحاث ينبغي عليه أن يوفر حصانة لك
ولعائلتك؛ لأولادك، لبناتك، لشبابك. أي شي لا يستند إلى معدن العلم وإلى مهبط الوحي
فلا قيمة له. هذا حكي مثل أي حكي. لكن أن تقف عنده وتتأمل فيه وتبني عليه وتحسب له
حسابا ! هذا ليس له أي أساس.
الأمر الثاني، أنه حتى في الروايات الموجودة
في الكتب، نحن حقيقةً في هذا الأمر نحتاج أن نعود إلى العلماء المحققين المدققين
المتخصصين ليقولو لنا ما هو المقبول منها وما هو المرفوض. ببساطة، أقول لكم: هذا
المسمى أحداث المستقبل وأخبار المستقبل وعلامات الظهور وحركة الإمام المهدي وما بعد
الإمام المهدي إلى قيام الساعة؛ هذا يصطلح عليه عند العلماء يإسم " الملاحم والفتن
". يعني، عنما يقولون: كتاب في الملاحم والفتن، يعني هذه السوالف اسمها، الملاحم
والفتن. يوجد نوع ثاني من الكتب يسمى " كتاب الفضائل ". مثلاً، يقول لك رواية عن
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في فضل فلان وفلان وفلان وفلان وفلان هذا اسمه
" كتاب الفضائل ".
علماء المسلمين خصوصاً المهتمين بعلم الحديث وعلم الرجال يقولون: أكثر مجالين تم
وضع الأحاديث فيهما ــ يعني وضع أحاديث مكذوبة لا أساس لها من الصحة؛ لم يقلها رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإنما وضعت إما لأن هذا يريد أن ينتصر لفلان ــ
الشخصية ــ أو فلان يريد أن ينتصر لرأيه أو فلان يريد أن ينتصر لجماعته فيضع سند من
عنده: " وقال رسول الله ". هذا موجود ــ علماء المسلمين شيعة وسنّة يقولون: إن أكثر
الأحاديث والكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وضعت في الأحاديث؛ في
الملاحم والفتن، وفي الفضائل. وغالباً لأسباب سياسية في الفضائل.
والامر واضح لأن رواية يمكن أن ترفع ناس أو تضع آخرين تحت الأرض. وبالملاحم والفتن؛
لإنها كانت تحكي عن أحداث وعن أقوام وتمدح أهل هذا البلد وتذم أهل ذاك البلد وتحكي
عن معركة ستحصل هنا لمصلحة هذا أو هذه الجهة. تماما كما حصل بالنسبة الحرب للعالمية
حيث تم استغلال نبوءات نوستراداموس وغير نوستراداموس.
هذا جزء من الحرب السياسية والإعلامية.
إذاً، علماؤنا ــ ونحن معهم، يعني كمسلمين ــ لدينا قطع ويقين بإن هذه الروايات إذا
جمعناها مثلاً وتشكل منها ــ فرضاً ــ هذه المجموعة من الروايات: خمس مجلدات، ست
مجلدات؛ أنا وأنت نستطيع أن نضع يدنا على الكتاب ونقول: نقسم بالله العظيم أن بعض
هذه الروايات مكذوبةٌ على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يقلها بالأصل.
وهذا ما يدعو إلى التدقيق فيها.
هذا عدا مسألة أنه واللهِ يعني يجب أن نتشدد بالسند وما التشدد بالسند ومثل الفقه
ومثل الأحكام بحث ثاني. حسنا؛ أنت تعلم أنه فعلا يوجد جزء من الروايات موضوع ومكذوب
على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم). فكيف تريد أن تبني عليه ؟ عليك أن تحقق،
تدقق، تميز حتى تبني عليه. هذا ثانياً.
وبالتالي هذا العالم يجب أن نتعاطى معه قليلاً باحتياط، فلا نفترض أن هذا من باب
التسامح؛ من باب التساهل مثل ما يتكلمون مثلاً عن المستحبات، أو عن التوجيهات
والآداب الأخلاقية. لا، هذا موضوع يترتب عليه مصائر ويترتب عليه مستقبل ويترتب عليه
حروب ويترتب عليه مواقف ويترتب عليه معنويات عالية وانهيارات نفسية. هذا موضوع
يترتب عليه آمال وإحباطات.
أنت هنا لا تلعب بفكر شخص واحد وثقافة شخص واحد فقط؛ أنت تلعب بمصير شعوب مصير أمم
لأنه في الناس في نهاية الأمر، تتأثر وتبني حساباتها على هذا الأساس.
