الإنسان عبدٌ لله فقط ، فلماذا تقولون عبد الحسين؟
تساؤلات عامة
الإنسان عبدٌ لله فقط ، فهل يجوز تسمية عبد الحسين أو غيره من الاسماء الا يتنافى ذلك مع العبودية لله تعالى ؟
عدد الزوار: 231
نص الشبهة:
الإنسان عبدٌ لله فقط ، فهل يجوز تسمية عبد الحسين أو غيره من الاسماء الا يتنافى
ذلك مع العبودية لله تعالى ؟
الجواب:
للعبوديّة معان مختلفة :
1 ـ العبوديّة في مقابل الالوهيّة : وهي بهذا الاستعمال بمعنى المملوكيّة وهي تشمل
جميع عباد الله ، حيث إنّ منشأ مملوكيّة الإنسان هو كون الله تعالى خالقاً ،
والإنسان مخلوقاً ، فيكون وصف العبوديّة التي هي رمز المملوكيّة ، لا يضاف إلاّ إلى
الله تعالى فقط ، فيُقال « عبد الله» لأنّه :
﴿ إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ﴾ 1 .
وينقل القرآن عن المسيح عيسى بن مريم (عليهما السلام) قوله :
﴿ ... إِنِّي عَبْدُ
اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ﴾ 2 .
2 ـ العبوديّة الوضعيّة : وهي ناشئة من الانتصار والغلبة في ميدان القتال والحرب،
حيث إنّ الإسلام يقبل هذا النوع من العبوديّة وفقاً لشروط خاصّة مبيّنة في الفقه ،
حيث يتمّ اختيار الأشخاص الذين وقعوا أسرى في أيدي المسلمين ، فيرجع أمرهم إلى
الحاكم الشرعي الذي يستطيع اختيار أحد الطرق الثلاث في شأنهم : إمّا إطلاق سراحهم
بدون أخذ أيّ غرامة ، أو إطلاق سراحهم مع أخذ غرامة منهم ، أو إبقاءهم أسرى . وفي
الصورة الأخيرة يعدّ الشخص الأسير عبداً للمسلمين ، والدليل على ذلك أنّه يوجد في
الكتب الفقهيّة باب يسمّى « باب العبيد والإماء » .
ولنأخذ مثالاً على ذلك من القرآن الكريم في قوله تعالى :
﴿ وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى
مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء
يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ 3 .
ففي هذه الآية يصف الله تعالى أسرى الحرب بالعبيد والإماء في قوله :
﴿ ...
عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ... ﴾ 4 فجاء العبد هنا مضافاً إلى غير الله تعالى .
3 ـ العبوديّة بمعنى الطاعة والعمل بالأوامر : وقد جاء هذا المعنى في الكتب
اللّغويّة 5 .
لذلك فإنّ معنى أمثال « عبد الرسول » و « عبد الحسين » هي ناظرة إلى المعنى الثالث
، حيث إنّ عبد الرسول وعبد الحسين بمعنى مطيع الرسول ومطيع الحسين ، ولا شكّ أنّ
هذه الطاعة للرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولأُولي الأمر من بعده هي طاعةٌ
واجبة ، وكلّ مسلم مطيع لله والرسول وأُولي الأمر ، قال تعالى :
﴿ ... أَطِيعُواْ
اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ... ﴾ 6 .
فانطلاقاً من هذه الآية الكريمة فإنّ القرآن يعتبر النبيّ « مُطاعاً» والمسلمين «
مطيعين» . فإذا اتّخذ شخص نفس هذا المعنى في تسمية ولده ، فلن يكون ذلك سبباً لذمّه
، بل سيكون مدعاةً لمدحه والثناء عليه .
ونحنُ نفتخر أنّنا مطيعون لرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والأئمة من بعده ونعمل
بأوامرهم . ومن المؤكّد أنّه لا منافاة بين كون الشخص عبداً لله وعبداً للرسول (
صلى الله عليه وآله وسلم ) ; إذ المعنى أنّه عبد لله ومطيعٌ للرسول . ولأنّنا نعلم
أنّ العبوديّة لله هي عبوديّة تكوينيّة ناشئة من خالقيّته تعالى ، أمّا العبوديّة
للرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فهي عبوديّة تشريعيّة ناشئة من الأمر الإلهي
القاضي بطاعة الرسول ونعته بالمُطاع ، فبين المعنيين فرقٌ كبير و بون شاسع 7.
1. القران الكريم : سورة مريم ( 19 ) ، الآية : 93 ، الصفحة : 311 .
2. القران الكريم : سورة مريم ( 19 ) ، الآية : 30 ، الصفحة : 307 .
3. القران الكريم : سورة النور ( 24 ) ، الآية : 32 ، الصفحة : 354 .
4. القران الكريم : سورة النور ( 24 ) ، الآية : 32 ، الصفحة : 354 .
5. كتاب لسان العرب والقاموس المحيط ، مادّة (عبد) .
6. القران الكريم : سورة النساء ( 4 ) ، الآية : 59 ، الصفحة : 87 .
7. هذه الإجابة نُشرت على الموقع الالكتروني الرسمي لسماحة آية الله العظمى الشيخ
جعفر السبحاني دامت بركاته .