العفو
فلسفات أخلاقية
والإمام السجاد(عليه السلام) يسمي التوبة باب العفو، وليست التسمية بالأمر المهم، وإنما المهم أو الأهم ما نقرأه في مناجاة الإمام، وهو يخاطب العلي الأعلى ويقول:
عدد الزوار: 115
والإمام السجاد(عليه السلام) يسمي التوبة باب العفو، وليست التسمية بالأمر المهم، وإنما المهم
أو الأهم ما نقرأه في مناجاة الإمام، وهو يخاطب العلي الأعلى ويقول: (أنت الذي فتحت
لعبادك باب عفوك، وسميته باب التوبة... فما عذر من أغفل دخول ذلك المنزل بعد فتح
الباب، وإقامة الدليل؟ وأنت الذي زدت في السوم على نفسك لعبادك تريد ربحهم في
متاجرتهم معك، وفوزهم بالوفادة عليك.. فقلت: (اذكروني أذكركم.. وقلت: لئن شكرتم
لأزيدنكم.. وقلت: ادعوني استجب لكم.. وقلت: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها.. وقلت:
مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة
حبة والله يضاعف لمن يشاء.. وقلت: من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له
أضعافاً كثيرة)).
هذا الخطاب من الله تعالى لعباده: اذكروني اذكركم.. الدرهم منكم بسبعمئة مني، الخ،
هو خطاب للعاطفة التي ترحب بكل ربح وكسب، والله سبحانه قد دعاها إلى متجره الذي ليس
كمثله أي متجر لأن الرابح والسعيد هو المشتري والمستهلك، أما البائع فانه يعطي ولا
يأخذ..
ومن عادة التاجر ودأبه أن يعلن عن تجارته، ويتحدث عنها، ويروج لها، والله سبحانه
يدعو إلى دين الحق بالرضا والإقناع لا بالجبر والإكراه، وبالتحبب والتشويق، ويقيم
الدليل تلو الدليل من القلب والعقل، ولا يدع لأحد حجة ولا عذراً إلا العناد
والمكابرة.
قال سيد العابدين وإمام المتقين: ((لو دل مخلوق مخلوقاً على مثل الذي دللت عليه
عبادك منك كان محموداً)) أي لو أن شخصاً ادعى لنفسه دعوة، وأقام عليها حجة من حجج
الله سبحانه لاستجبنا له شاكرين حامدين، هذا وهو عبد مخلوق مثلنا، فما بال من كفر
بمن فصل الآيات، وبهر البينات، وخلق الكائنات؟.
وبعد، فقد تنوعت الأدلة على وجود الله عند أهل الكلام الأديان والعلماء والفلاسفة،
وتتبعت كل تفكير حول هذا الموضوع، وألفت فيه أكثر من كتاب ونشرت عشرات الفصول
والمقالات، وما عرفت دليلاً أسهل من هذا الدليل وأيسر على الفهم.