ثالثاً، كذلك من باب التأكيد في ذكرى مولد
الإمام المهدي (سلام الله عليه)؛ فيما يخص مشكلة تطبيق التطبيق والعلامات ــ بالرغم
أننا تكلمنا في هذا الموضوع في اكثر من مناسبة ينبغي أن نكرر ويكرر أخواننا العلماء
أيضا الكلام فيه.
والشباب والأخوات يجب أن
يهتموا في هذا الموضوع لأنه الآن جزءا من مساحة الابتلاء الموجودة ــ حسناً؛ لدينا
بالروايات هنا التطبيق طبعاً أخطر شيء بالعلامات (التي تدخلك على الجدول الزمني).
يعني عندما يبدأ العالم يقول: هذا الخراساني وهذا اليماني وهذا السفياني وهذا
الفلاني وهذه الحادثة الفلانية. أو يقول لك: هذا الأمر سيحصل بعد ستة أشهر وذاك بعد
سبع أشهر وذلك بعد سنة وهكذا. . . هذا طبعاً، خطير جداً.
أولاً، التطبيق بهذا المعنى هو غير جائز شرعاً لأنه قولٌ بغير علم. ولأنه بتعبير
أوضح كذب. يعني أنا أتي إلى التطبيق بغير علم يعني أني أكذب. والكذب حرام. وهذا في
تضليل وهذا في تشويه.
أضف إلى ذلك أنه حسناً؛ عندما هذه العلامات يمر الوقت ولا تحصل أو تحصل ولا يأتي ما
بعدها هذا سيؤدي إلى الإحباط وإلى الوهن وإلى الضعف وإلى وصول الشك في أصل هذه
العقيدة المهدوية المسلّمة عند المسلمين. ولذلك يجب أن لا نسمح لا في مجالسنا ولا
في كتبنا ولا في سهراتنا ولا في مساجدنا ولا في حلقاتنا الثقافية بهذا النوع من
الثقافة الخاطئة؛ التي أنا أعتبرها أيضاً مدمرة فكرياً وثقافياً وروحياً وتفتح
أبواب الفساد. نعم، نحن لا نريد أن نسد باب الاحتمال.
حسناً؛ ممكن أن يأتي أحد ويقول: يا أخي احتمال والاحتمال لا يسبب مشكلة. لأن
المحتمل يبقي باب الأمل مفتوح ويحفظ خط رجعة.حسناً؛ إذا لم تحصل أنا احتملت وأنا لا
أجزم ولا أعرف. لكن حتى في الاحتمال يجب أن يكون الإنسان محتاطاً وحذراً ولا يكثر
من الاحتمالات حتى تكبر الآمال وتأتي النتائج معاكسة.
الأمر الرابع، وهو الأشد خطورة بناءً على
الثالث والثاني والأول الأمر الرابع وهو يحتاج إلى وعي وإلى حذر شديدين. في هذه
المرحلة بدأت تُفتح دكاكين ــ الآن بدأت تفتح دكاكين وأنا أشرت إليها قبل عدة أيام
ــ يعني الآن تجد لهم على صفحات على مواقع الإنترنت وعندهم منشورات يوزعونها. ولا
أعرف إذا لديهم فضائيات أيضاً.
أحدهم يخرج علينا ويدعي أنه النائب الخاص للإمام المهدي (عليه السلام) طبعاً، هذا
يجب أن يُكذّب. يجب أن يُكذّب ولا نسكت عنه ونقول له: إنت كذّاب. لأن هذه هي وصية
الإمام (عليه السلام). مع انتهاء الغيبة الصغرى وبداية الغيبة الكبرى لا وجود لنائب
خاص للإمام. لا وجود لسفير خاص للإمام (عليه السلام). يطل علينا آخر ويدعي أنه سفير
الإمام المهدي (عليه السلام) إلى اللبنانيين أو إلى العراقيين أو إلى سواهم: الإمام
المهدي (عليه السلام) يقول لكم إفعلوا كذا وإفعلوا كذا، لا تفعلوا كذا لا تفعلوا
كذا. هذا كذب هذا دجل وهذا يجب أن يُكذّب ويجب أن يُنهى عن هذا المنكر وعن هذا
الضلال وعن هذا الفساد.
بعد أسوأ من ذلك؛ يخرج علينا مدعٍ ثالث يزعم أنه ابن الإمام المهدي(بعد ابن الإمام
المهدي لم يقل ماذا يريد أن يفعل وأنت بدك تعمل يعني إنك ابنه فبقول لك إيه أنا
الإمام المهدي أبي). يزعم أنه إبن الإمام مع أن أباه معروف وإمه معروفة ونسبه معروف
وكذلك عشيرته وعائلته وسلالاته؛ أبّاً عن جد. ولكن تصل الوقاحة ببعض الأشخاص والدجل
إلى هذا المستوى ويقول: أنا ابن الإمام الحجة بن الحسن العسكري أو يأتي آخر و يقول:
أنا حفيده الثالث أو الرابع أو الخامس أو السادس. أنا حفيده وأنا نائبه وأنا سفيره
وأنا الإمام بعده وأنا وأنا وأنا. هذا الآن موجود.
أيها الإخوة والأخوات لماذا نتكلم عن الموضوع. هذا الموضوع ليس مخفياً لنقول والله
نتكلم عنه بالمسجد على جنب. هذا موضوع موجود بالفضائيات وعلى مواقع الإنترنت وفي
الشارع. وطبعاً، هذه الادعاءات كلها ادعاءات واهية لا تستند إلى أي دليل ولا إلى أي
منطق ولا إلى أي عقل لكن تتلاعب بعواطف الناس وبعقول الناس وبقلوب الناس. لماذا يجب
أن نثير هذا الموضوع في مثل هذه المناسبة لأننا نتوقع مع قادم الأيام أن يكثر هؤلاء
المدّعون: واحد يقول أنا نائب المهدي وآخر يقول أنا سفير المهدي وثالث يقول أنا
ابنه ورابع يقول أنا حفيده. ربما غدا يطلع أحدهم يقول: أنا صهره أو أنا مزوجته أختي
إختي أو زوجته ابنتي. يعني توقعوا كل شي. لإن هذا الأمر ليس من باب إستغلال عواطف
الناس وعقول الناس ونهب الناس؛ كأن يأتي أحدهم ويقول للناس: دعوا أموالكم عندي وأنا
أتاجرلكم بهم مقابل أرباح أرباح بنسبة مئوية عالية. لا، هنا من يقول للناس: أعطوني
أموالكم كي أنقلها للإمام المهدي؛ لأبي الإمام المهدي، أو للإمام الذي أنا نائبه أو
سفيره.
إذاً، يوجد استغلال دنيوي لهذا الموضوع. نحنا أهل العقل وأهل المنطق وأهل الحكمة
وأهل الأصول والمباني ولدينا علماء كبار ومراجع كبار ومحققون كبار لا تمر عليهم هذه
الأعمال الصبيانية. وكثير من هؤلاء المدّعين أيضاً ــ أيها الإخوة والأخوات ــ هم
ليس لديهم حتى مستوى علمي. يعني مثلاً، أحدهم الآن رايته مرفوعة على أنه حفيد
المهدي واليماني وكذا ــ أنا استمعت إلى خطابه ــ هل يعقل أن شخصا يدّعي أنه هو
الإمام وهو معصوم ويكسّر بالنحو، وكسّر عظام "سيبويه" ويكسّر بالبلاغة بخطابه من
بدايته إلى نهايته.
يعني، شاب لم يدرس سوى سنة أو سنتين يستطيع أن يبقي مثل هكذا الخطاب: لا يتضمن شيئا
مميزا أو فكرة جديدة، ولا يقدم أية إضاءة. عندما يتحدث هؤلاء يستطيع الإنسان أن
يكتشف بكل بساطة، أنهم فارغون؛ لا يملكون لا علما ولا فكرا ولا فقها. عندهم فقط
إدعاءات زائفة. هذا الأمر يجب أن نحذر منه في ما نحذر. لأن الساحة اليوم متلاطمة،
وكلما اقتربنا من ذاك الزمن كلما كثرت الفتن.
الفتن ليست هي الفتن العسكرية والسياسية. ما هو أخطر من الفتن العسكرية والسياسية
هي الفتن العقائدية والفكرية والثقافية وهذا النوع من التضليل والدجل الذي يضيّع
الناس ويضيّع حياتهم مستقبلهم وآخرتهم.
والنقطة ما قبل الأخيرة في القسم الثقافي هو موضوع التوقيت.
هناك عندنا في الروايات أمر حازم جازم حاسم قاطع لا مجال للنقاش فيه، وهو المنع من
التوقيت وتحريم التوقيت. التوقيت يعني أن يأتي أحدهم ويقول: لكم يا جماعة، إن شالله
مع حلول عيد الفطر لشهر رمضان القادم الإمام المهدي (عليه السلام) سيظهر في في
المكان الفلاني ويبدأ الظهور وتبدأ الدنيا تتغير. من أين لك هذا يا أخي؛ من أين لك
هذاــ يوجد نقاش عند بعض العلماء والمحققين فيقولون: حتى النبي (صلى الله عليه
وآله) بل حتى صاحب الزمان نفسه ما عند علم عن وقت الظهور، وأن هذا من الغيب الذي
اختص الله به نفسه ــ أنت إذا، من أين لك هذا اللم حتى تقول للناس: مع عيد الفطر أو
عيد الأضحى أو في عاشورا القادم؛ جهزوا حالكم عاشورا القادمة. من أين لك هذا. هذا
أيضا حرام؛ هذا غير جائز؛ هذا تضليل؛ هذا كذب؛هذا تزوير؛ هذا لعب بعقول الناس،
بقلوب الناس، بمشاعر الناس، بعواطف الناس. ولا يجوز بأن يُسمح بهذا على الإطلاق.
نعم في ذكرى ولادة المهدي (عليه السلام) وفي انتظار المهدي (عليه السلام)
التوجه الصحيح هو أولاً، أن يكون لدينا الأمل أولاً؛ أن نثق؛ أن يكون
لدينا اليقين بهذا الوعد الإلهي. هذا وعد إلهي سيتحقق حتماً قطعاً. لأن الله تعالى
لا يخلف الميعاد. هذا وعدٌ إلهيٌ قاطعٌ وجازم لا يخضع لقوله تعالى
﴿يَمْحُو اللّهُ
مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾.
هذا حازم أن يكون لدينا هذا اليقين.
ثانياً؛ أن نتطلع إلى هذا المستقبل بأمل.
ثالثاً؛ أن نترقب وننتظر ونتربص بهذا المستقبل
ننتظره بكل آفاقه الآتية.
رابعاً، أن نتحمل المسؤولية؛ أن نعمل لا أن
ننتظر الأحداث، أن نصنع الأحداث؛ أن نهيء الأرض؛ أن نمهدها. لأن المسألة هكذا في
الحقيقة.
وأيضاً أن ندعو الله سبحانه وتعالى هذا الدعاء الذي دائماً يُؤكَد على أهميته
واستحبابه في ليلة النصف من شعبان في ليالي القدر في شهر رمضان في كل المناسبات في
كل الأوقات في قنوت الصلاة "اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن" الدعاء بتعجيل فرج
الإمام (عليه السلام).
نعم، هذا المطلوب. هذا هو الانتظار الصحيح. لكن أي دعاء هو الذي ينفع ؟: دعاء
المجاهدين دعاء العاملين دعاء الصابرين دعاء المضحين دعاء المتحملين للمسؤولية دعاء
الذين يمهدون الأرض دعاء الذين يقفون في وجه الطواغيت والظلم والفساد. أما دعاء
الكسالى والتنابل والمتخاذلين والمخذّلين والمثبطين والخانعين؛ هؤلاء لا يعبأ الله
بدعائهم أصلاً. لا ينظر إليهم فضلاً أن يعبأ بدعائهم.
الدعاء هو جزء من عملية الانتظار. نحن إن شاء الله وإياكم نسعى بشكل أكيد ودائم
وأساسي أن نكون نحن من أهل الانتظار الواعي والحكيم والحقيقي والصابر والمحتسب
والعالم والمجاهد والمضحي والممهد الذي يصنع الإنجازات ويصنع الأحداث ويهيء الأرض
وينتظر. هذا الذي ينتظره الإمام من خلال فعل الجهاد وفعل الشهادة وفعل الطاعة وفعل
الصبر وفعل الاحتساب وفعل اليقين وفعل القدرة البشرية والإمكانات ولذلك الإمام
(عليه السلام) عندما يأتي لن يغيّر وجه الأرض بمسحة رسول. بل بالقدرات البشرية
الهائلة المؤمنة المجاهدة المضحية، سيغيّر وجه العالم. ونأمل إن شاء الله أن نكون
جميعاً من أنصاره وأعوانه .
يعطيكم العافية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
1 | 2 |